۷۶۶مشاهدات
محمد جواد ظريف:
وإذا لم نكسر هذه السلسلة، فإنما سنترك هذه المسؤولية الخطيرة لأبنائنا وأحفادنا.. وعلينا ان نكون جيلا يتعلم من التاريخ لا الجيل المحكوم بتكراره.
رمز الخبر: ۳۵۲۰۸
تأريخ النشر: 27 May 2017
شبکة تابناک الاخبارية: انتقد وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية صفقة التسلح الضخمة بين الرياض وواشنطن، مؤكدا أن شراء الاسلحة المتطورة لن تجلب السلام للشرق الاوسط.

وفي مقال له نشرته صحيفة نيويورك تايمز الاميركية، كتب محمد جواد ظريف: تزامنا مع التوقيع على الصفقات التسليحية بين ترامب وعائلة آل سعود المالكة، كانت ايران تقيم احتفالات بعد انتخابات صعبية وطويلة.

وجاء في المقال: وفيما كان السيد ترامب وبعد التوقيع على الصفقة التسليحية التاريخية، ضيفا في قصور العائلة السعودية المالكة، كان الشعب الايراني يحتفل بنتيجة انتخابات حقيقية ومثيرة للتحدي.. الانتخابات التي جسدت عزم الناخبين الايرانيين على ماصلة مسار الاعتدال والتعامل بناء على الاحترام المتبادل؛ المسار التي سهّل التوصل الى الاتفاق النووي في 2015.
يتبع..
..........

اضافة اولى واخيرة
فإذا كان نجاح الأساليب آنفة الذكر معيارا للنجاح في المستقبل، فإن 110 مليارات دولار اخرى للسلاح لن تخفف عبئا من النفقات الاضافية عن كاهل واشنطن، ولن يساعد في توفير الامن طويل الامد للسعودي – خلافا لما تدعي الخارجية الاميركية -. لقد كانت المرة الاخيرة التي أنفق فيها السعوديون مبلغا بهذه الضخامة، كان بدفعهم اكثر من 70 مليار دولار لصدام حسين لتسليحه في عدوانه على ايران خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي: ولكن انظروا ماذا كانت نتيجة هذا الاجراء للعالم ولهم.

لذلك، وفي افضل الحالات، فإن ترامب مشغول بابتزاز جيراننا السعوديين وشفط أموالهم، وذلك في الواقع من الاموال التي لا يمكنهم دفعها حقا. وفي أسوأ الحالات ايضا، فإنه سيحول اميركا الى عميل للسعوديين في الشرق الاوسط – وسيتحض قبح هذه الحالة في وقت عندما نعلم ان 15 من مختطفي الطائرة الذين نفذوا هجمات 11 ايلول/سبتمبر كانوا من الرعايا السعوديين -. ويتضح ايضا من قمع السلطات السعودية لشعبها بالضبط قبل زيارة ترامب وكذلك الهجوم الوحشي للنظام البحريني على الاهالي المعتصمين في هذا البلد إثر هذه الزيارة، أن الحكام المستبدين في المنطقة شعروا بأنهم تسلموا صكا على بياض من ليقمعوا جميع ما تبقى من الاحتجاجات السلمية. وبعبارة اخرى فإن احداث سيئة للغاية تقع حاليا في هذا الجانب من العالم.

ومن اجل الحيلولة جون اتساع نطاق مصيبة الارهاب والتطرف العنيف، على القادة المسؤولين في عواصم المنطقة وسائر دول العالم ان يبادروا فورا لاتخاذ خطوات جادة لمواجهة هذه الاخطار المحدقة. وبغض النظر عن رقصات السيوف والولائم الرسمية، فإن هناك تناقضات أساسية في المنطقة ولابد من معالجتها.

ففي اليمن، تعجم السعودية على "انصارالله" (الحوثيين) التي أثبتت جدارتها كأقوى قوة لمواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي تعد أسوأ تنظيم عالمي للارهاب في الوقت الحاضر. وفيما يصف الداعمون الغربيون للتحالف بقيادة السعودية، أنه بدافع دعم الديمقراطية، لكن هذا المفهوم ذاته لا يحظى بكثير من المؤيدين لا في الرياض ولا لدى سائر حلفاء اميركا العرب.

ومن المؤسف تتكرر نفس مأساة اليمن في سوريا. فهناك ايضا قوات تقف في الخط الاول لمواجهة المتطرفين الوهابيين، وتزامنا مع ذلك يتم تهديدها من قبل سياسة ضد الارهاب لدى الغرب، تلك السياسة التي غالبا ما تنتقي اصدقاءها واعداءها حسب المزاج.

