۳۵۷مشاهدات
رمز الخبر: ۵۲۳۹۵
تأريخ النشر: 01 June 2021

هآرتس : لي - أون هدار

بعد فشل هجوم " تيت " الأمريكي في فيتنام عام 1968 تم إرسال وولتر کرونگایت ، المذيع التلفزيوني الأسطوري في شبكة " سي . بي.اس نیوز " ، إلى جنوب شرق آسيا من أجل إعداد سلسلة مقالات عن تورط أمریکا العسكري هناك . وبعد أن أوجز کرونکایت عبر البث التلفزيوني بأن الولايات المتحدة قد فشلت في فيتنام وأن الوقت حان لإعادة الجنود الأمريكيين إلى الوطن ، قال الرئيس الأمريكي في حينه ، لندن جونسون ، المستشاريه : " إذا كنا فقدنا کرونکایت نكون قد فقدنا الشعب الأمريكي " .

سواء كانت هذه أسطورة حضرية أم لا ، فإن هذا قد عكس أسلوب عمل وسائل الإعلام الأمريكية ، حتى عندما كنت أعمل مسؤولا صحافية في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك بعد عقد على بث کرونکایت لذاك التقرير من فيتنام . في حينه ، كانت هناك ثلاث شبكات تلفزيونية كبيرة وهي " سي . بي.اس " و " ان.بي.سي " و " آي . بي . سي " ، التي شاهدت العائلات في أمريكا نشراتها الإخبارية في كل مساء ، وهكذا حصلت على صورة عما يحدث في العالم ، بما في ذلك الشرق الأوسط .

إذا كانت هذه الشبكات التلفزيونية على شاكلة کرونگایت قد رسمت صورة الواقع الأمريكي العادي في الغرب المتوسط ، فإن مجموعة من الصحف البارزة ، على رأسها " نيويورك تايمز " و " واشنطن بوست " و " وول سترین جورنال " و " لوس أنجلوس تايمز " و مجلات أسبوعية مثل " التايم " و " نيوزويك " ، ساعدت في وضع أجندة وتوجه تفكير متخذي القرارات ورجال الأعمال والنخبة في واشنطن ونيويورك وهوليوود وبوسطن . بدرجة معينة ، كان عمل رجال الدعاية الإسرائيلية في الولايات المتحدة سهلا بشكل نسبي . كان الهدف شرح ما يحدث في البلاد لمجموعة غير كبيرة من الصحافيين والمحررين والمذيعين والمخرجين الذين كانوا يتركزون في مانهاتن ( من بينهم مايك والاس من " سي . بي . اس " ، وبربارة وولترز من " آي . بي . سي " ، وایف م . روزنطال من " نيويورك تايمز " ودافيد برودر من " واشنطن بوست " ) ، والحفاظ على التواصل معهم وضمان قدرتهم على الوصول إلى زعماء إسرائيل .

إن جميع رجال الإعلام هؤلاء كان جلهم تقريبا من البيض ، وعدد كبير منهم كانوا من اليهود . الجيل الأول أو الثاني كانوا أبناء مهاجرين من أوروبا . مناحيم بيغن ذكرهم بآبائهم ، أتذكر مذيعة مشهورة انفعل إلى درجة ذرف الدموع عندما وافق بيغن على التوقيع له على تهنئة بعيد ميلاد والده " . وشمعون بيرس كان في نفس جيلهم ، وكانت له خلفية ثقافية مشابهة . بعضهم انتقد سياسة إسرائيل ، لكن في نهاية المطاف ، كانت زيارة إسرائيل أو الثرثرة مع إسرائيليين بمثابة تجربة عائلية ، حتى لو لم تكن توافق على أي قرار الحكومة إسرائيل .

بسبب ذلك ، لم يكن مفاجئا أن يكون الجواب كالآتي ، عندما اقترحت . في حينه . إجراء اتصال ثابت مع المحررين والمراسلين في الصحف السوداء في نيويورك : من الذي يحتاجهم ، نحن نعمل مع النجوم الأوائل في الصحافة الأمريكية " .

ولكن التغطية الإيجابية التي ما زالت تحظى بها إسرائيل في وسائل الإعلام الأمريكية في العقدين الأخيرين من القرن السابق ، عكست البنية المتجانسة لوسائل الإعلام في تلك الفترة ، بل والموقع الاستراتيجي للصحافيين الذين يؤيدون إسرائيل ، أيضا . ليس الوسيط هو العامل الحاسم لتسويق المنتج دائما ، فللرسالة دور مهم ، وفي هذا السياق كانت “ رواية إسرائيل " تحظى بالشعبية ببساطة ، جيل من الأمريكيين المسيحيين ، حتى العلمانيين من بينهم ، تربوا على قصص التوراة ، وكانوا يعرفون عن كارثة يهود أوروبا وعن الصراع الوجودي الإسرائيل أمام عالم عربي معاد ، جيل شعر بالتعاطف مع إسرائيل ولم يعرف عن الفلسطينيين .

