۲۶۳۳مشاهدات
رمز الخبر: ۳۵۰۰۴
تأريخ النشر: 02 May 2017
شبکة تابناک الاخبارية: أشرقت الدنيا في مثل هذا اليوم من عام 38 (هـ ق) بولادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي فجر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وقدم للناس بسيرته أروع الأمثلة والدروس في نكران الذات، والتجرد عن الدنيا، والانقطاع إلى الله.

وفي اليوم الخامس من شهر شعبان المبارك، سنة ثمان وثلاثين من الهجرة زقت البشري لأمير المؤمين علي بن أبي طالب عليه السلام بمولد الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب عليهم السلام وسجد شكرا لله واسماه "عليا"، فهو رابع ائمة اهل البيت الإثنا عشر عليهم السلام وجدَه الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وصي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وجدته فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبضعته وفلذة كبده وسيدة نساء العالمين كما كان أبوها يصفها. وأبوه الإمام الحسين عليه السلام أحد سيَديَ شباب أهل الجنة سبط الرسول وريحانته.

ان الإمام زين العابدين (ع) هو أكبر أولاد الإمام الحسين (ع) اما أمه السيدة شهر بانو. أشهر ألقابه عليه السلام السجاد و زين العابدين لأنه كان يُعرف بطول سجوده و عبادته لله سبحانه و تعالى. كُنيتُهُ أبو الحسن.
 
وكانت ولادته في الخامس من شعبان في السنة ٣٨ للهجرة في المدينة المنورة. وعاش عليه السلام، سبعة وخمسين سنة تقريبا قضي ما يقارب سنتين منها في كنف جده الامام علي عليه السلام، ثم عايش إمامة عمه  الإمام الحسن (ع) عشر سنوات و إمامة والده الإمام الحسين (ع) إحدى عشر سنة حيث ترعرع في تلك الفترة بمدرسة سبطي رسول الله صلى الله عليه وآله، وارتوي من نمير العلوم النبوية واستسقي من ينبوع اهل البيت الطاهرين. وقد عاش بعد شهادة والده أربع و ثلاثين سنة. ان في بعض المصادر القديمة يسمى الإمام زين العابدين (ع) علي الأكبر. ولكن اسم علي زين العابدين هو الذي انتشر أكثر لمنع الالتباس بينه و بين علي الأكبر أبن الإمام الحسين الذي استشهد في يوم عاشوراء. الشيخ المفيد خصص له باباً في كتابه "كتاب الإرشاد".

ان الإمام زين العابدين (ع) كان حاضرا في يوم عاشوراء، حيث شاء الله عز وجل أن تحفظ ذرية رسوله صلى الله عليه و آله وأن لا تخلو الأرض من الحجة، فأصيب الإمام عليه السلام بمرض شديد لا يقوى على الحركة والقيام، فلم يتمكن من الدفاع عن الدين الاسلامي المحمدي الاصيل وعن أبيه الإمام الحسين عليه السلام والشهادة في سبيل الله تعالى، إلا أنه كان السر في إحياء واقعة عاشوراء وعدم طمسها.

اتفق المسلمون علي تعظيم الامام زين العابدين عليه السلام واجمعوا علي الاعتراف له بالفضل وانه علم شاهق في هذه الدنيا، لايدانيه احد من فضائله وعلمه وتقواه وكان من مظاهر تبجيلهم له: انهم كانوا يتبركون بتقبيل يده ووضعها علي عيونهم- العقد الفريد 2/ 251-.

ولعل ما حصل مع الفرزدق من تحديه لسلطان عصره ما يشير إلى عظيم تأثير الإمام زين العابدين (ع) في النفوس تأثيراً سامياً. فقد قدم هشام بن عبد الملك للحج برفقة حاشيته وقد كان معهم الشاعر الفرزدق وكان البيت الحرام مكتظاً بالحجيج في تلك السنه ولم يفسح له المجال للطواف فجُلب له متكأ ينتظر دوره وعندما قدم الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) انشقت له صفوف الناس حتى أدرك الحجر الأسود فثارت حفيظة هشام بن عبد الملك ولما سأله أحد مرافقيه من أهل الشام عن هوية ذلك الشخص، أجابه هشام أنه لا يعرفه، مع أنه كان يعرفه جيداً و لكن خشي أن ينبهر به أهل الشام فلم يتمالك الشاعر الفرزدق من كتم تبجيله واحترامه للإمام السجاد (ع) فقام مرتجلاً أمام هشام بن عبد الملك قصيدته المشهورة متحدياً قائلاً:

