۱۱۶۷مشاهدات
رمز الخبر: ۴۶۹۱۹
تأريخ النشر: 02 September 2020

ليس غريبًا أن نسمع لحناً ما، فنجده ينساب في أعماقنا ويمتزج مع كلِّ ذرة في وجداننا وإيماننا.. ذلك لأن من أبدع هذا اللحن أودعه جزءاً من روحه؛ يتنقَّل معه من عالم الى آخر من خلال صوت مفعمِ بكرامة والانسانية والعدالة والمشاعر الجياشة.. وأحياناً يكون المبدع انساناً ساعيأً من نوع خاص، يرسل إلينا رسائل تتلاقى أرواحنا فيها مع الحروف لانها توضح لنا معنى الحياة السليمة والحرة النابعة من النفس الأبية والعزة والكرامة الصادقة بعيداً عن الشعارات الخاوية الملونة التي يطلقها البعض وتتشدفها بها بعض المكاتب المنحرفة.. أو أن يكون اللحن من طائر يأخذنا بأعذب ألحانه كرسائل تسبيح تتهافت فيها نفوسنا الى عالم الملكوت شاغلة ألسنتنا بترديدها قياماً وسجوداً شكراناً وتحميداً لما منّ به الله سبحانه وتعالى من نعم لا تحصى ولا تعد..

كيف إن كان العزف لحن شهادة والكلمات وصايا عزة وكرامة وإباءً من سيد شباب أهل الجنة ريحانة رسول الله (ص) أبي الأحرار وسيد الشهداء الامام الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المومنين عليهما السلام مبيناً لنا أسباب نهضته المباركة وهي دعوة الأمة التي تفشى فيها الإنحراف والإنزلاق الى القبلية وتالجاهلية نحو الاصلاح الذي جاء به جده خاتم المرسلين (ص) أبيه سيد الأوصياء والأولياء (ع)، بقوله عليه السلام " إِنّى لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا، وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبيطالِب" - من وصيته عليه السلام لآخيه محمد بن الحنفية في المدينة المنورة قبل خروجه.

التاريخ يعيد نفسه على طول امتداده مراراً وتكراراً وها نحن نعيش الحالة ذاتها حيث الطواغيت وحكام الزور والفراعنة من أبناء الطلقاء يتوارثون السلطة نسلاً عن نسل في بلادنا الاسلامية ويسيرون على النهج ذاته في قمع الحرية ونحر الإصلاح وتقطيع أوصال العدالة والتغيير وطمس الكرامة والانسانية واللعب بالدين وعقائد الأمة وكم الأفواه والتعتيم على الحقيقة وتحريف الواقع وتزييف الأحكام السماوية وتزوير الأحاديث النبوية وما أوصى به خاتم المرسلين (ص) للأمة للالتزام به كي لا تضلُ من بعده أبداً فأبعدوا من نصبه الله سبحانه وتعالى وبنص صريح ولي للأمر وابتدعوا ولايتهم على الأمة إستناداً لما عهدوه في عصر الجاهلية، فتوارث الأحفاد من الأجداد الخدعة والمكر والحيلة والعنف والقمع والإجرام والخيانة وتسابقوا وتدافعوا زوروا، وزيفوا الحقيقة لفرض سلطتهم وتعميمها على ربوع البلاد الاسلامية عودة منهم للظلمة والظلامة التي كانوا تعيشونها قبل بزوغ شمس الحرية والعدالة والمساواة والعلم والنور بظهور الاسلام دين المحبة والحرية والسماحة والمودة والاستقرار والأمن والعيش السليم والأمان بين مختلف طبقات وأديان وطوائف وقوميات المجتمع البشري .

حجم كبير من الأمة الاسلامية والبشرية لم يقف بعد على الأهداف الرفيعة والسامية لثورة الامام الحسين (ع) سنة 61 للهجرة بأرض كربلاء المقدسة ودوافعها لتعتيم الاعلام الأموي العباسي الوهابي السلفي المضل والمضلل المستمر حتى حاضرنا المعاصر رغم اختلاف وسائله وحداثته وتطوره، بهدف إخفاء الحق والحقيقة عن البشرية جمعاء في مقدمتهم المسلمين كي يبقوا على جاهليتهم النفاقية التي أرادها أبناء هند وأبي سفيان؛ ما دفع بسيد الأحرار عليه السلام أن يأبى لنفسه وللأمة ذلك فرفع صوته عالياً شاهراً راية المعارضة ومعلناً أهداف ثورته الأبية بكل وضوح وصراحة قائلا: ".. إنَّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فَتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل شَاربُ الخُمورِ، وقاتلُ النفس المحرَّمة، مُعلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحَقّ بالخلافة.." - من كلام سيد الشهداء أمام الوليد بن عتبة والي يزيد على المدينة آنذاك.

