۱۲۴۰مشاهدات
رمز الخبر: ۵۷۸۸
تأريخ النشر: 23 October 2011
شبکة تابناک الأخبارية: عملية تبادل الاسرى الاخيرة بين حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية حماس وسلطات الاحتلال الصهيوني لن تشكل نصراً كبيراً للمقاومة امام عدو لا يفهم سوى لغة القوة والسلاح لاستراجاع الحقوق المغتصبة والمسلوبة فحسب بل أوقعت المنادين والمهرولين والمسارعين خلف الحلول الاستسلامية في مأزق وحرج كبيرين واعاد الى الذاكرة ان المقاومة هي السلاح الأنجع والوحيد مقابل عدو غاشم محتل اجرامي لا بديل لها على مختلف المستويات.

فقد كان لهذه العملية البطولية وقع خاص في الداخل الفلسطيني المثقل بخلافات فصائله، وبعد حقبة طويلة من التفاوض التساومي القائم على كمّ كبير من التنازلات الفلسطينية والعربية، وبعد  حرب ال22 يوماً على غزة وما خلفته من دمار وحصار، وفشل مفاوضات ايقاف مسلسل بناء المستوطنات وتهويد القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد عودة رئيس السلطة (ابو مازن) خائباً من مجلس الأمن الدولي الذي رفض الاعتراف بدولة فلسطينية مجتزأة!، خرجت المقاومة الفلسطينية حماس بانجازها العظيم الى العلن فارضة نفسها كخيار وحيد لانتزاع ما هو حق لجميع الفلسطينيين من العدو الصهيوني المحتل.

ان نجاح هذه العملية ليس بسبب العدد الكبير من الاسرى الفلسطينيين الذين تم اطلاق سراحهم فيها وهو عدد لا يمكن باي صورة من الصور الاستهانة به 1027 اسيراً قضى البعض منهم عشرات السنين في دهاليز الاعتقال الصهيوني المخوف فحسب بل  شكلت نصراً للمقاومة لما ضمته هذه العملية من اطلاق سراح مقاومين شجعان حكمت عليهم الماكنة العسكرية الصهيونية المحتلة بالسجن المؤبد يصل الى 16 مرة ومعنى ذلك الموت الحتمي.

فهذه العملية الجسورة والشجاعة  للمقاومة الفلسطينية لقنت العدو ومن يقف من ورائه من داعم اميركي وغربي  وراكع عربي وفلسطيني درساً قاسياً بانه عليهم جميعاً ان يدركوا جيداً من انه لا مناص من سلاح المقاومة حتى على طاولة المفاوضات التي يسارعون للتمسك بها كلما ضاق عليهم خناق الربيع الداخلي وزلزل عروشهم الخاوية.

وقد وقف العدو الصهيوني من وراء هذه العملية مهزوماً مرة اخرى وادرك جيداً من  انه سوف  لن يمضي طويلا على وقت اطلاق سراح باقي الاسرى الفلسطينيين والعرب القابعين في ظلام المعتقلات وانهم سوف يخرجون جميعاً عن قريب لان المقاومة عهدت على نفسها ذلك ولابد من ان يتحقق هذا الوعد كما تحقق هذه المرة عبر أسر "جلعاد شاليط" ولو طال الزمن لخمس سنوات  كانت عجاف على العدو المحتل الأمر الذي دفعه بالاعتراف بأن " لرجال المقاومة قلب من حجر".

كما ان هذه العملية المباركة ستؤسس لمرحلة جديدة ومفاهيم جديدة تم تلقينها لقيادة العدو الصهيوني الذي لا يفهم القانون الدولي ولا حقوق الانسان ومن يدعمه من غربي وعربي وهي ان الفلسطينيين لايمكن ان ينسوا اسراهم او يتركوهم مهما طال الزمن، وانها أثبتت وبكل جدارة ورفعة رأس وشموخ بأن خيار البندقية هو خيار يبقى فعالا في تحقيق الاهداف مع كيان العدو المحتل ذلك الخيار الذي لم يكن يوما غائبا عن المشهد الفلسطيني ولم يكن هدفاً بل كان وسيلة للشعب الفلسطيني من اجل تحرير الاراضي الفلسطينية المحتلة.