يا سائلي أين حل الجود والكرم ؟     عندي بيان إذا طلابه قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته       والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم         هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا الذي أحمد المختار والده      صلى عليه إلهي ما جرى القلم
لو يعلم الركن من قد جاء         يلثمه لخر يلثم منه ما وطئ القدم
هذا علي رسول الله والده         أمست بنور هداه تهتدي الأمم
هذا الذي عمه الطيار جعفر       والمقتول حمزة ليث حبه قسم
هذا ابن سيدة النسوان فاطمة    وابن الوصي الذي في سيفه نقم
 إذا رأته قريش قال قائلها           إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته          ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
وليس قولك : من هذا ؟ بضائره    العرب تعرف من أنكرت والعجم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت   عن نيلها عرب الاسلام والعجم
يغضي حياءا ويغضى من            مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم
ينجاب نور الدجى عن نور غرته    كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم
بكفه خيزران ريحه عبق             من كف أروع في عرنينه شمم
ما قال : " لا " قط إلا في          تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم
مشتقه من رسول الله نبعته      طابت عناصره والخيم والشيم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا        حلو الشمائل تحلو عنده نعم
إن قال قال بما يهوى جميعهم     وإن تكلم يوما زانه الكلم
هذا ابن فاطمة إن كنت           جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا
الله فضله قدما وشرفه            جرى بذاك له في لوحه القلم
من جده دان فضل الأنبياء         له وفضل أمته دانت لها الأمم
عم البرية بالاحسان وانقشعت   عنها العماية والاملاق والظلم
كلتا يديه غياث عم نفعهما        يستو كفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره   يزينه خصلتان : الحلم والكرم
لا يخلف الوعد ميمونا نقيبته      رحب الفناء أريب حين يعترم
من معشر حبهم دين وبغضهم    كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم    ويستزاد به الاحسان والنعم مقدم
بعد ذكر الله ذكرهم في            كل فرض ومختوم به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم    أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم       ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت       والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم   خيم كريم وأيد بالندى هضم
لا يقبض العسر بسطا من أكفهم   سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
 أي القبائل ليست في              رقابهم لأولية هذا أوله نعم ؟
من يعرف الله يعرف أولية          ذا فالدين من بيت هذا ناله الأمم
بيوتهم في قريش يستضاء بها    في النائبات وعند الحكم أن حكموا
فجده من قريش في أرومتها      محمد وعلي بعده علم
 بدر له شاهد والشعب من أحد   والخندقان ويوم الفتح قد علموا
وخيبر وحنين يشهدان له         وفي قريضة يوم صيلم قتم
مواطن قد علت في كل نائبة     على الصحابة لم أكتم كما كتموا

فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟! قال: هات جدا كجده، وأبا كابيه وأما كأمه، حتى أقول فيكم مثلها. فغضب هشام وحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك الامام علي بن الحسين عليه السلام فبغث اليه باثني عشر ألف درهم وقال: أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به. فردها وقال: يا ابن رسول الله، ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لأرزا عليه شيئا. فردها الامام اليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك فقبلها.

كان الإمام زين العابدين عليه السلام يتحرى في سلوكه مع شيعته أن يكونوا قدوة حسنة لكل إنسان مسلم في ورعهم وتقواهم وحريجتهم في الدين وقد جهد في تربيتهم وتهذيبهم بالأخلاق الإسلامية الرفيعة، وقد بث فيهم المواعظ والنصائح، وحفزهم على التقوى و العمل الصالح، فقد قال عليه السلام لبعض شيعته: أبلغ شيعتنا أنه لن يغني عنهم من الله شيء، وأن ولايتنا لاتنال إلا بالورع. إن الورع عن المحارم الله من أهم الوسائل في نجاة الإنسان من عذاب الله و عقابه، كما إنه من أنجح الطرق للظفر بولاية أهل البيت عليهم السلام، ووفد جماعة على الإمام عليه السلام وعرفوا نفوسهم له بأنهم من الشيعة فأمعن في وجوههم فلم ير عليها أثر الصلاح، فقال لهم: أين السمت في الوجوه؟ أين أثر العبادة؟ أين سيماء السجود؟ إنما شيعتنا بعبادتهم، و شعثهم، قد قرحت العبادة منهم الآماق و وثرت الجباه والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هيجت وجوههم، وأخلق سهر الليالي، وقطع الهواجر، حثيثهم، المسبحون إذا سكت الناس، والمصلون إذا نام الناس و المحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، وشاغلهم الجنة.

