۴۳۷مشاهدات

ورقة سياسية: المقاربة الاسرائيلية للوضع الداخلي في لبنان

رمز الخبر: ۵۵۴۰۴
تأريخ النشر: 11 August 2021

هناك مجموعة من المحددات التي تتعلق بالرؤية الاسرائيلية للوضـع اللبنا، هذه المحددات لها ارتباط بموضـوع أمنالحدود  وألا يحصـل فيها أي تحرك    يشـكّل خطرا على المسـتوطن او على جيش الاحتلال، وان تكون مسـتقرة ولا تشـملهاحالة الفوضى، وهذا عنصرــ اســاسي بالنســبة للإسرائيلي الذي يريد حدود مســتقرة وأمنة من دون أن تتأثر بالوضــعالداخلي. اما العنصرـ الثا فله علاقة بالشـأن الاسـتراتيجي ،ف أيّ  تحوّل في لبنان يجب ألا يؤثر على التوازن الهش مقابل حزب اللـه، يعني لا يجـب أن يســـمح لاي تغي في لبنـان أن يزيـد من قوة حزب اللـه ومن قـدرتـه على الحركـة الميـدانيـة على الارض، وأن يســـاعد في مراكمة قدرته العســـكرية، وان تطلق يده على مختلف المســـتويات وبالاخص في المجال العسكري.
ينظر الاسرائيلي الى مجموعة من المكونات الاســاســية في الواقع الامني والعســكري في لبنان، حيث هناك واقع يرتبط بمنطقـة جنوب الليطـا، ولـه علاقـة بـالقرار 1701، يرى فيـه الاسرائيلي بوجود الجيش ووجود قوات اليونيفيـل، نوع من الضـابط لايقاع حضـوره بوجود حزب الله على ارض الميدان في الجنوب، خصـوصـا في يتعلق بالحضـور على مسـافات قريبة من الحدود وأن  يتحوّل الحدود الى منطقة يزداد فيها تهديد حزب الله بشكل مباشر على الاسرائيلي.
إذا، الاسرائيلي معني بإمسـاك الجيش اللبنا بال وضـع بشـكل كامل  واسـتمرار تنسـيق قوات اليونيفيل مع الجيش اللبنا لانها تؤدي نوع من الدور الذي يحاول أن يضـبط الواقع بمسـتوى مع. صـحيح أن اليونيفل لا تمتلك امكانيات فعالة ولا تســـتطيع التدخل ولا المبادرة لاي عمل الا بالتنســـيق مع الجيش والوقوف خلف الجيش اللبنا. هناك أمل لدى الإسرائيلي بتطوير هذا الواقع لتتحول قوات اليونيفل الى قوات فعالة على الارض وتسـتطيع المبادرة وهذه المسـالة التي يتحدث عنها بشـكل دائم بما يسـمى "بالطرح الاسرائيلي بتعديل مهام اليونيفل". على هذا المسـتوى يريد الاحتلال ان يطور هذه المهمة لخدمة مصــالحه. في حالة الانهيار او عدم الاســتقرار ربما تقلص مهام اليونيفل الى حد كب وتتعرض لمشــاكل في تحركها وغها وقد يعطلّ هذا الامر اي فعّالية واي دور في المســتقبل لهذه القوات اضــافة الى التركيز على الجيش.
هناك دعوات لضرورة مساعدة الجيش اللبنا بشكل يسمح له باداء مهامه، لان الجيش لديه انتشار على طول المنطقة الحدودية ولديه حواجز لضبط حركة دخول وخروج الاشخاص وبالتالي نع ان تتحول هذه المنطقة الى منطقة مفتوحة لأي طرف كن أن يدخل عليها من الفراغ ويحولها الى منطلق لعمليات خصـــوصـــا في ظل الوجود الفلســـطيني وما يحصل الان من ترابط ب الوجود الفلسطيني في الداخل والخراج. هذه العوامل ينظر اليها الاسرائيلي بشكل اساسي.
هناك عامل اخر مرتبط بالشـــأن الاســـتراتيجي هو قوة حزب الله وتعاظم قدرته العســـكرية والمجال المتاح على هذا المسـتوى الذي يعطي حزب الله امكانية التحرك في حال عدم وجود سـلطة وعدم وجود جيش، وبقاء حزب الله متحرر من الكث من القيود. كن لهذه المســ ألة بحســب النظرة الاسرائيلية ان تســاعده أكثر فأكثر على الانتشــار عســكريا وتحويل الكث من المجالات لمجالات عمل عسـكري وبنى عسـكرية تشـكّل خطرا على كيان الاحتلال في المسـتقبل. من هذا المنطلق ينظر