شبكة تابناك الاخبارية : فيما يلي نص بيانها الكامل :
وقفة للتأمل في المسارات الحركية والسياسية
حين يصر الديكتاتور على سجن الامهات اللاتي يرضعن اطفالهن، فانما لعلمه بان ارحام النساء تلد المزيد من الاحرار والثائرين ضد حكمه، كما يعني انه دخل مع من يحكمهم معركة المفاصلة النهائية بينه وبين الشعب. ويحدث ذلك عادة حين يشعر نظام الحكم بهزيمته امام قوى التغيير المطالبة في البلد التي يفرض هيمنته عليها بالقوة والاكراه. البحرين تعيش هذا الوضع منذ خمسة اعوام، ويوما بعد آخر تزداد وضوحا. وجاء اعتقال السيدة زينب الخواجة مع رضيعها، عبد الهادي، ليؤكد هذه الحقيقة التي لن يستطيع احد تجاوزها. وعندما اعتقل طاغية البحرين العام الماضي السيدة زهرة الشيخ مع رضيعها، كان هناك بان الخليفيين بلغوا مستوى متقدما من القناعة باستحالة التعايش مع شعب تحتضن ارحام نسائه جيلا جديدا من المناضلين الذين سيضفون على الحرب من اجل الحرية ابعادا جديدة. فنساء البحرين اليوم يختلفن عن نساء العالم، فهن يتقدمن الصفوف في معركة الحرية، يتقدمن الصفوف ويهتفن بالنصر ويلهمن أجنتهن أناشيد الحرية ومعاني الكرامة ورفض الظلم والاستبداد. تلك الاجنة هي جنود الصراع المستقبلي الذي بدأه الاجداد وشارك فيه الآباء وستحمل لواءه الاحفاد. وبرغم التضليل الخليفي المقيت، يتساءل ذوو العقول واصحاب الضمائر: ما الفرق بين عبد الرحمن الباكر وعبد الوهاب حسين؟ ما الذي تغير في الستين عاما الماضية التي اعقبت اعتقال قادة الهيئة وسجن مناضليها. ما الفرق بين عبد العزيز الشملان وعبد علي العليوات من جهة والشيخ محمد خوجستة وعلي اسفنديار؟ هؤلاء البحرانيون جميعا ابعدوا من وطنهم من قبل الخليفيين ظلما وتعسفا وحقدا. لم يحقق سلمان بن حمد الذي أبعد قادة الهيئة في عهده في يناير 1957، إنجازا يذكر، ولم يؤسس لقبيلته حكما يدوم، بل اعتاد الطغاة الخليفيون امورا عديدة: اولها ممارسة الحكم السيء الذي يكرس العداء مع السكان الاصليين، ثانيها: إنزال أقصى العقوبات والتنكيل بمن يعارضهم او يطالبهم بالاصلاح او الشراكة السياسية. ثالثها: الاعتماد على الاجانب للبقاء في الحكم بسبب قناعتهم بعمق الرفض البحراني لحكمهم. رابعها: الامعان في التنكيل والقمع واستهداف الاحرار بدعاوى فارغة لا يصدقونها انفسهم. ففي الماضي كانوا يتهمون مصر تارة والاتحاد السوفياتي تارة اخرى. واليوم يتهمون ايران بالتدخل في شؤونهم الداخلية. والنتيجة انهم يغوصون يوما بعد آخر في وحل الفساد والظلم والاستبداد.
في الاسبوع الماضي اطلق الرئيس الامريكي، باراك اوباما، واحدا من اشرس انتقاداته لحكومات الخليجي وفي مقدمتها السعودية. وقال في صحيفة "اتلانتيك" ان هؤلاء . يمكن اعتبار ذلك التصريح من اخطر ما رشح عن واشنطن من تصريحات في السنوات الاخيرة، وهي التي كانت ترعى الخليفيين وتكرس وجودهم السياسي والعسكري في المنطقة. تتوازى هذه التصريحات مع امور عديدة:
اولها تصاعد النقمة الغربية ضد السعودية وعقيدتها التكفيرية وانماط سلوكها الاستئصالية.
ثانيا: تراجع الحظوظ السعودية في الحروب التي شنتها في المنطقة، ابتداء بالعراق ثم سوريا واليمن، وقبلها البحرين.
ثالثا: بداية تبلور حالة استقطاب سياسي وايديولوجي غير مسبوقة في المنطقة. فالسعودية متحالفة مع قوى التكفير والارهاب والتطرف والعنف، مستغلة حالة التخريب التي احدثتها في الامة، بينما تقف قوى التحرر والمقاومة باحثة عن صيغ جديدة لجمع شملها وكسر شوكة قوى الثورة المضادة.
