۵۰۷مشاهدات
رمز الخبر: ۴۷۸۴۷
تأريخ النشر: 14 November 2020

المتتبع للمناظرات التي جرت بين اعضاء الحزب الديمقراطي لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية، وكذلك المناظرات بين مرشح الحزب الديمقراطي جون بايدن والرئيس الامريكي دونالد ترامب، يتلمس اهتماما ملحوظا من الجميع باستثناء ترامب، بجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الى الحد الذي هدد فيه بايدن بتدفيع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ثمنا باهظا على تلك الجريمة، وجعله السعودية منبوذة كما هي فعلا.

"غضب" الامريكيين على ابن سلمان لقتله خاشقجي بتلك الطريقة البشعة والمقززة، لا يخص الحزب الديمقراطي فقط، بل يشمل حتى الحزب الجمهوري وخاصة بعض المقربين من ترامب امثال السناتور ليندسي غراهام، حيث طالبوا جميعهم بمعاقبة ابن سلمان على جريمته، ومنهم من دعا الى وقف بيع الاسلحة الى السعودية، لا لانها تفتك باليمنيين، بل انتقاما لخاشقجي!

اللافت ان بايدن الغاضب على ابن سلمان لقتله خاشقجي، كان يشغل منصب نائب الرئيس الامريكي في عهد باراك اوباما، الادارة التي لولا دعمها الكامل للسعودية لما تجرأت الاخيرة ان تشن عدوانها على الشعب اليمني عام 2015 ، ولما تجرأت ان ترتكب كل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية في اليمن خلال السنوات الست الماضية، دون اي خشية من ملاحقة او مساءلة دولية.

كان الاولى بالرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن، من باب التكفير عن دعمه وحمايته للسعودية ولابن سلمان شخصيا، في العدوان على الشعب اليمني، الذي بات يعيش اليوم اكبر مأساة انسانية يشهدها التاريخ الحديث، ان "ينتقم" من ابن سلمان، من اجل قتل وجرح مئات الالاف من الشعب اليمني الاعزل، وتشريد الملايين منهم ، وتدمير بناه التحتية، وتجويع 17 مليون انسان، لا من اجل جريمة قتل خاشقجي فقط، لمجرد ان الاخير كان يكتب في صحيفة "واشنطن بوست"!.

ليس هناك من يقلل من بشاعة جريمة قتل خاشقجي، ولبايدن الحق في ان يغضب على ابن سلمان، الا ان بشاعة هذه الجريمة، التي هزت بايدن، لا تقاس ببشاعة جريمة قتل وتشريد وتجويع ومحاصرة اكثر من عشرين مليون انسان منذ اكثر من ست سنوات، لا لجريمة ارتكبوها، بل لرفضهم التبعية والاستسلام والخنوع.

ان من الصعب تبرير غضب بايدن على ابن سلمان لقتله خاشقجي، على انه ردة فعل انسانية، فلو كان الامر كذلك لكان على بايدن ان يتفجر غضبا وانسانية وهو يسمع رئيس برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي وهو يقول: "إذا اخترنا غض الطرف، فلا شك لدي في أن اليمن سيهوي إلى مجاعة مدمرة في غضون أشهر قليلة". او يسمع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة مارك لوكوك وهو يقول:"عندما أفكّر بما تعنيه المجاعة، لا أفهم حقيقة لماذا لا يتم بذل المزيد لمنعها. إنه موت مؤلم ومهين.. اليمنيون لا يجوعون بل يتم تجويعهم".

الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن، ادرى من اي شخص اخر، ان ابن سلمان، لم يوفر اي طريقة لإبادة الشعب اليمني جماعيا، بعد ان عجز عن تركيعه. وان ما اقترفه من جرائم كبرى في اليمن، ما كانت لتحصل لولا الغطاء السياسي الذي وفرته له إدارتا اوباما وترامب. لذلك ليس امام بايدن، لإثبات "إنسانيته"، التي "تفجرت" بعد جريمة قتل خاشقجي، الا ان تتفجر هذه "الانسانية" مرة اخرى، بعد جريمة تجويع 20 مليون انسان برىء.. لاسيما ان المجرم واحد.

العالم

رایکم