۷۶۷مشاهدات
وكتب مستخدم باسم تركي الشلهوب تغريدة: «بعد أن حرموه من أي تواصل مع عائلته.. الآن قرّروا توسيع دائرة القمع لتشمل أفراد أسرته».
رمز الخبر: ۳۶۶۶۳
تأريخ النشر: 28 October 2017
شبکة تابناک الاخبارية: استحدثت السلطات الأمنية – تحت ولاية ولي العهد محمد بن سلمان – وسائل جديدة لمحاصرة معارضيه السياسين، وعدد من الدعاة والشيوخ، خلافًا لما كانت عليه هذه الإجراءات خلال رئاسة «محمد بن نايف» للجهاز الأمني؛ كان آخر هذه الوسائل منع السلطات السعودية لأولاد الداعية السعودي سلمان العودة من مغادرة أراضيها.

يحاول التقرير رصد هذه الطريقة الجديدة وموقعها في تاريخ القمع الذي مورس داخل المملكة، وما إذا كان هذا التحول في هذه الطريقة يتعلق بالتماهي مع نظام مصر الأمني ومحاولة الاستفادة من وسائل أجهزتها الأمنية في التعامل مع المعارضين، خصوصًا في ظل ما ذكره المُغرد الشهير «مجتهد» عن استدعاء ولي العهد السعودي قيادات أمنية مصرية؛ تساعده في تأسيس نظام أمني مُحكم للمملكة.

ماذا حدث في سياسات المملكة الأمنية؟

تبدلت إجراءات المملكة القمعية التي أسستها لمنح شرعية الاستقرار للحُكم في بدايات عهد الشاب الثلاثيني «محمد بن سلمان» عما كانت عليه خلال إمساك ابن عمه الأكبر «محمد بن نايف» بقبضة وزارة الداخلية ذات السلطة الأهم آنذاك، والنفوذ المتشعب، الذي أتاح لها فعل كُل ما تريد: فهي تُمارس أشد صنوف التعذيب، وتُساوم معارضيها، وتعقد صفقات مع من تعتبرهم أدوات رئيسة لتثبيت شرعية حُكم المملكة.

التحول الذي يُشار إليه ليس في الانتقال من الديمقراطية إلى القمع، بل من قمع إلي قمع، ولكن الشيء الوحيد المُختلف هو نوعية هذه الإجراءات، وتبدُل الفئات ممن طالهم القمع.

تأسست سياسة محمد بن نايف، علي سحق مُعارضي استمرار «آل سعود» في الحُكم، عبر إجراءات طالت من هم داخل المملكة وخارجها، انتهت بخطف من هُم في الخارج، وقضاء عمرهم كاملًا داخل جدران سجون المملكة، مثل محمد الصقبعي، 85 عامًا، ووليد السناني، الذي قضى 22 سنة في المعتقل دون محاكمة، وعبد الكريم الحميد؛ وذلك بتهم تراوحت بين القيام بأفعال تهديد استقرار المملكة والإضرار بالأمن القومي.

وطالت إجراءات «ابن نايف» القمعية كذلك أمراء «آل سعود» المنشقين عن الأسرة الحاكمة، ومارسوا انتقادات واسعة لطريقة إدارة حُكم المملكة؛ حيث يُوثق الفيلم الوثائقي «أمراء آل سعود المخطوفين» التي أذاعته شبكة «بي بي سي» البريطانية، في شهر أغسطس (آب) الماضي، ملابسات اختفاء أمراء من العائلة المالكة السعودية، كانوا يعيشون في أوروبا، خلال إدارة «ابن نايف» لوزارة الداخلية، ويجمع أدلة وبراهين تشير إلى وقوع عمليات اختطاف وترحيل قسري لهم إثر انتقاد العائلة الحاكمة السعودية في الخارج.

تأسس البعد الثاني من سياسة محمد بن نايف الأمنية علي إنهاء فزاعة تنظيم القاعدة داخل وخارج المملكة، التي خصمت كثيرًا من نفوذ المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب هجوم 11 سبتمبر (أيلول)، وتورط عناصر سعودية في تنفيذه.

نجح «ابن نايف» في حصار العناصر التابعة لتنظيم القاعدة في المملكة، والانخراط بشكل فعلي في حصار كافة العناصر خارج المملكة أيضًا، وتعرض علي إثر هذه الجهود لمحاولة اغتيال من جانب عناصر تنظيم القاعدة في أغسطس (آب) 2009، بل سعى لإبراز دوره من خلال تأسيس «مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية»، الذي أُنشئ عام 2006، بتوجيه منه أيضًا، بهدف «إعادة تأهيل» عناصر التنظيمات المتشددة، و«تهيئتهم للاندماج التدريجي في المجتمع».