عالمنا الاسلامي من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه یعیش فتنة استعمارية - صهيونية - عربیة رجعية خبيثة تديرها عقول توارثت حقدها وسخطها على الاسلام والمسلمين ممن حمل لواء الانتقام لقتلى بدر وخيبر والخندق والنهروان وصفين و.. فالبست مشروعها النفاقي حلة ديمقراطية ودينية مزورة ومزيفة وفتنوية آخذة على عاتقها التصدي لكلمة الاسلام ورسالته السمحاء في سماء المعمورة لتعم الدنيا والبشرية بالدمار والقتل والنهب والذبح والتقتيل والتكفير والسلب والسبي والظلمة والضلالة والجهالة والقبلية والوثنية والرق والعبودية والرضوخ والركون لأصحاب القوة والثروة والوثنية كما كانت معهودة قبل البعثة النبوية، بدلاً من عبودية الخالق المتعال الواحد القهار والعيش بسلام ورغد وأمن وأمان وبنعمة السماحة والتساوي والعدالة والسمو والرفعة والعزة الألهية، ويكون النفاق والشقاق والظلم والاستعباد والاستحقار والتزوير نهج وسياسة السلطويين في عالمنا الاسلامي حتى يومنا هذا يعبثون بمقدرات وقدرات ومقدسات الأمة بدعم فتاوى وعاظ سلاطينهم الذين أعمى الله قلوبهم قبل أعينهم ليمزقوا جسد الأمة وينهشوا فيه كما تنهش الذئاب والضباع بجسد فريسة غدرها وتتكالب عليه وهو ما يفعلونه اليوم مستبيحين دم المسلم البريء في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وليبيا وباكستان وافغانستان وغيرها من ديار المسلمين .

سيد الشهداء والأحرار كان يؤكد على العزة والكرامة في كل موقف وقول وخطابة، فقال (ع) في جانب من خطبته الثانية في حشود جيش أبن زياد في يوم عاشوراء بأرض الطف لإلقاء الحجة عليهم: "تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً، أحين استصرختمونا والهِين، فأصرخناكم موجفين، سَللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم، فأصبحتم إلْباً لأعدائكم على أوليائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، فهلاّ لكم الويلات تركتمونا، والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لما يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدَّبا، وتداعيتم إليها كتهافت الفراش، ثمّ نقضتموها، فسُحقاً لكم يا عبيد الأمّة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرّفي الكلم، وعصبة الإثم، ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن..ويحكم أهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون، أجَلْ والله غدرٌ فيكم قديم، وشجت عليه أُصولكم، وتأزرت فروعكم، فكنتم أخبث ثمر شجٍ للناظر، وأكلة للغاصب..ألا وإنّ الدعي بن الدعي ـ يعني ابن زياد ـ قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحُجور طابت وحجور طهرت، وأُنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة على قلّة العدد وخذلان الناصر".

لوحة الاجرام الدموي البربري الوحشي التي رسمها بنو أمية في يوم عاشوراء بطف كربلاء من حصار ظالم بشع وتقطيع للأوصال والرؤوس الشريفة والمطهرةيعيد أحفادهم وأنصارهم تكرارها يومياً هنا وهناك من شمال بلاد المسلمين وحتى جنوبه ومن شرقه حتى غربه مدعوماً بفتاوى وبترودولارات خليجية سعودية - اماراتية - قطرية؛ يتفنون في أجرامهم الوحشي والبربري وبشكل عصري فيستهدفون المعارضين الحرية والاستقلال والاصلاح والتغيير والعودة الى حقيقة الاسلام المستباح من قبل أحفاد هند والطلقاء بالقنابل الفراغية والمنظبة والجرثومية والكيماوية ومختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً في اليمن وعبر مجاميعهم الارهابية التكفيرية في العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا، فيما يستهدف شعب البحرين بالغازات السامة والرصاص الانشطاري "الشوزن" واسلوب الدهس بالسيارات الحديثة والمتطورة ليقطعوا أوصال وأجساد كل من يسقط على أرض المطاردة بين الظالم والمظلوم، ويحاصرونهم جواً وبراً وبحراً بجيوشهم المجيشة خوفاً من تسري رفضهم للاحتلال وللظلم والفرعنة والجبروت والانصياع لغير الله سبحانه وتعالى نحو بلدانهم.

