شبكة تابناك الاخبارية : تسعى السعودية عبر أداء الدور في الأحداث والمناطق المعرضة للأزمات في بلدان المنطقة والعالم الإسلامي، إلي مواءمة السياسات الداخلية والخارجية للدول المنافسة مع سياساتها بطريقة أو بأخرى، وتحقِّق أهدافها بالتالي.
طاجيكستان أيضاً والتي تعتبر بوابة الدخول إلى آسيا الوسطى، بين الدول الإسلامية في آسيا الوسطى، كانت دائماً محط اهتمام القوى الإقليمية، وتأثرت بالمنافسة بين اللاعبين الإقليميين. وبما أن إيران وطاجيكستان كانت لديهما علاقات تاريخية وثقافية وتقارب لغوي منذ العصور القديمة، أدى ذلك إلى اعتراف جمهورية إيران الإسلامية باستقلال طاجيكستان في عام 1991، كأول دولة تعترف باستقلالها، وبعد ذلك أقامت البلدان بالإضافة إلى الروابط التاريخية والثقافية، علاقات دبلوماسية مع بعضهما البعض.
الوشائج التاريخية والحضارية والثقافية بين جمهورية إيران الإسلامية وطاجيكستان، جعلت السعودية للتنافس مع إيران، تعمد من جهة علي نشر الإسلام الوهابي – السلفي، وتسعي من جهة أخري إلي دفع اهتمام هذا البلد نحو توسيع علاقاته معها. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلي أن السلطات والدعاة في السعودية وعلي مدي السنوات القليلة الماضية، وبهدف مواجهة النفوذ الإيراني في طاجيكستان ونشر الوهابية، أقدموا علي إجراءات مختلفة وعملوا علي استقطاب الدعاة في كافة أنحاء طاجيكستان، وذلك لتوسيع الأنشطة الدعائية للوهابية في هذا البلد. وحضور مواطني آسيا الوسطي بمن فيهم المواطنين الطاجيك في تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين وغيرهما من الجماعات المتطرفة، نموذجٌ من الأنشطة الدينية للسعودية في طاجيكستان.
توجد في طاجيكستان، بالإضافة إلى الجماعات التي تتبني الإسلام التقليدي والعرفي، والتي لها قراءات معتدلة عن الإسلام، توجد جماعات متطرفة وراديكالية نشأت تحت تأثير الحركات الإسلامية في العالم العربي، وخاصةً دول مثل السعودية، وتتأثر بشكل رئيسي بجهود العناصر الأجنبية. ومن جملة أهم هذه المجموعات، يمكن الإشارة إلي التيارات التي ظهرت ونمت منذ أوائل التسعينات في وادي فرغانة، ومن الناحية الأيديولوجية تسعي هذه الجماعات المتطرفة إلي إقامة الخلافة العالمية وهي تعادي الشيعة، والهدف الرئيسي لهذه الجماعات المتطرفة، هو في الأساس جذب الشباب الأميين والرجال والنساء العاطلين عن العمل، وتمكنت إلى حد ما من اجتذاب اهتمام جماعات مستاءة واسعة النطاق. كما أن معظم هذه المجموعات لديها علاقات وثيقة مع الوهابيين والسلفيين، وتعتبر من المؤيدين لحركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان.
عدم معرفة الناس عن الإسلام والمعلومات المحدودة لشعوب هذه المنطقة عن الدين، قد وفرت عملية تسهيل نفوذ وحضور الأفكار الوهابية والتكفيرية للسعوديين في طاجيكستان وآسيا الوسطى والقوقاز، والأرضية العقائدية الهشة تسببت في أن الإسلام الراديكالي المدعوم من قبل بعض الدول عبر الإقليمية مثل السعودية، يتمكَّن من التسلل إلي المنطقة وجذب أتباع له في كل بلد من البلدان، بما في ذلك طاجيكستان.
والسعوديون وعلى مر السنين الماضية وبطرق مختلفة، شملت "تأليف ونشر الكتب الدينية التي تحمل القراءة الوهابية - السلفية، منح المساعدات المالية للتيارات التابعة لهم في المنطقة، إنشاء وبناء المساجد والمؤسسات التي تنشر الوهابية، تعليم الطلاب والشبان الطاجيك في المدارس الدينية التابعة، إرسال الدعاة الوهابيين إلى مناطق مختلفة من طاجيكستان، الاستفادة من طاقات الجماعات المتطرفة المتمثلة في تنظيم القاعدة وحركة طالبان للنفوذ بين الشعب الطاجيكي، وإساءة استغلال فقر المواطنين الطاجيك لجذبهم نحو الجماعات المتطرفة"، يحاولون تصدير قراءتهم التكفيرية - الوهابية عن الإسلام إلى طاجيكستان.
ومن الجدير بالذكر أنه منذ بدء الأزمة السورية، ظهرت أبعاد جديدة من انتشار الأفكار السلفية - الوهابية في طاجيكستان، ورفعت أعلام الجماعات المتطرفة والإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة في بعض أجزاء من طاجيكستان، ومن ناحية أخرى انضم عددٌ كبير من مواطني هذا البلد إلى صفوف الإرهابيين، للقتال ضد حكومتي سوريا والعراق. وهذه القضية التي تشير إلي النفوذ العميق للأفكار السلفية - الوهابية في طاجيكستان، أثارت مخاوف المسؤولين الحكوميين في هذا البلد. ذلك أن الصلات والعلاقات المباشرة بين التيارات المتطرفة في طاجيكستان مع المراكز السلفية – الوهابية، وحضورهم على أرض المعركة في سوريا، يمكن أن يؤدي إلى تزايد نفوذ الداعمين الدوليين للإرهاب في هذا البلد.