شبکة تابناک الأخبارية: کتب "ماجد حاتم" في موقع ifilm : في سالف العصور والازمان لم يكن على وجه البسيطة من كيان سوى مصر وايران , دولتان بكل ما تحمل كلمة دولة من معنى , امبراطوريتان كانتا تظللان بجناحيهما العالم القديم , مرت الدهور وانحسر دورهما في جغرافيا حددتها عوامل عدة , ولكن ظل زغب تلك الاجنحة متناثرة هنا وهناك , شاهد على مجد تليد وحضارة ضاربة بأعماق التاريخ. حتى بزغ فجر الاسلام على ليل البشرية الحالك, فأذا بجناحي العالم القديم تعود اليه الروح بفضل عبقرية شعبين كان قدرهما ان يكونا جناحي الاسلام العظيم كما كانا جناحي العالم القديم , فطار بعبقرية اهل مصر وايران على اصقاع العالم اجمع. فلم تجد اثرا من اثار الاسلام الا وفيه من اهل فارس والكنانة اثارا.
وبعد ان ذهبت ريح المسلمين وتكالب على ديارهم الاعداء دب الوهن بجناحي الامة من جديد وانحسر جانبا لايقوى على الحراك فضلا عن الطيران , ومرت السنون فقام شعب ايران بكسر القيد الذي كبل جناحه , واراد ان يطير فاستذكر جناحه الثاني الذي به طار سنين, فاذا باخوتهم في العبقرية في ارض النيل يثورون على مكبلي جناحهم الذي ابى الا ان يطير , ومرة اخرى تعود الحياة الى جناحي الشرق الذي سيطير ولن يتوقف عن التحليق مرة اخرى مهما حاول ويحاول الحاقدون والمتربصون بأقدم امم الشرق تاريخا وحضارة .. الايرانيون والمصريون.
الخصوصية التي ميزت العلاقات بين ايران ومصر منذ ان كانت هي الثقافة والفن, فهي الاساس الذي اقيم عليه كل بناء للعلاقة الثنائية , وهو امر يندر ان نجد له نظيرا في العالم, رغم الهوة الجغرافية الواسعة التي تفصل بين المصريين والايرانيين.
وعندما كان الفن والثقافة هو الرابط الازلي الذي يربط ايران بمصر , كانت العقبرية المصرية في محلها عندما عقد نخبة من ابناء مصر , العزم على اتخاذ الفن والثقافة قاعدة عريضة لينطلق من وفقها جناحا ايران ومصر الى افاق رحبة لاتعرف الحدود.
هذه النخبة المميزة , التي حلت على ايران ضيفا معززا مكرما , ضمت اعلاما في عالم والفن والاعلام والسياسة , مشهودة مواقفهم واراؤهم من قضايا مصر والامة والعالم , ويحملون هما قلما يقدر على حمله احد , هذا الهم هو هم اعادة الحياة الى جناحي الامة.
الوفد الشعبي المصري الذي يزور الشعب الايراني , وهو الوفد الذي يمثل حقا مصر بكل ما تحمل كلمة التمثيل من معنى, هذا الوفد نابع من ارادة مصرية اصيلة , تبلورت مع انتصار ثورة 25 يناير المجيدة, الامر الذي يجعله فوق الدس والشبهات.
الاصالة المصرية للوفد الشعبي الزائر لايران , يبدو انها سدت الابواب امام النفوس المريضة التي مازالت تحلم بضرب العلاقات المصرية الايرانية واعادتها الى المربع الاول, هذا اليأس دفع بعض الجهات بتوقيت الاعلان عن القاء القبض على دبلوماسي ايراني بتهمة التخابر ضد مصر مع موعد زيارة الوفد المصري الى طهران لضرب الزيارة من اساسها, ولكن كيد الحاقدين ما أسرع ان عاد الى نحورهم بعد ان اطلقت ا لسلطات المصرية سراح الدبلوماسي الايراني بعد ان ثبتت براءته مما نسب اليه , وعاد الى ايران في نفس الطائرة التي اقلت الوفد المصري الى طهران, مما اعتبره الكثيرون صفعة قوية وجهت الى اسرائيل.
هذه الحقيقة اشار اليها الفنان المصري الملتزم عبد العزيز مخيون , عندما انتقد بعض الجهات واصفا ايها بالغباء والتواطؤ مع اسرائيل للاضرار بمصالح مصر , واعتبر توقيت اعلان القبض على الدبلوماسي الايراني بالقاهرة في هذا الوقت بالذات اي قبل سفر الوفد الشعبي الى ايران يؤكد على ان هناك قوى تريد تعطيل العلاقات المصرية الايرانية في ظل رغبة كبيرة لكثير من المسؤولين الى جانب القوى الشعبية في مد جسور العلاقات وعلى راسهم وزير الخارجية الدكتور نبيل العربي.
واعتبر مخيون ان المبادرة الشعبية جاءت من ثمار الثورة , بعد انتهاء العصر البائد, الذي حاصر قدرات الشعب المصري, واجهض كل مبادراته السابقة , كما شدد مخيون ,على انه ليس من الطبيعي ان تقطع العلاقات بين مصر وايران على مدى ثلاثين عاما مما تسبب في خسائر للبلدين على المستوى الاستراتيجي.
هذه النظرة الثاقبة للامور , هي نظرة طبيعية للعبقرية المصرية التي التي لم تعد تأتمر بأوامر من الخارج, او ان تظللها الامبراطوريات الاعلامية الدائرة في فلك المصالح الاجنبية.
اما ممثلو العبقرية المصرية الذي جسده الوفد الشعبي المصري الزائر لطهران فهم فنانون وسياسيون مسلمون واقباط واخوان مسلمون ومحامون اسلاميون ويساريون وممثلون حزبيون, بينهم الفنان المعروف عبد العزيز مخيون والدكتور ابراهيم زهران القيادي الاخواني والاعلامي وائل الابراشي والمحامي عصام سلطان والدكتور محمود الخضيري والشيخ علاء ابو العزايم وشاهنده مقلد والاعلامية لبنى عبد المنعم والاعلامية سناء سعيد وحنان عسكر واخرين, حيث سيلتقون بكبار المسؤولين في ايران لتطبيع العلاقات المصرية الايرانية واخراجها من عنق الزجاجة التي حشرت فيها.