
شبکة تابناک الأخبارية: يطالب المحتجون في اليمن بنهاية حكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الممتد منذ عقود مستلهمين ما يجري من أحداث ساخنة في تونس ومصر لكن التغيير السلمي غير مرجح فيما يبدو في دولة قبلية تعاني من الصراع والفقر.
وخرج 16 ألف متظاهر على الأقل إلى الشوارع في صنعاء يوم الخميس في اكبر موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة هذا الشهر محاكين حالة الثوران العربي التي فجرها إسقاط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
وقال عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء "الناس غاضبون. يريدون أن يرحل صالح. يحكم منذ 33 عاما وقد دمر البلاد".
وتتناقض تونس العلمانية في كثير من الجوانب مع اليمن الدولة الإسلامية التي تعاني من نزعة انفصالية في الجنوب والتي خرجت مؤخرا من صراع مع المتمردين الحوثيين في الشمال لان تونس تتميز بالثروة نسبيا والطبقة المتوسطة المتعلمة فضلا عن غياب الخلافات الإقليمية أو الدينية.
وقال خالد فتاح خبير الشؤون اليمنية والعلاقات الحكومية القبلية في العالم العربي بجامعة سانت اندروز في اسكتلندا "السياق الاجتماعي السياسي اليمني شديد القبلية".
وأضاف "مفاتيح أي تغيير سياسي كبير في اليمن ليست في أيدي النقابات والأحزاب السياسية بل الزعماء القبليين أصحاب النفوذ وأعضاء الأسرة السعودية الحاكمة".
وتساعد السعودية التي تشعر بالقلق بسبب تزعزع الاستقرار في اليمن الذي اتخذ منه تنظيم القاعدة بجزيرة العرب مقرا له في تمويل صالح لكنها ترتبط أيضا بعلاقات مستقلة ببعض القبائل اليمنية.
والوضع الاقتصادي في اليمن أسوأ كثيرا من تونس أو مصر لكن شكاوى الجماهير في الدول الثلاث تركز على ارتفاع السعار والبطالة فضلا عن تفشي الفساد وسوء الحكم.
ويقول المحلل السياسي اليمني عبد الغني الارياني إن معدل البطالة في اليمن نحو 35 في المئة متشهدا بما وصفها التقديرات المتحفظة للحكومة. وأضاف أن نحو ثلث سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة تحت خط الفقر الذي يجري تعريفه بأنه الحصول على 1200 سعر حراري يوميا.
ومضى يقول "في غياب طبقة متوسطة قوية ومجتمع مدني قوي فان قيام ثورة مخملية باليمن مستحيل".
وأضاف "لا أظن أن حشد الجماهير قادر على إسقاط النظام. سيؤدي إلى إراقة الدماء على نطاق واسع".
وعلى الرغم من أنه تم اغتيال سلفي صالح فان آخر مرتين انتقلت السلطة فيهما في اليمن رتب لهما الجيش وتمتا بسلاسة. وجاءت إحدى هاتين المرتين بصالح إلى الحكم عام 1978 .
وصالح بارع في السياسات القبلية والعشائرية وقد صمد في مواجهة تحديات كثيرة من بينها محاولة الجنوب الانفصال عام 1994 بعد أربع سنوات فقط من وحدته مع الشمال.
لكن الأموال التي يحتاجها ليحتفظ بولاء القبائل والجنود تتضاءل. وتزامن النمو السكاني السريع مع تراجع في عائدات النفط المتواضعة التي تمثل 70 في المئة من دخل الحكومة اليمنية و90 في المئة من صادراتها.
وقال برنارد هيكل أستاذ مساعد دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية بجامعة نيويورك " الأمريكيون والسعوديون يغدقون الأموال على النظام حتى لا ينهار من الداخل".
وأضاف أن نظام صالح "يعتمد بشدة على كم الأموال التي يحصل عليها ليحافظ على سير شبكة محسوبيته".
ورد الرئيس على الاضطرابات الأخيرة بنفي ترشحه لولاية أخرى عام 2013 أو محاولته توريث ابنه الحكم. كما وعد بزيادة رواتب الموظفين الحكوميين وأفراد الجيش بما لا يقل عن 47 دولارا في الشهر.
وقال كريستوفر بوتشك من معهد كارنيجي للسلام الدولي "لست واثقا من أن الحكومة اليمنية تعلم كيفية الرد على هذه الأمور مثل الاستياء من الاقتصاد والشكاوى من الفساد".
وأضاف "هذا هو اكبر تهديد للاستقرار في اليمن".
وتابع أنه لم يتضح كيف ستدفع الحكومة المبالغ التي وعدت بها في الوقت الذي تحاول فيه خفض عجز الميزانية.
وقال جري جوري جونسن خبير الشؤون اليمنية المقيم في القاهرة أن صالح يحتاج إلى المساعدات الخارجية ليبقى في الحكم. وأضاف "إذا كان غير قادر على أن يدفع للموظفين الحكوميين والجيش فهذه مشكلة حقيقية للحكومة".
وأضاف "إذا تم قطع المساعدات الخارجية التي تتيح له سد العجز في الميزانية فستكون هناك مشكلة خطيرة جدا في اليمن".
وحين أسقط المحتجون بن علي في تونس لم تدافع أي قوة خارجية عن الرئيس المخلوع. على النقيض يعتبر الغرب صالح حليفا مهما في مكافحة تنظيم القاعدة.
وقال بوتشك "السعوديون ودول الخليج والاوروبيون والأمريكيون كلهم لهم مصلحة في استقرار اليمن وهذا يعني استمرار هذه الحكومة".
ويواجه الغرب معضلة في دعم حكومة اليمن فيما يتعلق بقضايا الإرهاب والأمن في حين يروج للإصلاح وتدارك شكاوى المواطنين.
وقال بوتشك "الأمريكيون وجميع اللاعبين الدوليين بحاجة إلى توخي الحذر من أن يبعثوا برسالتين متباينتين لليمن واحدة للشعب وأخرى للحكومة".
وأضاف "لابد أن تكون هناك رسالة واحدة عن الامن والاستقرار اليمنيين وما سيفعله المجتمع الدولي حيال هذا".
ومازال البعض يأملون أن يتمكن صالح من الترتيب لانتقال سلمي للسلطة يجنب اليمن الانزلاق إلى فوضى دموية.
وقال المحلل اليمني الارياني "هذا ممكن فقط إذا أجراه صالح بنفسه... إذا لم يستخدم نفوذه وخبرته الهائلة لتطبيق الإصلاحات التي يحتاجها اليمن بشدة ستكون هذه خسارة. إذا لم يفعل فقد لا تتم على الإطلاق".