۱۴۸۴مشاهدات
رمز الخبر: ۴۳۳۷۲
تأريخ النشر: 23 December 2019

بدأت المحكمة الجنائية الدولية بالتوجه نحو فتح تحقيق شامل في "جرائم حرب محتملة" ارتكبتها إسرائيل في حقّ الفلسطينيين، تشمل العدوان على غزة في عام 2014، والشهداء الذين قضوا في مسيرات العودة، ويقود هذا التحقيق المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودة، فهل تنجح هذه المدعية فيما تعمل عليه ام أن ضغوط الولايات المتحدة ومهارتها في الوقوف في وجه العدالة سيمكنها من افشال هذا التحقيق؟.

الغضب الأمريكي والاسرائيلي ظهر منذ الساعات الأولى للإعلان عن هذا التحقيق، وكان التعليق الأول من رئيس الحكومة الاسرائيلية المنتهية صلاحيته بنيامين نتنياهو، حيث عبر بالقول : " يوماً مُظلماً للحقيقة والعدالة"، مكرراً الإشارة إلى أن هذا القرار يجعل من "المحكمة الجنائية الدولية" "أداة سياسية" ضدّ كيان الاحتلال. وقال: "ليس للمحكمة ولاية قضائية في هذه القضية. المحكمة الجنائية الدولية لها سلطة فقط لنظر الالتماسات التي تقدّمها دول ذات سيادة. لكن لا وجود لدولة فلسطينية". وفي الاتجاه نفسه، أعلن المستشار القضائي لحكومة العدو، أفيحاي مندلبليت، أن "الموقف القانوني والمبدئي لدولة إسرائيل، غير العضو في المحكمة، هو أن المحكمة لا تملك صلاحية قضائية بالنسبة إلى إسرائيل، وأي نشاط فلسطيني في المحكمة ليس نافذاً قضائياً".

الدعم الأمريكي المعتاد للصهاينة لم يتوقف هذه المرة أيضاً، اذ أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة أن الولايات المتحدة "تعارض بحزم" أي تحرك للمحكمة الجنائية الدولية ضد اسرائيل. وقال وزير الخارجية الأميركي في بيان إن المدعية فاتو بنسودة "طلبت من قضاة المحكمة الجنائية الدولية تأكيد أن اختصاص المحكمة يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية و(قطاع) غزة".

وأضاف بومبيو "نعارض بحزم هذا الأمر وأي تحرك آخر يسعى لاستهداف اسرائيل بطريقة غير منصفة".

وأضاف "لا نعتقد أن الفلسطينيين مؤهلون كدولة ذات سيادة، ولهذا هم ليسوا مؤهلين للحصول على عضوية كاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية".

الأمريكان اعتادوا أن يقفوا في وجه العدالة كرمة لعيون "اسرائيل" وأقفوا عشرات القرارات التي كان من شأنها ادانة "الكيان الاسرائيلي"، وهم مستعدون لرفع مستوى التدخل لصالح "اسرائيل" اذا شعروا ان الأخيرة في خطر، وهذا ما فعله مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون، الذ كان قد هدّد قضاة المحكمة الجنائية بالقبض عليهم إذا تحرّكوا ضدّ إسرئيل والولايات المتحدة، وهذا الأمر سيصعب المهمة على الجنائية الدولية لا محالة.

الموقف الفلسطيني

حالة ترحيب كبير أبداها الفلسطينيون، في أعقاب إعلان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو نسودا، أنها تسعى للتحقيق في "مزاعم" ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة. وإن كان ذلك الإعلان له أهمية كبيرة ودلالة واضحة، فإن السؤال الأهم هو ما هي الخطوات المقبلة التي تأتي بعد هذا الإعلان وإلى أي حد يمكن أن ينجح فتح التحقيق في الوصول لمحاكمة لقادة الاحتلال في المحاكم الدولية.

من جانبه، قال رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية -تعليقا على القرار نفسه- إن حكومته ستقوم بكل جهد قانوني لمحاكمة إسرائيل على جرائمها في الضفة وغزة والقدس، معتبرا هذه الخطوة "تحولا كبيرا ولافتا في تعامل المحكمة مع الانتهاكات الإسرائيلية، وانتصارا للحق والعدل على غطرسة القوة".

بدورها، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، بخطوة المحكمة الجنائية الدولية، موضحة أن فلسطين ستشارك في الإجراءات القضائية التي ستبدأ أمام المحكمة، لتأكيد أن مسألة الولاية الإقليمية محسومة، وبشكل واضح بموجب القانون الدولي.

رحبت الجامعة العربية، السبت، بقرار المحكمة الجنائية الدولية عزمها التحقيق في "جرائم حرب" محتملة بالأراضي الفلسطينية.

الصعوبات التي ستواجهها المحكمة الجنائية

مهمة المحكمة ستكون صعبة ومعقدة في ظل التشبيح الأمريكي ناهي عن ان كل خطوة ستقوم بها هذه المحكمة ضد كيان العدو ستأخذ خمس سنوات وهناك 100 خطوة، ومع ذلك هذا لايعني اطلاقا أنه لا يمكن معاقبة "اسرائيل" نتيجة ارتكابها جرائم حرب ضد الفلسطينيين ويجب ان يعاقبوا عليها و(إسرائيل) تتحمل المسؤولية المدنية لدفع المبالغ المالية نتيجة الخسائر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.

ستكون المحكمة الجنائية على موعد صعب مع تحقيق "العدالة" الحقيقية في ظل الضغط الأمريكي الذي لاينتهي، واذا تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من حرف سير التحقيق هذه ستفقد المحكمة مصداقيتها امام جميع شعوب العالم، وسنكون امام فوضى قضائية قد تكلف العالم بأسره الكثير من المشاكل والأخطار.

المدعية العامة فاتو بنسودة اعربت عن "اقتناعها بأن جرائم حرب ارتُكبت أو تُرتكب في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وقطاع غزة"، معبّرةً عن "ارتياحي إزاء وجود أساس معقول لمواصلة التحقيق في الوضع في فلسطين". ولكن قبل فتح التحقيق، ستَطلب بنسودة من المحكمة، ومقرّها لاهاي، أن تقرّر ما هي الأراضي المشمولة ضمن اختصاصها بسبب "فرادة الوضع القانوني والوقائع المرتبطة بهذه الحالة، والخلافات الشديدة حولها"، نظراً إلى أن إسرائيل ليست عضواً في "الجنائية" شأنها في ذلك شأن حليفتها الأميركية. وفي هذا السياق، أضافت: "سعيت بشكل خاص للحصول على تأكيد أن الأرض التي يمكن المحكمة ممارسة اختصاصها عليها، والتي يمكنني أن أخضعها للتحقيق، تشمل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة"، كما حضَّت القضاة على الفصل باختصاص المحكمة "من دون تأخير غير مبرَّر"، مشيرةً، في الوقت ذاته، إلى أنها لا تحتاج إلى طلب أيّ إذن من القضاة لفتح تحقيق، إذ ثمة إحالة سابقة تقدّمت بها فلسطين بعد انضمامها إلى المحكمة في 2015.

ويشير إلى أن هذا الإعلان من ناحية الدلالة فإنه يضغط سياسيا على (إسرائيل) على المستوى الدولي بأنها ترتكب جرائم بحق الشعب الفلسطيني ولابد أن تأتي اللحظة التي تحاسب على ما ارتكبته بحق الفلسطينيين، وهو ما يرعبها ويشكل لها قلق على الصعيد الدولي.

المصدر: الوقت

رایکم
آخرالاخبار