۳۳۱مشاهدات
وفي الوقت نفسه، قال ستيفن هاربر إنه بالرغم من أن “تحول مصر نحو الديمقراطية” هو أمر مرغوب فيه، لكنه لا ينبغي أن يكون مفاجئًا، بحيث يؤدي إلى خطر “خروج قوى الشارع عن السيطرة“.
رمز الخبر: ۲۶۵۸۸
تأريخ النشر: 03 March 2015
شبكة تابناك الاخبارية: قبل أسابيع قليلة، قام جون بيرد في سويسرا، بنشر تغريدة تحمل صورته وهو مبتسم للكاميرا، وهو يصافح ضيفه القصير غير الجذاب الذي بدا منشغلًا بالنظر إلى شيء آخر في الغرفة.

وقال بيرد، الذي كان في ذلك الوقت لا يزال وزيرًا الخارجية في كندا: "كان شيئًا رائعًا أن أتناول العشاء وأتحدث مع الرئيس السيسي الليلة الماضية".

وقبل ذلك ببضعة أيام، حينما كان بيرد يستجدي مصر من أجل إطلاق سراح صحفي كندي، عبّر عن سعادته بحكم عبد الفتاح السيسي، الجنرال المصري الذي استخدم الجيش للاستيلاء على السلطة في عام 2013، فقال: "وأنا شخصيًا أود التأكيد على دعم كندا القوي للحكومة الجديدة في مصر، وتحولها نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون".

كانت العديد من الحكومات الغربية الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، قد أثنت بشكل مماثل على نظام السيسي، ولكن بيرد كان أكثرهم إطراءً. فقد صرح وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن السيسي يعطي "شعورًا قويًا جدًا بالتزامه بحقوق الإنسان"، كما أنه من النادر جدًا أن يذكر المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون والأوروبيون مصر دون استخدام عبارة "التحول الديمقراطي"، وهو الأمر الذي لا توجد كثير من الدلائل عليه.

لكنّ الدبلوماسيين لا يذكرون المجزرة التي قتل فيها قرابة الألف متظاهر على يد قوات السيسي في ميدان رابعة بالقاهرة قبل 18 شهرًا.

وبرغم أن معظم الحكومات الغربية قد أثارت ضجة في ذلك الوقت (على الرغم من أن البيان الذي أصدرته كندا بدا وكأنه يضع اللوم بشكل مساوٍ على المتظاهرين الذين تم ذبحهم). ولكنّ أحدًا لا يريد استحضار تلك الحادثة الآن.

كما تم أيضًا هذه الأيام تجاهل عشرات الآلاف من المصريين الذين اختفوا في سجون مصر، حيث الجلادون متحمسون للعمل، متناسين حرص السيسي المفترض على حقوق الإنسان.

فالزعماء الأجانب يفضلون عدم طرح موضوع هدم المئات من منازل المدنيين، وتهجيرهم من مواقع بالقرب من الحدود مع إسرائيل في سيناء -وهو ما قيل إنه لتسهيل الإمساك بالمتشددين الإسلاميين- أو موضوع قمع النظام القاسي لأي نوع من المعارضة، أو حتى حرية التعبير.

لكن، تلك التفاصيل المؤسفة قد تكون كلها تفاصيل ثانوية بالنسبة إلى "عودة الاستقرار” إلى مصر، كما وصفها رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر.

ويقول الصحفي البريطاني، توم ستيفنسون، في تحقيقاته الأخيرة حول نظام السجن السري في مصر: "يبدو أن الغرب لا يرى أي تناقض في دعم استقرار نظام السيسي في الوقت الذي يعاني فيه الشعب المصري من عدم الاستقرار الشديد والذي يتزامن مع الاعتقالات الجماعية والتعذيب".

وبرغم أن ستيفنسون، الذي يقدم تقارير من القاهرة لمجلة لندن ريفيو أوف بوكس، هو مراسل شجاع؛ إلا أنه من الأفضل له توقي الحذر. فقد تم اعتقال محمد فهمي، الصحفي المصري-الكندي الذي عمل لصالح شبكة الجزيرة الإنجليزية وقضى شهورًا في السجون المصرية، وربما سيقضي وقتًا أطول. ولم يقدم ثناء بيرد على نظام السيسي وتعهد كندا بتقديم الملايين كمساعدات لمصر لفهمي أكثر من جلسة استماع جديدة.

