۵۴۳مشاهدات
رمز الخبر: ۴۰۹۵۹
تأريخ النشر: 07 April 2019

أقل ما يمكن وصف المشهد الذي شهدته أروقة وزارة الدفاع الروسية يوم الخميس الفائت بأنه "مؤلم"، إذ لم نكن نعتقد ولا للحظة واحدة بأن القيادة الروسية ستقدّم إلى العدو الإسرائيلي هدية على طبق من ذهب ومن قلب سوريا، في الوقت الذي كان فيه هذا العدو يقصف دمشق وبقية المحافظات السورية على مدى ثماني سنوات مسبباً خسائر بشرية ومادية لا يمكن حصرها، حتى أن روسيا التي قدّمت رفات الجندي زخاري بوميل إلى "إسرائيل" في مشهد احتفالي "موجع" لم تسلم من العدوان الإسرائيلي الذي أسقط لها طائرة وقتل أكثر من 15 من كبار جنودها الخبراء في الأمن العسكري الروسي في سبتمبر الماضي، فلماذا أقدمت روسيا على هذا الفعل وعن ماذا تبحث وما هو المقابل لما قدمته موسكو أم إن الأخيرة تقدّم خدماتها بالمجان كرمة لعيون الصهاينة؟.

رفات بوميل تعود إلى الأراضي المحتلة

أقدمت روسيا عبر وزارة الدفاع يوم الخميس 4 نيسان/أبريل، بتسليم رفات الجندي الإسرائيلي زكريا باوميل، المفقود في معركة السلطان يعقوب في الحرب على لبنان عام 1982 إلى الكيان الإسرائيلي في مبنى وزارة الدفاع الروسية، وبرفقة رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف، حيث وضع نتنياهو زهوراً على نعش يفترض أنه يحتوي بقايا جثة الجندي الإسرائيلي.

رئيس الوزراء الإسرائيلي عبّر عن سعادته لتجاوب القيادة الروسية مع "إسرائيل" في استرجاع رفات الجنود الصهاينة، وشكر الرئيس بوتين على ما قدمه لإسرائيل قائلاً: " نحن ممتنون لكم لصداقتكم الشخصية وموقفكم وموقف روسيا التي تشارك هذه القيم (استعادة رفات المفقودين) مع إسرائيل"، وقبل مغادرته إلى روسيا، قال نتنياهو إن حراكاً دبلوماسياً وأمنياً دولياً أدارته حكومته تكلل بالنجاح تجسد باستعادة رفات الجندي المفقود، غير أنه امتنع عن الإدلاء بأي معلومات فيما إذا كانت لروسيا أو زيارته الحالية لموسكو أي علاقة باستعادة رفات الجندي.

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بدا سعيداً بهذا الحدث، قال: " (إننا) سعداء لأن بوميل سيحصل على مرتبة الشرف العسكرية... وهناك جانب إنساني لهذه الحالة، وهو أن عائلة الجندي ستكون قادرة على وضع الزهور على قبره"، وتابع قائلاً: "تم إجراء جميع الاختبارات الجينية، ولا تزال لدينا البقايا التي سنرسلها في وقت لاحق اليوم إلى إسرائيل، بحضورك، ووفقاً للتقاليد العسكرية"، وأضاف إن مهمة "البحث عن الرفات... كانت مهمة صعبة لمجموعة القوات الخاصة المعنية".

