۱۰۴۷مشاهدات
رمز الخبر: ۴۵۰۳۷
تأريخ النشر: 15 April 2020

يحكى أن رجلا فقيرا سافر بحثا عن رزقه، وبعد تعب سنوات تمكن من جمع بعض مال، وقرر العودة الى الديار، وفي طريق عودته، التقى رجلا حكيما، يبيع النصائح، النصيحة بجمل، ومع أن الرجل لا يملك سوى ثلاث جمال، إلا أنه قرر شراء النصائح بها، لعلمه أنها قد تنزله منزلا أرفع إن كانت في مكانها.

قصة مثل عربي، ربما بقي في الموروث الثقافي لبعض الحكام العرب، فتقبل النصيحة عند بعض الملوك والأمراء تعتبر معيبة وربما شتيمة لهم، فهم الأحكم بين رعيتهم، والأقدر على سياسة البلاد والعباد. هذا حال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع من أراد نصيحته يوما.

الصحفي السعودي جمال خاشقجي وفي كتاب جمع من سلسلة مقالات له، قدم فيها رؤيته لاحتياجات المواطن السعودي الأساسية الاقتصادية والاجتماعية، كانت بمثابة نصيحة لحكام آل سعود وعلى رأسهم ابن سلمان، صاحب رؤية 2030 التنموية، حسبما يراها ولي العهد، والتي تطلع فيها لبناء مملكة "متحضرة ومعاصرة"، ولكن مكان فيها للمواطن السعودي.

الكتاب الذي حمل اسم "رؤية مواطن 2030"، أورد ما اعتبره خاشقجي "أولية المواطن السعودي"، والتي تعتبر في جميع دول العالم حق طبيعي لكل مواطن، ولكن محمد بن سلمان غفل عنها في رؤيته الجديدة للمملكة. فبناء مواقف للسيارات وملاعب لكرة القدم وحدائق عامة وأرصفة جيدة للشوارع، ربما هي من الكماليات من وجهة نظر ولي العهد السعودي، أما توفير السكن والوظيفة وتعليم منافس وأمان صحي، قد تكون خطرا على مكانة ابن سلمان، فتعليم جيد قد يمثل تحديا لمنظومة الحكم المطلق التي يسعى اليها ولي العهد.

خاشقجي ذكر أنه تصفح رؤية ابن سلمان، وتمنى لو أن الاخير أورد مصطلح " المشاركة الشعبية"، رغم غرابته في المجتمع ونظام الحكم السعودي، إلا ان خاشقجي اعتبره السبيل في تحقيق "الرغبة المشتركة في وطن طموح، مواطن مسؤول" حسب رؤيته. ولكن مطالب كهذه تعتبر طامة كبرى لملك السعودية المستقبلي، إذ أنه كيف لملك يرى في نفسه الحكيم الأوحد في البلاد، أن يرضى بمشاركة رعيته له بالقرار. أو كيف لرعية أن تطالب ملكها بمشاركتها المعلومات، وهو الأمين على البلاد.

حق كهذا أو حق المشاركة في القرار، والحصول على المعلومة، من شأنه أن يودي بحيات المطالب به في مملكة آل سعود. وهو الحكم الذي سرى على خاشقجي بحسب مراقبون بعد نصيحته هذه لابن سلمان؛ فقد عزا بعض الخبراء والمتابعون جريمة قتل خاشقجي الى تقديمه هذه الرؤية، والتي هي عبارة عن نصائح من شأنها تلميع صورة السعودية القاتمة أمام الرأي العام العالمي، دون الحاجة إلى دفع المليارات من جيوب السعوديين.

فكما يقول المسنون في بلادي، "كانت النصيحة بجمل، فصارت النصيحة فضيحة"؛ ولكن ابن سلمان يرى فيها جريمة وخيانة وعلو على الملك، وهي جريمة قد يصل حكمها إلى حد قطيع الأوصال وإذابتها، إن لزم الأمر.

الفكر الذي يقف خلف حكم آل سعود وبكل المقاييس هو فكر استكباري، لا يرى في غيره صوابا، ولا يرى حق لأحد بالعيش إلا من "أذن له"و"قال صوابا".

رایکم