۲۱۰۱مشاهدات
عبد الرحمن أبو سنينة*
رمز الخبر: ۴۳۱۹۹
تأريخ النشر: 04 December 2019

على غير ما كان متوقعا جاء موقف مرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد الخامنئي موافقا على قرار رفع أسعار البنزين الذي أقره المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي والذي يضم الرئيس حسن روحاني ورئيس البرلمان علي لاريجاني ورئيس السلطة القضائية سید ابراهیم رئیسی.

وكمتابع للشأن الايراني، فقد تجلى من خلال هذه الموافقة احترام المرشد لسلطات الدولة، خاصة الحكومة الاصلاحية التي وصلت بأصوات أكثرية الشعب، ما يعني أنه آثر أن يتحمل تبعات القرار، رغم توقيته السيء بنظر التيار المحافظ المنافس لحكومة الشيخ روحاني.

آية الله الخامنئي تلقى بالفعل الكثير من النقد على خلفية موافقته، لكنه ومن موقعه القيادي الروحي، كان يرنو بعينيه الى أقصى مصالح البلاد، آخذا بعين الاعتبار طبيعة الوضع السياسي في البلاد، اذ قد يعني الغاؤه للقرار أن تقوم بعض الأطراف السياسية بتوجيه اللوم اليه كمعرقل للعمل الحكومي.

في الوقت نفسه، ربطت موافقته بالتاكيد على دعم الشرائح الفقيرة والمتوسطة، لأن لا يكتووا بارتفاع الأسعار، التي تبقى مع القيمة الجديدة معقولة ومناسبة قياسا بمعظم دول العالم.

حكمة المرشد، قطعت الطريق على من كان يريد حشر القيادة الايرانية العليا، وألقيت الكرة من جديد في ملعب الحكومة لمزيد من قيامها بتحمل المسؤولية وتفعيل الاقتصاد المقاوم، وما يطمئن في الجمهورية الاسلامية على خلاف غيرها من الدول، أن قرارات الدولة صناعة وطنية، وإن أخطأ بعض الساسة باجتهاداتهم، أما شخص الولي الفقيه فمتمرس متواضع يعيش كأبسط أبناء الشعب، ولذلك رأيت الملايين هنا تنزل الى الشوارع تأييدا للنظام الاسلامي عقب احتواء موجة الاحتجاجات التي رافقها ركوب المخربين واتباع الأجندات لموجتها، وما لفتني مظاهرات محافظة کلستان بأكثريتها السنية مرددين: (لا تمرد، لا شغب فقط حق الفقراء) إذن تواجدت جماهير الشعب في الساحات ردا على اعداء ايران المحيطين من كل جانب، وعلى رأسهم ناهب الشعوب الامیركي المؤسس للمحارق البشرية وللقتل الاقتصادي المنظم، وقد رأيت بعض الشباب الايراني الذي لا تعنيه السياسة والشأن العام، لكنهم كما قالوا تعمدوا الحضور في ساحات تأييد النظام التزاما بالمبدا القرآني (هم العدو فاحذرهم)، بعد تصريحات المسؤولين الامیركيين والاسرائيليين التي تدعو لمزيد من التمرد على الدولة.
بعد دراسة معمقة لأكثر من 15 عاما أجزم أن في ايران نظاما دينيا وطنيا ديمقراطيا من دون محاصصة، ولهذا يتمكن مسؤوليه من وضع الحلول السريعة لمشاكل الناس.

صحيح أن مسؤولي النظام يعتنون بالعلاقة مع الله والدعاء لحفظ بلادهم وانتصار المستضعفين، لكنهم أهل الأخذ بالأسباب، يديرون البلاد بالعلم وحسابات الاقتصاد المقاوم، والقوة التي لا يخضع المستكبر الا لها، وفي داخل الدولة اتجاهات وآراء ومواقف حيوية متنوعة، بينما قائد الثورة الذي يعيش بزهد قل نظيره في دنيا اليوم ولا يملك أي ثروة شخصية لديه في الملمات فصل الخطاب، وتتناغم مع رؤيته القاعدة الشعبية الواسعة والمؤيدة.

ومن حسن الطالع لهذا البلد انهاء وجود السفارة الأمیركية بعد الثورة الاسلامية، إذ تنفذ الممثليات الأمیركية أدوارا مريبة تتلاعب بالحكم والثروات، وتصنع الفتن، وتدعم الانقلابات (مهندسة الإطاحة برئيس الوزراء الإيرانيّ الوطني الديمقراطي محمد مصدّق) وتنهب خيرات المستضعفين أينما حلت وارتحلت.

أعتقد أن الأحداث الأخيرة في المدن الايرانية تتجاوز عنوان رفع البنزين، الى معركة ممتدة بين خطين، الامیركان وجماعتهم من صهاينة ومتسعودة بوجه محور تقوده ايران وجهاً لوجه من طهران الى بغداد الى بيروت، الى غزة وصنعاء، والثورات الملونة هي أحد أداوات المخابرات الأمیركية، تعتمد في الاساس على شعب له مطالب حقيقية تتعلق بحياته اليومية وتحسين المعيشة، ويظهر أن خصوم الجمهورية الاسلامية لا يتعلمون، وهي التي مرت بانكسارات أقسى، فيكفي ان نتذكر حادثة 28 حزيران عام 81، التفجير الإرهابي الأشد بعد انتصار الثورة يوم استشهد آية الله محمد حسين بهشتي رئيس السلطة القضائية الأسبق و72 شخصية عقب استهداف مقر الحزب الجمهوري بطهران، بدعم أمیركي، حينها رحلت معظم قيادات الجمهورية الاسلامية الوليدة، وكطائر الفينيق خرج النظام مجددا من تحت الرماد ولادا للقيادات متماسكا، ليصنع مجد ايران الجديدة اللاشرقية واللاغربية.

حري بخصوم ايران وخاصة من العرب وانا لهم ناصح امين، أن يكفوا عن المراهنة على الأمیركي الذي يساومهم حتى في لقمة عيشهم، فبعض دولهم اذا توقف القمح الامیركي لن يأكل الناس فيها خبزهم كفاف يومهم، وليتوقفوا عن الاستئناس بروايات قناتي (العربية والحرة) فايران الاسلامية بدون مبالغة اقوى بمئات المرات مما تتخيلون.

صحيح أن تاثير العقوبات الاقتصادية يوجع من جانب، الا أن الوجه الآخر لتأثير هذه العقوبات هو تفعيل الاقتصاد الوطني المقاوم، الذي تنخرط به يوما بعد يوم كل شرائح الشعب، ويتحقق المزيد من الاكتفاء والاقتدار الذاتي في كل المجالات لتتحول المحنة الى منحة.

* الصحفي الفلسطيني

رایکم