۱۱۳۰مشاهدات

سيناريو القدس

رمز الخبر: ۵۱۴۵۵
تأريخ النشر: 06 May 2021

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عند الحديث عن تحرير القدس وسيناريو ما بعد التحرير علينا أن نحدد أولا القوى الساعية في تحرير القدس والدول المساهمة في إحتلال القدس والدول التي دجنت أنظمتها لإطالة عمر الإحتلال .

لا شك أن دول أوروبا الغربية كافة وفرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص كان لهما اليد الطولى في إحتلال القدس وفرض وجود الكيان الصهيوني إذا عدنا إلى فترة ما قبل الإحتلال والتأسيس منذ دخول نابليون إلى مصر وفلسطين وهزيمته في عكا وإطلاق نداءه * إلى يهود العالم ، وبعد ذلك بلفور ووعده ، وثم خروج السيطرة والقوة العالميتتين إلى خارج أوروبا وتوزعها بين الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة .

إن الموقع الحساس لفلسطين على الخريطة العالمية جعل السيطرة عليها هدفا اساسيا لأي دولة فكرت أو كان عندها فكر السيطرة العالمية ، ففلسطين التي تشكل مع سيناء أقرب نقطة لإلتقاء القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا وهاتين النقطتين على الخريطة تشكلان عامل الفصل الأساسي لمنع قيام إتحاد الدولة الغرب آسيوية والشمال أفريقية .

إن تحرر فلسطين والقدس يعني سماع تهشم عظام النظام العالمي الحالي ويعني إعادة تشكل جديد لخريطة السيطرة العالمية فكيف سيكون التوزع ومن سيشكل النظام العالمي الجديد فقوى النظام العالمي الحالي أرست قواعد لعبتها على رقعة التوزع الجغرافي حسب ما يناسبها ، وكل الدول في العقود الماضية كانت مجبرة على التحرك ضمن ما رسمته القوى العظمى من خطوط السيطرة والصراع .

أولا : الجهات الحكومية

_ الولايات المتحدة وأوروبا

إن تحرير القدس وفلسطين يعني سقوط معقل أساسي من د قوة والسيطرة الأمريكية والغر ويعني إنكفاء القوة العسكرية البحرية إلى خارج البحر المتوسط بما يعنيه البحر المتوسط من عقدة تجارة عالمية ، ففي العمق الأيديولوجي العسكري عند الأمريكي إن وجود الأساطيل الأمريكية وإنتشارها في العالم هدفه السيطرة على التجارة العالمية.

إن تحرير القدس يترتب عليه بداية العزلة البحرية الأمريكية والخروج من قلب القارات الثلاث البحر المتوسط إلى البحار المفتوحة ، فتحرير القدس يعني نزع السطوة العسكرية عن قناة السويس وإرخاء القبضة العالمية على مصر وقطع يد التحكم الأمريكي عن أهم طرق التجارة العالمية .

وبما أن أوروبا مرتبطة عضويا وسياسيا بحركة الولايات المتحدة وحلف الناتو فإن ما يترتب على الولايات المتحدة من نتائج بعد تحرير القدس سيترتب على أوروبا ولن تستطيع أوروبا ملء الفراغ الذي سينتج لأن إنكفاء الولايات المتحدة عن المنطقة بعد تحرير القدس ناشیء عن قوى صاعدة في غرب آسيا الجمهورية الإسلامية وحلفائها بدأت تفرض وجودها مقابل التراجع والضعف الأمريكي .

