۱۳۴۵مشاهدات

جميع الأنظمة يجب ان تركع لارادة الشعوب

خليل الفائزي
رمز الخبر: ۳۴۷۵
تأريخ النشر: 28 February 2011
شبکة تابناک الأخبارية: يقال ان عمدة (مختار) قرية كان يخطب بناس بسطاء، فأراد ان يثبت مدى فهمه بالشرع، فحذرهم من انه في حالة تعرض اي من سجاد او أثاث البيت الى نجاسة أطفال فيجب فوراً تمزيق رقعة السجاد او الأثاث و إلقاؤها في المزبلة بدلاً من شطفها بالماء. و عندما عاد هذا العمدة الى بيته فرأى ان زوجته قد مزقت الكثير من أثاث و بساط البيت، فاستشاط غضباً و قال لها: يا بنت الحلال، التحذير الذي قلته كان للآخرين و ليس لنا، لأنني دخلت في تجارة مع أشخاص لبيع السجاد و الأثاث!.

هذه الحالة تنطبق تماماً على معظم دول المنطقة التي صارت تخشى وصول أشبه بالانتفاضة التونسية أليها وتدعي الان من ان الانتفاضات في العالم لا تخصها و هي ليست معنية فيها و لا يمكن للشعوب في هذه البلدان القيام باي اعتراضات ضد أنظمتها لانها منزهة عن الأخطاء وغير مقبول وقوع اي ثورة في هذه الدول و المحتجون و المنتفضون سيواجهون بالحديد و النار و ستقمعون فورا.

ما هذه الادعاءات الفارغة و ما هذا الهراء الأجوف بشأن أحقية بعض الشعوب الانتفاضة والاعتراض في بلد و لا يحق للشعوب أخرى القيام باي اعتراضات او تقديم اي اقتراحات في بلدان مشابهة لتونس و مصر و ليبيا خاصة و ان أساليب تلك الأنظمة أسوء من أساليب نظام القذافي الإرهابي والقمعي، و لا ثبات زيف الذين يميزون حق الاعتراض والنقد بين دولة وأخرى نقول اولاً: ان من حق اي شعب القيام بمسيرات اعتراضية وقتما يشاء و كيفما يريد في إطار النهج الحضاري السلمي، وهذا الحق هو ملك قانوني لغالبية الشعب ان شاء او أبى النظام و ليس من حق النظام مهما كانت دوافعه و تبريراته ان يقف ضد هذه الاعتراضات والمسيرات او عدم السماح لها، خاصة إذا اختارت غالبية الشعب نقطة معينة من العاصمة او اي مدينة او قضاء و قرية وجعل من هذه النقطة مكاناً للاعتراض ومنبراً لعرض وجهات نظره وطرح مواقف الجماهير بكل حرية على شكل شعارات او هتافات واعتراضات سلمية حتى و ان تضمنت الاعتراضات هتافات و شعارات تطالب الحكومات بالسقوط و الرؤساء بالتنحي فهذا حق مطلق وأكيد للجميع فإذا سقطت الحكومة و تنحى الرئيس فمن حقه و أنصاره لاحقا التجمهر في تلك النقطة وإبداء النقد و الاعتراضات شريطة ان تكون سلمية وهذا هو المعنى الحقيقي للحرية والديمقراطية واحترام الرأي الآخر،وبعبارة أوضح ان الجماهير لم تعد من اليوم كما كان تتصور الأنظمة المستبدة مجرد قطيع من الحمير و الغنم ينساق و يتجه نحو المكان الذي يعيينه و يحدده الحكام و الرؤساء كيفما شاءوا وحسب رغباتهم فقط .

