۱۷۰۷مشاهدات
رمز الخبر: ۴۳۱۴۳
تأريخ النشر: 01 December 2019

توصل وزراء دفاع الصين وكوريا الجنوبية، الأسبوع الماضي، إلى اتفاقات على هامش محادثات بانكوك الأمنية لضمان الاستقرار في شمال وشرق آسيا من خلال إقامة خطوط مباشرة بين الجيشين وبعض التعاون الدفاعي في المستقبل. وتأتي هذه الخطوة في وقت كانت فيه سيئول غير راضية عن طلب أمريكا الأخير بزيادة الإنفاق العسكري إلى 5 مليارات دولار. واخذت الأزمة في شبه الجزيرة الكورية منحى جديداً منذ العامين الماضيين، وفي حين أن التطلع إلى الشرق والسيطرة على هذه المنطقة لاحتواء الصين تعتبر أولوية قصوى بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية الحالية، إلا أن المصالح الأمريكية في المنطقة كانت حتى الآن على عاتق حلفاء واشنطن، بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان.

ومنذ محادثات سنغافورة في يونيو 2018، أظهرت التطورات أن الاستراتيجية الأمريكية ليست حلاً قابلاً للتطبيق لإنهاء النزاع القائم في شبه الجزيرة الكورية. وبعد مرور تسعة أشهر من مفاوضات سنغافورة، تخلى ترامب فجأة عن محادثات هانوي - فيتنام في اشارة الى أن نفوذ الصين على مجلس الحكم الكوري الشمالي كان أحد أسباب الفشل.

لم تُظهر إجراءات ترامب في العام الماضي رغبة في وضع حد لأزمة الكوريّتين فحسب، بل سعت أيضاً إلى خلق فوضى مضاعفة لاستغلالها من عدة أطراف، فعلى سبيل المثال، في الفترة الفاصلة بين مفاوضات سنغافورة وهانوي، أجبر سيئول في فبراير 2019 على تخصيص 8.2% من الميزانية لنشر 28 الف و500 جندي أمريكي ورفعها الى حوالي 890 مليون دولار، ومن ناحية أخرى تم تمديد هذا العقد الى سنة واحدة بدلاً من 3 او 5 سنوات، وهذه الفائدة المالية هي التي دفعت ترامب لترك محادثات هانوي في شهر مارس بكل أريحية.

لعبة واشنطن المكررة

منذ أوائل أكتوبر، اقترحت أمريكا مرة أخرى استئناف المحادثات مع كوريا الشمالية، ولكن هذه المرة، جعلت العديد من القضايا بيئة اللعب مختلفة عن العامين الماضيين. فقد توترت العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية كحليفين لأمريكا حول آثار العصر الاستعماري الياباني على كوريا وكذلك جزر تاكيشيما (دوكو) منذ يوليو. وهذا ليس في مصلحة أمريكا على الإطلاق، لأن الفجوة بين الحليفين تقودهم إلى الصين. لذلك، توجه فيما بعد نائب وزير الخارجية الأمريكي جون سوليفان إلى اليابان لحل الأزمة، وأعلنت سيئول مؤخراً أنها لا تنوي تمديد "اتفاقية الأمن العسكري الشامل" مع اليابان بسبب سلوك اليابان غير المناسب والقيود التجارية التي فرضتها على سيئول، لذلك أعلن وزير الدفاع في البنتاغون مارك اسبر بعد اجتماع رفيع المستوى حول سياسة الدفاع مع وزير الدفاع الكوري الجنوبي "جيونغ كيونغ دو" إن البلدين يجب أن يكونا مرنين في مناوراتهما العسكرية المشتركة لدعم إنهاء برنامج كوريا الشمالية العسكري عن طريق الحل الدبلوماسي.

دفعت هذه الضغوط الأمريكية والابتزاز تجاه كوريا الجنوبية البلاد، يوم الجمعة، إلى تأجيل إنهاء المعاهدة العسكرية بشكل مؤقت، ورداً على هذا الإجراء، اتخذت طوكيو، التي تدرك حجم الضغوط الأمريكية على سيئول، موقفاً أكثر وضوحاً، حيث قال رئيس الوزراء الياباني آبي شينزو إن طوكيو لم تقدّم أي تنازلات بشأن قرار كوريا الجنوبية بتأجيل إنهاء اتفاق تبادل المعلومات العسكرية مع اليابان، وأكد لاحقاً "أن الجانب الأمريكي هو من اتخذ هذا القرار".

