۵۵۸مشاهدات
إذ أعلن روحاني قائلاً: «لا نريد اليوم الخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة. ينبغي لشعبنا بأسره والعالم أن يعرف أنَّ اليوم ليس نهاية خطة العمل الشاملة المشتركة».
رمز الخبر: ۴۱۲۹۹
تأريخ النشر: 15 May 2019

شبکة تابناک الاخبارية: كان قرار إيران بالانتقام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي حتميَّ الحدوث، طالما تم دفعها إلى أن صار ظهرها إلى الحائط. إذ مارست إيران «صبراً استراتيجياً» أثناء العام الماضي، على أمل أن تواجه الأطراف الأخرى في الاتفاق «تنمر» ترامب وتتحدى العقوبات الأمريكية إذا ظلت إيران ملتزمة بالكامل بالاتفاقية. أما الآن، فقد قررت اتخاذ استجابة موزونة بإيقاف الالتزام بجوانب من الاتفاقية التي تعوقها العقوبات الأمريكية الأخيرة ذاتها، لكنها تركت باب الدبلوماسية مفتوحاً.

تقول مجلة NewsWeeK الأمريكية، إنَّ خلفية قرار إيران نوع من سياسة حافة الهاوية الخطيرة على نحو لا يصدق من قبل كبار مسؤولي ترامب، ولا سيما مستشار الأمن القومي جون بولتون. ومع أنَّ إيران قد أبقت خيار خفض التصعيد، فيمكن للحرب أن تصبح أمراً واقعاً لو أبقى ترامب مستشاره بولتون في البيت الأبيض.

إيران.. باب الدبلوماسية ما زال مفتوحاً

والأمر الأكثر أهمية أنَّ المسؤولين الإيرانيين قد شددوا على أنَّ إجراءاتهم المضادة فيما يخص الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، الذي كان يعرف سابقاً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، قابلة للتراجع وأنَّ إيران لن تعجل بالصراع. وكان الرئيس الإيراني روحاني حريصاً على التصريح بأنَّ «قرار إيران لا يرقى إلى مستوى الانسحاب من الاتفاق، لكنه قرار مسموح به بموجب الاتفاقية»، لا سيما البند الذي ينص على أنَّ إيران سوف تعامل إعادة تقديم العقوبات أو إعادة فرضها «بوصفها أسباباً لإيقاف تنفيذ التزاماتها بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة كلياً أو جزئياً».

إذ أعلن روحاني قائلاً: «لا نريد اليوم الخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة. ينبغي لشعبنا بأسره والعالم أن يعرف أنَّ اليوم ليس نهاية خطة العمل الشاملة المشتركة».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي فيما يتعلق بقرار إيران الخاص بخطة العمل الشاملة المشتركة إنَّ نهج طهران يتركز على «الدبلوماسية» وإعطاء الطرف الآخر «فرصاً لتعويض أوجه القصور». كما صرح سفير إيران لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي بتصريح مشابه إذ قال: «إنَّ باب الدبلوماسية ليس موصداً. نعتقد أنَّ إيران سوف تتفاوض مع الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي وسوف يتعين علينا أن نرى نتائج هذه المفاوضات».

ومع ذلك، فبينما ترى إيران أنَّ قرارها بخصوص خطة العمل الشاملة المشتركة طريقة لبناء نفوذ للتوصل إلى صفقة، فيبدو أنَّ بولتون يخطط بلا انقطاع لإثارة صراع بين الولايات المتحدة وإيران.

بولتون عرّاب الحروب

وقد قاد بولتون، المناصر منذ أمد بعيد لتنفيذ ضربات عسكرية أمريكية ضد إيران، فرض عقوبات غير مسبوقة أحادية الجانب، بهدف القضاء على صادرات النفط الإيرانية، والتفاخر على نحو استفزازي بنشر حاملة طائرات هجومية في الخليج.