فاجعة كربلاء لاتزال صرخة مدوية تبلغ بصداها كل ضمير حي يتعطش للحياة الحرة والكرامة والعزة والانسانية وصوتها الذي خرج من قلوب طيبة أحبت الناس واعطتهم كل ما تيسر لهم عطاؤه وبذلت في سبيل احقاق الحق ونصرة المظلومين كل ما تملك.. هذا الصوت الذي أقض الظالمين في مضاجعهم ولايزال يهز عروش الطغاة والمستكبرين، كان لابد لمثل هذه الحركة الثورية الدامية والزاخرة بالعديد من المواقف التضحوية النبيلة وما تمخضت عنها من مفاهيم وقيم استنهاضية سامية من ان تحدث حركة في المجتمع وتبث فيه نفساً تغييرياً.. اليوم أبي الأحرار وسيد الشهداء حاضر في كل مكان "كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء" ولولا قيامه (ع) لأنسى "يزيد" وأبوه وأجداده ومن سار ويسير على خطاه الإسلام وهدموه وأفنوه من الوجود وأعادوا الفكر الجاهلي وكان إسلامنا اليوم إسلاماً طاغوتياً وليس إسلاما محمدياً حسينياً أصيلاً.. فعلينا أن لا نسكت أمام هذه العظمة وهذا الشموخ، وعلينا أن نخطب ونعتلي المنابر كل يوم لحفظ هذه المدرسة وهذه النهضة التي رهن لوجود الامام الحسين (ع)، حركة وبقاءً- الامام الخميني - صحيفة نور ج 8 ص 70 .

يستبيحون دون اكتراث حرمات المساجد والمراقد ويهدمون بيوت الله ويحرقون المصاحف بنار حقدهم كما هدم "يزيد" الكعبة بالمنجنيق واستباحة حرمة المسلمين وهتك الاعراض، ويحرقون ديار المسلمين بقنابلهم المحرمة دوليا كما احرق جيش الفاسق الفاجر"يزيد" وعامله "ابن زياد" خيام حريم رسول الله (ص) في كربلاء ظهر عاشوراء.. علينا السعي في نشر منهاج الكرامة والعز والإباء لأبي الأحرار وأصحابه البررة حتى لا يبقى الحقد الأموي مسلطاً على رقاب الأمة يجب التأكيد بأن ثورة الامام الحسين (ع) هي بداية للصراع الدائم والمستمر بين الحق والباطل وحركة للإصلاح وجهاد الانسان للتغيير وسعيه للعيش بحرية وكرامة بعيداً عن الظلم والظالمين.. "يجب أن نبقي شعلة ثورة عاشوراء الانسانية وهاجة، فالخطر كل الخطر، أن تصبح عاشوراء ذكريات فحسب، وأن تصبح ثورتها الانسانية ومعركة كربلاء لكتب التاريخ والسيرة فقط، أو أن تصبح ذكريات عاشوراء للأجر والثواب في الآخرة.. يُخشى أن تتجمد هذه المناسبة في ظرفها الزمني وأن يبقى مقتل الحسين (ع) وأصحابه الميامين معزولاً في سنة 61للهجرة و"كان هناك حسين قُتل وانتهى"- الامام موسى الصدر .

"المغزى من أوامر أئمة أهل البيت عليهم السلام في إحياء الشعائر الحسينية التاريخية الإسلامية واللعن على أعداء وظالمي أهل البيت (ع) تتمثل في صراخ الشعوب ضد الحكام الظالمين على مر التاريخ والى الأبد.. اللعن على مظالم بني أمية لعنهم الله والتبري منهم برغم انقراضهم ودخولهم النار، هو لعن وتبري وصراخ مستمر على جميع المستبدين والظالمين في العالم ولابد من إحياء هذا الصراخ المحطم للظلم والمبيد للاستبداد.. لابد في المراثي وفي مديح أئمة الحق عليهم السلام من ذكر تلك المظالم وظلم كل الظالمين في كل عصر ومصر ولابد من الاستمرار في تذكير هذه المظالم لكي تعتبر الأمم وتحيا الشعوب المستضعفة.. علینا جميعا أن نعلم بأن هذه المجالس والمآثر الحسينية هي التي تصون الأمة الإسلامية وتحفظ وحدة المسلمين، وبقاء وتكاتف أتباع أهل البيت عليهم السلام" الامام الخميني - صحيفة نور ج 10 ص 31.

رایکم
آخرالاخبار