بعد طول انتظار وترقب لفتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الإنسانية وإطلاق جسر جوي طبي حسب ما أُعلنت من اتفاقات وتفاهمات لأشهر من المفاوضات، بدى الحال على عكس المتوقع ولخصته المقولة "تمخض الجبل فولد فأراً"..
كان الثالث من فبراير الجاري الموعد المقرر لفتح المطار وتدشين أولى رحلات الجسر الجوي الذي يفترض أن يقل أعداد المرضى ممن حالاتهم مستعصية ويحتاجون العلاج في الخارج، لكن الأمر لم يتعدى سوى هبوط طائرة أممية لتقل عدداً من موظفي منظماتها في صنعاء مع السماح لمغادرة “7” مرضى فقط مع مرافقيهم، وهي الخطوة التي بدت مفاجئة للجهات المعنية في صنعاء وعلى رأسها وزارة الصحة التي اتهمت الأمم المتحدة والتحالف السعودي بالتنصل عن التعهدات والالتزامات والآليات المتفق عليها بإشراف منظمة الصحة العالمية، وإحداث تغييرات في ترتيبات الجسر ومخالفة كل المتطلبات الضرورية لحالات الإخلاء الطبي المفترضة، خاصة وأن عدد اليمنيين المسجلين في قوائم الحاجة العاجلة إلى السفر إلى الخارج لتلقي العلاج ضمن الجسر الطبي هو (32) ألف مريض وهذه الحالات يمكن ان يغير يوم واحد في فرص علاجهم وأسباب نجاتهم، ولهذا فأن كل يوم تأخير لإسعاف المرضى يعتبر جريمة قتل متعمد للعشرات منهم.
إذن دون مراعاة لحجم المعاناة وللوضع الإنساني الصعب لآلاف اليمنيين تبدو الأمم المتحدة أمام فضيحة أخرى في تعاطيها مع الأزمة اليمنية وملفها الإنساني، متجاهلة مطالبات المعنيين أن الأمر يحتاج لرحلات متواصلة تقل ما بين 100 إلى 150 مريضاً يومياً على أقل تقدير، وفتح المجال أمام رحلات شركات الطيران المختلفة ومنها شركة الطيران اليمنية ليتم استيعاب كافة الحالات المرضية بشكل عاجل، لا أن ينحصر الأمر في 4 رحلات شهرية تقل 30 مريضاً فقط وفق رؤية الأمم المتحدة، وهو ما دفع الجهات المعنية بأن تعتبر هذا الجسر الطبي المزعوم أنه يطلق رصاصة الموت على آلاف اليمنيين وليس رحلات الرحمة المنتظرة.
استمرار الحال كما هو لا شك أنه يزيد من معاناة آلاف المرضى اليمنيين التي باتت لا تخفى على أحد وبشهادة كافة المنظمات العاملة بالمجال الإنساني في اليمن، إذ تتفاقم هذه المعاناة بشكل أكبر لذوي الأمراض المستعصية كمرضى الكلى والقلب والسرطان، حيث تفيد تقارير رسمية أن 15 إلى 25 مريضاً يموتون يومياً بسبب عدم تمكنهم من السفر لتلقي العلاج بالخارج.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي تتجدد المطالبات في صنعاء للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالضغط على دول تحالف العدوان لتنفيذ الجسر الطبي المتفق عليه وكذا فتح مطار صنعاء الدولي لكافة المواطنين دون أي شروط باعتبار أن إغلاقه مخالف للقانون الدولي، وأن منع وتأخير وحصار اليمنيين عن حقهم الإنساني في السفر أول الحصول على الرعاية الطبية هو جريمة بكل الاعتبارات القانونية والإنسانية ولا يخضع هذا الامر لأي بُعد سياسي ومن واجب ومسؤولية الأمم المتحدة ان تلتزم بتنفيذ مبادئها الانسانية والتزاماتها بمساعدة الشعب اليمني بالحصول على الرعاية الطبية لا أن تتحول إلى شريك متواطئ مع العدو في قتل هذه الأنفس من خلال حرمانها من حقها في العلاج واستمرار حصار المرضى واستمرار اغلاق المطار دون حق او مبرر قانوني.
الموقف في صنعاء بدى واضحاً إذن، وحمل المعنيون فيها دول تحالف العدوان والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة على حياة كل انسان يمني فُقدت وتُفقد في كل يوم بسبب الحصار وعدم توفر الرعاية الطبية للحالات المرضية الحرجة التي تتطلب سفراً خارج البلاد بسبب الوضع الصحي المتدهور ونقص التجهيزات الطبية والإمدادات الدوائية المنقذة للحياة نتيجة الحصار المفروض منذ نحو ٥ سنوات كاملة.
العالم