۳۱۴مشاهدات

الانتفاضة الفلسطينية في عيون صحفي إسرائيلي

الشابات فصلن أنفسهن عمدًا عن مئات الطلاب، وفي الوقت الذي قام به هؤلاء بالضرب بشدة مع مطرقات على الجدار، ظلت الطالبات من الوراء لنشد الأناشيد".
رمز الخبر: ۲۹۷۸۴
تأريخ النشر: 14 October 2015
شبکة تابناک الاخبارية: تسلل الصحفي الإسرائيلي المختص بالشؤون الفلسطينية آفي يسسخاروف، وسط الشباب الملثم الذين يلقون الحجارة في القدس المحتلة، محاولًا ايضاح الصورة للرأي العام وربما للجهات الأمنية في كيان الاحتلال، عن الدوافع التي حركتهم للمشاركة في الهبة الجماهيرية المتصاعدة.

يسسخاروف نجح في التسلل لتظاهرة طلاب من جامعة القدس – أبو ديس تم توجيه الدعوة لها الساعة 11:00 صباحًا، جاءت احتجاجًا على المس بالمسجد الأقصى. يقول:" ولكن وكما في الأفراح الإسرائيلية، لم يصل أي أحد من المشاركين تقريبًا في الوقت المحدد. في تمام الساعة 11:30 كان الحضور قليلًا جدًا عند أبواب الجامعة المعروفة، التي خرج منها اثنان من أول منفذي الهجمات في موجة "العنف" الأخيرة، أو كما يصفها الفلسطينيون "هبة القدس"".

وعرّف يسسخاروف هذين المنفذين وهما ضياء تلاحمة من الجهاد الإسلامي، الذي حاول قبل بضعة أيام من الهجوم في "إيتمار" تنفيذ عملية في منطقة الخليل ولكن العبوة الناسفة انفجرت في يده ما أدى إلى مقتله، ومهند حلبي من الجهاد الإسلامي أيضًا، وهو قاتل الحاخام نحاميا لافي، وأهارون بينت في البلدة القديمة في القدس.

وتابع يقول :"بعد مرور بضعة دقائق ظهر طرف الحشد قادمًا من الجنوب، واقترب من الجدار الفاصل، على بعد بضعة عشرات الأمتار فقط من الجامعة. ظهر الكثير من الملثمين بين الحشود، الكثيرون منهم ارتدوا قمصانًا حملت صورة ضياء تلاحمة. كانت هناك أوشحة لحماس وفتح وكوفيات حمراء للجبهة الشعبية، باختصار كل الألوان كانت هناك. في المقابل من الشمال، في توقيت لم يأت من قبيل الصدفة، توجهت نحوهم عشرات الطالبات، لم يتوقفن للحظة عن نشيد الأغاني الوطنية والدينية. "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود"، هتفن بصوت عال. معظمهن مع حجاب على رؤوسهن ولكن كانت هناك بينهن أيضًا فتيات من دون حجاب. الشابات فصلن أنفسهن عمدًا عن مئات الطلاب، وفي الوقت الذي قام به هؤلاء بالضرب بشدة مع مطرقات على الجدار، ظلت الطالبات من الوراء لنشد الأناشيد".

واستطرد :"الجيش الإسرائيلي لم يظهر حتى الآن في الأفق، وواصل المشاركون إلقاء الحجارة نحو الطرف الآخر من الجدار من دون هدف. من كل الأطراف سُمعت الهتافات: "شباب، شباب، أدخلوا القمصان داخل البنطلون". كرمز يتم تناقله بين مئات المشاركين، خوفًا من دخول المستعربين بين صفوف المتظاهرين، كما حدث في التظاهرة على مقربة من بيت إيل. الصور والأفلام التي تم تصويرها في هذه التظاهرة أثارت بعض الذعر من المستعربين. يسارع الجمهور إلى الإصغاء لهذا النداء والملثمون جميعهم، مع قميص داخل البنطلون. يقوم شاب شجاع بتسلق جدار الفصل ويقف عليه بكل فخر واعتزاز".

وأشار يسسخاروف إلى أن "هذه هي الدقائق الميتة، قبل وصول الجيش. جزء من المتظاهرين قرر أخذ استراحة صغيرة وزيارة محل البيتزا مقابل بوابة مدخل الجامعة. إلا أنه في هذه اللحظة ظهرت مركبات الجيش، وعندها صرخ المتظاهرون بصوت يشبه الهدير أعلنوا من خلاله عن وصول العدو. الشبان، الذين كانوا منشغلين بأكل البيتزا، قفزوا من كراسيهم، مع قطع البيتزا بين أيدهم وسارعوا للانضمام إلى إخوانهم مقابل الجدار. معدل سرعة إلقاء الحجارة وصل إلى نقطة بدا فيه لبضعة ثوان وكأنه معركة من العصور الوسطى: سُمع هدير آخر من الأسفل والذي أدى إلى إلقاء حجارة كثيف جدًا تطايرت فيه مئات الحجارة في وقت واحد إلى الطرف الآخر من الجدار".

