۶۴۳مشاهدات
رمز الخبر: ۴۷۳۳۳
تأريخ النشر: 03 October 2020

كل اربع سنوات ينتظر الناخبون الاميركيون حدث المناظرات بين المرشحين للرئاسة التي تحدد الى حد كبير توجهات الناخبين لاسيما اولئك الذين لم يقرروا بعد الى اي مرشح سيمنحون صوتهم. لكن ما خرجت به المناظرة الاولى بين المرشحين الرئيس دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن اصابت الاميركيين باحباط كبير لما تضمنته من نقاشات خارجة عن المألوف وتعابير تستخدم للمرة الاولى ربما في تاريخ المناظرات التي بدات قبل ستة عقود.

هناك امور يجب التوقف عندها في مناظرة بايدن ترامب يمكن حصرها بالابعاد التالية

البعد الاول

المستوى المتدني من التعاطي الكلامي بين الرجلين. فقد حاول ترامب تحول المناظرة الى سيرك عبر مقاطعة بايدن مرات كثيرة والتشويش عليه. فيما لجأ المرشح الديمقراطي الى استخدام الفاظ مهينة للرئيس الاميركي (من قبيل اغلق فمك ومهرج وجرو بوتين)

هذا المستوى ليس نتيجة توتر حاصل بفعل المناكفات بين الرجلين، بل هو في جزء كبير منه انعكاس للواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه الولايات المتحدة، الواقع الذي بدات تتجلى خصائصه بعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، والذي ومنذ وصوله الى البيت الابيض لم يوفر فرصة لمهاجمة خصومه ومعارضيه، وتخطى في كثير من الاحيان قواعد اللياقة في الحديث مع الخصوم، وهذا ساعد في ترسيخ قاعدة جديدة للتعاطي السياسي لا تعطي الاعتبار التقليدي للاداب المتعارف عليها في الولايات المتحدة. ما شهدته المناظرة الاولى من انحدار في مستوى التعبير والهجوم والمقاطعة للكلام يذكر بطريقة تعاطي القوى السياسية في بعض الدول العربية حيث التعامل ياخذ مسارا شخصيا مليئا بالشتائم والاتهامات الرخيصة بين السياسيين في المعارضة واللسلطة.

البعد الثاني

غياب المناقشة الجدية للمواضيع الحساسة التي تفرض نفسها على الانتخابات الاميركية هذا العام. فالحديث لم يكن بين ترامب وبايدن حول السياسة العامة التي سيعتمدها كل منهما لمواجهة فيروس كورونا او ازمة التامين الصحي او تغير المناخ وازمة المهاجرين. والحديث حول هذه القضايا وايضا قضية المحكمة العليا تمحور حول ابراز اخطاء الخصم وليس اعلان خطة او سياسة معينة لمواجهة اي من هذه المشاكل. حين تطرق الحديث الى المحكمة العليا وجد الجمهور ان الرجلين اخذا الحديث الى مكان اخر تشعبت فيه الابعاد ولم يعط اي منهما جوابا مقنعا عن كيفية الخروج من ازمة تعيين قاض جديد في المحكمة العليا.

البعد الثالث

حضور اليمين المتطرف في المناظرة وهذه المرة من موقع قوي بفضل تاييد ترامب للجماعات اليمينية المتطرفة في البلاد. رفض ترامب ادانة الجماعات اليمينية التي تؤمن بنظرية تفوق العرق الابيض حين طلب منه بايدن ومشرف المناظرة كريس والاس ذلك. كما رفض التعهد بانه سيدعو مناصريه (وفيهم اعداد كبيرة جدا من اليمينيين المتطرفين) الى السلمية، ما يعزز الكلام المتعلق برفض ترامب نتائج الانتخابات في حال خسارته ورفضه مغادرة البيت الابيض واعلان فوزه من طرف واحد، ما يستحضر مشهد عدد من الدول التي لطالما انتقدتها واشنطن ووصفته بانها غير ديمقراطية.

يعتبر الاعلام الاميركي ان ما يسمى بالديمقراطية الاميركية التي كان من المفترض ان يتم تصديرها للعالم اجمع لم تعش حالة خراب اكثر من الوقت الحالي. وليست مبالغة ان قلنا ان ترامب لعب دورا كبيرا في ذلك. وكما يقول الصحفي الاميركي توماس فريدمان فان ترامب يضع الاميركيين امام خيارين، اما اعادة انتخابه او الخراب. وهذا كاف لاعطاء صورة مخيفة عن مستقبل الحياة السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة، خاصة وان الخراب وبقاء ترامب يحملان المعنى نفسه.

رایکم