۲۱۰۲مشاهدات
رمز الخبر: ۳۷۷۲۳
تأريخ النشر: 19 February 2018

شبکة تابناک الاخبارية: عندما أغتيل الحاج عماد مغنية "الحاج رضوان"، تسائل كثيرون كيف ستنتقم المقاومة لأحد أبرز قاداتها؟ وهل سيكون الرد مجرّد عملية إنتقامية قد يكون مسرحها هنا أو هناك؟ أم أنّ لقادة المقاومة رأي آخر؟

كل متابع لمسيرة المقاومة الإسلامية في لبنان، ولإنجازاتها، يدرك تماما أن هذه المقاومة ليست مجرد مجموعة جهادية مقاتلة قد تعتمد سياسة رد الفعل دون حسابات مدروسة. هي مقاومة بنت وأسست لمنظومة دفاع كاملة، إنتقلت إلى مرحلة الفعل والتخطيط والتحضير. لعماد مغنية بصمة في كل مكان، في بنية المقاومة، في عملها الميداني، في سياساتها الإستراتيجية، في سلاحها، في أفاقها، في أبعادها المحلية والإقليمية وحتى الدولية. إنها بإختصار مدرسة عماد مغنية.

جاء إغتيال عماد مغنية في سياق «حرب مفتوحة» إشتدت منذ تموز 2006، ولكنها بدأت منذ ما قبل ذلك التاريخ بزمن طويل، على جميع الصعد، الأمنية منها خاصة. إلا أن اللافت أنه قبل أسابيع من إغتيال «الحاج» برزت مؤشرات عديدة تدل على إستنفار غربي (تحديدا على الصعيد الأميركي) إستعدادا لـ«حدث» ما في المنطقة، فيما تسابق المحللون والإعلاميون الإسرائيليون إلى التحذير من «إنتقام» حزب الله، حتى قبل أن يقول السيد نصر الله كلمته الأولى. وحصل الإغتيال، واليوم وبعد عشر سنوات على إغتياله، يلاحظ المراقبون أنّ الآمال والتوقّعات التي علّقتها إسرائيل على إغتيال الحاج ّعماد مغنية بإضعاف حزب الله وإنهاء حالة المقاومة، لم تُترجم حقيقة على الأرض، بل يعترف الكيان الصهيوني الذي خطط ونفذ بأدواته عملية الإغتيال، بأن حزب الله بات أقوى وأكثر تفوقا وبصيرة. يمكن من خلال متابعة وتحليل عمل المقاومة، إعتبار أن ما قدمه الشهيد للمقاومة في لبنان، ولحركات المقاومة في العالم، يشكل مرجعا تاريخيا ومدرسة تتعلم منها حركات المقاومة بشكل عام.

قدمت مدرسة الشهيد عماد مغنية نموذجا صادقا في التضحية والإصرار، إعتمادا على روح المقاومة والإلتزام بالقضية والهدف، كما الإصرار والثبات في العمل وفي الميدان وفي الموقف والموقع. إنه الإيمان بالله وبالقضية الفلسطينية التي كانت دوما البوصلة الحقيقية التي عمل عليها الشهيد ونسج من خلالها خيوط البناء لمدرسة جهادية حقيقية لم يعرف العدو مثلها على مر التاريخ. هي القضية الأساس في المواجهة للكيان الصهيوني، هي الأساس في إنطلاق العمل المقاوم.

من هنا جاءت فكرة الروح، الأساس الذي إطلق منه الشهيد مغنية في عمله المقاوم، الذي إعتبر أن وجودها أساسي في عمل كل مقاوم، لكي يستطيع الصمود والثبات للوصول لتحقيق الهدف. إنطلق الشهيد مغنية من رؤية واضحة،فيما قدمه من خطط وتكتيكات لمنهجية عمل المقاومة، مبنية على أنّ العدو متفوق عسكريا ويجب العمل على منهجية تلغي أو تعزل هذا التفوق. وضع الشهيد تكتيكات للتمويه والتخبئة والإستفادة من الأرض ومن حركتها لإضعاف قدرة العدو في المراقبة والرصد والتنصت.

هذه التكتيكات والمنهجية، أسهمت بشكل أساسي في إنجاح عمليات المقاومة قبل التحرير في 2000 وبعده، وفي حرب تموز 2006 واليوم في الحرب السورية حيث سطرت المقاومة وحلفائها ملاحم الإنتصارات ضد الجماعات التكفيرية.

لم تتوقف مدرسة العماد عند هذا الحد، بل دأب الشهيد مغنية على تمتين قدرات المقاومة من خلال تواصل إستراتيجي، حصلت المقاومة من خلاله على أسلحة وقدرات كاسرة للتوازن، فكانت تلك القدرات بمثابة القيمة المضافة التي أضيفت إلى ما تملكه المقاومة من إلتزام وروح مقاتلة وإصرار وثبات.

صنعت مدرسة الشهيد مغنية مقاومة مبنية على منهجية المواجهة وإستراتيجية التكتيك والردع. والأهم إنها باتت اليوم، وبعد التجربة الأخيرة في الحرب السورية قوة رادعة قادرة على إدارة القوة وضرب العدو في مقتل. بات هذا الهاجس يربك الكيان الصهيوني، بل يرعبه فهو يكتشف يوما بعد يوم أن إغتيال مغنية لم ينهي المقاومة ولم يضعفها، بل على العكس من ذلك تبين فيما بعد أن ميراث مغنية لم يمت وأنه قائم ومنتشر ويحقق إنتصارات. وصل الأمر ببعض الجنرالات في الكيان الصهيوني وبعد عشرة سنوات على إغتياله، للتسائل عن جدوى الإغتيال، الذي أصبح وبالا على وجود الكيان، ليس فقط لخوفه من إنتقام حزب الله لأحد أكبر قادته فحسب، بل لما باتت تحققه المقاومة من إنجازات وقدرات في إدارة الصراع، الأمر الذي يشكل ليس فقط خطر على أمن إسرائيل وإمتدادها، بل أكثر من ذلك، بات تهديدا حقيقيا لوجودها. لأن مغنية بإختصار أسّس لإنهاء إسرائيل ومحوها من الوجود.

رایکم