۴۵۴۱مشاهدات
رمز الخبر: ۳۹۳۵۶
تأريخ النشر: 22 October 2018

شبكة تابناک الاخبارية: توارث بنو أمية جيلاً بعد جيل الغدر والمكر والحقد والكراهية والعمل جاهدين على شق عصا المسلمين وتحريف وتزييف الدين الاسلامي الحنيف، والإجهاد والتخطيط في قتل الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأبن عمه ووصيه دون فصل الامام علي أمير المؤمنين (ع) وأولادهم المعصومين عليهم السلام وأنصارهم وأتباعه الميامين البررة واحداً بعد آخر بالسيف أوالسم أو في السجن طوال التاريخ، ليتعلم سلاطين العصر وطغاته وحكام الفسق والفجور والظلم والجور ذات الموروث في قتل المعارضين لهم بمختلف الطرق تحت يافطة الاغتيالات السياسية التي ملأت تاريخنا الاسلامي الدامي ضد الأمة الهداة والأولياء والصلحاء والمؤمنين البررة والعلماء العاملين ودعاة العدل والمساواة وحرية المعتقد خاصة في بلادنا العربية من العراق حتى اليمن ومن البحرين حتى المغرب، مروراً بسوريا ولبنان ومصر والاردن وغيرها من بلاد المسلمين وخارجها بقيادة السعودية وأخواتها وبترودولارها .

حوالي أربعة عشر قرناً تمر على الأمة الاسلامية ولا زال المؤرخون المتأثرون من قريب أو بعيد بتاريخ ودعايات وروايات بني أمية الطلقاء يظلمون الامام الحسن بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام والذي نعيش هذه الأيام ذكرى إستشهاده المؤلم المفجع، بخصوص "معاهدة الصلح" التي قامت بينه (ع) وبين الطليق أبن صاحبة الراية الحمراء "معاوية بن أبي سفيان" في 26 ربيع الأول سنة 41 للهجرة حقناً لدماء المسلمين ودفعاً للفرقة والنفاق والتشتت والانقسام وإندحار الرسالة النبوية الشريفة .

لقد مرت ظروف عصيبة على الأمة بنفاق ودجل وخيانة معاوية الفاسق الفاجر وعقله المدبر عمرو بن العاص، بعد اغتيال أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام بسيف القاسطين المارقين المنافقين الخارجين عن دين الله سبحانه وتعالى، حيث عمت الفوضى في وسط الأمة خاصة في العراق والحجاز لما آلت اليه ماكنة الاعلام الأموي المسموم والضال ما دفع بالكثير من أصحاب وأعداء الامام الحسن بن علي (ع) التخطيط والعمل على اغتياله إرضاءً لأبن هند آكلة الأكباد وبث الدعايات المسمومة والمغرضة مما أدى الى انقلاب الواقع والحقيقة وانتصار الشر على الخير كما هو مألوف لدى عرب الجاهلية والقبلية على مر السنين والقرون .

ولمثل هذه السباب أمرنا رسول الرحمة والمودة محمد الأمين (ص) والذي "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - سورة النجم الآية 3و4؛ أمرنا بـ"لعْنُ بني أمية" كما جاء في القرآن الكريم ذكر لعنهم " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس، والشجرةَ الملعونةَ في القرآن.." - سورة الإسراء الآية 60؛ حيث قال المفسرون ومنهم الكركي في رسائله:2/227 إن المراد بذلك هم بنو أمية كما جاء ايضاً في الخصال/398، وشرح الأخبار:2/535، والإحتجاج:1/409، وشرح النهج:6/290، والغدير: 10/82، وجمهرة خطب العرب:2/25وتفسير الطبري:1/169) ؛ لما رأه (ص) من هؤلاء الطلقاء من غدر خيانة وسيرهم على خطى "بني اسرائيل:" في النفاق والشقاق في عصى المسلمين وعدم تهاونهم من القتل والذبح لكل من يخالفه هواهم ورؤاهم ومخططاتهم .