رابعا: هزيمة السعودية في حربها على اليمن على صعدان شتى: اخلاقية وسياسية واعلامية. فهناك اليوم من الاصوت الدولية المطالبة بالوقف الفوري لذلك العدوان الشيء الكثير، وهي جميعا تشجب السعودية وتعتبرها عدوة للسلم والامن الدوليين وعنوانا للشر المطلق.خامسا: تصعيد السعودية عدوانها على قوى المقاومة الاسلامية خصوصا حزب الله وحماس والقوى الاخرى المحسوبة على الخط الرافض للاحتلال الاسرائيلي.
ويمكن اعتبار تصريحات الرئيس الامريكي، باراك اوباما، صفعة كبرى للدبلوماسية السعودية التي اعتمدت، حتى الآن، على تواصل حالة الاستقطاب الفكري والديني والمذهبي. والمعروف ان السعودية تعتمد على الدعم الغربي للبقاء والاستمرار، وان غياب ذلك سيضعفها وقد يطيح بها. وما استهدافها الشعوب والدول الاخرى الا من اجل ابقاء المنطقة في حالة تشوش واضطراب وصراع داخلي من جهة، واشغال شعبها بقضايا بعيدة عن همومه اليومية وحقوقه المشروعة.
مع ذلك يجب الاعتراف بضرورة العمل الدؤوب لتحقيق التغيير المنشود في منطقة بقيت خارج الزمن بسبب اصرار طغاتها على استعباد شعوها واستضعاف اهلها. هذا العمل متعدد المحاور التي منها ما يلي:
اولا: العمل لاطفاء الفتنة التي اشعلها السعوديون واذنابهم خصوصا الخليفيين، لكي تستعيد الشعوب استواءها ووعيها فتنطلق على طريق البناء ابتداء بتحقيق الحرية وضمان امن المواطنين واحترام حقوقهم.
ثانيا: تعميق الثقة في نفوس الاجيال الجديدة بضرورة التغيير وحتميته، وان في الاسلام المحمدي الاصيل ما يحقق ذلك. وهذا يتطلب عودة النشطاء وبقايا حقبة الصحوة الى النقطة التي انطلق منها الجيل السابق الذي تصدر مشروع الصحوة الاسلامية. فمن المؤكد ان حالة من الضعف قد تعمقت في نفوس الكثيرين، بالاضافة للتشوش الذهني والابتعاد عن قيم الدين ونقائه والاستعلاء على الشهوات الدنيوية والنزعة المادية التي افسدت المشروع الاسلامي.
ثالثا: استعادة الحيوية على صعيدين: اولهما بناء الذات والعمل الدؤوب في اوساط الشباب لتحقيق الاستقامة في العقيدة والسلوك والرؤى، وثانيهما: استعادة الحماس والرغبة في العمل والعطاء بعيدا عن الحسابات المادية والطموحات الشخصية.
رابعا: ممارسة التعددية والشورى في اطار العمل، لكي تتجدد دماء العاملين ويتصدى جيل الشباب لقيادة المسيرة، مستنيرا بهدي الاسلام وتجربة العاملين الذين تقدم بهم العمر. ومن الضرورة بمكان ان يتعمق الشعور بضرورة التغيير الداخلي وتسليم العمل الميداني للاجيال الشابة القادرة على حمل لواء التغيير بحيوية الشباب ونشاطه وقوته.
خامسا: العودة للجذور الدينية في مجالات العقيدة والعمل والعطاء والتضحية، وعدم الانشداد الى ما يبعث على التثبيط او يعمق التشكيك في المشروع الاسلامي الذي يمثل البديل الحضاري لانظمة الحكم المستبدة الجاثمة على صدور شعوبنا.
سادسا: في الوقت الذي يتطلب الامر فيه التوقف من اجل اعادة قراءة التجربة وتقييمها، فمن الضرورة بمكان عدم وقف المسيرة او الاستسلام لاعداء الانسانية الذين ما فتئوا يفتكون بالابرياء ويزجون بالاحرار والشرفاء في قعر السجون.
في هذه الحقبة الصعبة من حياة امتنا الاسلامية وشعبنا البحراني، لم يعد الاستسلام للطغيان والاستبداد خيارا مقبولا، كما ان التراجع او مسايرة الظالمين او اقرار حكم الطغاة، خيارا مقبولا او مبررا او مستساغا. فالاسلام الذي رفع شآن شعوبنا لا يرضى الذل للمؤمنين، او الاستسلام لذوي القوة المادية. وفي البحرين اصبح العمل من اجل اقامة مجتمع مدني حديث اولوية امام المؤمنين بالمشروع الاسلامي والقيم الانسانية. وفي الوقت نفسه اصبح الخليفيون ومن يقف وراءهم عناوين للقمع والاضطهاد والتخلف والاستبداد والظلم، وبالتالي فان التصدي لهذه الظواهر اصبح ضرورة دينية وتاريخية. فليكن الثبات والصمود والوعي هي ما يدفع الجيل الشاب للعمل، وليس اية اعتبارات اخرى. وليكن نيل رضا الله سبحانه هو الغاية التي يسعى لها المؤمنون، فلا بد من نقطة البدء، ومن هنا يكون المنطلق.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية