۷۹۹مشاهدات
رمز الخبر: ۴۵۰۹۴
تأريخ النشر: 20 April 2020

استعرضت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في تقرير لها، جوانب من مغامرات السعودية المالية في الخارج، والخسائر التي منيت بها استثماراتها، فضلا عن صعوبة الوضع الوضع المالي الذي ستعاني منه في المرحلة المقبلة، مع أزمة فيروس كورونا.

“بلومبيرغ”، في مقال للكاتب ديفيد فيكيلينغ، ألمحت إلى “تهوّر” سعودي من خلال عمليات الاستثمار في الخارج.

وذكرت أن صندوق الاستثمار “الثروة السيادية” في المملكة قام، الشهر الماضي، بشراء أو ترتيب خطط لشراء حصة 8.2 بالمئة في شركة الرحلات البحرية (كرنفال)، وكذلك حوالي 80 بالمئة من نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، إضافة إلى شراء حصص في شركات نفطية.

وعلقت “بلومبيرغ” بأن التخوف من هذه الخطوات يتمثل في عدم الاستقرار، فعلى سبيل المثال انخفضت أسهم “كرنفال” إلى حدود الثلث، فيما يعتبر خيار شراء نيوكاسل أكثر منطقية.

ونوه التقرير بأن السعودية التي تواجه تذبذبا كبيرا في أسعار النفط، ينبغي لها عدم الاعتماد على صندوق الثروة السيادية.

وأوضحت أن السعودية لم تفلح بعد في تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، وهو ما ساهم في تراجع الاقتصاد السعودي، وتقلص إسهاماته في شركات كبرى، مثل “أوبر”، وشركات بوسكو للإنشاءات في كوريا الجنوبية.

انخفاض النفط عام 2014، كان سببا مباشرا بحسب “بلومبيرغ” إلى إضعاف الاقتصاد السعودي بسرعة كبيرة.

ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أن الدين العام في السعودية سيصل إلى 19 بالمئة من إجمالي الإنتاج المحلي هذا العام، على أن يرتفع إلى نحو 27 بالمئة في العام المقبل.

وأوضحت أن “مخاطر الائتمان ربما تهدد السعودية في الفترة المقبلة، على غرار دول مثل الهند، وروسيا، وإندونيسيا”.

واستدركت: “ومع ذلك يحتاج بلد تعداد سكانه 33 مليونا، 40 بالمئة منهم دون سن الـ 25 عاما، إلى استثمار مبالغ أكبر في الصحة والتعليم وغير ذلك من الأهداف الأطول أمداً”.

وتوقعت بلومبيرغ أن تكون الميزانية الحكومية السعودية نحو 271 مليار دولار، وعلقت: “بدلا من عمليات الاستحواذ المتناثرة في الخارج، يلزم تحقيق أكبر قدر من مدخرات في الوقت الحالي”.

وختمت الصحيفة تقريرها بجملة أخيرة جاء فيها: “الرسالة هي نفسها: تحتاج الرياض إلى البدء في ترتيب أمورها وفق ما هو متوفر لديها بدل الاستدانة، وبسرعة”.

وفيما يلي الترجمة الكاملة للتقرير: ثمة فتنة في أن يستغرق المرء مستهتراً في حملة تبضع عندما يكون نمط حياته أعلى من مستوى إمكانياته. ولربما ليس هذا هو السلوك الأمثل لإقناع دائنيك بأن يستمروا في مدك بالمال.

لربما كانت ترغب المملكة العربية السعودية في إجراء مراجعة بعد الإنفاق الأخير بإسراف على شركات النفط والبواخر السياحية وكرة القدم. ففي الشهر الماضي اشترى صندوق الثروة السيادي للمملكة، أو كانت له علاقة بخطط لشراء، حصة قدرها 8.2 بالمائة من مؤسسة كارنيفال كورب التي تسير البواخر السياحية وحوالي 80 بالمئة من نادي نيوكاسيل يونايتد لكرة القدم وأسهماً في شركة شيل الهولندية الملكية وفي شركة توتال إس إيه وفي شركة إيني سبا وفي شركة إكوينور إيه إس إيه.

المفزع في الأمر أنه لربما كانت السلعة الأكثر حصافة في قائمة التبضع تلك هي الفريق الذي يحتل المركز الثالث عشر في الدوري الإنجليزي الممتاز. فأسهم كارنيفال على سبيل المثال تراجعت قيمتها إلى الثلث منذ أن أتم صندوق الاستثمار العام في المملكة إجراءات شراء الحصة في الشركة الشهر الماضي.

ناهيك عن أنه ليس من الحكمة أن يقدم بلد يعاني من مشاكل مع النفط الخام مثل المملكة العربية السعودية على استخدام صندوق الثروة السيادي لشراء المزيد من النفط. ففي العام الماضي، وجه مالك الحصص الأكبر في شركة إكوينور، الصندوق التقاعدين لدولة النرويج، العام الماضي نحو بيع الاستثمارات في قطاع النفط والغاز، حتى يجعل الثروة الحكومية أقل عرضة للضرر بسبب التراجع المستمر في أسعار النفط. وما تفعله المملكة العربية السعودية هو العكس تماماً.