دعوني اقولها بشكل أوضح: انما ما وصفه ترامب "الكم الهائل من المعدات العسكرية الجميلة" لن تتمكن من شفط الماء الآسن للارهاب والتطرف العدواني الذي أوجدوه. فلا السلاسل الذهبية ولا البلورات المضيئة يمكنها ان تقدم حليا سحريا للتحريات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشكل جذور الارهاب. فالشيء الوحيد الذي سيكون مؤثرا يتمثل في الجهود الحقيقية لإطلاق تعامل شامل بين القوى الاقليمية بناء على اساس سياسة التعايش السلمي وتقبل عدم جدوى الحلول العسكرية. هذا في حين ان السعودية تنفق الملايين بلا حساب لترويج التخويف من ايران (ايرانوفوبيا)، لتحرف الاذهان عن صادراتها العالمية اي الوهابية – التي تعتبر الايديولوجية المتطرفة الأم للقاعدة وداعش وأي تنظيم ارهابي آخر مدمر بدءا من كراتشي ووصولا الى منشستر – بينما ايران في الحقيقة تقدم العون لضحايا التطرف في العراق وسوريا. ايران وضمن بذلها العون للحفاظ على بغداد ودمشق من سيطرة داعش، فإنها تدعم بشكل فاعل الحل السياسي للأزمات في هذين البلدين.

وفي عام 2013 قدمت اقتراحا لهدنة فورية ومبادرة لإنهاء الحرب في سوريا. فقد كانت السعودية ولفترة اكثر من عامين ترفض هذه الحقيقة بأن الصراع في سوريا لا حل عسكريا له، وذلك لتوهمها انها قادرة على جر اميركا الى الحرب، وبذلك سينتصر عملاؤها المتطرفين في ساحة الحرب. وبعد سقوط العديد من الارواح، وأخيرا أصبحت مبادرتنا بشأن سوريا أساس للقرار 2254 في مجلس الامن الدولي.

ومؤخرا تمكنت مبادرة منصة الحوار التي أقرت من قبل ايران وتركيا وروسيا، ورغم انها ليست مثالية، تمكنت ان تكون آلية مؤثرة لخفض التوتر. ان الدبلوماسية الثنائية تجاه سوريا، والتي تنخفض فيها حدة الصراع وتزداد الجهود المضادة للعنف، توفر صيغة معتبرة ايضا لحل التناقضات الاخرى في المنطقة.

ومنذ اندلاع الصراعات في اليمن قبل اكثر من سنتين، قدمت ايران مبادرة من اربع مواد لإنهاء الحرب التي شنتها السعودية وتحدثت بغرور كاذب أنها ستحقق الانتصار فيها خلال اسبوعين. وتضمن مقترح ايران وقفا فوريا لإطلاق النار، وإرسال المساعدات الانسانية بسرعة، ودعم المحادثات بين المكونات اليمنية، ومساعدة اليمنيين على تشكيل حكومة شاملة للوحدة الوطنية بدعم من الجيران.

إن وجود 7 ملايين يمني على حافة المجاعة الناجمة عن تدخل إنساني، وتشرد نصف السكان في سوريا تقريبا، يبين لنا ان الازمة هي اكثر فورية من ان نحاول إهدار الوقت في توجيه اصابع الاتهام الى الآخرين. وبدلا عن ذلك، ومن اجل العثور على حل طويل الامد لإنهاء هذه الكوارث، فعلى القوى الاقليمية ان تحدد العوامل المؤثرة المحرضة على التطرف العدواني وان تعالجها.

وهناك خياران امام الولايات المتحدة وحلفائها اليوم، فهم قادرون على مواصلة دعمهم المادي المعنوي وتحريضهم للمسببين بالحرب، ليستمروا في تصعيد الحرب، وقد ثبت عدم جدوى ذلك لأنه لا ينتج سوى المزيد من الموت والدمار، ويعقد التوصل ال حل دائم. أو مثلما قالت ايران منذ اليوم الاول، ان تركز هذه الدول على حل سياسي شامل بمشاركة جميع المكونات السياسية.

في عام 1990 عندما كنت دبلوماسيا شابا، وبعد اتخاذ صدام قرارا بالعدوان على الكويت والتضحية بمن كان يقدم له الدعم المالي من العرب، شاهدت كيف ان وزراء خارجية السعودية وحلفائها العرب، رفضوا مقترح نظيرهم الايراني لتأسيس آلية شاملة لأمن المنطقة. وبعد إهدار مئات مليارات الدولارات لشراع السلاح وبعد سنوات من إراقة الدماء بلا حد، عدنا الى المربع الاولى.

وإذا لم نكسر هذه السلسلة، فإنما سنترك هذه المسؤولية الخطيرة لأبنائنا وأحفادنا.. وعلينا ان نكون جيلا يتعلم من التاريخ لا الجيل المحكوم بتكراره.
رایکم