۹۵۳مشاهدات
رمز الخبر: ۴۴۹۵۱
تأريخ النشر: 11 April 2020

لماذا تزود تركيا الاحتلال الاسرائيلي بمعدات طبية لمواجهة كورونا؟ وهل تبرر “الإنسانية” ووصول المساعدات “دون عراقيل” للفلسطينيين خطوتها؟.. “باعتها” أم “تبرعت” لها وهل “تغازل” أنقرة تل أبيب؟

قد تقف تركيا، وحيدةً أمام العالم، وهي تُحاول تقديم المُساعدات الطبيّة للاحتلال الإسرائيلي، في ظل مُعاناة الأخيرة خلال مُواجهة جائحة فيروس كورونا، ومُواجهتها لصُعوباتٍ في الحُصول على معدّات طبيّة، وسط تسجيل فشل في المنظومة الصحيّة لها، وانشغال دول العالم عنها في مُواجهة الفيروس التّاجي القاتل، وتعترف وسائل إعلام إسرائيليّة بوجود قصور كبير، وعدم جاهزيّة الجهاز الطبّي في البلاد.

هذه المُساعدات التركيّة التي قد تبدو للبعض صادمةً، حيث العلاقات مُتوتّرةٌ بينهما، كشفت عنها وكالة “بلومبيرغ” الأمريكيّة، وتشمل معدّات طبيّة، وكمامات للوجه، وملابس واقية، وقفّازات مُعقّمة، لكن هذه المُساعدات ليست مجّانيّةً، فقد قرّرت تركيا “بيعها” لا منحها للإسرائيليين.

وفي سياق توضيح القرار التركي، قال مسؤول تركي للوكالة الأمريكيّة إنّ قرار بلاده جاء “لدوافعٍ إنسانيّة”، وهذه الدوافع “الإنسانيّة” يبدو أنها تتعدّى الإسرائيليين، فعلى ما يبدو قد اشترطت أنقرة مُوافقتها على بيع تل أبيب المعدّات الطبيّة، مُقابل تزويد السلطة الفلسطينيّة بمعدّات مُشابهة، دون أي عراقيل إسرائيليّة، ويُسجّل لتركيا أنها قامت بالتبرّع لفلسطين بالشحنة الطبيّة لا بيعها.

وتُطرح تساؤلات فيما إذا كانت أنقرة تسعى لتحسين علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، من خلال “التضامن الإنساني” خلال الجائحة، أم أنّ الأمر يقتصر على تفكير تركي سريع في كيفيّة وصول المُساعدات الطبيّة للفِلسطينيين دون عراقيل إسرائيليّة تُذكر.

وفيما كانت دول العالم تُسارع لدعم الاحتلال في المحافل الدوليّة، بدا أن فيروس كورونا نجح في كشف الحجم الحقيقي لكيان الاحتلال، فالأخير حاول مراراً وتكراراً استيراد عدد كبير من أجهزة التنفّس الاصطناعي، وفي إطار الخشية من تسجيل عدد كبير من الإصابات بالفيروس، وهُنا بدأت سلسلة من التراجعات، حيث مصنع ألماني أبلغ بعدم قدرته على تزويدها، أمّا الوكيل الصيني الذي كان يُفترض أن يُزوّدها بألف جهاز تنفّس أعلن أن زبوناً آخراً قد اشترى الأجهزة.

أمّا الحليف الأمريكي، أو شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكيّة قالت إنها لن تتمكّن من الإيفاء بتعهّدها بتزويد الاحتلال أيضاً بألف جهاز تنفّس، وهو ما دفع بالأخيرة إلى التوقّف عن مُحاولات شِراء أجهزة التنفّس، ومُحاولة اللجوء إلى حلول محليّة، وبحسب وزارة الصحّة الإسرائيليّة فإنّ دولة الكيان لا تملك إلا 2864 جهاز تنفّس، ونصفها فقط شاغرة، كما اعتراف مسؤولين إسرائيليين بالفشل في زيادة عدد الفُحوصات لتشخيص الكورونا، وهو ما يشي بحجم الكارثة الصحيّة التي تنتظر الإسرائيليين، وتخلّي دول العالم عن دولتهم، وفشل إدارتهم للأزمة، فيما الدول المُجاورة وعلى سبيل المثال الأردن، تنجح في الحُصول على مُساعدات، أقلها فحوص الكشف عن الفيروس كتبرّعات.

وفي كُل الأحوال، وبغض النظر عن الأسباب الحقيقيّة التي دفعت تركيا إلى “بيع” مُساعدتها الطبيّة وإن كان في الإطار الاقتصادي، تُسجِّل (تركيا) وحدها أنها مدّت طوق نجاة للاحتلال، وهي التي كانت أخيراً قد وجّهت انتقادات لدول عربيّة، لصمتها على صفقة القرن، والتخلّي عن القدس، والأقصى، وإن كان ثمّة من يقول أنها جاءت “لدوافعٍ إنسانيّة”، في ظل تسجيل الاحتلال 9000 إصابة، وأكثر من 50 حالة وفاة.

ولا بُد أنّ الاحتلال سيكون حريص على إيصال المساعدات الطبيّة للفلسطينيين وهو الشّرط لإتمام الاتفاق، فهو سيكون موصوم “بالجميل التركي”، ولا يرغب أن يعيد للأذهان مشهد اقتحام قوّاته (الكوماندوز) الأسطول التركي الذي كان مُتوجّهاً لإغاثة قطاع غزّة إنسانيّاً، وأدّى إلى مقتل 10 مدنيين، وهو ما أغضب أنقرة في حينها، ودفع إلى تدهور العلاقات المُفتَرض مع الاحتلال مُنذ العام 2010.

ويُفترض أن تحط ثلاث طائرات إسرائيليّة في قاعدة إنجرليك التركيّة الجويّة الخميس المُقبل، وتنقل شحنة المُساعدات الطبيّة إلى الاحتلال، وهو مشهد وصفته وسائل إعلام مُعادية لسياسات تركيا، ورئيسها رجب طيّب أردوغان، بالغزل التركي ل"إسرائيل" في زمن الكورونا، وهو مشهد قد يُشكِّل إحراجاً لمُناصري أردوغان، حيث يُقدِّم الأخير نفسه كحفيد للسلاطين العثمانيين الذين رفضوا بيع فلسطين، ويُهاجم الاحتلال في المحافل الدوليّة، ويعتبرها دولةً إرهابيّةً مُحتلَّةً.

يُذكر أنّ حجم التبادل التجاري بين تركيا، والاحتلال، قد ارتفع ما نسبته 14 بالمئة في السنوات الأخيرة وتحديداً في عهد الرئيس أردوغان، وهو ما يطرح تساؤلات واقعيّة، حول حقيقة الخصومة السياسيّة بين البلدين، وفيما إذا كانت المُساعدات تلك التي تحمل “دوافع إنسانيّة” في ظل كورونا اليوم، تأتي أصلاً استكمالاً لعمليّة تجارة مُزدهرة بين البلدين، لم تتوقّف، ولم يخفت وهجها، حتى في أسوأ الظروف التي شهدتها أنقرة وتل أبيب، لكن في المُقابل يقول مُناصرون لسياسات تركيا، أنّ البراغماتيّة هي عاملٌ أصيلٌ في تعاملات الأتراك الداخليّة والخارجيّة، وحزبهم الحاكم، وهو ما قد يُفسِّر هذه التناقضات في سياساتهم، ولا علاقة للمواقف السياسيّة، بالاقتصاد وعوامل ازدهاره.

رأي اليوم

رایکم