ثانياً: وفقاً للعدالة و القانون لا يحق للنظام الحاكم كان من يكن قمع هذه المسيرات او الوقوف عقبة في طريق الاعتراضات الجماهيرية او إرعاب المشاركين فيها وبث الخوف وإطلاق التهديدات قبل البدء بها او حتى تسيير مسيرات حكومية مؤيدة للنظام، لان مثل المسيرات المدعومة حكوميا هي في الواقع غير قانونية وغير شرعية لانها تقام بدعم مالي كبير من النظام و يشارك فيها فقط المنتفعون من النظام وأسرهم و لدينا أدلة و وثائق دامغة تؤكد من ان جميع المشاركين في المسيرات الحكومية يحصلون على مزايا مالية ومادية كبيرة من النظام، و في بعض الدول تضاعف رواتب المشاركين في المسيرات الحكومية و يمنح لهم النظام القطع الذهبية و بطاقات خاصة للشراء و التسوق مجاناً من المؤسسات والمتاجر الحكومية بالإضافة الى توزيع صناديق العصائر و الحلويات ومساحيق غسل الملابس و حفاظات الاطفال و..!.

 ثالثاً: من واجب النظام الحفاظ على أمن المسيرات الاعتراضية و ان يتعهد بعدم تعرض اي من الناقدين والمعارضين لاي أفعال سوء و اعتداءات همجية من جانب كلاب ومرتزقة السلطة من حملة الأسلحة و الهراوات الذين اذا قيل لهم ان دولة أجنبية تنوي الهجوم على البلاد وهي تريد احتلاله فيفر هارباً الى خارج البلاد او يختبأ في جحر له خشية من ان يصاب او يتأذى او تضيع أمواله و ممتلكاته، و لكن اذا أراد جاره او أخوه او ابن بلده و مدينته و ابن دينه وابن قوميته ان ينتقد الحكومة او يعترض على مساوئ أساليب المسئولين ، فانه يهب مسرعاً حاملاً الهراوة و البندقية لقتل جاره او أخاه و ابن بلده تحت شعار الدفاع عن رئيس النظام الطاغية و الحكومة الفاشلة حتى و ان كان الرئيس على خطأ وأساليبه أسوء من تعامل فرعون مع قومه و خصومه.

قسماً بالله اننا نرى و نسمع عن إجراءات همجية و أساليب قمعية و مواقف إرهابية يقوم بها أنصار و مرتزقة بعض الأنظمة والحكومات في المنطقة ضد شعوبهم هي أسوء بكثير من أساليب هتلر و الكيان الصهيوني، وحتى ان بعض زعماء المنطقة مارسوا القتل الجماعي و إبادة المواطنين واغتصاب وتصفية المعارضين و الناقدين والمطالبين بحقهم و وصفهم بالكلاب و القطط و الجرذان، بل وهدد الكثير من هؤلاء الزعماء بقصف مواطنيهم بالأسلحة المحرمة دولياً و إبادة أكثرية أبناء الشعب حفاظا على مصالح و مواقف وإرادة شخص واحد في رأس السلطة، و قطعاً ان هؤلاء تنطبق عليهم الآية الكريمة: أبى و استكبر . .

و عليه فاننا لا نستثني اي من الزعماء و المسئولين من ضرورة الركوع لارادة الشعوب والانصياع و الطاعة الكاملة لمطالب الجماهير لانها دوماً على حق و الحكام و الزعماء غالبا على خطأ، وان يد الله مع الجماعة و أمرهم شورى بينهم . . و لا يحق لاي شخص في عصرنا الراهن الاستبداد برأيه او فرض حكمه على الأكثرية بالقوة والإرعاب مهما كانت التبريرات و مهما كانت مزاعمه لانها مجرد أوهام و أكاذيب اختلقها هو و المطبلون و المهرجون له و لا يقبل بأساليبه و قراراته الشرع و العقل والقانون، وعلى هؤلاء ان يتخلوا فوراً من الاستمرار بخدعهم و افتراءاتهم و ان لا يستكبروا على الجماهير و ان يروا أنفسهم على مستوى واحد مع ابسط شخص في مجتمعاتهم و ان يتأسوا بأخلاق الأنبياء و الرسل الحميدة في التعامل مع خلق الله و ليس بأفعال و أساليب الطغاة امثال نمرود و فرعون القمعية و الاستعلائية

أسئلة بسيطة نطرحها على هؤلاء الحكام و المسئولين المتفرعنين  الذين لا يقبلون باي نقد او اعتراض او حتى نصيحة من شعوبهم و من الخيريين . يا ترى هل الذي يطالب بتحسين الخدمات العامة و هم محروم من حق الإنارة و الماء و العيش الكريم و الوظيفة المحترمة و التامين الاجتماعي ، هو مجرم وإرهابي و يعمل على زعزعة البلاد؟.

