۴۹۶مشاهدات
رمز الخبر: ۴۶۵۸۶
تأريخ النشر: 09 August 2020

فتيل المظاهرات اشعل في الجزيرة السورية، بمشاركة شعبية من العشائر العربية ويتركز حول مطلب واحد، يتمثل بخروج القوات الامريكية وانهاء سلطة قسد في تلك المناطق، عقب اغتيال الشيخ مطشر حمود الجدعان الهفل أثناء توجهه إلى بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي، وهو الانفجار الذي اربك جماعة قسد ومن خلفها الامريكي الداعم والمحرك وراسم مشروع قسد في سورية.

اغتيال الشيخ الهفل ليس أولى عمليات الاغتيال في المنطقة التي شهدت اغتيال الشيخ علي الويس أحد شيوخ عشيرة البورحمة من قبيلة البقارة، اثناء توجهه للصلاة في أحد مساجد بلدته الدحلة أول يوم عيد الأضحى المبارك، وسليمان الكسار أحد وجهاء قبيلة العكيدات، وفي العمليات الثلاث توجهت اصابع الاتهام بشكل واضح من، الى فرقة المقنّعين التابعة لقسد، والتي تعتبر من قوات النخبة والمدربة من قبل الامريكي على العمليات الخاصة ومنها الاغتيالات، وقد شاهدنا عناصر هذه الفرقة يوم دخلنا مع الجيش السوري إلى مدينة الطبقة بريف الرقة، ومطارها العسكري، وحين وصلنا الى بلدة عين عرب حين انتشر فيها الجيش السوري، حيث كانت تنتشر هذه الفرقة على طول الحواجز، وعندما استفسرنا عن عملها اُخبِرنا في حينها، انهم من تدربوا على يد القوات الامريكية ولهم مهام خاصة جدا، وبالذات في مناطق السيطرات والحواجز.

ومع ارتفاع الاصوات في داخل مناطق شرق دير الزور رافضة سلوك منفذي عملية الاغتيال، بدأت حركة العصيان الشعبي والمظاهرات، التي دفعت قسد لإخلاء مواقعها في قرى عدة بريف دير الزور الشرقي، وطرد قوات قسد من قريتي ذيبان والحوايج، واخلاء مقرات لقسد في الشحيل والطيانة والشنان وحواجز كثيرة على الطريق الواصل بينها، في انتفاضة شعبية لم تشهدها تلك المناطق من قبل، جاءت بعد ممارسات قسد والقوات الامريكية التي كانت تسعى الى تهميش المكون العربي في تلك المنطقة، وتفكيك الارتباط بين المكون العشائري فيها من خلال زرع الفتنة، وكان اخرها اغتيال وجهاء العشائر، وتوقيع الاتفاق مع الشركة الامريكية لسرقة النفط السوري.

وبالرغم من اعتبار البعض ما يجري في شرق الفرات ثأر قبلي، يراه البعض الاخر انتفاضة شعبية لن تتوقف حتى انهاء الوجود الامريكي وسيطرة قسد، الا ان تطورات الاحداث تؤكد ان ما يجري في ريف دير الزور هو طلاق بائن بين قسد والمكون العشائري في المنطقة، لن يعود بالرغم من كل الوساطات الامريكية، والتي كان اخرها بحسب مصادر خاصة، ارسال وفود الى الشيخ طليوش الشتات ابو احمد شيخ عشيرة البوجامل بقرية الحوايج، والذي رفض استقبال اي وساطة بحسب ما اكدت المصادر، ووجه الشيخ رسالة مفادها ان لا تفاوض مع الامريكي او قسد، ما دفع القوات الامريكية وقسد الى عقد اجتماع لما يسمى بمجلس عشائر منطقة البوكمال في الريف الشرقي لمدينة دير الزور للتأكيد على ضرورة دعم قوات قسد من الناحية الاستخباراتية، وضرورة اتخاذ موقف سياسي حيال الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا للحد من المظاهرات، هذا الاجتماع عقد في قرية الموحسن شرق بلدة هجين، وحضره أكثر من 17 وجيه وشيخ لعشائر وقبائل منطقة البوكمال، برئاسة رئيس ما يسمى بمجلس العشائر في المنطقة وشيخ عشيرة الشعيطات ناصر طرام الخلف، وقائد قوات سوريا الديمقراطية في منطقة دير الزور روني محمد، وعدد من أعضاء مجلس المنطقة العسكري، وفريق من الشؤون المدنية في القوات الامريكية المتواجد في قاعدة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي.

من يعرف الطبيعة الثقافية للمنطقة، ويعرف جيدا ان اغتيال شيوخ العشائر لن يمر مرور الكرام، وان ما يجري هو نتاج تراكم للإشكاليات بين قسد والعشائر العربية في المنطقة، والمتابع الدقيق لما يجري هناك يعلم ان العشائر التي وزعت ولائها في مختلف الاتجاهات، شكلت لنفسها ثقل شعبي، وقوة عسكرية لا يستهان بها، وإن مشروع قسد السياسي في تلك المنطقة، بالإضافة الى فرض هيمنتها على مناطق لا تملك فيها قاعدة شعبية، او مكون ديمغرافي، يجعل من منطقة الجزيرة السورية، قنبلة قابلة للانفجار في كل لحظة، فالتكوين النفسي للعشائر لن يسمح طويلا، بان تملك قسد زمام السلطة السياسية والاقتصادية، ولن تسكت تلك العشائر عن تصرف قسد بالثروات النفطية في تلك المنطقة، ولن توافق على رسم الخرائط السياسية والثقافية والاقتصادية، ما يجعل من هذه الانتفاضة امر حتمي، وسلوك طبيعي لا مفر منه في ظل الدعم الامريكي المطلق لقسد، هذه القوات التي تساند قوات سورية الديمقراطية في تهميش المكون العربي، لتمرير مشروع التقسيم والانفصال.

الايام القادمة ستضع الجزيرة السورية على صفيح ساخن، ربما يعجل من انتهاء قسد، ويسرع بعملية اقتلاع الوجود الامريكي من جذوره هناك، ويساهم بعودة المنطقة الى نسيجها الطبيعي، عبر عودة الدولة السورية بكل مكوناتها، وهذا ما سيكون في القادم من الايام بحسب كل التوقعات، على اعتبار أن ما يجري هناك من ممارسات قسد، والارتباط بالمشروع الامريكي، خارج سياق العقل والمنطق، وحتى الاخلاق والقيم الوطنية.

رایکم
آخرالاخبار