
منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 ، تحولت ايران الى العدو رقم واحد لدى السعودية ، التي تناست حتى وجود الكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين ويغتصب اقدس مقدسات العرب والمسلمين، ولا يمر يوم الا ويقتل اطفال ونساء فلسطين ويبتلع ارضهم.
هذا الخوف لم ينحسر بعد مضي اربعين عاما فحسب ، بل ازداد وتحول الى خوف مزمن بعد وصول بن سلمان الى ولاية العهد ، وشاركتها فيه مؤخرا الامارات بعد ان اصبح بن زايد الحاكم الفعلي للامارات.
وصل هذا الخوف حدا ، ان ارتضى بن سلمان وبن زايد في الدخول في تحالف معلن مع “اسرائيل” ، لمواجهة “الخطر” الايراني ، وفتحا ابواب خزائنهما لامريكا لتنهب منها ما تشاء على امل ان تدخل امريكا و “اسرائيل” في حرب ضد “العدو الاوحد” ايران.
وصل هذا الخوف ايضا ان شنت السعودية والامارات عدوانا غاشما على الشعب اليمني الاعزل ومنذ ما يقارب الخمس سنوات ، ادخل اليمن في كارثة انسانية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا ، بذريعة ان اليمنيين لا يعادون ايران ولابد من معاقبتهم.
مازال العدوان العبثي على اليمن يحصد ارواح الابرياء ويدمر كل ما بناه اليمنيون منذ عقود ، امام صمت عار للمجتمع الدولي ، الذي ركن الى صمت المقابر ، للحفاظ على صفقات الاسلحة والدولار النفطي ، بينما استنزف العدول مئات المليارات من الدولارات من خزائن السعودية والامارات.
اليوم انخرطت السعودية والامارات وبشكل مباشر ، عندما رحبتا بالحرب الاقتصادية الجائرة التي تفرضها امريكا على ايران بهدف تجويع شعبها ودفعه للرضوخ للارادة الامريكية ، عبر محاولاتها تصفير صادرت النفط الايرانية ، حيث اعلنت السعودية والامارات انهما ستعوضان نقص امدادات النفط الايرااني ، دون ادراك الخطورة من هذا التصرف غير المسؤول والمتهور.
الملفت ان كل هذه الاجراءات السعودية الاماراتية تكبد البلدين ارقام فلكية تذهب مباشرة الى الخزينة الامريكية ، بمعنى لا مستفيد من هذا الخوف السعودي الاماراتي غير امريكا ، ماليا ، و”اسرائيل” بسبب تشتيت ثروات ومقدرات وامكانيات البلدان العربية والاسلامية واضعاف جيوشها والهاء شعوبها.
الملفت ايضا انه ومنذ اربعين عاما ، لم تشكل ايران اي تهديد للسعودية والامارات ، بل على العكس تماما كانت السعودية والامارات ، مصدر تهديد مباشر لايران ، بسبب انخراطهما وبشكل مباشر في كل الحروب والمؤامرات والضغوطات التي استهدفت ايران، فالسعودية الى جانب دول خليجية اخرى ، كانت من اهم داعمي الحرب الصدامية على الجمهورية الاسلامية في ايران ، على مدى ثماني سنوات ، بل هناك معلومات مؤكدة ، وباعتراف الدكتاتور العراقي المقبور صدام حسين ، ان السعودية وبعض دول الخليج كانت من اهم محرضي صدام لشن عدوانه على ايران ، ولكن مع انتهاء الحرب عفت ايران عما سلف ودخلت في علاقات طبيعية مع الددول الخليجية ، وبعد فشل صدام ، بدات السعودية ومن ثم الامارات على تحريض امريكا و “اسرائيل” للهجوم على ايران ، بإغرائهما بدفع كل تكاليف الهجوم ، وحتى في الدخول في تطبيع علني مع “اسرائيل” ، واليوم وعلى نقيض مواقف العالم كله ، شذت السعودية والامارات بدعم خروج ترامب من الاتفاق النووي ، ودعم حربه الاقتصادية العدوانية على الشعب الايراني.
الغريب ان زعماء السعودية والامارات ، رغم تخمة المستشارين الذين يحيطون بهم ، غابت عنهم معلومة في غاية البديهية ، وهي ان لا امريكا ولا “اسرائيل” لن تدخلا حربا نيابة عنهما ، وهذه المعلومة اثبتتها تجربة الاربعين عاما الماضية ، وكل ما يستطيعان فعله هو توريط حاكم غبي مثل صدام في مغامرة مع ايران ، او رفع منسوب تهديداتهما الجوفاء ضد ايران لحلب ما تبقى من مال من خزائن السعودية والامارات ، وهذه الحقيقة لا تبين حقيقة موقف امريكا و “اسرائيل” فقط ، بل حتى البلدان العربية والاسلامية التي فتح بن سلمان وبن زايد حسابات عديدة عليهما ، مثل تحالف العدوان على اليمن اوالناتو السني ، فكل هذه التحالفات لم تكن سوى حبر على حبر ، فلا يوجد بلد في العالم يرسل جنوده ليخدموا كمرتزقة لدى السعودية والامارات ، والسودان ليس الا استثناء من هذه القاعدة ، وما نشهده اليوم من انتفاضة على الطغمة العسكرية الحاكمة التي اذلت الجيش السوداني في العدوان على اليمن العربي المسلم ، الا بعض انعكاسات هذا الاذلال.
لا طريق امام السعودية والامارات الا طريق وضع ايديهما في اليد الايرانية الممدودة منذ اربعين عاما ، والكف عن خوض مغامرات تعود بالضرر لشعبي البلدين وشعوب المنطقة ، وتعود بالخير لاعداء الامتين العربية والاسلامية وفي مقدمتهم “اسرائيل، والتحرر من حالة الخوف المرضي الذي زرعته امريكا وبعض ضعاف النفوس ، فإيران كانت وستبقى ، اكبر واهم دولة اسلامية في الاقليم ، لم يسجل تاريخها الحديث ومنذ اكثر من قرنين ، ان اعتدت على جار ، او عرضت مصالح دولة ما للخطر ، رغم كل الاعتداءات التي تعرضت لها ، ومصالحها التي في معرض التهديد المستمر منذ اربعين عاما.
*شفقنا