هل الذي يعترض على نهب أموال الشعب و عائدات البلاد و يطالب بمحاكمة المفسدين والمرتشين و عدم الأكفاء من المسئولين، يخطط للإطاحة بالحكومة و يستحق القمع والاعتقال و السجن؟.

هل الذي يعترض على تزوير الانتخابات و يطالب بضرورة إشراف جهة نزيهة ومستقلة على فرز الأصوات، هو عميل لأمريكا و لإسرائيل و لابد من قمعه و قتله او حرمانه من كافة حقوق المواطنة و التضييق عليه و على أسرته الى يوم الدين؟.

هل الذي يندد بتدخل المؤسسات العسكرية في شئون الحكومة و و مصادرة العسكريين و الأمنيين الأميين كافة حقوق المواطنين و يهددون الشعب بالعقاب دوماً بالأسلحة الفتاكة، هو شخص غير وطني او لا دين و لا قومية له او انه ينفذ مخطط معاد للبلاد و لابد من اعتقاله و محاكمته بشتى التهم و الافتراءات؟.

هل الذي يرفض نظام توريث الحكم و أنظمة "انا ربكم الأعلى" و الحكام الذين عينوا أنفسهم بأنفسهم زعماء لمدى الحياة دون إرادة واقعية من جانب غالبية المواطنين و انعدام أرضية شفافة لاي انتخابات نزيهة، او ان يتحكم شخص واحد بمصير أمة كاملة دون وجود اي قانون او دستور او اي مؤسسة تعترض على سلوكه او حتى تنتقد مواقفه و أساليبه، او ان هذا الشخص هو بيده مصير كافة أركان الدولة و مؤسساته دون رادع، يكون قد وقف ضد القانون و انتهاك الشرع والدستور و لابد من محاكمته بلائحة من الاتهامات لو قرأت ضده لن تنتهي الا بعد ايام او أسابيع؟.

هل علينا نحن دعاة إرساء المجتمع المدني ان نصدق من ان هؤلاء الحكام و الزعماء زهاد و يعملون لخدمة الناس فقط و ليس لديهم اي صفحات سوداء في مجال القمع و القتل و حقوق الإنسان و لم ينهبوا اي درهم او دينار واحد من المال العام، كما صدقنا في السابق فقر و إخلاص الرئيس السوداني عمر البشير الذي اتضح في النهاية ان لديه حساب خاص من عشرات الحسابات السرية فيه 18 مليار دولار في سويسرا.والشحاذ الفقير لله حسني مبارك وأسرته، حيث كشف النقاب مؤخرا من ان ثروتهم تصل الى 40 مليار دولار على اقل تقدير، و القذافي الزاهد الجماهيري الذي كان يزعم ان ليس له بيت ملكاً له و ليس عنده ارض او عقار و يركب سيارة "التوك توك" التي سعرها 200 دولار، ثم اتضح بعد تجميد احد حساباته في لندن و فيه 24 مليار دولار و عشرات الحسابات الأخرى في إيطاليا و سويسرا، ان زهده و مزاعمه من انه زعيم فقير يحكم و لا يملك مجرد أكاذيب جوفاء.