_روسيا

مقابل الضعف الأمريكي الذي بعد تحرير القدس والواقع الجيوسياسي الجديد وتراجع السيطرة العربية على الخليج ونفطه ، سينتج عنه ضعف لأوروبا ولن تستطيع مجددا لعب الدور الهامشي الذي تركته لها الولايات المتحدة وما أن الصين أصبحت القوة الإقتصادية الأساسية في آسيا وفي طريقها لتصبح القوة الإقتصادية الأولى في العالم فإن المجال الآسيوي أصبح شبه مقفل أمام روسيا إلا في الدول التي لها علاقات محدودة تقع في مجال التعاون العسكري لذلك سيتحول النظر الروسي مجددا نحو أوروبا التي تمسكها روسيا في مجال الطاقة والتي لا تستطيع أوروبا التخلي عنها بعد تراجع جدوى تزويدها بالطاقة من دول غرب اسيا وسيتقلص بالتالي تمدد حلف الناتو عن حدود روسيا وسينتهي دوره مقابل تشكل أكبر لقوة روسيا وإعادة تمددها وفرض سيطرتها على أوروبا الشرقية وستجد أوروبا أن أفضل مكان لبقاء إقتصادها هو الإستثمار في روسيا وهذا ما سينعكس قوة أكبر للمكانة الروسية .

_تركيا

لن تستطيع تركيا مجددا اللعب على التناقضات الغربية والإقليمية في ومحاولة إيجاد دور فاعل لها على الساحة وستجد نفسها مضطرة للدخول ضمن تفاهمات مع القوى الصاعدة في الإقليم وسيترتب على ذلك تغيير في شكل النظام التركي الحالي بوجود القوة الروسية على حدودها الشمالية والقوة الإيرانية وحلفائها على حدودها الجنوبية إضافة الى أن التفاهم مع القوى الأسيوية الجديدة والصين خصوصا سيمنحها خاصية جديدة تستطيع الإستفادة منها في أوروبا خاصة إذا دخلت ضمن إطار تحالف طريق الحرير الجديد .

_مصر

مع تحرير القدس سينتهي هاجس التهديد العسكري الإسرائيلي والأمريكي الذي طوع مصر طيلة فترة الحروب العربية الإسرائيلية وستتخلص مصر من معاهدة السلام مع إسرائيل وسيفرض ذلك أن تتحول قناة السويس تحت إرادة مصرية حرة تعطيها بعدا عالميا لأنها ستصبح المتحكم الرئيسي دون منازع بأحد أهم الممرات المائية في العالم وستعود سيناء إلى السيادة المصرية المطلقة وستستفيد مصر من الثروات الهائلة الموجودة في سيناء مما ينعشها إقتصاديا ويجعل من إقتصادها إقتصاد منتج ومؤثر بعدما كان يعيش على فتات المعونات الأمريكية وستعود مصر ليكون لها دورها في الإقليم وفي أفريقيا وسيكون مجالها الحيوي وحركتها الإقتصادية متوجه نحو دول حوض النيل ودول الشمال الإفريقي ، كما ستسقط المشاريع الصهيونية البديلة عن قناة السويس التي يجري التخطيط لها مع دول خليجية .

_الدول العربية والإسلامية

بفعل موجة التحرر التي سيطلقها تحرير القدس الشريف ، فإن الدول العربية والإسلامية ستكون في موقع القادر على زيادة درجة التحرر في قرارها السياسي والإقتصادي ، مدفوعة بالمزاج الشعبي العارم الذي سيتولد في تلك الظروف ، وهذا ما سيعني المزيد من الاستقلالية والقدرة على تحسين ظروف الحياة في تلك البلدان.

الجهات غير الحكومية

_الإخوان المسلمين

أمه واحدة ، وطن واحد ، هم واحد . لقد كان لتشكيل الإخوان المصري دور فاعل على الساحة الفلسطينية منذ ما قبل 1948 وقد شاركوا بفاعلية في الحرب العربية الإسرائيلية وأمدوا المقاومة الفلسطينية بالسلاح والمال والمتطوعين وشكلوا عامل ضغط شعبي على حكومة مصر ودول الطوق للمشاركة في الحرب ودعم الشعب الفلسطيني ، وقد كان لمؤسس الإخوان الشهيد حسن البنا رؤية إستراتيجية في ما خص الكيان الصهيوني على ارض فلسطين فقد رأى أن فلسطين . هي قلب العالم الإسلامي وقال : " إن قضية فلسطين هي قضية كل مسلم ، وهي تحتل في نفوسنا موضعا قدسيا فوق المعنى الوطني المجرد " .