من هذه الناحية ، لم يكن هناك أي حاجة إلى تجنيد مكاتب علاقات عامة لمديسون أفنيو ، أو قصف الولايات المتحدة بالدعاية من أجل تسويق إسرائيل للأمريكي العادي ، الإنجليزية الطليقة لأبا إيبان ساعدت . ولا يمكن القول إن فيلم " الإكسودس " ( الخروج ) هو المسؤول عن غسل أدمغة الأمريكيين : كان المشاهد الأمريكي على استعداد لالتقاط الرسالة الصهيونية لهذا الفيلم.

إسرائيل بكيبوتساتها وقيادتها التقدمية حظيت بفترة طويلة من التعاطف في أوساط اليسار الأمريكي . ایزي دور في . ستون ، وهو أحد أيقونات الصحافة اليسارية في أمريكا ، أرسل في العام 1947 لمجلة " ذي نیشن " مقالات متعاطفة عن المتسللين اليهود الذين يصارعون السلطات الإمبريالية البريطانية ، في حين أن صحف اليمين هاجمت قيادة الصهيونية . بعد ذلك ، اتهمت صحيفة " وول ستريت جورنال ” المحافظة ، إسرائيل بأنها تخدم السوفييت بعد أن قامت باختطاف آيخمان .

في بداية الثمانينيات كان ستون أشد المنتقدين لإسرائيل ، بل وقارن سیاستها تجاه الفلسطينيين بسياسة بريطانيا تجاه المتسللين اليهود . جاءت حرب لبنان الأولى والانتفاضات ، وبدأت “ رواية إسرائيل " تتغير بشكل دراماتيكي ، وهي تعكس الواقع الجديد الأخذ في التشكل ، هذا لم يكن نتيجة دعاية إسرائيلية سيئة ، بل كان جزء من عملية تدريجية لم تتساوق الرسالة الإسرائيلية فيها مع الواقع ، والأكثر أهمية مع صورة العام الأجزاء في أوساط الشعب الأمريكي . في النهاية ، يصعب أن تبيع الثلج لسكان الإسكيمو .

كل ذلك حدث عندما جرت عمليات ديمغرافية وسياسية مهمة جدا في أمريكا : لم يكن المهاجرون من الدول غير الغربية شركاء في الأحاسيس المؤيدة لإسرائيل كما لدى الأغلبية البيضاء . وشعرت النخبة السوداء بالتماهي مع الفلسطينيين ، وبدأ الجيل الذي عرف الكارثة وإقامة إسرائيل بفقدان قوته السياسية .

في الوقت نفسه ، حدثت ثورة تكنولوجية في وسائل الاتصال . وبدلا من شبكات التلفزة الثلاث ، تم إنشاء عشرات قنوات الكوابل ، التي توجهت إلى شرائح مختلفة من السكان . لم يعد الجمهور الأمريكي يوافق كأمر مسلم به على صورة العام التي قدمها لهم الكرونكايتيون على أشكالهم . وجلبت الى " سي.ان.ان " و " فوكس نیوز " صورة مختلفة عن العالم . العمليات الديمغرافية أيضا أدت إلى صعود جيل جديد من الصحافيين والصحافيات ، بما في ذلك شباب سود وملونون ويهود ليبراليون ، الذين يتماهون مع السناتور بيرتي ساندرز أكثر مما يتماهون مع بنيامين نتنياهو . خط " نيويورك تايمز ” الآن ورئيس التحرير الأسود دین باکت ، يعكس هذه التغييرات وهو يختلف كليا عن خط الصحيفة التي كان رئيس تحريرها روزنتال .

عندما تتم إضافة إلى الصورة التغييرات الكبيرة في وسائل الإعلام في عصر الإنترنت والشبكات الاجتماعية ستظهر غير جدية ، بل وتثير الشفقة تلك الفكرة القائلة بأن عملية دعاية متطورة ستغير صورة إسرائيل في الإعلام الأمریکي .

تواصل إسرائيل التمتع بتغطية متعاطفة في " فوكس نيوز " وفي قنوات إعلام يمينية ، لنفس السبب الذي تواجه فيه صعوبة في تسويق رواية إسرائيل في " سي ان ان " و " نيويورك تايمز " : هذه هي الرسالة والسياسة التي تعكسها ، أيها الغبي .

رایکم