۶۷۴مشاهدات
رمز الخبر: ۳۵۴۷
تأريخ النشر: 07 March 2011
شبکة تابناک الأخبارية: يختلف الخبراء والمراقبون والمستشارون بشأن الجهات والأجهزة والوسائل والطرق التي أسقطت الأنظمة المستبدة وأجبرت حكام مستبدين مثل بن علي (تونس) و حسني مبارك (مصر) التخلي عن الرئاسة و الهروب من غضب الجماهير.

نظام القذافي الذي حكم ليبيا بقوة السلاح والقمع و الإرهاب اكثر من أربعة عقود وتصور انه سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه وسوف تخلد ذكراه لقرون قادمة و على أعتاب سقوط نظامه و اندثاره الى الأبد اتهم أجهزة إعلام مناوئة لاسيما قناة الجزيرة القطرية من انها وراء زعزعة قدرته و ان أنصاره ظلوا يهتفون " يا جزيرة يا حقيرة، الرئيس مانبو غيره!"

و حتى ان نجل القذافي انفق في يوم واحد مئات ملايين الدولارات لشراء ذمم أجهزة إعلام عربية وعالمية لتحسين صورة نظام أبيه القمعي دون جدوى.

أنظمة عربية نفطية لاتزال تتصور من ان مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك و توتير و يوتيوب" وراء إسقاط نظام مبارك و تهديد هذه الأنظمة بالسقوط وحتى ان صحف أمريكية كشفت النقاب مؤخراً من ان ملك النظام السعودي اقترح دفع 150 مليار دولار لشراء موقع "فيس بوك" و منع التواصل الاجتماعي و السياسي بين أبناء الجزيرة العربية و إبعاد اي تهديد لزعزعة الأنظمة النفطية التي حكمت شعوبها بقرارات بريطانية و أمريكية سافرة بعد اكتشاف النفط في المنطقة و تحويل قطاع الطرق و زعماء القبائل البدوية الى ملوك و أمراء و حكام على اهمد دول في منطقة في الشرق الأوسط دون إرادة من كافة شعوب المنطقة .

و في تونس لازال المعارضون و المحتجون يعتقدون من ان ظاهرة الاعتراض الشعبي و إحراق الشاب الشهيد محمد البوعزيزي نفسه وراء اندلاع انتفاضة تونس و ما تبعها من انتفاضات لازالت تجتاح معظم الدول العربية ، و ان موقع "يوتيوب" لعب دوراً بارزاً في عرض و نشر الجرائم البشعة التي ارتكبها نظام بن علي ضد الشعب التونسي.

و في الأردن تعتقد أجهزة النظام الملكي من ان جماعة "الإخوان المسلمين" وراء اندلاع الاعتراضات الخجولة التي تنطلق كل شهر مرة واحدة على ابعد تقدير و يطلق فيها المشاركون و المحتجون الشعارات والهتافات ضد الوزراء والمسئولين فقط و يشيدون من شدة هلعهم و خوفهم دوما بالملك الشاب ويؤكدون انه على رأس أسياد زعماء المعارضة في الأردن و رمزها المدعو ليث شبيلات!.

و في دول اخرى مثل البحرين يزعم البعض من ان سبب المعضلة هو رئيس الوزراء فقط و لابد من إسقاط الحكومة دون الإساءة لموقع و مكانة ملك جزيرة البحرين.

و في العراق و دول زعم المسئولون من ان "الإرهابيين" وراء الاعتراضات التي اندلعت على خلفية شيوع الفقر و الحرمان والطائفية و عدم كفاءة بعض المسئولين وتفشي الغلاء والرشوة الفساد وزيادة عدد ناهبي أموال الدولة والشعب و انعدام كامل لكافة الخدمات الحكومية مثل الماء والسكن والعيش الكريم وهي الخدمات التي كانت قائمة و مهيأة للناس قبل عدة آلاف عام ومنقوشة على جداريات كافة الإمبراطوريات والحضارات التي كانت قائمة في المنطقة لاسيما في العراق بلد المدنية و الحضارة والتاريخ العريق.

