۲۱۵۴مشاهدات
نظرة إلي موضوع الهجوم الذي شن على السفارة الايرانية في لندن؛
والمؤسف اننا شهدنا في بلدنا خلال العقود الماضية التعرض لحرمة العلماء والحوزويين المنتقدين أو المعارضين بمن فيهم بعض اسرة وبيوت الشيرازي.
رمز الخبر: ۳۷۹۲۴
تأريخ النشر: 13 March 2018

شبکة تابناک الاخبارية: کتب الدکتور ابوالفضل فاتح، خريج جامعة اكسفورد وباحث في الشؤون الدینة والإعلامیة في مقال له نشر في موقع شفقنا جاء فيها: ان التيارات الفقهية – الفكرية الرئيسية للتشيع نابعة من النجف الاشرف وقم المقدسة، وان القسم الأعظم من المجتمع الشيعي في العالم يتمركز في حدود هذين المركزين. وهذان الموقعان ومع كل التباينات في وجهات النظر لاسيما في تقديم تعريف عن الاسلام السياسي، يهتمان دائما بالا تتبدد المصلحة العامة للشيعة بسبب هذا التباين في الرؤى بين هذين المركزين. ان واحدا من المصالح الرئيسية لهذين المركزين وعلماء الدين الشيعة على وجه العموم، تتمثل على الدوام في صيانة وحماية ايران بوصفها أكبر بلد شيعي. وحتى ابان عهد الشاه حيث اثار موضوع “شاه الشيعة” تحفظات لدى الحوزة تجاه النظام السابق في ايران.

وفي مثال متاخر، وبالرغم من كل الضغوطات التي مارسها النظام البعثي الصدامي على حوزة النجف الاشرف واية الله العظمى الخوئي شخصيا للتنديد بايران ابان الحرب، لكن هذه الحوزة لم تتحدث ابدا في رفض او ادانة ايران ولم يتمكن احد ابدا من اتخاذ حوزة النجف كمستمسك لتبرير الهجوم والعدوان على ايران. وتبعا لهاتين الحوزتين، فان الشيعة ابدوا دعمهم وحمايتهم للجمهورية الاسلامية، وربما تسببت بعض السياسات التي اعتمدتها طهران في ممارسة الضغط على الشيعة في سائر البلدان لكن هؤلاء تحملوا بشجاعة، واختاروا الصمت حتى وان لم يكونوا مقتنعين وموافقين على سياسة ايران.

اننا نمر بظروف تحوّل فيها تخريب وتشويه صورة الاسلام وتغيير خارطة الشرق الاوسط وتقويض الفكر والارادة الاسلاميتين، الى هدف للقوى الدولية والصهيونية وللاسف بعض الحكام الجدد في المنطقة. ومع ذلك يجب الانتباه الى عدة نقاط:

قبول التعددية في العالم الثقافي الشيعي: ان الشيعة وبوصفهم اقلية تنادي بالحق في العالم الاسلامي ان ارادوا ان يبقوا اصحاب اثر فانهم بحاجة الى الاعتراف رسميا بمجتمعهم الكبير رغم كل التباينات الفكرية والثقافية طالما كان ذلك ممكنا ومعقولا ومشروعا. ان اهمية الوحدة في العالم الاسلامي تم التركيز عليها مرارا وتكرارا، كما ان الضرورة الاستراتيجية المتمثلة في التقارب في عالم التشيع وتحاشي تعميق الهوة بين الشيعة بحاجة الى تاكيد مضاعف.

وعلى مدى الف عام من تاريخ حوزة النجف الاشرف، لا يشاهد في مواقف واعمال كبار علماء الشيعة بدء من الشيخ الكليني وابن بابويه والشيخ الطوسي وصولا الى صاحب الجواهر والشيخ الانصاري والمتاخرين، لا يشاهد تكفير وتفسيق اصحاب وانصار النحل الاسلامية أو انه امر نادر جدا.

وفي الحقبة الاخيرة، فقد زاد هذا التوجه والتنوع الفقهي والفكري في حوزة النجف من فاعلية وحيوية هذه الحوزة ووفر مساحة كبيرة لتنامي الفكر والتفقه. وفي الوقت ذاته، ظهر اشخاص في هذه الحوزة او حوزات اخرى في العراق او بلدان اخرى، استغلوا هذه الاجواء المفتوحة وادعوا المرجعية واطلقوا كلاما هشا وحتى مناهضا للمرجعية العليا، لكن لم يقدم احد على سجنهم وفرض الاقامة الجبرية والمساس بهم.

وبوسع الجمهورية الاسلامية القبول بهذا التنوع والتعددية في قم بصورة اكثر جدية والا تمارس بالضرورة ضغطا على اي تباين في وجهات النظر أو الا تعتبره ينتمي الى دولة اجنبية. ويجب الانتباه الى ان الدوافع الرامية الى حماية وحفظ نظام الحكم والسلطة، لا يجب ان تمهد لنشاة تيارات ممنهجة للطرد والتكفير الحكومي والعنف الايديولوجي. وقد يكون هناك من لا يقبل باصول او مواقف نظام الحكم ، ويطلق بعض التصريحات، لكن ليس هناك ضرورة للتهديد واستخدام العنف والسجن احيانا.

والمهم ان يرضخ الجميع في التطبيق والعمل لسيادة القانون. فالدولة وبكل تلك الامكانات والمنابر لا يجب ان تقلق من ابداء وجهات النظر وهي قادرة على الرد من منبر اخر. وطبعا لا يجب ان يبادر احد الى الاساءة الى الاخر او تجاوز حدود القانون. مثلما ان ثمة اشخاص يؤيدون القيام ببعض الاساليب في مراسم العزاء مثل ضرب الرؤوس بالسيوف، ولا ينتمون الى اي دولة اجنبية. وقد شاهدت انا شخصيا في كربلاء المقدسة، الالوف ممن يضربون رؤسوهم بالسيوف في يوم عاشوراء ولا شك في حبهم لاهل البيت عليهم السلام. لكني لا اعتبر ان هذا الاسلوب مفيد للترويج للتشيع في عالم اليوم.