ولفت "مضت بضع ثوان ومن الطرف الإسرائيلي ألقيت قنابل مسيلة للدموع. بداية حاول الشبان إرجاع هذه القنابل برميها إلى الطرف الثاني، ولكن في مرحلة معينة ملأ الغاز المسيل للدموع المكان ما دفع المئات من المتظاهرين إلى الفرار من المكان، معظمهم إلى داخل الجامعة. مجموعة قليلة من الشبان الذين يتحلون بشجاعة الكافية ظلوا أمام القوات الإسرائيلية، وحاولوا من دون جدوى إرجاع أصدقائهم إلى ميدان المعركة".

ونوه ييسخاروف إلى أن "هذا الجيل من الشباب الفلسطينيين، يُلقب في المجتمع الفلسطيني بـ"أطفال أوسلو". فقد ولدوا بعد اتفاق أوسلو عام 1993 وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية. سمعوا عن الاحتلال الإسرائيلي بنمطه القديم، ولكنهم "لا يدركون معناه تمامًا". السلطة الفلسطينية بالنسبة لهم هي السلطة منذ لحظة ولادتهم ولكنهم ينظرون إليها بازدراء معلن وبتشكك".

ونبه إلى أنه في عملية "الجدار الواقي" عام 2002، كان معظمهم أطفالًا صغارًا، وجزء منهم لم يولد بعد. إنهم مدمنون على الإنترنت وبالطبع "الفيس بوك"، وبالنسبة لهم فإن وسائل الإعلام الرسمية التابعة للسلطة (التلفزيون والإذاعة الفلسطينية) هي من عصر "التسعينيات". يتناقلون بين بعضهم البعض أشرطة فيديو ورسائل عبر "الواتس أب" وتطبيقات أخرى (مثل شريط الفيديو لمنفذة الهجوم من الناصرة التي أطلق رجال الشرطة النار عليها بعد أن أحاطوها من كل الجهات) وهكذا يكوّنون شبكة اتصالات وأخبار خاصة بهم. حتى أن الجزيرة بالنسبة لهم بمثابة "أخبار للمسنين".

وكشف يسسخاروف عن دخوله مخيم شعفاط للاجئين بالقدس المحتلة، حيث استقبله هناك فتيان شبان ملثمون يقومون بإلقاء الحجارة على قوات شرطة حرس الحدود عند الحاجز. من الصعب التصديق أنه على بعد بضعة مئات الأمتار فقط من المنازل في التلة الفرنسية ومن خط سكك الحديد للقطار الخفيف، يتواجد أحد الأماكن الأكثر تخلفًا وإشكالا في الأراض الفلسطينية".

وأوضح أنه "من كل جهة يعلو دخان من أكوام النفاية التي لم يتم جمعها. قبل يومين فقط قُتل هنا الشاب الفلسطيني أحمد صالح في مواجهات مع القوات الإسرائيلية وفي الأمس قام أحد سكان المخيم، ويُدعى محمد علي، بتنفيذ هجوم طعن عند باب العامود نجح خلالها بإصابة شرطيين قبل أن يقوم زملائهما بإطلاق النار عليه وقتله".

يسسخاروف يقول إنه "عند المدخل لمنزل عائلة علي كان هناك عشرات الأشخاص يجلسون على الكراسي في الانتظار. فـ"جثته" لم تُسلم إلى العائلة حتى الآن، وهناك شك بأن يتم تسليمها اليوم"، أحد هؤلاء هو والد أحمد صالح، الذي قُتل قبل يوم فقط. يقول: "قتلوا ابني بدم بارد".

وتابع: "عباس (رئيس السلطة الفلسطينية)، يجب أن يذهب. أن يسقط. وعلى الشعب أن يحاسبه. السلطة دمرت كل شيء"، قال هذه الأمور بينما حاول شخص آخر أن يشرح أنه أب ثكل ابنه، وأن أقواله نابعة من غضب.

يسسخاروف نوه إلى أن أحد سكان المخيم لم يعجبه وجود صحفيين إسرائيليين في المكان، وأحد الحاضرين يغضب منه، ويقوم بإسكاته. لتمر في المكان دراجة نارية تحمل صورة أحمد علي وراية حركة فتح. فالجميع هنا يتحدث عن المس بالأقصى"، كما قال.

النهاية
رایکم