اننا وجميع دعاة إرساء المجتمعات المدنية في الدول العربية و الإسلامية و منذ عدة أعوام و سنظل نعارض بقاء او استمرار الأنظمة العسكرية والأنظمة التي يبقى حكامها في رأس السلطة والحكومة اكثر من 5 أعوام متتالية لان عهد الأنظمة المستبدة و المحتكرة للسلطة قد انتهى و اندثر ولا يمكن لاي شخص عادي مهما كانت مواقفه و مناهجه و أفكاره وأساليبه ان ينفع المجتمع لفترة طويلة جداً دون ان يحقق اي إنجازات واقعية لصالح الناس و المجتمع، وخير دليل على ذلك ان القذافي حاول استبدال الكتب السماوية بكاتبه الأخضر الذي هو خليط من الاشتراكية و الشيوعية و الرأسمالية و في فصله الأخير يبشر القذافي أنصاره من انه اكتشف في النهاية أمرا مهما للغاية للعالم و هو ان المرأة أنثى و الرجل ذكر!.

و هذا النهج و الأسلوب و الفكر لا ينطبق على القذافي وحده بل على معظم الحكام والزعماء و المسئولين الذي يوعدون المواطنين بشعاراتهم البراقة و أحاديثهم المنمقة ولكنهم يعجزون او بالأحرى لا يرغبون حتى تامين الخدمات العامة للمجتمع التي هي ابسط حقوق المواطنة للجماهير و يكدسون الأموال الطائلة و يذلون شعوبهم برفع أسعار المواد الغذائية و الأساسية و ينهبون او يبذرون المال العام بذرائع و مزاعم مختلفة و يجعلون الناس يضجرون و يملون حتى من الاستمرار في حياتهم العادية، وعندما ينتفض المواطنون او يشعر الحكام من ان غضب الجماهير قد يندلع قريباً، يبادرون  بتوزيع جزء من الأموال التي يكدسوها و يعطون الوعود بالإصلاح والتغيير و حتى انهم يبدون استعداداً للإطاحة ببعض رموز الحكومة و النظام حفاظاً على عروشهم و مصالحهم مع احتفاظهم سرا وعلانية بقدراتهم العسكرية و الأمنية القمعية.

اننا و من باب "النصيحة بجمل" و قطعاً لا نريد من هؤلاء الحكام و الزعماء لا ناقة و لا جمل، بل نطالبهم بتغيير مواقفهم و إصلاح سياستهم و إرجاع جميع الأموال التي سرقوها و نهبها أنجالهم و ذويهم وأنصارهم طيلة الأعوام و العقود الماضية و محاسبة المفسدين و الجناة والمخطئين في النظام و الحكومة و ليس الاكتفاء نتبادل الأدوار في الحكومة و النظام او نقل وزير من وزارة الى أخرى.

و من الضروري احترام حقوق النقاد والمعارضين وحقوق الإنسان و المساواة بين الجميع وتوزيع العائدات بشكل عادل وعلى كل المواطنين المحرومين دون تمييز و إيجاد ضمان اجتماعي واقعي لكافة أبناء الشعب والسماح للهاربين و اللاجئين السياسيين والناقدين غير المقترفين لجرائم القتل والنهب العودة لبلدانهم و إنهاء حالات احتكار السلطة وقمع الصحافة ومصادرة الحريات والعمل على تأسيس مراكز مدنية تكون منطلقاً و منبراً لانعكاس و طرح وجهات نظر واقتراحات كافة شرائح المجتمع في جميع المجالات و كذلك تعيين منطقة خاصة او ساحة عامة تكون محمية بكافة السبل الأمنية لعرض وجهات نظر المحتجين و المعارضين والسماح لإقامة المسيرات والتجمعات و الاعتراضات فيها دون قيود او مضايقات او ملاحقات أمنية تعسفية، وغير ذلك فليعلم جميع الزعماء والحكام من ان العام الحالي هو عام الانتفاضات المتسلسلة و عام سقوط اعتى الأنظمة الدكتاتورية و الطاغية و ان ثورات الشعوب الاعتراضية كاسحة وجارفة ومستمرة ولا يمكن لاي نظام مهما كانت قدرته العسكرية وسلطته البوليسية والأمنية القمعية الوقوف أمام غضب الجماهير و إرادة الشعوب الباحثة عن عزتها و كرامتها و المطالبة بحقوقها المشروعة.
رایکم