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (في أصحابي اثنا عشر منافقاً فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم: الدبيلة، وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم)، جاء في (صحيح مسلم)4/2143 عن قيس بن عباد وفي (لسان العرب) أيضا:11/235: في (المعجم الكبير) للطبراني 19/359 وفي (الترغيب والترهيب) للحافظ المنذري4/144 وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء).

وصرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصحة هذا التعميم عندما لعن كل قادة الأحزاب وكل أتباعهم الى يوم القيامة ، ففي يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عيينة بن حصين بن بدر بغطفان ، فلعن رسول الله (ص) القادة والأتباع، والساقة الى يوم القيامة - جاء في الاحتجاج:1/401و409، والخصال/398، وشرح الأخبار:2/535، وشرح النهج:6/290، والغدير:10/82، وجمهرة خطب العرب:2/25 وتفسير الطبري:1/169). كما جاء في المحتضر للحلي/71، والمناقب والمثالب للقاضي النعمان/233: "روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أشرف يوم أحد على عسكر المشركين فقال: اللهم العن القادة والأتباع، فأما الأتباع فإن الله يتوب على من يشاء منهم ، وأما القادة والرؤوس فليس منهم نجيب ولا ناج ومن القادة يومئذ أبو سفيان ومعاوية".

أدرك الامام الحسن (ع) أبعاد المؤامرة وكشف الجواسيس، وأرسل الى "معاوية" يدعوه الى التخلّي عن انشقاقه وعصيانه ضد الخلافة الألهية التي نص وعهد بها الرسول (ص)، فرد أبن صاحبة الراية الحمراء "معاوية" برسالة جوابية رفض فيها مبايعة الامام الحسن (ع)، وتبادلت الرسائل بين الامام (ع) و"أبن هند" وتصاعد الموقف المتأزّم بينهما حتى وصل الى حالة إعلان الحرب.

الأمر الذي دفع بالامام الحسن (ع) ورغم كرهه لذلك بأن يسير بجيش كبير حتى نزل في موضع متقدم عرف ب”النخيلة” فنظم الجيش ورسم الخطط لقادة الفرق؛ ومن هناك أرسل طليعة عسكرية في مقدمة الجيش على رأسها "عبيد الله بن العباس" و"قيس بن سعد بن عبادة" كمساعد له؛ لكن مجريات الأمور والأحداث جرت خلاف المتوقع؛ وفوجىء الامام المجتبى (ع) بالمواقف المتخاذلة من انصاره وقادته والمقربين له، منها:

1- خيانة قائد الجيش "عبيد الله بن العباس" الذي التحق بركب "معاوية" لقاء رشوة تلقاها منه رغم أن الأخير كان قد قتل أثنين من أبنائه.

2- خيانة زعماء القبائل في الكوفة الذين أغدق عليهم معاوية الأموال الوفيرة فأعلنوا له الولاء والطاعة وعاهدوه على تسليم الإمام الحسن (ع) له.

3- قوّة جيش العدو في مقابل ضعف معنويات جيش الامام (ع) الذي كانت تستبد به المصالح المتضاربة.

4- الدعايات والاشاعات التي أخذت مأخذاً عظيماً في بلبلة وتشويش ذهنية المجتمع العراقي.

وأمام هذا الواقع الممزّق وجد الامام الحسن بن علي (ع) أن المصلحة العليا تقتضي عقد "معاهدة صلح" مع طاغية محتال "معاوية" حقناً للدماء وحفظاً لمصالح المسلمين والدين الاسلامي الحنيف، بشروط وضعها الامام عليه السلام حفاظاً على الأمة والدين الحنيف وشيعة ومحبي وأتباع أهل البيت (ع) وترك المسلمين يكتشفون ماهية "معاوية" الحقيقية بأنفسهم ليتسنى فيما بعد كشف الغطاء عن بني أمية الطلقاء وتقويض دعائم ملكهم.