يؤكد تقرير ستيفنسون أن أجهزة الأمن المصرية قد أسست شبكة سرية مخيفة من السجون لاستيعاب أعداد كبيرة من الأشخاص الذين قبض عليهم. ويقول ستيفنسون إن النتيجة هي "زيادة في أعداد المواطنين رهن الاعتقال بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر".

وقد وثقت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش (التي تم منع مسؤوليها من دخول مصر) ومنظمة العفو الدولية تلك الانتهاكات، ولكن ستيفنسون قدّم أسماء ومواقع ما يسميه "السجون السوداء".

ويصف ستيفنسون مجموعة من ممارسات التعذيب، بما في ذلك الصدمات الكهربائية، والتغطيس في المياه المثلجة، واستخدام المياه والزيت المغلي، والضرب والاغتصاب، وحبس السجناء في زنازين شديدة الحرارة والاكتظاظ بحيث لا يستطيعون الحركة، ناهيك عن النوم أو جلوس القرفصاء لقضاء الحاجة. ويقول ستيفنسون إن التعذيب لا يهدف في بعض الأحيان إلى استخراج المعلومات، أو ما يسميه "التعذيب الترفيهي".

كانت الحكومات الغربية قد شكت من هذه الانتهاكات من وقت لآخر، خاصة بعد الانقلاب العسكري في عام 2013. ولكن، منذ أن تحول السيسي من جنرال إلى رئيس للجمهورية بعد سنة من الانقلاب، وبتصويت من جانب واحد، تراجعت التحفظات الغربية إلى حد كبير.

فقد استأنفت الولايات المتحدة شحنات طائرات الهليكوبتر الهجومية والمساعدات العسكرية الأخرى إلى مصر، بينما أشاد بيرد بجهود السيسي في "مواجهة الأعمال الإرهابية لجماعة الإخوان المسلمين".

فالإخوان بطبيعة الحال هم الهدف الرئيس للنظام. فقد حظرت الحكومة الجماعة وألقت القبض على أعضائها بشكل جماعي. ولايزال الرئيس السابق، محمد مرسي، سجينًا في سجن برج العرب.

ولكن، السيسي لم يتوقف عند هذا الحد؛ فقد لاحقت حكومته النشطاء العماليين، والكتاب والأكاديميين، واحتل جنوده الجامعات.

في شهر يناير الماضي، فتحت قوات السيسي النار على المتظاهرين بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة قصيرة الأجل التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وقتل 23 شخصًا على الأقل، بينما برأت المحاكم المصرية في الوقت نفسه مبارك من جميع التهم الجنائية.

ويسخر فيري دي كيركوف، سفير كندا السابق لدى مصر، من فكرة أن حقوق الإنسان في مصر تمثل أي أهمية بالنسبة للغرب، ويقول "لا أحد يهتم". ويؤكد دي كيركوف على أنه من الأهمية بمكان استمرار سحق الإخوان، واحترام اتفاق السلام مع إسرائيل، ومساعدة أي اتفاق بين الدول الغربية وإيران للحد من طموحاتها النووية.

ومن الضروري ألا تعرقل المملكة العربية السعودية ومصر هذه الصفقة؛ لذا فيقول دي كيركوف: "لماذا يجعلون حياة السيسي بائسة وهم يحاولون تحقيق ذلك؟ إن حقوق الإنسان خارج الموضوع تمامًا!"؛ لذلك، فستتدفق المليارات من المساعدات والاستثمار الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، قال ستيفن هاربر إنه بالرغم من أن "تحول مصر نحو الديمقراطية” هو أمر مرغوب فيه، لكنه لا ينبغي أن يكون مفاجئًا، بحيث يؤدي إلى خطر "خروج قوى الشارع عن السيطرة".

كما قال هاربر في خطاب ألقاه في تل أبيب العام الماضي، إن الرئيس السابق المنتخب كان يريد استخدام عناصر الديمقراطية، وتحقيق الفوز، لإنشاء "دولة إسلامية استبدادية".
رایکم