
شبكة تابناك الاخبارية: الساحة السياسية في السعودية تشهد في هذه الأيام تغييرات واسعة وأبرز ما فيها تنحية حاشية الملك السابق وإقصاء بندر بن سلطان إلى الأبد.
ان ما يجري اليوم في الاوساط السياسية السعودية هو انقلاب بكل ما للكلمة من معنى حيث حدث في المرحلة الاولى ضمن اروقة الاسرة الحاكمة بعد ان احتدم صراع متفاقم خلف الكواليس وسط تعتيم اعلامي رهيب لم يشهده أي بلد في العصر الحديث وفي العالم المتحضر واما في المرحلة الثانية فقد شهد تدخلاً امريكياً معلناً.
المرحلة الاولى من هذا الانقلاب الحاسم شهدت اهتماماً واسعاً من قبل وسائل الاعلام الرسمية المتحررة والمستقلة التي لا تقتات على فتات مائدة آل سعود لكن المرحلة الثانية لم تحظ باهتمام ملحوظ نظراً لكونها في هالة من الغموض فبعد سويعات قليلة من الاعلان عن موت عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حتى بادر خصومه في داخل الاسرة الحاكمة بنشر قائمة تغييرات جذرية دونت بأمر من الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز وبما في ذلك تنصيب مقرن كولي للعهد وتعيين محمد بن نايف نائباً له الامر الذي بدد جميع البرامج التي خطط لها عبد الله طوال سنين عديدة وأعقم تلك الجهود التي كان يتوقع انها ستكون مثمرة مستقبلاً وتنصب لصالح ابنائه ومقربيه لكن اخاه غير الشقيق سلمان اعرض عنها برمتها وذهبت ادراج الرياح.
والطريف ان البعض كان يتصور ان سلمان سيلفظ انفاسه الاخيرة قبل اخيه عبد الله لذلك اعتقدوا ان الملوكية ستنتقل الى مقرن الذي سينصب متعب بن عبد الله ولياً للعهد الذي سيعمل على تحقيق هدفين اساسيين بعد يتربع على العرش، وهما:
اولاً: اقصاء السديريين عن المراكز الحساسة وتهميش دورهم في ادارة البلاط والسيطرة على البلاد.
ثانياً: القيام بما من شأنه ضمان حصر السلطة على اولاد عبد الله بن عبد العزيز واحفاده.
لكن هذا السيناريو الذي تم التخطيط له وتطبيق مراحله الاولى بعد جهود مضنية سرعان ما اصبح هباءً منثوراً بموت الملك السابق واقتناص سلمان تاج الملوكية حيث اقصى حاشية سلفه عبد الله من السلطة وهمش دورهم.
وتجدر الاشارة هنا الى ان سلمان قد عاصر الاروقة السياسية في الرياض بشكل رسمي مدة اربعين عاماً ويعرف جيداً ما يجري وراء الكواليس ولا تخفى عليه اسرار الاسرة الحاكمة اذ انه منذ عام 1975 م حاز على منصب رسمي رفيع بعد اغتيال فيصل بن عبد العزيز وسيطرة خالد بن عبد العزيز على الحكم فقد تم تعيينه حاكماً للرياض الامر الذي فسح المجال للاطلاع على اهم اسرار اسرة آل سعود على جميع الاصعدة ولا سيما السياسية منها.
ولو ان سلمان كان قد مات قبل اخيه غير الشقيق عبد الله فبكل تأكيد لأصبح اصحاب المناصب الجديدة الحساسة في حكومته الحالية مهمشون ولا ذكر لهم على الساحة السياسية ولأصبح الذين طردوا اليوم واصبحوا مهمشين، اصحاب القرار في المملكة لذلك لا ينكر احد مطلقاً ان ما حدث هو انقلاب حقيقي على السلطة ومن نمط عائلي قبل ان يكون سياسياً.
وبما ان البيت الابيض هو صاحب القرار النهائي في المملكة عند حدوث اي طارئ فالمرحلة الاخرى لهذا الانقلاب كانت بقيادة الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي حط رحاله في الرياض بمعية 30 شخصية امريكية رفيعة المستوى حيث تمخضت عن زيارته قرارات هامة لتنصيب البعض واقصاء آخرين ولكن ما يبقى في هالة من الغموض هو القرار الذي اتخذه الرئيس الامريكي مع ساسة الرياض حول مستقبل الارهاب السلفي التكفيري الذي يديرونه عن بعد ويمدونه بالعون فيا ترى هل سيغيرون استراتيجيتهم هذه او يصححونها بعد ان اصبح هذا الارهاب الاعمى يهددهم انفسهم؟! فالارهابيون التكفيريون في بادئ الامر كانوا ينفذون اوامر اسيادهم في الرياض وواشنطن فحسب لكنهم اليوم تمردوا نوعاً ما وبدؤوا يتخذون قرارات دون مشورة مع اسيادهم واحياناً بدؤوا يلجؤون الى شركاء آخرين كالاتراك والقطريين الامر الذي لا يروق لحكام الرياض وواشنطن لأنهم المؤسسون للتيارات التكفيرية ولا يريدون ان تذهب ثمار جهودهم المضنية الى جعبة غيرهم حتى وان كان من حلفائهم.
والمثير للسخرية ان بندر بن سلطان كان قبل فترة ليست بالبعيدة من المقربين والمعززين لدى ساسة البيت الابيض الا انه اليوم اضحى مطروداً ولا ذكر له لدرجة ان الوفد الامريكي الذي جاء الى الرياض برفقة اوباما كان يراهن عليه في واشنطن بصفته مديراً فنياً للعمليات الارهابية التي تنصب في مصلحة واشنطن وتل ابيب قبل كل شيء لكن السياسة تقتضي ان يعرض عنه اليوم وكأنه لم يكن موجوداً من الاساس، فهذه هي لعبة السياسة لأنك ان كنت انساناً صادقاً وسياسياً تعير للانسانية قيمة سوف تحتفظ بماء وجهك لكنك ان اتبعت منطق الكذب والتحايل ودست على القيم والمعايير الانسانية سوف تضمحل سريعاً واول من ينبذك اولئك الذين صفقوا لك وساندوك في طريقك المنحرف وهذه هي نتيجة كل من يتبع سياسة البيت الابيض القذرة التي لا وجهة لها سوى المصالح وحسب.
بندر بن سلطان الذي كان قبل فترة وجيزة يصول ويجول ويراهن على ارواح وممتلكات المسلمين المغلوبين على امرهم في سوريا والعراق وينقر على الدف الصهيوني اصبح اليوم في خبر كان وطرده اسياده الامريكان قبل أن تنبذه اسرته التي ينتمي اليها.
النهاية