شبکة تابناک الأخبارية: لم تمر تصريحات المفتي العام للسعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حينما وصف المظاهرات المتواصلة في مصر بأنها "إثارة للفتن بين الشعوب وحكامها"، مرور الكرام بل أثارت انتقادات في الأوساط الشرعية في المملكة.
فبعد دقائق معدودات من خطبة الجمعة التي ألقاها آل الشيخ، ظهر الداعية السعودي المعروف الشيخ سلمان بن فهد العودة في برنامجه الفضائي الأسبوعي، مثنيا على الحراك الشعبي والشبابي الذي تشهده مصر حاليا، ومشيدا بالشباب المصري الذي سبق الأحزاب السياسية الرسمية والنخب في الوصول إلى الشارع.
أما الخبير في أصول الفقه عوض القرني فدافع من جهته عن مظاهرات الشعب المصري، واعتبر من يقوم بها بأنه "مأجور بار بإذن الله من دخل فيها بنية حسنة".
وقال القرني، الذي سبق له أن حوكم غياباً في مصر بخمس سنوات سجنا بسبب ادعاءات القاهرة بانتمائه لـ"التنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، إن الناظر في أحكام السياسة الشرعية يرى أنها أحكام مرنة تتغير صورها وأشكالها بتغير أعراف العصر وتغير المصالح والمفاسد، دون أن يتغير جوهرها ومقصدها وغايتها.
ويعتمد القرني في تفصيل رؤيته الشرعية على "الدساتير التي أخذ بها عدد من البلدان العربية والتي تجيز فيها المظاهرات كتعبير سلمي احتجاجي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
ويواصل القرني في مرافعته الشرعية بالتأكيد على أن "ما يحدث في مصر من مظاهرات سلمية بشهادة العالم ووسائله الإعلامية أنها تجنبت سفك الدماء والإضرار بالممتلكات العامة، وكانت تنادي بدفع الظلم والظالمين وإيصال الحقوق لأهلها، وذلك وفق الدستور الذي تعاقد عليه الحاكم والشعب سابقاً".
ولتأييد ما يقوم به المصريون الآن من مظاهرات واحتجاجات ولكن بلغة تصعيدية هذه المرة، قال القرني إن "الرئيس مبارك ظلم الخلق وعطل شرائع الله وتعاون مع الصهاينة ومن يدعمهم ضد الشعب الفلسطيني، ونشر الفساد في الأرض".
وخلص القرني إلى أن كل ذلك يؤكد أن "هؤلاء الشباب الأطهار إنما قاموا نيابة عن الأمة للأخذ على يدي هذا الظالم السفيه".
من جهة أخرى عبر عدد من العلماء الشرعيين من خلال رسائل بريد إلكترونية متداولة على نطاق واسع عن تأييدهم لمظاهرات مصر حيث ووصفوها بـ"المشروعة" في ظل "نظام سياسي مستبد وحاكم ظالم كمبارك".
وأحدثت أزمة مصر الحالية تطوراً جديدا على مستوى المؤسسة الدينية الرسمية حينما خرج عضو المؤسسة البارز رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق الشيخ صالح اللحيدان مطالباً الرئيس المصري بالتنحي عن الرئاسة، كونه المطلب الوحيد لآلاف المتظاهرين الذين يغص بهم ميدان التحرير في القاهرة وطرقات المدن المصرية.
وأضاف اللحيدان أن "سماع مطالبهم كاف ليحقن الدماء ويحفظ الأمن، فضلاً عن ممارسة الناس في مصر حياتهم الطبيعية بعيدا عن الزعزعة التي تشق الرأي العام وتولد الفوضى".
وتنتشر في الأوساط العلمية الشرعية فتاوى تجيز "المظاهرات عموماً ما دام قانون البلد يسمح بها" شريطة عدم تضمنها المحاذير الشرعية من "سفك الدماء وتدمير الممتلكات وعدم الاختلاط بين الرجال والنساء".
وقد زادت في فترة الأزمة المصرية كتابات الشرعيين السعوديين التي تؤيد ما قامت به الجماهير في ميدان التحرير وسط القاهرة.
أما خبير السياسة الشرعية الشيخ محمد العلي فيرى أن "رأي سماحة المفتي يعدا رأيا اجتهاديا شرعيا سابقا في المظاهرات عموما".
وأجاز العلي مظاهرات المصريين معللاً موقفه بكونها "سلمية"، ولم يبتعد العلي عما ذهب إليه القرني حيث تقاطع معه في كونها "أداة تعبيرية لتغيير المنكر تجيزها وتشرعها الأنظمة الديمقراطية الجمهورية".