تقول المجلة الأمريكية، إنَّ تصرفات إيران الآن بخصوص خطة العمل الشاملة المشتركة تنذر بنقطة انفجار بين الولايات المتحدة وإيران، وها هنا تكمن المخاطرة بالنسبة لطهران. ذلك أنَّه عند التعامل مع ترامب بمبدأ العين بالعين، فسوف يضمن بولتون أن يكون التصعيد ذاتيَّ الدفع ويستحيل التراجع عنه. وبينما يبدو أن ترامب لا يريد الحرب، فقد يحرص بولتون على توريطه فيها.

وثمة دلائل على أنَّ ترامب يشعر بالإحباط من بولتون على نحو متزايد. إذ أوردت شبكة CNN أنَّ الرئيس «أخبر بعض الأصدقاء أنه لو نفذ ما يريد بولتون، لكان يخوض بالفعل حروباً في أماكن عديدة». وفي تجمع حاشد أوائل هذا الأسبوع في فلوريدا، صرح ترامب أيضاً أنه يأمل في «صفقة عادلة» مع إيران، مضيفاً: «نحن لا نسعى لإيذاء أي شخص. كل ما في الأمر أننا لا نريدهم أن يحصلوا على أسلحة نووية. هذا هو كل ما نريده». ويتعارض هذا التصريح الأخير مباشرة مع واقع سياسة ترامب بخصوص إيران، والتي يقودها بولتون بحسب جميع المصادر المتاحة.

تحريض بولتون يمكن أن يؤدي لنزاع كارثي

في واقع الأمر فإنَّ بولتون، أحد أكبر مهندسي حرب العراق، يحاكي دليل جورج دبليو بوش الذي أدى إلى ذلك الصراع الكارثي. إذ اتسمت استراتيجيته بخصوص إيران بالربط غير الدقيق بين إيران والقاعدة، معلناً بلا دليل أنَّ إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية، ومسيساً للتقييمات الاستخباراتية حول إيران. وقد كان التهديد الأخير لبولتون باستخدام «قوة لا تلين» ضد إيران مستنداً هو الآخر لمعلومات استخباراتية مبهمة بخصوص مؤامرة إيرانية مزعومة، ليزيد من احتمالات وقوع «تحذيرات كاذبة» على نمط ما جرى في حادث خليج تونكين (مدينة في شمال فيتنام) يمكن أن تؤدي إلى نزاع كارثي على مستوى المنطقة.

وبتحريض من بولتون فإنَّ الرئيس ترامب يستأنف الأزمة النووية الإيرانية بتهور وبلا داع. ولو كان ترامب مخلصاً حول سعيه لصفقة مع إيران، فقد ضلله بولتون بخصوص فعالية نهجه هذا الذي لا يؤدي إلا إلى نفي احتمالية التوصل إلى تسوية دبلوماسية. وقد أوضح المسؤولون الإيرانيون جاهزيتهم لتخفيض التصعيد وتفضيلهم البقاء في خطة العمل الشاملة المشتركة. والسؤال الكبير الآن ما إذا كان ترامب نفسه يريد حرباً أخرى كبيرة في الشرق الأوسط.

يصعب تخيل حرب أمريكية ضد إيران. فحتى الضربة العسكرية التدميرية المحدودة لها القدرة على إغراق رئاسة ترامب، كما حدث مع جيمي كارتر بعد فشل عملية مخلب النسر في إيران. ومن جهة أخرى، فإنَّ حملة لتدمير المنشآت النووية الإيرانية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد سوف تتطلب عملية عسكرية ضخمة ومن شأنها أن تؤدي إلى حرب شاملة مع إيران. وسوف يتعين على ترامب وحده أن يتلقى عقوبة هذا الصراع في 2020 لا جون بولتون. لكن طالما بقي بولتون في البيت الأبيض، فإنَّ خطر هذه الحرب لن ينفك يتزايد.

رایکم