فنجاح العملية أكدت على صدقية وصحة ان كل ما يؤخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة وانه خيار منتج وهو الخيار الوحيد الذي تفهمة سلطات الاحتلال، كما انها كسرت الكثير من المحرمات للعدو الصهيوني لشمولها اسرى من الداخل ومن غزة والضفة الغربية وقيادات من رجال ونساء فلسطين دون تمييز وانها ستعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية وروح المقاومة وتشكل مقدمة واساس لانهاء الانقسام الفلسطيني وتوفر على الشعب الفلسطيني الكثير من المعاناة التي دفع ثمنها غاليا نتيجة التناحرات والصراعات الداخلية دون مبرر.

فلا بد للداخل الفلسطيني وللقريب العربي قبل البعيد الغربي أن يعي جيداً وبعد هذا النصر الكبير الابتعاد كل البعد عن مهزلة التفاوض وعدم الهرولة من ورائها إلا اذا وضع يده بيد المقاومة بعد ان وقف على عدم فاعلية التعامل مع كيان الاحتلال إلا من خلال اللغة التي يفهمها جيدا وهي لغة القوة ولغة المواجهة الصادقة ولغة الحراب التي كسرت بها ارادة هذا الكيان الغاصب.

هناك اشياء كثيرة تغيرت اليوم على الساحة الفلسطينية بخروج وتحرير هؤلاء الاسرى الابطال، وان ما حدث اليوم دون ادنى شك هو انجاز وطني كبير وعرس فلسطيني تاريخي لايمكن ان ينساه الشعب الفلسطيني ويؤكد هذا الانجاز الوطني انه لن تكسر إرادة الكيان الصهيوني الا من خلال لغة القوة، والوقائع تؤكد انه لاسبيل امام السلطة الفلسطينية الا بالرجوع الى محور الجهاد والمقاومة وحضن الشعب الفلسطيني المنتصر حتى يتسنى للجميع تحرير الأرض المغتصبة والمحتلة واستعادة الحقوق المسلوبة واقامة الدولة الفلسطينية الأمل وعاصمتها القدس الشريف.

لقد أضحت امام المقاومة خيارات كثيرة ومفتوحة للعمل من اجل تحرير باقي الأسرى بعد أن أكتشف الجميع من ان المفاوضات مع كيان العدو المحتل ومنذ 18 عاما لم تنجز اي حق للشعب الفلسطيني ولم تفرج عن اي اسير من اصحاب المؤبد الذي يقول عنهم الكيان الصهيوني بأنهم ملطخة ايديهم بالدماء حيث كان يرفض دوما الافراج عنهم، فهي اليوم أكثر قوة واقتداراً مما كانت عليه من قبل وستتمكن من مواجهة ارادة الكيان الصهيوني وهزيمة غطرسته مرات عديدة اخرى بفعل ضرباتها الماحقة والقوية وليس عبر التفاوض والتسوية.

كما ان هذه التجربة الناجحة اثبتت بان المقاومة  هي صاحبة القرار السياسي الواعي والارادة الجماهيرية ، وان لديها نفساً طويلاً في التعامل مع الخصم وقدرة كبيرة على استدراجه نحو تحقيق اهدافها المشروعة مهما طالت فترة التفاوض أو تعددت الوساطات وتلونت وسترغمه على طأطأة الرأس مرة اخرى واخرى واخرى لمطاليبها كما فعلت هذه المرة بعد ان كان يرفض اطلاق  سراح من يسميهم ب"الملطخة ايديهم بالدماء الاسرائيلية" أي المقاومين وكذلك اسرى اراضي 1948 والقدس والجولان إلا ان كل ذلك سقط ورضخ لرغبة المقاومة  واضحت الصفقة بالنسبة للعدو الصهيوني خاسرة كبيرة وغير مشرفة فيما هي مشرفة للمقاومة والشعب الفلسطيني.
رایکم