تحاشي بث الفرقة من على المنابر المغلظة: والمتوقع من المنابر التي تقدم نفسها على انها تعرف بالتيار الشيعي، ان تتمسك وتتقيد بتقاليد كبار مراجع الدين الشيعة وكذلك المصالح العليا لعالم التشيع. والمؤسف ان ثمة منابر تقدم نفسها على انها حريصة أو تابعة لاية الله السيد صادق الشيرازي أو ما يعرف بتيار الشيرازي، وتثير القضايا الخلافية “بين الشيعة والسنة” او “بين الشيعة والشيعة” باغلظ الادبيات الممكنة وتذكيها، وتروج في مجال الشعائر لاساليب من المستبعد ان تساعد في عالم اليوم على تقديم التشيع للعالم، بل قد تؤدي الى شبهات وشوائب وتتسبب باضرار جادة.

وجلي ان التاكيد في عالم اليوم على الاخلاق والمعارف الشيعية والشعائر والتقاليد المقبولة من لدن كبار مراجع الدين، له أثر أكثر بكثير من التركيز على اساليب مثل ضرب الرؤوس بالسيوف وما شابهها، او خوض قضايا وموضوعات خلافية مغلظة. والمتوقع من هذا التيار ان يعيد النظرفي قرائته وتفقهه تجاه العمق الاستراتيجي الشيعي، وان ينتبه الى المندسين، والا يغفل كيد ومكر الاعداء الاجانب للتشيع. ولا ننسى ان قم والنجف يعارضان بقوة اتخاذ اساليب مغلظة ومثيرة للخلاف.

التعرض لايران هو التعرض للعمق الاستراتيجي للتشيع: ان التعرض والاعتداء على السفارة الايرانية وانزال العلم الايراني هو اجراء لا يصدق ومرير للغاية ومدان ومستهجن وينبذه جميع الايرانيين ايا كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية ويتعارض بالتاكيد وتوجهات مراجع الدين والمجتمع الشيعي الكبير وهو ناتج عن غياب الدرك الصحيح للعمق الاستراتيجي للتشيع. ان من يعتدي باسم المذهب على العلم الايراني فانه يستهدف التشيع وايران معا. ومستبعد انهم لم يتكهنوا مدى بشاعة عملهم او مدى جرح مشاعر الشيعة على اثر هذا العمل الشنيع.

ومهما بلغت خلافات احد مع طهران في الراي، فمن المستبعد الا يدري بان العلم الايراني يمثل بالنسبة لجميع الايرانيين والشيعة، حريما ورمز هوية وقدسية. وانه صعب للغاية التصديق ان هؤلاء الاشخاص وبشعاراتهم المتطرفة والخاطئة اقدموا على هكذا اجراء مهين ومسئ لمجرد الاحتجاج على اعتقال السيد حسين الشيرازي. لقد كانت لهم اهداف واغراض وانتماءات ابعد من ذلك. والملفت ان هؤلاء يوجهون نظرتهم تجاه ايران ولا يوجهون انتقاداتهم للحكام الجائرين في المنطقة والظلم الذي يمارس ضد الشيعة في البلدان الاخرى ، وعندما ياتي بن سلمان الى لندن لا يبدون ردة فعل ولا يمرون حتى على مسافة عدة مئات من الامتار من السفارة السعودية. ان موقع واعتبار عامة الناس الذين يحضرون بسبب حبهم لاهل البيت عليهم السلام في المجالس والمحافل الدينية لهذا التيار أو ذاك، يختلف عن موقع وحساب هؤلاء البضعة اشخاص ومخططي هكذا مؤامرات دنيئة ضد وحدة ومصالح عالم التشيع ومنابره.

والمؤسف اننا شهدنا في بلدنا خلال العقود الماضية التعرض لحرمة العلماء والحوزويين المنتقدين أو المعارضين بمن فيهم بعض اسرة وبيوت الشيرازي. ان المصالح العليا لعالم التشيع بحاجة الى المزيد من التامل والتحفظ. فضلا عن انه لا يمكن تحميل الكل مسؤولية اخطاء البعض. والمؤمل الا تؤدي القضية الاخيرة الى تعرض جديد. وفي الوقت ذاته فان المتوقع من اية الله السيد صادق الشيرازي والحلقة المقربة منه ان يتخذ قولا وعملا موقفا صريحا وحازما وبدون اي شائبة تشوبه، من التعرض للسفارة والعلم الايرانيين وادبيات الكراهية التي تتبعها المنابر التي تدعي التبعيه له، وان يغلق الطريق على مثل هذه السلوكيات المتطرفة والانحرافية. ولا ننسى ان اي احد ليس منزها وبمناى عن الخطا والدوافع السياسية الخاصة. واليست المنابر والمجالس الشيعية يجب أن تكون زينة اهل البيت عليهم السلام؟ ان الاجراء الاخير يشكل تهديدا ضد المصالح المستقبلية ومستقبل الشيعة ويتطلب وعي الجميع. فالتشيع لا يجب ان يطعن من الظهر، وان ايران تمثل العمق الاستراتيجي للتشيع.

بقلم الدکتور ابوالفضل فاتح (خريج جامعة اكسفورد وباحث في الشؤون الدینة والإعلامیة)

رایکم