۱۳۹۹مشاهدات
رمز الخبر: ۴۲۳۶۵
تأريخ النشر: 15 September 2019

واجهت الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ انطلاقتها قبل اكثر من 40 عاما، وما زالت تواجه التعنت والغطرسة الاميركية، والتي تمثلت في شتى الصور من إثارة القلاقل والفتن الداخلية ومن تحريض نظام صدام ضدها في حرب فرضت عليها لثمان سنوات، ووصولا الى الحرب الاقتصادية.

وقد نجحت الجمهورية الاسلامية الايرانية في مواجهة كل هذه المحاولات الاميركية والضغوط لكسر شوكتها، وقاومت وصمدت وزادت من قوتها يوما بعد آخر اعتمادا على قدراتها الذاتية، ولم تقدم اي تنازل لواشنطن.

وخلال هذه الفترة التي تجاوزت اربعة عقود، ما شاهدناه هو ان ايران الاسلامية ازدادت قوة وشعبية ليس فقط في منطقتها بل في العالم، فيما ازدادت الولايات المتحدة ضعفا وتقهقرا. وفي كل ذلك تمكنت طهران من خلال اعتماد سياسة النفس الطويل واستراتيجية الصبر البناء، من احتواء وامتصاص اي صدمات وجهتها لها واشنطن وحلفاؤها. ثم عملت على تقويضها شيئا فشيئا.

وفي هذا الصراع الذي لم يكن سياسيا فقط، وانما هو صراع ناجم عن الاختلاف في الايديولوجيات والاهداف والاستراتيجيات، اكتسبت ايران الاسلامية تجارب راكمتها مع مرور الزمن، وأخذت تدير الصراع من موقع قوة. حتى انها تمكنت من الاستفادة من الاخطاء الجسيمة للادارة الاميركية، خاصة الادارة الاخيرة بزعامة دونالد ترامب، الذي فتح النار على الجميع ولم يسلم احد الا ما ندر من عقوباته وحربه الاقتصادية حتى الحلفاء. وفي مقدمتها واهمها الحرب الاقتصادية مع العملاق الصيني الآخذ بالصعود والمتوقع ان يزيح الولايات المتحدة من المركز الاول. وهنا استفادت ايران اقصى الاستفادة من هذه الحرب بين العملاقين، وتوقعت من سيكون الفائز ومن سيكون الخاسر، كما انها نجحت في تشجيع الدول الاخرى وخاصة روسيا على مقاومة الغطرسة الاميركية.

والجميع يذكر انه عندما فرضت اميركا واوروبا الحظر على روسيا، بسبب ضم القرم واحداث اوكرانيا، في تلك الفترة، تكثفت الزيارات المتبادلة بين روسيا وايران، حتى ان طهران اكدت لموسكو انها يمكنها ان تنقل لها تجاربها في كيفية التعامل مع الحظر والحد من آثاره، كما ازداد التعاون الاقتصادي بين ايران وروسيا. هذا من جهة واستفادت الصين كذلك من هذا الامر، فازداد التقارب الصيني الروسي، والآن يمكن القول ان هناك مقاومة دولية مشتركة ضد الغطرسة الاميركية وهيمنتها، لعبت ومازالت ايران تلعب فيها دور الريادة، وحتى وإن كان اقتصادها لا يرقى الى قوة الاقتصادين الصيني والروسي، الا انها تجسد لهما تجربة حية ماثلة امام الاعين، في نجاح مقاومتها بل حتى انها ساهمت في إحياء جبهة المقاومة وإلهامها سواء في سوريا والعراق ولبنان.

والامر لا يقف عند هذا الحد، إذ ان موقف اوروبا المحرج بعد خروج اميركا من الاتفاق النووي، وفقدانها السيطرة على مخرجات الامور مع ايران، بعد ان نفذت الاخيرة تهديداتها بكل جدية في التقليص من التزاماتها النووية، الامر الذي بدأ بنسف كل الانجازات الاوروبية في إقناع ايران بالجلوس الى طاولة المفاوضات والقبول ببعض القيود النووية. كما ان اوروبا كانت تمني نفسها الحصول على فرص استثمارات مفتوحة في ايران، وجاء موقف ترامب بالخروج من الاتفاق، ليقتل هذه الامنيات. والآن يبدو ان اوروبا في موقف محرج فلا هي تتمكن من مخالفة اميركا صراحة، ولا هي يمكنها تلبية مطالب ايران. ولكن الوضع في ملفات اخرى، يشير الى نشوء مقاومة لدى بعض الدول الاوروبية تجاه الرغبة الاميركية في بعض الملفات بما فيها إعادة العلاقات مع روسيا، مثلما صرح الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في سانت بطرسبورغ حيث قال: "ندرك تماما اننا سمحنا لبعض نقاط سوء الفهم بالتأثير على علاقتنا المتبادلة" ويقصد بسوء الفهم قضية (اوكرانيا وسوريا وتركيا وايران)، واعتقد انه آن الأوان لرفع نقاط سوء الفهم هذه.

من جهتها فان المانيا ترى في التقارب مع روسيا منهجاً للوقوف امام الهيمنة الاميركية على القرار الاوربي، فكانت اللقاءات الاخيرة للمستشارة الالمانية والتصريحات التي اعقبتها لها مدلولات كبيرة في تغيير المواقف. والجميع يعلم ان المانيا وفرنسا تشكلان ضلعين من الترويكا الاوروبية، ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ستبقى قيادة الاتحاد بيد المانيا وفرنسا.

ان هذه المقاومة الدولية المشتركة آخذة بالاتساع، كما انها تشمل دولا اخرى قد تكون أصغر حجما أو اقل تأثيرا كسوريا ولبنان واليمن ولبنان حتى تركيا التي كانت تعتبر حليفا لأميركا. فلقد ضاق العالم ذرعا من العنجهية الأميركية خاصة ان العالم يشاهد ميلان شمس أميركا نحو الغروب، وبزوغ شمس او شموس جديدة في الأفق. فما على هذه الدول الا ان تشرك مساعيها والمسألة مسألة وقت حتى يتخلص العالم من البلطجة الاميركية.

رایکم
آخرالاخبار