إذا فالإخوان هم من طليعة التيارات السياسية التي تحرکت نصرة للقدس وفلسطين ، وإغتيال مؤسسها كان نتيجة للحركة التي قام بها تجاه فلسطين ، وبالتالي فإن تحقيق هذا الإنجاز سيعطي دفقة جديدة لهذا التيار الإسلامي بعد أن تعرض لنكسات كثيرة في العقد الأخير ، ورغم التحولات القاسية والمصيرية التي تعرض لها التنظيم ، فإن بيئته الخاصة وكوادره السابقين يضنفون أنفسهم من المؤيدين للقضية الفلسطينية ، بعيدا عن النموذج التركي المفرط في براغماتيته .

_الصوفية

لا تملك المجموعات الصوفية مشروع سياسي واضح ، وهي في الظاهر تفصل الدين عن السياسة ، ولكن لكل مشایخ الطرق الصوفية مواقع تأثير في السياسات الداخلية للدول ، فمريدوا الطرق الصوفية لهم ولاء مطلق لشيوخهم وبشكل عام فإنهم في الدول العربية والإسلامية التي ينتشر فيها التصوف لهم تأثير قوي في دعم الأنطمة . ففي تركيا مثلا عندهم ثقل قوي في دعم حزب العدالة والتنمية ، وكذلك في الجزائر وماليزيا ، وبما أن شيوخ الطرق الصوفية مقدسين بالنسبة لمريديهم فإن كلامهم نافذ أثناء الأحداث السياسية وخاصة الانتخابات ، فالكثير من رؤساء الدول الهم علاقات مع مشايخ هذه الطرق ، وتعمد العديد من الأنظمة إلى دعم هذا التيار وإعطائه الحرية المطلقة وذلك للإستفادة منه في مواجهة التيارات الإسلامية الأخرى ، خاصة والتي عندها فكر الدولة والحكم الإخوان والسلفيين وبما أن التيار الصوفي لا يمتلك إطارا مجددا في الفكر السياسي فإن تطويعه وإستغلاله من قبل الأنظمة اسهل من باقي التيارات الإسلامية وهذا ما يحصل بحيث تحاول الأنظمة الحالية مساعدتهم في توسيع أنشطتهم لجذب أكبر عدد من الناس وبالتالي يسهل عليهم تنفيذ أجنداتهم السياسية .

رغم ذلك فإن القدس في البيئة الصوفية هي قبلة للمسلمين وتحريرها سيعني استعادة العالم الإسلامي للهوية وامانه بثقافته وتتحسن قدرته على مواجهة التغريب الثقافي الذي يعتبر الخطر الأول على التيارات الروحانية

_التيار السلفي

يحمل التيار السلفي فكر إقامة الدولة الإسلامية من منطلق قتال العدو القريب بحيث لا يفرق بين المحتل الغريب والمسلم القريب الذي لا يتوائم مع أفكاره ، وفي سلوك التيار السلفي ومنتجاته يتبين لنا أنه خارج عن نطاق التوجه نحو تحرير فلسطين ففي أدبياته تكاد لا تذكر ، ولكثرة الرؤوس التي فرضت هذا التيار كان لا بد للعديد من الدول الإستفادة منها وتوظيفها حسب ما يناسبها ، إلى درجة نستطيع معها القول أن غالبية الحركات السلفية لها سلوك عشوائي يؤثر سلبا على القضية الفلسطينية ، بل وأكثر من ذلك ما رايناه في غزة بعد سيطرة حماس على القطاع سعت التشكيلات السلفية للتخريب على العمل المقاوم في غزة ، وثم رأينا في سوريا والعراق الغزو والتخريب الذي قامت به الحركات ذات الخلفية السلفية .

إعداد:وكالة تبناك الإخبارية

رایکم