الاسرائيلي على هذا المسـتوى، اذ هناك جانب أمني وهناك جانب اسـتراتيجي كن أن يسـاعد حزب الله اكثر فأكثر على تنمية قوته العسـكرية ومضـاعفة امكانياته، وهناك جانب يتعلق بالوضـع السـياسي بشـكل عام لان الاحتلال الاسرائيلي يعلم بوجود انقســام ســياسي داخلي وهذه المســألة تعطي بشــكل دائم نوع من المشرــوعية على المسـتوى الداخلي للاصـوات التي تعترض على حزب الله، وتحمّله المسـؤولية وتنتقد وجوده كقوة مسـلحة بشـكل منفصـل عن الدولة اللبنانية وتعتبر أن هذا الحزب يجرّ الكث من المشاكل على لبنان.
يسـتفيد الاسرائيلي من هذه الاصـ وات ليسـعى دائما الى تأليب الرأي العام الداخلي والرأي العام الخارجي على حزب اللهووصـفه بأنه قوة خارجة عن الدولة وأنه دولة موازية للدولة أو غ  ذلك من الاوصـاف. يسـتفيد الاسرائيلي دائما لأنهيعتبر هذه الاصـوات تشـكّل نوع من الاشـغال وفي أحيان نوع من الارباك للحزب حسـب وجهة النظر الاسرائيلية وبالتاليالاسرائيلي معني بهـذه الاصـــوات ومعني بتعزيز دورهـا ومعني بـأن يؤثر على العواصـــم الخـارجيـة لتقوم بـدعم هـذه الاصـوات. هناك توصـيات صـدرت عن مركز أبحاث الامن القومي الاسرائيلي ركّّزت على هذه النقطة واشـارت الى أنه " يجب العمل على دعم الجهات المعارضـة ضـد حزب الله ويجب العمل لدى الامريكي والفرنسـي وأصـدقائنا في الخليج من أجل تعزيز دور هذه القوى والعمل من خلال الاطر السياسية والشعبية لتعزيز هذا الدور ودعم هذه الجعات." هذه مسـألة لها ارتباط ك نرى بالمسـعى أن يكون لدى الامريكي قوة سـياسـية في المرحلة المقبلة تسـتطيع تحقيق اختراق على المسـتوى الانتخابي والحضـور في الحياة السـياسـية باصـوات تتحدث بشـكل صريح عن ضرورة التخلص من حزب اللـه وعزلـه ومـا الى ذلـك. يراهن الاسرائيلي على هـذه المســـ ألـة. وبـالتـالي، ينظر بشـــكـل كب جـدا الى  أهميـة تعزيز هذه الاصــوات ودعمها والعمل على توف الامكانيات لها. نفس المســألة على المســتوى الاعلامي والدعائي، حيث ركّزّ معهد أبحاث الامن القومي على موضــوع تشــويه ســمعة حزب الله. الان نســمع بشــكل دائم الربط ب حزب الله وموضـوع تهريب المخدرات مثلا الى شـل فلسـط المحتلة، الربط ب حزب الله وعمليات التهريب الى سـوريا، الربط ب حزب الله وانفجار المرفأ في بوت ، والربط ب حزب الله وموضـوع الانهيار الاقتصـادي في لبنان، أيضـا، الربط ب حزب الله وفساد المنظومة السياسية في لبنان والحديث على انه داعم لها او متحالف معها او ما الى هنالك.
هذه المسـائل يعمل ا لاحتلال على تعزيزها، وهو حاضر من خلال اصـوات في الداخل عبر السـفارات، وهو حاضر  أيضـا من خلال الابواق الاعلاميـة ومن خلال اختراقـه للعـالم الافتراضي وغه، وهو يســـعى الى تزخيم هـذه الـدعـايـة وهـذه الحملة التي تسـعى الى تشـويه صـورة المقاومة واظهار المقاومة وكأنها مسـؤولة عن الكث من المشـاكل التي واجهها النـاس. هنـاك عـامـل لـه علاقـة بـإظهـار المقـاومـة أنهـا عـاجزة عن تلبيـة احتيـاجـات جمهورهـا والكث من الاتهـامـات التي يسـعى الاحتلال للتصـويب عليها من خلال وسـائل التواصـل الاجتعي ومن خلال تحميل المقاومة الكث من الاعباء التي هي بالاســاس لا صــلة لها بها. يعني تتطلب هذه المســالة بالمقابل الوعي بهذه الحملات وكيفية التعاطي معها والاضاءة عليها بشكل ملائم. هذا التصور العام بالنسبة للاسرائيلي.