الأسباب والتداعيات

خرجت العديد من التحليلات حول الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو قبل أيام قليلة من بدء الانتخابات الإسرائيلية التي ستقام في يوم 9/4/2019 وستشهد منافسة قوية، خاصة وأن نتنياهو الذي يرشح نفسه لولاية خامسة يعاني من ضغوط كبيرة تتعلق بفشله في سوريا وملف غزة بالاضافة إلى قضايا الفساد التي تلاحقه والتي أثّرت على شعبيته ضمن الكيان الإسرائيلي، إلا أن الخطوتين الأخيرتين التي قام بهما كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، كانت بمثابة البلسم لجراح نتنياهو والضغوط التي يتعرض لها ويمكن أن تكون هدايا الرئيسين بمثابة كرت عبور إلى الفوز بالمرة الخامسة على التوالي، فبينما قام الأول بإعلان سيادة إسرائيل على الجولان قدم الثاني رفات الجندي الإسرائيلي إلى نتنياهو في أوج أزمته داخل "إسرائيل"، وما فعله الاثنان لا يخرج عن إطار دعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة، خاصة وأن الهدية الأخيرة سيكون لها وقع كبير على الشارع الإسرائيلي، واستطاع نتنياهو أن يستغل الحدث أفضل استغلال ليتوجه إلى الرأي العام الإسرائيلي بالقول: " أحسست بقشعريرة عندما علمت بأن زخاريا بات معنا مجدداً، وبأنه جرى التعرف إلى رفاته، وبأننا سنتمكن من دفنه".

الأمر الآخر هو أن روسيا حريصة على استمرار علاقتها مع "إسرائيل" بأفضل شكل ممكن، ويمكن القول هنا أن هناك مصلحة مشتركة، حيث إن روسيا تسعى لضبط الأمور في سوريا والحد من الهجمات الإسرائيلية على سوريا وإبعاد أي خطر قد يضر بمصالحها في سوريا والحفاظ على توازن معين في هذه العملية، أما "إسرائيل" فهي تبحث عن وسيط يمنع حركات المقاومة من قصف "إسرائيل" أو تعريضها للخطر، خاصة وأن الكيان الإسرائيلي منذ أكثر من 15 سنة وهو عاجز عن إيجاد حلّ لحركات المقاومة ومنعها من كسر شوكة "إسرائيل"، وهو يعلم جيداً أن هذه المقاومة قادرة على إنجاز ما عجزت عن إنجازه دول بأكملها كانت تدّعي العداء لإسرائيل، ومن وجهة نظر" إسرائيل" ليس هناك أفضل من روسيا لهذه المهمة، إلا أننا وبعد تسليم رفات الجندي الإسرائيلي قد نشهد تحولات جديدة في المنطقة خارج عباءة الروس.

روسيا حاولت خلط الأوراق في عملية تسليم الرفات ولمّحت إلى أن الجانب السوري كان شريكاً في عملية استعادة جثة الجندي الإسرائيلي زخاريا بوميل، إلا أن القيادة السورية نفت ذلك جملة وتفصيلاً، وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ، قد قال خلال استقباله رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو: إن "شركاءنا السوريين ساعدوا في العثور على رفات (الجندي الإسرائيلي القتيل) زخاريا بوميل".

لكن مصدراً إعلامياً سورياً أكد أنه "لا علم لسوريا بموضوع رفات الجندي الإسرائيلي"، معتبراً أن "ما جرى دليل جديد يؤكد تعاون المجموعات الإرهابية مع الموساد".

وشدد المصدر على أنه "ليس لدينا أي معلومات حول موضوع الرفات برمّته، ولا وجوده من عدمه".

صحيفة "رأي اليوم" ذكرت تفاصيل تؤكد الرواية السورية حيث أكد مصدر للصحيفة بأن قوات روسيّة تَضُم خُبراء، ومُجهّزة بمَعدّات حديثة ومُتقدّمة، وصلت إلى مخيّم اليرموك الفِلسطيني يوم 10 آذار (مارس) الماضي وطوّقته بعد أن أمَرت جميع القُوّات المُتواجدة فيه، والسوريّة على رأسها، الخُروج من المُخيّم، وتوجّهت إلى مقبرة الشهداء في المُخيّم وخرجت منها بعد خمسة أيّام حاملةً أكياساً يُعتقد أنها تحتوي على رُفات الجنديّ الإسرائيليّ.

المصدر: الوقت

رایکم