و في اليمن اتهم نظام علي عبد الله صالح القمعي والبوليسي و الطائفي ما وصفهم المنشقين والخارجين عن القانون للسعي للإطاحة بنظامه و قال بالحرف الواحد : ان دولاً في المنطقة لها اجندة و مصالح خفية للإطاحة بنظامي الديمقراطي!.  

و منعاً لاندلاع انتفاضات و ثورات في دول أخرى مثل سوريا والجزائر و المغرب و معظم الدول العربية والإسلامية، أقدمت الأنظمة الحاكمة في هذه الدول و خشية على عروشها و مصالحها الفئوية قطع او تقليص الإنترنت وإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي و بث التشويش المصحوب بأشعة مسرطنة على القنوات الفضائية فيما اتهمت أجهزة إعلام حكومية ما أسمتها بالمعارضة المناوئة في الخارج على تحريض الرأي العام للقيام بانتفاضات جماهيرية للإطاحة بالأنظمة، و شملت مثل هذه الاتهامات ايضاً دولاً و جهات أجنبية مثل أمريكا و بريطانيا و إسرائيل بالتآمر على دول في المنطقة لتهديدها و إشعال نار الثورات الشعبية ضدها،كما قال الطاغية في اليمن من ان الانتفاضات الجماهيرية التي شهدتها الدول العربية تم التخطيط لها في البيت الأبيض الأمريكي و نفذها الموساد الإسرائيلي!.

و على هذا الأساس يمكن تلخيص الجهات و الوسائل المسئولة عن انتفاضات المنطقة كالتالي:

ـ الاعتراض على الفقر وإحراق النفس و الانتحار الفردي لإيصال رسالة الى المسئولين

- الإنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك"

- جهات مناوئة او دول أجنبية معادية.

- أجهزة إعلام إقليمية و دولية و خاصة الفضائيات.

- أحزاب داخلية او شخصيات و تجمعات في الخارج خاصة في أوروبا و أمريكا.

و من اجل إيضاح صحة او سقم مثل هذه الادعاءات و التفاسير المطروحة بشأن دوافع و أسباب اندلاع الانتفاضات في المنطقة، نبدأ من الأحزاب الداخلية والشخصيات المناوئة في خارج البلاد و نقول: ان هذه الأحزاب و منذ عقود مضت كانت موجودة على الساحة على شكل حالتين، اما انها مهمشة وملاحقة ومحدودة النشاط السياسي والاجتماعي او انها كانت تساوم الأنظمة و تدافع عنها بهدف الحصول على مزايا و إمكانيات لها و معظم هذه الأحزاب لم تشارك اساساً في اي من الانتفاضات التي اندلعت في دول المنطقة بل التحقت بحركة الشعوب بعد ايام من بدأ الاعتراضات وبعض من هذه الأحزاب كانت تساوم رأس النظام حتى آخر لحظة من حياته كما رأينا كيف هرول قادة الأحزاب المصرية لتبويس و لعق حذاء نائب الرئيس عمر سليمان للحصول على فرص في عمليات نهب ما تبقى من أموال الدولة و النظام، و لكن كان الوضع مختلفاً تماماً في البحرين حيث ساهمت الأحزاب و التجمعات الدينية السياسية والاجتماعية في تنظيم الاعتراضات و رفض المساومة مع النظام الحاكم و الإصرار على مطالب و إرادة غالبية الشعب.

و عليه يمكن القول من ان كل دولة لها ظروفها الخاصة و أحزابها السياسية الفاعلة او المساومة و ان هذه الأحزاب قد تساهم في تفعيل الاعتراضات الجماهيرية، و قد تقف عثرة في طريق نجاح الانتفاضات من خلال المساومة مع الأنظمة المستبدة.

