۱۰۸۲مشاهدات
رمز الخبر: ۴۵۰۳۰
تأريخ النشر: 14 April 2020

لم يُبقِ قرار البرلمان العراقي القاضي بإخراج القوات الأجنبية من البلاد الذي صوت عليه النواب بالأغلبية في شهر كانون الثاني الماضي، أي شرعية للأميركيين تبقيهم على الأراضي العراقية خاصة بعد ان اعلن العراق النصر في العام 2017 على تنظيم داعش، الذي كانت محاربته ذريعة الأميركيين وحلفائهم للتدخل في شؤون العراق.

ورغم كل ذلك الا ان الأميركيين لم يأبهوا لقرار مجلس النواب العراقي ولم ينصاعوا للضغوط الشعبية جراء ذلك، بل قالوا وعلى لسان عدد من المسؤولين بانهم لن ينسحبوا من العراق على الإطلاق، والأميركيون أدلوا بتصريحاتهم تلك رغم التهديدات التي اطلقتها فصائل المقاومة العراقية عن انها ستزلزل الأرض من تحت أقدام الأميركيين وستعمل على إخراجهم من العراق مهما كلف الثمن.

فلماذا تحدث الأميركيون بكل تلك الثقة؟

لا أحد يخفى عليه حجم الذكاء الخبيث لمسؤولي البيت الأبيض، ولذلك فإن كل شيء كان مخططاً له منذ اللحظة الأولى التي اغتالت فيها القوات الأميركية قائد فيلق القدس الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، سواء من حيث التوقيت الزمني لتلك العملية او حتى تداعياتها ونتائجها، فأما التوقيت فيتزامن مع الفراغ السياسي الذي يعاني منه العراق بعد استقالة عادل عبد المهدي، كما يترافق مع تصاعد خطر ظهور تنظيم داعش الإرهابي من جديد، لاسيما مع تنفيذ خلاياه النائمة عمليات نوعية بين الحين والآخر ضد قوات الجيش والمقاومة العراقية، علاوة على الفساد الذي ينخر كراسي السلطة في العراق.

اما فيما يخص عواقب الجريمة الأميركية، فقد كان الأميركيون مستعدين لسيناريو انتقام فصائل المقاومة العراقية للمهندس، بدليل تسليمهم الجانب العراقي قواعد القيارة والحبانية وكي وان، فضلاً عن تزويدهم قاعدة عين الأسد شمال بغداد بمنظومة صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، ولكن كل هذه الإجراءات كانت من أجل الدفاع والحماية فقط، اما بالنسبة لإجرائاتهم الرامية إلى ضمان بقائهم في العراق، فتتمثل بالرسالة التي بعثت بها الخارجية الأميركية إلى نظيرتها العراقية يوم الاثنين مقترحةً عليها البدء في مفاوضات جادة حول مستقبل العلاقات بين الطرفين وهو مارحبت به الخارجية العراقية التي أعلنت قبولها العرض الأميركي.

وربما السؤال الذي يتبادر إلى الاذهان الآن هو.. ما علاقة المفاوضات ببقاء الأميركيين في العراق؟

إجابة هذا السؤال، ربما تتمثل بالدعاية والفقاعة الإعلامية التي روجها الأميركيون حول ان هناك مخطط تقوده وزارة الدفاع الأميركية لشن هجوم عسكري كبير على كتائب حزب الله العراق لتدميرها والقضاء عليها، وبالتالي فإن الأميركيين وبعد وقوع عدة هجمات متبادلة بينهم وبين فصائل المقاومة العراقية أطلقوا هذه الدعاية الخبيثة لخلق حالة من الذعر والترقب لدى العراقيين عموماً وفصائل المقاومة خصوصاً، ومن ثم بعثت واشنطن بهذه الرسالة الى بغداد في نفس اليوم الذي وقع فيه هجوم مجهول بثلاثة صواريخ ضد المنشأة النفطية الأميركية هاليبرتون في منطقة البرجسية بمحافظة البصرة جنوب العراق، و هي بذلك كأنها تريد أن تقول للمقاومين بأن الذريعة والحجة لمهاجمتهم باتت جاهزة الآن فأما القبول بالتفاوض او الدخول بحرب واسعة مع الولايات المتحدة الأميركية.

والسؤال الآن هل تقبل المقاومة العراقية بعرض التفاوض هذا؟

صحيح ان المقاومة العراقية أكدت على الدوام بأن إخراج الأميركيين هو هدفها وردها على اغتيال المهندس، إلا أن مبادئها القائمة على الدفاع عن العراقيين وحماية العراق وحفظ مصالحه، ربما ستجعلها توافق على إجراء مفاوضات مع الأميركيين، لحقن دماء العراقيين التي ستهدر اذا ما اندلعت الحرب بين الطرفين، إلى جانب ذلك فإن العقوبات الاقتصادية القاسية جدا والتعويضات المالية الكبيرة التي هدد بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب العراق حال إخراج قواته من هناك، قد تجعل فصائل المقاومة تفكر ملياً قبل رفض العرض الأميركي، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، خاصة بعد انتشار فايروس كورونا فيه.

إذاً العدو الأميركي يعمل على تثبيت وجوده وضمان بقاءه في العراق مستغلاً الأوضاع الحرجة التي تعصف ببلاد الرافدين من شتى النواحي السياسية والامنية والاقتصادية والصحية، ولكن من المؤكد والثابت أنه مهما طال الصبر العراقي فلا بد أن يأتي يوماً تشرق فيه شمس بغداد معلنةً تحرير البلاد من الجيش الأميركي وغيره من قوى الجبروت والطغيان.

رایکم
آخرالاخبار