لقد برز علي بن الحسين عليه السلام، علي الصعيد العلمي إماما في الدين ومنارا في العلم ومرجعا لاحكام الشريعة وعلومها ومثلا اعلي في الورع والتقوي، واعترف المسلمون جميعا بعلمه واستقامته وانقاد الواعون منهم الي زعامته وفقهه ومرجعيته.

وكان للمسلمين عموما تعلق عاطفي شديد بهذا الامام الهمام وولاء روحي عميق له وكانت قواعده الشعبيه ممتدة في كل مكان من العالم الاسلامي ولم تكن ثقة الامة بالإمام زين العابدين عليه السلام علي اختلاف اتجاهاتها ومذاهبها ، تقتصرة علي الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل كانت تؤمن به مرجعا وقائدا ومفزعا في كل مشاكل الحياة وقضاياها، بوصفه امتدادا لآبائه الطاهرين. كما لم يقتصر تعظيمه علي الذين صحبوه أو التقوا به، وانما شمل المؤرخين علي اختلاف ميولهم واتجاهاتهم، فقد رسموا باعجاب وإكبار سيرته وأضفوا عليه جميع الالقاب الكريمة والنعوت الشريفة. وكان الامام من اعظم الناس حلما واكظمهم للغيظ. وقد قال الشيخ المفيد في كتابه الارشاد: كان علي بن الحسين افضل خلق الله بعد ابيه علما وعملا، وقال: قد روي عنه فقهاء العامة من العلوم ما لا يحصي كثرة وحفظ عنه من المواعظ الادعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والايام ماهو مشهور بين العلماء. ان أشهر ما ورد عن الإمام علي ابن الحسين السجاد (ع) كانت رسالة الحقوق والصحيفة السجادية، والتي جُمع فيها الكثير من أدعية الإمام علي ابن الحسين (ع) لا سيما و أن أدعيته تُعد مدرسة وهي مدرسة متكاملة توجب وعي الأمة وسوقها إلى الإيمان والفضيلة والتقوى، وكانت الصحيفة السجادية السلاح الأساسي الذي اعتمد عليه الإمام السجاد (ع) لنشر أفكاره و دعوته و كان يقض بهذه الأدعية مضاجع الظالمين. وكان أشهر ما عُرف به الإمام علي ابن الحسين زين العابدين (ع) الكم الهائل من العلوم في كل المجالات فكان ومازال نبعاً عظيماً لا ينضب يبهر العقول ويحير رواد العلم بغزارته وفاعليته والفائدة العظيمة لكل متعطش للعلوم. كما شُهر الإمام علي ابن الحسين (ع) بالكرم الشديد وهو الذي كان يدور على المحتاجين والفقراء في عمق الليل وهو ملثم لا يعرفه أحد. وبقي الأمر كذلك حتى استشهد و عندها عرف الناس ذلك.

السلام عليك يا زين العابدين السلام عليك يا زين المتهجدين السلام عليك يا إمام المتقين السلام عليك يا ولي المسلمين السلام عليك يا قرة عين الناظرين العارفين السلام عليك يا خلف السابقين السلام عليك يا وصي الوصيين السلام عليك يا خازن وصايا المرسلين السلام عليك ياضوء المستوحشين السلام عليك يا نور المجتهدين السلام عليك يا سراج المرتضين السلام عليك يا ذخرالمتعبدين السلام عليك يا سفينة العلم السلام عليك يا سكينة الحلم السلام عليك يا ميزان القصاص السلام عليك يا سفينة الخلاص السلام عليك يابحر الندى السلام عليك يا بدر الدجى السلام عليك أيها اللأواه الحليم السلام عليك أيها الصابر الحكيم السلام عليك يا رئيس البكائين السلام عليك يا مصباح المؤمنين السلام عليك يا مولاي يا أبا محمد الباقر ورحمة الله وبركاته.
رایکم
آخرالاخبار