۸۲۲مشاهدات
رمز الخبر: ۴۴۸۷۳
تأريخ النشر: 06 April 2020

الى ما قبل شهرين فقط كنت اعتقد ان الغرب وعلى راسه امريكا يتقدم علينا لا بسنوات بل بعقود طويلة من الناحية العلمية والتكنولوجية والطبية والثقافية والاجتماعية و..، ولكن هذا الاعتقاد تبخر كليا، بعد الفوضى المخزية التي تضرب الغرب “المتقدم” بسبب فيروس كورونا.

ليس عجز الغرب الواضح عن مواجهة فيروس كورونا فقط ، هو الذي اطاح كليا بالصورة المرسومة لهذا الغرب لدى باقي شعوب العالم، بل بروز جانب في غاية التوحش لدى الحكومات والسلطات الغربية التي كانت تدعي انها في قمة التحضر والانسانية، كان العامل الاكثر تاثيرا في سقوط صورة الغرب المتحضر.

منذ ما يقارب ال400 عام والغرب يتبجح على باقي الامم، بقيادته للعالم لما يمتلكه من مقومات حضارية ، حيث وصل الانسان الغربي الى درجة من الغرور والتكبر، واعتبر الانسان ( والانسان هنا في المفهوم الغربي هو الانسان لغربي تحديدا) بانه سيد الكون وانه الذي يتصرف بملء ارادته بهذا الكون، وان بامكانه ان يقيم الجنة التي وعد الله بها عباده، بارادته على الارض، وليس هناك من قوة يمكنها ان تقف امام عقله وقدراته الذاتية.

الحضارة الغربية التي بنيت على الفردية والنفعية والملذات الجسدية والجشع والطمع، بدات تنهار امام فيروس صغير متناهي بالصغر لا يرى بالعين المجردة، ففي اقل من شهر كشر هذا الغرب “المتحضر” عن انيابه فاذا به يعود الى قبل عصر “النهضة” وعصر “الانوار” وعصر “العقل” ، فبدأت تتقاتل حكومات هذا الغرب على قطعة من المناديل الورقية (الكمامات) التي تبرع بها الشرق (الصين) ، (الشرق في الفكر الغربي المتغطرس يعني الخمول والتخلف والضعف والجهل) لهم، فاذا بهم يسرق بعضهم بعضا، فامريكا تسرق المانيا ، وفرنسا تسرق اسبانيا وايطاليا، والتشيك تسرق ايطاليا ، وكندا تتهم فرنسا بسرقتها و..، الجميع يسرق الجميع وبشكل علني ودون حياء.

في قلب الحضارة الغربية مات لحد الان عشرات الالاف واصيب مئات الالاف من دون ان تتمكن الحكومات من ايجاد عقار يمكن ان يوقف مسلسل الموت، بل ان الرئيس الامريكي الذي تتربع بلاده على قمة الحضارة الغربية خرج ليعلن للشعب الامريكي وبوقاحة قل نظيرها:انه سيحقق انتصارا كبيرا لو تمكن من ان يحصر عدد قتلى كورونا ب200 الف قتيل!!.

الوجه المتوحش واللانساني لهذا الغرب تمثل ايضا في حرمان كبار السن والمرضى من المصابين بكورونا من اجهزة التنفس، وحصر استخدام هذه الاجهزة بالشباب فقط، لان الفئة الاولى عالة على الاقتصاد والمجتمع، بينما الفئة الثانية فهي الفئة المنتجة!!.

السقوط المدوي للغرب في امتحان كورونا، اثبت ان الحضارة الغربية تعاني من خلل كبير في منظومتها المعرفية، التي افرزت هذه الرؤية المشوهة للانسان والحياة، وهي الرؤية التي اغتر بها للاسف الشديد الكثير من ابناء الشرق، الذين كانوا يشعرون بالدونية عندما يقارنون بين نمط الحياة الشرقية بمثليتها في الغرب، ولكن اليوم وفي امتحان كورونا، يمكن للانسان الشرقي وخاصة الانسان المسلم، ان يفتخر بحضارته الانسانية، فرغم الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الشعوب الشرقية والاسلامية، بسبب الاستعمار الغربي والهيمنة الامريكية وسياسة نهب ثروت الشعوب وفرض العقوبات عليها، نجح هذا الشرق، بما يمتلك من ارث حضاري وديني،في ان يواجه وباء كورونا بطريقة انجع من الغرب، من دون ان يتخلى عن القيم الانسانية العليا.

*شفقنا

رایکم