اما بشأن الشخصيات السياسية المعارضة للنظام في الخارج و أكثرها عادة مستقرة في أوروبا وأمريكا، فهذه الشخصيات ايضاً يمكن تقسيمها الى فاعلة او مستغلة للانتفاضات الشعبية في دول المنطقة، فبعض منها قد ساهم اعلامياً و سياسياً و ربما مادياً ايضاً في تحشيد الدعم اللازم للاعتراضات الجماهيرية التي حدثت في العديد من الدول العربية الأخيرة في الأسابيع الماضية الا ان غالبية ما تبقى من هذه الشخصيات هي استغلالية و هامشية و مواقفها و تصريحاتها تبعث على السخرية والاستهزاء خاصة ما يتعلق باللقاءات و التصريحات التي تجري و يدلي بها هؤلاء مع القنوات الفضائية التي لا تعد و لا تحصى هذه الأيام، فمثلاً يسأل المحاور لقناة إخبارية المسئول الحزب الفلاني او المعارض العلاني عن آخر التقارير عن الوضع في مصر او ليبيا او اليمن او اية دولة شهدت و تشهد اعتراضات جماهيرية ، فيرد هذا المسئول الحزبي او المعارض الفلاني بقوله المثير للسخرية وهو جالس في لندن او واشنطن و وراؤه صورة ساعة ( بك بن) او البيت الأبيض و يقول: نعم نحن الان نخوض مواجهات ومعارك عنيفة مع قوات النظام..!. و ينعق معارض آخر: الشعب يسير وراءنا و نحن في مقدمة المحتجين!، و معارض آخر ينهق : انها ثورتنا.. انها انتفاضتنا.. انها حركتنا التي أشعلت نار غضب الجماهير في ارض ..!.

اما فيما يتعلق بأجهزة الإعلام الدولية و الإقليمية و لاسيما الفضائيات ، فقطعاً دورها كان بارزاً و مشهودا في اي انتفاضة حدثت حتى الان، و لكن من المؤسف جداً ان معظم هذه الفضائيات ليست مهنية و ليست حيادية و كانت و لازالت تطبق شبه مؤامرة او شبه خطة لانجاح بعض الاجندات السياسية، فمثلاً ركزت هذه الفضائيات و بشكل منظم ومدروس ومشترك على الانتفاضات في تونس و مصر و ليبيا وهمشت الحركة الجماهيرية في اليمن و تجاهلت بالكامل الاعتراضات الشعبية في البحرين والأردن وكافة الدول الأخرى التي شهدت اعتراضات واسعة النطاق او حركات جماهيرية لو تم تسليط الأضواء الإعلامية عليها لتحولت الى انتفاضات عارمة في غضون عدة ايام فقط.

بالتأكيد انه ليس من حقنا محاسبة القنوات الفضائية على تقصيرها في التعامل غير السوي و غير الحيادي والانتقائي المتعمد مع انتفاضات الشعوب لان الأطراف التي تديرها لها مصالحها السياسية و الإعلامية الخاصة بها، و لكن من واجبنا تقديم اقتراحات لسائر الفضائيات الأخرى التي على الأقل مدافعة عن كافة الانتفاضات او انها مستقلة كما تزعم ان تبادر برفع كفاءة كوادرها الصحفية والإعلامية وان تنشط من أخبارها و تقاريرها و تغطيتها للأحداث الساخنة و ليس ان تعرض لنا هذه الفضائيات و في غمرة تصاعد تطورات الانتفاضات الجماهيرية، المسلسلات العربية المملة او البرامج العادية والإعلانات عن الحفاظات و الشامبو مزيل الشعر عن الأماكن الحساسة!.

