۵۴۷مشاهدات
قد يقول قائل ان الجماعات العنصرية موجودة في جميع دول اوروبا والغرب، والتي تطفو على السطح بين فترة واخرى، وهي لا تشكل اي خطر على الديمقراطية الامريكية.
رمز الخبر: ۴۷۲۷۲
تأريخ النشر: 29 September 2020

يبدو ان الديمقراطية لم تكن عميقة ومتجذرة في المجتمع الامريكي كما كنا نعتقد او كما كان يُصور لنا، بدليل ما نشهده هذه الايام وفي ظل رئاسة دونالد ترامب لهذا البلد، حيث المظاهر المسلحة للجماعات العنصرية البيضاء وتهديدها العلني على حرق امريكا في حال لم يفز مرشحها، في مقابل لجوء السود والملونين الى حمل السلاح ورفضهم ان يكونوا خرافا تُذبح كلما اراد السيد الابيض ان يفعل ذلك.

قد يقول قائل ان الجماعات العنصرية موجودة في جميع دول اوروبا والغرب، والتي تطفو على السطح بين فترة واخرى، وهي لا تشكل اي خطر على الديمقراطية الامريكية. هذا القول صحيح لو كانت النزعة العنصرية محصورة في مجاميع من الشباب ذات التحصيل العلمي البسيط، ولكن الكارثة ان العنصرية تضرب جذورها في المجتمع الامريكي طولا وعرضا، بل ان امريكا اليوم يقودها رجل عنصري لا يتوانى عن اظهار عنصريته والتفاخر بها على الملأ، ويقوم بتحريض شرائح واسعة من المجتمع الامريكي على شرائح واسعة اخرى انطلاقا من اللون والعرق، واللافت ان هذا الدور لا ينحصر بالرئيس نفسه بل يتمدد على كل شخوص ادارته، بل وحتى الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه، وهو الحزب الذي مازال يدافع عن الخطاب العنصري للرئيس ضد كل من ينتقده، وهنا يكمن الخطر الذي قد ينفجر في المجتمع الامريكي في اي لحظة.

الاخطر من كل ذلك، هو الخطاب الجديد الذي اخذ يعلو كلما اقتربنا من موعد الانتخابات الامريكية، وهو التشكيك من الان بنتائج الانتخابات ورفضها، في حال لم يفز بها ترامب، حتى وصل الامر الى ان تتدخل القوات المسلحة الامريكية، التي باتت تتحدث عن مدى صلاحياتها في الزام ترامب بالخروج من البيت الابيض سلميا في حال رفض نتائج الانتخابات؟.

قدر الامريكيين اليوم ان يختاروا بين ترامب الكذاب والافاق والارعن وبين بايدن النعسان والمدمن، وهذه الصفات ليست من عندنا، بل هي صفات يطلقها ترامب وبايدن على بعضهما البعض، وهو ما يعكس تشوهات عميقة في الديمقراطية الامريكية، التي لا تحفظ حتى كرامة المرشحين، كما لا تحفظ حتى المبادىء الاولية للديمقراطية وهي الاحتكام الى صناديق الاقتراع، التي لا يعترف بها ترامب مالم تكن في صالحه، وهو ما جعل المجتمع الامريكي يعيش على سطح صفيح ساخن حتى موعد الانتخابات التي ستجري في الثالث من شهر تشرين الثاني نوفمبر القادم.

ما تشهده امريكا اليوم من انشطار نخبوي ومجتمعي وعنصري، هو الذي دفع الصحافي والكاتب الأمريكي توماس فريدمان الى الاعتراف بان امريكا باتت مقبلة على حرب أهلية ثانية، معتبراً أن ما يشاهده في امريكا اليوم يشبه كثيراً ما شاهده في لبنان قبل نشوب الحرب الأهلية.

وفي مقابلة مع قناة «سي إن إن» الأمريكية، وصف فريدمان ما يجري بأنّه يفوق الخيال، ورأى أن الحزب الجمهوري يوجه البلاد نحو الحرب الأهلية عبر نزعه الشرعية عن نتائج الانتخابات مسبقا في حال عدم فوز ترامب بها، وكذلك بعد ان امتنع ترامب عن التعهد بشكل واضح بانتقال سلمي للسلطة في حال خسر الانتخابات أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن.

قيل الكثير عن المخاطر التي تتهدد المجتمع الامريكي وصيغة الاتحاد التي تربط الولايات الامريكية ببعضها البعض في حال رفض ترامب ومن ورائه الحزب الجمهوري والجماعات العنصرية المسلحة نتائج الانتخابات، وهذه الاقوال كانت تصدر عن جهات قد تريد تضخيم ما سيجري او تحقيق اهداف سياسية ازاء ما تقوله، ولكن هذه المرة شهد شاهد من اهلها، فقد جاء التحذير من قبل كاتب وصحفي امريكي مخضرم عارف ببواطن المجتمع الامريكي والقوى التي تحركه.

رایکم