يعني في الخلاصـــة هنـاك مجموعـة من التحـديـات يفرضـــهـا هـذا الواقع اللبنـا وعلى الاسرائيلي ان يتعـامـل معهـا. على مسـتوى التحدي الامني والاسـتراتيجي يعمل الاسرائيلي ويجهز نفسـه على الجبهة الشـلية. يتعامل الاسرائيلي مع الواقع اللبنا على شـكل انه هناك نوع من التحديات يجب التعامل معها ويجب مواجهتها ويجب الاسـتعداد لها وهناك نوع من الفرص التي يجـب اســـتغلالهـا وهذا مجمـل الموقف الا سرائيلي حيـال لبنـان. هنـاك قلق اسرائيلي من تطور الامور الى حـالـة من الفوضى والانجرار الى حـالـة مواجهـة، وهو لم يتوقف عن إطلاق تهـديـدات ضـــد المقـاومـة لكنـه غ مســـتعـد لخوض مواجهة، لأن المواجهة مع لبنان من أخطر المواجهات،  ولأن المقاومة تمتلك الارادة على المواجهة، ولديها استعداد لتمرير اي عمل ضـد الاسرائيلي. هذه المشـكلة والمعضـلة الاسـاسـية اذ هناك طرف تلك امكانيات هائلة على المسـتوى العسكري ولديه استعداد للمواجهة. لو تقبل المقاومة في لبنان باي اعتداء اسرائيلي وتسكت عنه،  فسيدمرّ الاحتلال كل الامكـانيـات الموجودة، لكن المقـاومـة في لبنـان من خلال اصرارهـا على الرد على اي عـدوان اسرائيلي ســـواء كـان كبا او صـغا، ردعته عن مرسـة العدوان. هذه المسـالة أدت الى أن المقاومة ذهبت نحو مراكمة امكانياتها أكثر فأكثر وهذا الامر زاد الخطر على كيان الاحتلال، وأدّى الى طرح سـؤال اساسي أمام الإسرائيلي، اما أن نسكت عن هذه القوة ويزداد خطرها في المســـتقبل، وحينها لن نتمكن من مواجهتها، أو نواجهها الان، لكن  أيضـــا لن نضـــمن تحقيق نتائج. هناكمعضـلة أسـاسـية، وهذا الامر الذي دفع الاسرائيلي الى العمل على الوسـائل الاخرى مثل شـنّ حروب غ مباشرة من خلالاللعب على التناقضـات، او من خلال التشـكيك بالمقاومة، وشـنّ حم لات التشـويه ضـدها. كل هذا الامر يفسّرـ هذهالحملة التي تتناغم مع الاسرائيلي على المستوى الداخلي وعلى مستوى الضغوط التي تمارس من الخارج .
ما يهم الاحتلال بالدرجة الاولى بقاء حالة الاســتقرار، لأنه لا وجود لبدائل أخرى وهذه المســألة تدفع الى المطالبة بأن يتدخل المجتمع الدولي لمنع الدولة من الانهيار، لأن هذا الاخ لن يكون في مصـلحة الاحتلال، وربما سـتتمكن المقاو مة من التعـايش معـه، لكن من المؤكـد انـه ســـتكون لـه تـداعيـات واثـار قـد تطـال الامن عنـد الحـدود الشـــليـة، وتهزّ حـالـة الاسـتقرار بالأخص إذا لم يكن هناك عنوان كن الحديث حوله. لاحظنا بعملية إطلاق الصـواريخ الاخة، أنّ الاسرائيلي كان مربكا حول مكان الردّ، وكيف ســ دّ؟ وبما  أنّ حزب الله لم يكن هو العنوان، فلا كن الردّ  عليه.  بالتالي ســيكون مربك أمام هذه الحالات. لو قرّر الإسرائيلي الردّ على حزب الله من أجل الضــغط عليه ليتحركّ نحو منع هكذا حالات، فهذه المسألة غ مضمونة، وقد تجرّ الاحتلال لدفع الكث من الاثمان .
هذا الواقع العام تقريبا، يعني المقارنة الاسرائيلية للواقع اللبنا قائمة ك قلنا على موضـوع الفرص والتهديدات، ولكن الاحتلال يـدرك أنّ المرحلـة المقبلـة قـد تكون حـافلـة بـالكث من التطورات والكث من الاحـداث التي كن أن تجره الى التورط في الكث من التفاصــيل، ورغم أنه لا يريد ذلك-طبعا ليس زهدا- لكنه يعلم أن اي تدخّل ســيكون مكلف جدا وهذه مس ألة متعلقة بجهوزية المقاومة وحضورها واستعدادها لردع اي عدوان اسرائيلي .

الكاتب:حسن حجازي _خبير في الشؤون الصهيونية

رایکم