لم تقترب سياسة ابن نايف الأمنية من قمع الشخصيات ذات الميول الإسلامية؛ الذين كان يتودد لهم، مثل رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والشيخ صالح بن فوزان عضو لجنة الإفتاء، ويُثمن أدوارهم في خطبه الرسمية وزياراته الدائمة لهم بمقارهم، ويؤكد أن الدولة ليست خصمًا مع الدين، وأن كل شيء في هذا البلد يقوم على أسس من العقيدة الإسلامية، ساعيًا من وراء هذه السياسة المُهادنة إلى استخدام هؤلاء الدعاة ورموز الدين في إقناع الشعب السعودي المحافظ بسياسة المملكة، وتخفيف الاحتقان الشعبي.

يرتبط تقدير بن نايف للرموز الدينية ببعد براجماتي يتعلق باستقرار بنية نظام الحُكم؛ فهو يعتقد أن الصدام معهم سيؤدي – لا محالة – إلى الدخول في صراعات مع الرموز الاجتماعية لقبائل المملكة التي ينتسب لها هؤلاء الرموز، فضلًا عن تأثيرهم الكبير لدى أبناء هذه القبائل.

على عكس ابن عمه، ومنافسه السابق علي السلطة، كسر محمد بن سلمان تقاليد منظومة القمع التي وضع بذور تأسيسها «ابن نايف»، عبر سلسلة إجراء اعتقالات واسعة في حق شيوخ ومفكرين، مثل الداعية المعروف، الشيخ سلمان العودة، عوض القرني، وأيضًا، الدكتور علي العمري، وهو صاحب قنوات «فور شباب» ذات التوجه الديني الذي يُعبر عما يسميه الإسلام الحضاري، فضلًا عن اعتقال الداعية الدكتورة رقية المحارب، والدكتورة نورة السعد، وكلتاهما من ذوات التوجه الإسلامي المحافظ وتعملان أستاذين جامعيين.

وأطلق ولي العهد كذلك حملة اعتقالات واسعة في حق منتسبين للإخوان المسلمين داخل المملكة، بعد أن كانت الجماعة (السعوديون المنتسبون لها) وسيطًا مرغوبًا فيه دائمًا من جانب المملكة لإنهاء أي صراع قبلي داخل المملكة من خلال استخدام نفوذهم لدى القبائل، أو من خلال استخدام هذه الورقة في أية قضية إقليمية .

وامتدت موجة الاعتقالات إلى شخصيات غير إسلامية، ومغردين من المؤثرين على تويتر، مثل المحلل الاقتصادي عصام الزامل، والكاتب والمؤلف عبد الله المالكي، وقدرت مصادر عدد المُعتقلين من هذه المجموعات حوالي 20، والتي قد تصل خلال الفترة القادمة إلى 100.

في الواقع، تبدو خبرة الشاب الثلاثيني المحدودة الذي لم يترق داخل سُلم السلطة بشكل تدريجي كمحمد بن نايف، عاملًا واضحًا في هذا الانقلاب على سياسات «مهندس الأمن» داخل المملكة، ربما ستظهر تداعياتها في الأجل القريب على بنية استقرار المملكة، في نظر البعض.

«المنع من السفر».. هل سار «ابن سلمان» على نصائح مستشاريه المصريين؟

استحدث محمد بن سلمان، ضمن مساعيه لتأسيس منظومة القمع الجديدة، وسيلة المنع من السفر لأهالي من جرى اعتقالهم، وهي الوسيلة التي لم تُستخدم على مدار السنوات الماضية، خصوصًا حيال ذوي المعتقلين.

وانكشفت هذه الوسيلة بعد منع السلطات السعودية أولاد الداعية السعودي سلمان العودة من مغادرة السعودية، الأسبوع الماضي، حسبما أكد نجله الأكبر المتواجد في الخارج. عائلة العودة ليست الوحيدة التي تعرضت للمنع من السفر، حسبما أعلن حساب يُسمي «العهد الجديد» على «تويتر»، دأب على نشر تسريبات عن أروقة السلطة داخل المملكة، حيث أكد «أن أجهزة الأمن التابعة لابن سلمان تمنع سفر أهالي المعتقلين حتى الأطفال، كما منعت أيضًا جميع المشايخ والدعاة (حتى أولئك المسبحين بحمد النظام)»، وذلك بحسب التغريدة.