و مع هذا نؤكد للجميع من دور جميع الفضائيات في الانتفاضات ليس دوراً مصيرياً او حاسماً لان بعض الأنظمة المستبدة نجحت لفترة زمنية مع قطع بث هذه الفضائيات او مارست عليها التشويش المركز الا ان الانتفاضات و الاعتراضات لم تتوقف بل استمرت و اتسعت و نجحت في نيل أهدافها و لو بتأخير عدة ايام و أسابيع و المهم ان هذه الانتفاضات قد استطاعت مواجهة الأنظمة المستبدة و إيصال صوتها الى الداخل و الخارج حتى دون مساعدة او تركيز إعلامي من الفضائيات المغرضة او الانتقائية في نقل الأحداث و التطورات، وفيما يتعلق بالجهات المناوئة او الدول الأجنبية المعادية فقطعاً هذه الجهات و الدول تقف مهما كانت و حصل ضد إرادة الشعوب وتعادي الانتفاضات و الثورات الجماهيرية، و من السخرية جداً نرى و نسمع مثلاً ان إدارة البيت الأبيض (اوباما) او دول أوروبية تدافع عن انتفاضات بعض الشعوب و تدين عملاءها السابقين كما رأينا إزاء التطورات في مصر و تونس وليبيا ودول اخرى، و سبب ذلك بسيط جداً و هو ان الدول الأجنبية وعندما ترى و تدرك ان سفينة نظام عميلها باتت على وشك الغرق و ان الزعيم او الرئيس في الدولة التي تتعرض لانتفاضة جارفة صار وسط العاصفة الهوجاء و انه سيندثر قريبا في مستنقع مزبلة التاريخ ، تسارع الدول الأجنبية الى تغيير موقفها والتشدق بأنها تدافع عن حقوق الشعوب المنتفضة بل و تعرض ايضاً المساعدة و الدعم الشامل للإجهاز على ما تبقى من أركان النظام المستبد و تتباكى زيفاً عن انتهاك حقوق الإنسان و ضياع إرادة الشعوب في حين ان تلك الدول و حتى الأمس القريب لم تكن تكترث لا بحقوق الإنسان و لا بإرادة الشعوب و لا بدماء ضحايا الانتفاضات الأبرياء بل كان و لازال  هدفها ومبغاها هو الدفاع عن مصالحها ونهب النفط و العائدات الأخرى التي تسرقها علانية من الشعوب و بيع الأنظمة الفاسدة و الطاغية شتى أسلحة قمع و دمار و قتل المزيد من المواطنين والمعارضين .

اما فيما يخص الإنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي فقد أثبتت فاعليتها فقط في الدول التي لا تفرض فلترة شاملة على الإنترنت و الأنظمة التي ترى العلم و التقدم و نضج فكر المواطنين اكبر خطر يهدد كيانها و سلطتها الفاسدة والمتخلفة و عمل المواطنون على مواجهة القيود المفروضة على الإنترنت بشتى الطرق والأساليب لإيصال صوتهم للداخل و الخارج، ومع هذا فقد استطاعت الشعوب التي تريد الحياة الكريمة و نبذ الذل والحفاظ على الكرامة و الدفاع عن حقوقها و مكافحة الفساد في السلطة منع الأنظمة المستبدة من الاستمرار باحتكار السلطة و إجبار كافة المسئولين القبول بالمساواة مع ابسط أبناء الشعب و تحسين الوضع الاجتماعي و المعيشي والحيلولة دون تمكن اي حكومة من إذلال شعبها بواسطة رفع أسعار الخدمات الحكومية و المواد الغذائية و ضرورة ان يكون لجميع المواطنين تامين صحي و اجتماعي لمدى الحياة و القبول بمشاركة المؤسسات المدنية في تقرير مصير الدولة و إلزام كافة القوى العسكرية والأمنية بعدم التدخل في اي من السلطات التلوث و نشر حرية الصحافة و الإعلام و الدفاع عن حقوق الإنسان و مساواة المرأة و الرجل أمام القانون وعدم تقسيم أبناء الشعب الواحد الى موالين ومعارضين للسلطة وضرورة توزيع عائدات البلاد و الثروات بشكل عادل على الجميع دون تمييز او تفضيل فئة خاصة على كافة أبناء الشعب، استطاعت الجماهير المنتفضة و سوف تتمكن سائر الشعوب الأخرى من تحقيق الكثير من أهدافها المرجوة و جعل الحكام و الزعماء و كافة أمام مفترق طريقين لا غيرهما، اما ان يختاروا الانصياع لارادة و مطالب الجماهير فورا او يتم ضربهم بالحجارة و سحقهم بالأحذية، و إلقاؤهم في مزبلة التاريخ.
رایکم