۶۱۷مشاهدات

موسم الحج.. موسم الرِبح أم الخَسارة!

الثابت احمد المِسفر*
رمز الخبر: ۳۲۶۲۸
تأريخ النشر: 04 August 2016
شبکة تابناک الاخبارية - خاص موقع السعودية: مَعروفٌ إن موسم الحج فيهِ مردودات مادية ومعنوية كبيرة، فمنذ كانت الكَعبة تُدار مِن قِبل قريش قبل الإسلام، حفظت لهم مكة شأنهم بينَ العرب، وأبعدتهم عن ويلات الغزوات والتعرضات التي تقوم بها القبائل، كحالة تُراثية ووراثية تكتسبها تلكَ القبائل، للإغتنام أو فرض السطوة.

وهذا لا أعنيهِ في مقالي هذا، بل ما أعنيه هو الفرصة المعنوية من الحج، ففي الحج يجتمع المسلمون من كل بقاع الأرض، ليحيوا ما فعلهُ سيدنا خليل الله من حج بيت الله، وما أمرنا الله بهِ في كتابهِ الكريم، وسُنة نبيهِ الأمي الهاشمي والصحابة الأطهار.

فالفرصة عظيمة لبلد دعا لهُ خليل الله أن يكون أمناً، لتكون المملكة بحق وحقيقية دولة أسلامية مؤثرة في محيطها، بالإيجاب لا السلب، فهنا بيت الله ومسجد نبيهِ، ومن هنا أنطلقت رسالة الإسلام إلى كل بقاع الأرض.

بعد أيامٍ قليلة نستقبل شهر الحج الأكبر، لكن نفوس المسلمين مكسورة مرتين، الإولى لإن العالم الإسلامي قد أنهكتهُ الحروب والدمار والإرهاب، والثانية لإننا لم نكن حريصين على مقدسات المسلمين، وهنا أقصد عدم أستثمارها بالشكل العقلي المطلوب.

ففي العام الماضي حصلت حادثتين منفصلتين، التدافع في منى، وسقوط الرافعة على المصلين في الحرم المكي، وهاتان أديتا أولاً لسقوط العديد من القتلى الأبرياء وهم حجاج بيت الله، والثاني هو قطيعة كبيرة معَ دول أسلامية والبعض الأخر أظهرَ دعمهُ بخجل.

في الحقيقة نحنُ مسؤولون أمام الله عن هولاء الحجاج، قبلَ فترة بسيطة زرت الحرم المكي وبعض المشاعر الأخرى، كل ما رأيتهُ لا يبشر بخير إلا خارج حدود المراسيم، فلا تزال المشاعر ضيقة أمام تزاحم الحجاج وتزايد أعدادهم، وسط قلة حيلتنا وتدبرنا لهذا الركن المهم من أركان الإسلام.

يقول الباريء عز وجلّ أسمهُ مخاطباً الراغبين بأداء الحج "من أستطاع أليه سبيلا”، وهنا الحديث عن الإستطاعة، فالإنسان محدودٌ بأمكانياته المعنوية والمادية والجسمانية، فلو أخذنا هذه الأية من نظرة أخرى، وهي أدارة الحج، لوجدناها منصفة بحق الإدارة الحالية، فعليهم أن يقولوا فعلاً هل يستطيعون إدارتها أم لا.

في الخرطوم عاصمة السودان الشقيق ألتقيت وأنا ممثلاً لجمعية إغاثة أنسانية برجل طاعن في السن، كنت أمازحهُ عندما قلت أني سأخذهُ معي ليحج ونترك زوجتيه هناك في الخرطوم، لكن إجابتهُ كانت قاسية على قلبي جداً، فقد قال لي غير نادم، لا أريد أن أذهب معك ففي الحج يموت الناس.

أن نضحك على ذاك الرجل العجوز أو دهاءه، أو نضحك على أنفسنا من هذه الصفة التي رافقت الحج، أو سوء أدارتنا لأهم لقاء بين المسلمين أنفسهم، ومع الإيمان من جهة إخرى، لا أدري على من نضحك.

سبق لي وإن حججت إلى بيت الله عدة مرات، أفضلها كانت الإولى، وأرادها كانت الأخيرة، ومع أني كل ما تقدمت في السن أزداد وعياً وشوقاً للحج، إلا أن السياسة والتجارة طاغية بشدة على الحج، حتى ضاعت روحية الحج الجميلة.
 
أتمنى أن تكون الإدارة هذا العام مختلفة، أن يتم تسهيل دخول وتطمين حجاج الدول جميعاً، فالكعبة عندنا صحيح لكنها ليست ملكنا، بل هي ملك الله وحده لا شريك له فيها أو في غيرها، إنهُ مالك الملك، والقادر على تغيير أدارتها لو فشلنا مرةً أخرى، وعدنها سيكون الحساب أيسر، فعز في علاه لا يقبل أن يقتل ضيوفه بهذه الشاكلة، ولا يقبل أن يشيع الموت ن بقعة أختصها بالأمان، لنحولها بأيدينا إلى بقعة تجلب الخسارة للمسلمين.
 
* باحث وأكاديمي 
رایکم