جمال خاشقجي السعودي، الذي كان مُقربًا من «آل سعود» تعرض هو الآخر للمنع من السفر على مدار شهور طويلة، قبل أن ينجح في مُغادرة المملكة بطريقة غير شرعية، تباينت التأويلات حول ماهية الطريقة؛ ما إذا كان خرج بضغوط بعض الأمراء ممن يتمتع معهم بصلة وثيقة أم عبر منافذ غير رسمية.

لن تبدو بالنسبة للبعض السياسة الجديدة لولي العهد الجديد، المتعلقة بالمنع من السفر وغيرها من السياسات الجديدة، منفصلة عن عما نشره المُغرد الشهير مجتهد علي حسابه بتويتر، والتي ذكر فيها استدعاء ولي العهد لمجموعة ضباط من أجهزة أمنية مصرية، كوسيلة لبناء منظومة أمنية مُحكمة، تُحقق استقرارًا لحُكمه، وتُنهي ماتبقي من منظومة ابن عمه التي لازال نفوذ بعض رجالاته نافذًا داخلها.

وتُعد سياسة المنع من السفر للمعارضين وعائلاتهم، هي ملمح من ملامح السياسة الأمنية في مصر في العامين الأخيرين، ويوضح تقرير صادر من مبادرة «دفتر أحوال» الحقوقية، أنه يوجد حوالي 185 حالة منع من السفر خلال خمس سنوات في الفترة بين 11 فبراير (شباط) 2011 إلى 20 فبراير (شباط) 2016، وتتصدر حالات المنع من السفر بسبب أنشطة سياسية وحقوقية ودينية القائمة بواقع 121 حالة، بينما يأتي المنع من السفر على ذمة قضايا (مع الضبط) في المرتبة الثانية بواقع 54 حالة، يليهما المنع من السفر على ذمة قضايا (دون ضبط) بواقع عشرة حالات.

كيف تفاعل السعوديون مع وسائل قمع ولي العهد تجاه الدعاة والشيوخ؟

على خلاف بعض الموضوعات أو القرارات التي تصدر من ملك السعودية، ويتجنب المواطن السعودي الحديث عنها، أو التفاعل معها؛ لأسباب تتعلق بالخوف من قمع أجهزة الأمن لهم، وجدت تغريدة النجل الأكبر لسلمان عودة بمنع عائلته وإخوته من السفر خارج البلاد تعاطفًا كبيرًا، وانزعاجًا من سياسات ولي العهد حيال الشيوخ والدعاة وعائلاتهم.

سلمان عودة يجلس مع أولاده.. مصدر الصورة :حساب النجل الأكبر لعودة علي تويتر

وكتب عبد الله العودة، المُقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، في تغريدة :« بكل أسف، خبر المنع من السفر صحيح لأخواتي وإخواني، وكان أيضًا غير مسبّب ولا موضّح.. فرج الله عن الجميع»، قبل أن يليها بتغريدة جديدة، كتب فيها:

«إخواني الصغار هؤلاء.. فقدوا أمهم في حادث قبل أشهر.. ثم اعتُقِل والدهم.. وهم الآن ممنوعون من السفر!»، وأرفقها بصور والده مع إخوته الصغار».

وتضامن مستخدم باسم وائل العنزي مع الداعية السعودى وعائلته، حيث كتب تغريدة: «فرج الله عليهم. وفك قيد أسيرهم»، وتفاعل حساب آخر باسم «الواثق بالله»: «حسبي الله ونعم الوكيل ما ذنب الأسرة والأطفال».

وكتب مستخدم باسم تركي الشلهوب تغريدة: «بعد أن حرموه من أي تواصل مع عائلته.. الآن قرّروا توسيع دائرة القمع لتشمل أفراد أسرته».

وكان المُغرد السعودي الشهير «مجتهد» على موقع تويتر، الذي يتابعه 1.88 مليون متابع، ذكر في مقابلة مع «موقع هاف بوست عربي»: «عقلية بن نايف الأمنية تقليدية تؤمن بالقمع الشديد والتعذيب والتغييب، لكن مع خداع الشعب. كان ذلك يتم عبر احترام الرموز الدينية التي تحرص على مراعاة السلطة ومجاملة الرموز الاجتماعية القبلية وتحاشي الصدام المعلن مع الحركات، الإسلامية».

النهایة
رایکم