وحتى المحاولات الأشد حذراً من قبل صندوق الاستثمار العام لتنويع انفتاحه على مشاريع بعيدة عن النفط لم تكن موفقة. فالاستثمار ما قبل طرح الأسهم في أوبر للتكنولوجيا بمبلغ 3.5 مليار دولار صار قيمته الآن أقل من 2 مليار دولار. وحصة المملكة البالغة 38 بالمائة في بوسكو للهندسة والإنشاءات، في كوريا الجنوبية، خسرت أكثر من ثلثي قيمتها منذ أن حصلت عملية الشراء في عام 2015. كما باعت المملكة كافة أسهمها في مؤسسة تيسلا قبل أن ترتفع قيمة الشركة بشكل غير عادي مع مطلع هذا العام.

وكما هو معروف لدى الورثة الأثرياء منذ القدم، لست مضطراً لأن تغير نمط حياتك بسبب سلسلة من المشاريع التجارية الفاشلة، طالما أن المال الموروث لا يتوقف عن التدفق، ولكن المشكلة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، كما قلنا، أن تلك الأيام تنقضي سريعاً.

المجد المستدان

وحتى عام 2014، أسفرت سنوات من الأرباح الكبيرة من بيع النفط الخام إلى تمتع الحكومة بثروة صافية تعادل ما يقرب من 47 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ثم منذ ذلك الحين، نجم عن تراجع أسعار النفط والإفراط في الإنفاق، تآكل كل ذلك بسرعة مذهلة. وهذا العام سيصل صافي الدين إلى ما يقرب من 19 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفقاً لصندوق النقد الدولي، ويتوقع أن يرتفع في العام القادم إلى 27 بالمائة، مع أن إجراءات أزمة فيروس كورونا وحرب النفط يمكن أن تدفع صافي الاستدانة إلى 50 بالمائة بحلول عام 2022.

وهذا ما يزال متواضعاً بمقاييس البلدان الثرية، ولكن لا يوجد بلد مرتهن لسعر سلعة واحدة كما هو حال المملكة العربية السعودية، كما كتب زميلي ليام دينينغ. وما لم يحصل تقليص غير عادي في الميزانية أو ارتفاع كبير في أسعار النفط كالذي حدث في عام 2008، فالأغلب أن المملكة ستبقى دولة مدينة على المدى المنظور.

يبدو أن الدائنين بدأوا يتنبهون لذلك. فبفضل الهلع العام الذي سببه فيروس كورونا في السوق والآثار المحددة لحرب أسعار النفط الحالية، فإن مقايضة التقصير الائتماني لخمسة أعوام كتأمين ضد عجز المملكة العربية السعودية عن سداد ديونها وصل الآن إلى 179 نقطة أساس. وهذا يضع البلاد في معية الهند وإندونيسيا وروسيا من حيث مخاطر الدين الملموسة وفي وضع أسوأ بكثير من بلدان مثل إسبانيا والبرتغال وإيرلاندا وآيسلاندا.

ومازالت سنداتها السيادية تحتفظ بكوبونات تزن ما معدله 3.43 بالمائة ونضوح في النصف الثاني من عام 2030، وبذلك تبدو الأمور حتى هذه اللحظة مريحة بما فيه الكفاية. ولكن إذا استمرت أسعار النفط منخفضة لمدة أطول فسيؤدي ذلك إلى انعكاس سريع في التوقعات، خاصة إذا ما بدأت الاحتياطيات الأجنبية للمملكة والآخذة بالانكماش سريعاً في الضغط على الريال مقابل الدولار.

على الرغم من فورة الشراء التي انهمك فيها صندوق الاستثمار العام، ثمة مؤشرات على أن الرياض تدرك صعوبة الظروف التي تمر بها حالياً. وما من شك في أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي في الحرب الدموية التي تدور رحاها في اليمن، أمر مرحب به لأسباب إنسانية ولكنه أيضاً بات ضرورة ملحة على المستوى البراغماتي. فالإنفاق العسكري السعودي هو ثالث أضخم إنفاق على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والصين، ويبلغ ما مقداره 8.8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي الحصة الأكبر لأي بلد تتوفر لدى البنك الدولي معلومات حديثة عنه.

ترشيد عسكري

يُنسب وقف إطلاق النار إلى تأثير كوفيد 19، ولكن يصعب ألا يلاحظ المرء أن الإنفاق العسكري سينخفض هذا العام إلى أدنى مستوى له منذ ما يقرب من عقد. فعندما تضيق الموارد المالية، لن يكون لديك المال الكافي لتلقي به كما كنت تفعل من قبل في مستنقع.

هذا الاستعداد لتقليص الإنفاق مرحب به ولكن بمجرد أن تضيف الكميات المخصصة للأمن المحلي، فإن ما يقرب من 28 بالمائة من ميزانية المملكة العربية السعودية مازال ينفق على هذه الأمور. وليس مستغرباً أن حكومة تفتقد إلى الشرعية الشعبية في وسط منطقة تمزقها الصراعات ستجد نفسها مضطرة لإنفاق مبالغ طائلة للحفاظ على وجودها.

ومع ذلك يحتاج بلد تعداد سكانه 33 مليونا، 40 بالمئة منهم دون سن الـ 25 عاما، إلى استثمار مبالغ أكبر في الصحة والتعليم وغير ذلك من الأهداف الأطول أمداً”.

ولربما كانت ميزانية الحكومة، قيمتها تريليون ريال (ما يعادل حوالي 271 مليار دولار)، لكن لا يجب الإسراف في الإنفاق على الشراء من الخارج، بل يجب أن يتحقق فيه التوفير الأكبر في هذه اللحظة، ومع ذلك تظل الرسالة على حالها: أن الرياض بحاجة لأن تبدأ في مد رجليها على قدر لحافها، وبأسرع ما يمكن.

رایکم
آخرالاخبار