وتتماشى هذه الضغوط المهينة على كوريا الجنوبية مع التوقعات المخيبة للآمال لمحادثات واشنطن-بيونغ يانغ، هذا وأعلن "كيم يونغ تشول" المفاوض الكوري الخبير في بيان له: "لم يتحقق أأاي تطور على مستوى العلاقات بين أمريكا وكوريا الشمالية واستمرت الإجراءات العدائية التي من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الأمور عسكرياً"، وهدد بقوله "ستقع أمريكا في خطأ إذا تجاهلت مهلة العام المحددة لإنهاء العلاقات الودية بين الرئيس دونالد ترامب وكيم جونغ أون".

بالإضافة إلى ذلك، فإن كوريا الشمالية على علم باللعبة الأمريكية مع بيونغ يانغ من قبل الدول الوسيطة، فقد قال مبعوث كوريا الشمالية في القضايا النووية "كيم ميونغ غيل" الأسبوع الماضي ردّاً على طلب أمريكا بتدخل دولة ثالثة (السويد): "ان بيونغ يانغ ستكون لديها رغبة في التعامل، فقط عندما تقدم واشنطن أولاً حلاً جوهرياً لهذه الأزمة النووية"، وأضاف "كوريا الشمالية وأمريكا تدركان جيداً بعضهما البعض الآن وليس هناك حاجة لجهود السويد للتفاوض بين بيونغ يانغ وواشنطن"، ونظراً الى البنود السابقة وانعدام الثقة بين السلطات الكورية الجنوبية تجاه الضمانات الامريكية، تسعى سيئول إلى اتخاذ اجراءات سياسية اكثر استقلالاً واختلافاً للخروج من عجلة الابتزاز.

سياسات كوريا الجنوبية المستقلة

قالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية في بيان لها في سبتمبر الماضي: "بالنظر إلى البيئة الأمنية الحالية غير المستقرة، تقوم الحكومة حالياً بالاستثمار في مجال القدرات الدفاعية بشكل كبير"، وتشمل هذه الإجراءات بناء حاملة طائرات خفيفة الوزن.

وفي هذا الصدد، قال دانييل بينكستون، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة تروي سيئول، الشهر الماضي عن السياسات العسكرية الجديدة لسيئول: "يخطط مسؤولو كوريا الجنوبية لعرض انتاجهم من الاسلحة على دول العالم على المدى الطويل، ودعت شركات الدفاع الكورية الجنوبية إلى زيادة صادرات الأسلحة"، هذا وتفضل كوريا الجنوبية الإنفاق على بنية تحتية عسكرية مستقرة ودائمة بدلاً من الإنفاق العسكري كل عام ما يزيد الوجود العسكري الأمريكي.

وتبعاً لذلك، تخطط سيئول لزيادة الإنفاق العسكري إلى أكثر من 239 مليار دولار بين عامي 2020 و 2024. وهناك خطة أخرى في نفس الوقت من سيئول تهدف إلى زيادة المبادرة مع كوريا الشمالية لتخفيض حدة الصراع، مثل عقد قمة في قرية بانمووم في 27 أبريل والذي صدر عنه بيان مشترك حول السلام والوحدة بين الكوريتين.

بالإضافة إلى ذلك، تسعى سيئول إلى تعزيز علاقاتها الأمنية مع الدول القوية في المنطقة، مثل روسيا والصين، لتقليص دور الولايات المتحدة. ففي يونيو، أعلن وزيرا الدفاع الروسي والكوري الجنوبي عن اتفاقات لتوسيع التعاون الدفاعي بين البلدين على هامش مؤتمر سنغافورة الأمني. وفي هذا الصدد، فإن تطوير العلاقات العسكرية مع الصين لها أهمية اكثر، حيث تمتلك أمريكا أكثر من 80 قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية، وقبل ان تكون هذه القواعد ضماناً لأمن سيئول ضد كوريا الشمالية، يبدو انها تأتي تماشياً مع سياسة احتواء الصين.

ان التعاون الأمني الصيني - الكوري الجنوبي الأخير، يضعف العلاقات الأمنية بين واشنطن وسيئول، لأن كوريا الجنوبية، التي تقع في وسط العلاقات الأمنية مع الدولتين، حاولت حتى الآن أن تخطو بحذر نحو تعزيز العلاقات الدفاعية مع واشنطن دون استفزاز الصين، لكن التعاون الأخير مع الصين يظهر تحولاً أوضح في موقف سيئول. وقالت صحيفة كوريا تايمز الكورية الجنوبية الأسبوع الماضي "إن التحالف الأمني بين أمريكا وكوريا الجنوبية سيختفي على الأرجح بسبب جشع واشنطن".

المصدر: الوقت

رایکم