فأقبل "عبد الله بن سامر" موفد طاغية الأمويين حاملاً ورقة ابيضاء مذيّلة بإمضاء "معاوي" وإعلانه القبول بكل شرط يشترطه الامام المجتبى (ع) وتمّ الإتفاق على وقف القتال حيث نصت " معاهدة الصلح" بما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

" هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان، صالحه على أن يسلّم اليه ولاية المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنّة رسول الله، وليس لمعاوية أن يعهد الى احد من بعده عهداً، على أنّ الناس آمنون حيث كانوا من ارض الله تعالى في شامهم ويمنهم وعراقهم وحجازهم. وعلى أنّ أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم حيث كانوا، وعلى معاوية بذلك عهد الله وميثاقه.

وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لاخيه الحسين ولا لاحد من اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غائلة سوء سرّاً وجهراً، ولا يخيف أحداً في أفق من الآفاق. شهد عليه بذلك فلان وفلان ، وكفى بالله شهيداً "( المدائني في شرح النهج ج 4 ص 8 ؛وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 194؛وابن كثير ج 8 ص 41؛ والاصابة ج 2 ص 12 و13؛ وابن قتيبة ص 150؛ وابن أبي الحديد ج 4 ص 15؛ والدينوري ص 200).

مسؤولية الامام الحسن (ع) كانت مهمة وصعبة جداً، أصعب بکثیر من مسؤولية الامام الحسين عليه السلام، وذلك لأن مسؤولية الإعداد أصعب من تفجير النهضة والقيام المسلح، لأن الشخص الذي يريد بناء وتربية جيل على المفاهيم الصحيحة، فمن دون شك وترديد لابد من أن يلاقي صعوبات عديدة، وربما يهان، كما أنه يحتاج الى برنامج منظم وزمان طويل ومخطط دقيق على المدى البعيد، والكوادر الصالحة والتقية والاحتياط من أجل المحافظة على هذا الجيل في حال الاعداد والبناء، وعوامل البقاء خلال عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر، وأخيراً فهو بحاجة للاستعداد الكامل لتحمل الكلمات الجارحة وأن يكون بعيداً عن كل مدح وثناء.

الأمة المغفلة الراضخة للغدر والخيانية ووبدلاً من الوقوف الى جانب الامام المفروض طاعته استناداً للقرآن الكريم " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ " سورة النساء الآية 59، وبما قاله الرسول الأعظم (ص) "الحسن والحسين عليهما السلام إمامان قاما أو قعدا" والذي جاء في كتاب علل الشرائع ج1ص248باب 159 والمناقب لإبن شهر آشوب ودعائم الإسلام والإرشاد للمفيد والبحار وكفاية الأثر وغيرها من مصادر الحديث؛ رموا الامام الحسن بن علي عليهما السلام ببغيهم واتهموه (ع) بأنه "مذل المؤمنين"!! مما جرح قلبه الشريف فرد عليهم بقوله:-

1- أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون انّهم لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي (الاحتجاج : ج2 ، ص20).

2- والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وأؤمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي ، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما ( المصدر السابق).

3- لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلاّ قُتِل(علل الشرائع : ص211).

4- والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميت(المصدر السابق).

5- والله ما سلّمت الأمر إليه إلاّ إنّي لم أجد أنصاراً ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه (علل الشرائع ص12).

6- لكنّي أردتُ صلاحكم وكفّ بعضكم عن بعض » وقوله في جواب حجر بن عدي : « وما فعلتُ ما فعلتُ إلاّ إبقاء عليك والله كلُّ يوم في شأن» (شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد : ج16 ، ص15).

7- ولكنّي خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً تشخب أوداجهم دماً، كلهم يستعدي الله فيم هريق دمُه (المصدر السابق).

8- علّة مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله (ص) لبني ضمرة و... أولئك كفّار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفروا بالتأويل(المصدر السابق).

رایکم
آخرالاخبار