۳۸۷مشاهدات
وبعد ذلك انهمرت الأمطار. إذ إن مطراً غزيراً، لا بل أكثر من غزير، قلل من عدد الحشود الفلسطينية المشاركة وأبقى البارود الإسرائيلي جافاً للوقت الحالي على الأقل.
رمز الخبر: ۲۵۲۴۳
تأريخ النشر: 07 January 2015
شبكة تابناك الاخبارية: كتب روبرت ساتلوف وهو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن في مقال له: لقد تعب العالم بأسره من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والمواجهة التي لا تنتهي بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فعندما برز في الآونة الأخيرة احتمال تفجير انتفاضة ثالثة بعد إغلاق إسرائيل المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين بشكل مؤقت رداً على رشق الحجارة على المصلين اليهود عند حائط المبكى الكائن في الأسفل، دعا القادة الفلسطينيين عندئذ إلى "يوم غضب"، ونشرت إسرائيل أكثر من 1000 جندي من مكافحة الشغب لتكون مستعدة للتعامل مع أسوأ السيناريوهات الممكنة. وفي هذا الإطار تنافس المعلقون من مختلف الأطياف السياسية بتنبؤات تقوم على مبدأ "لقد حذرتكم" من بداية انتفاضة فلسطينية جديدة.

وبعد ذلك انهمرت الأمطار. إذ إن مطراً غزيراً، لا بل أكثر من غزير، قلل من عدد الحشود الفلسطينية المشاركة وأبقى البارود الإسرائيلي جافاً للوقت الحالي على الأقل.

ومن المرجح أن يتطلب الأمر تدخلاً إلهياً أكثر تأثيراً حتى لمنع مجموعة من المشاكل المتفاقمة في الشرق الأوسط - التوترات المتجددة بين إسرائيل والفلسطينيين والإرهاب الإسلامي والأسلحة النووية الإيرانية وهلم جرا - من الهبوط مباشرة على طاولة الرئيس الأمريكي القادم، سواء أكانت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون أو أي شخص آخر. يُذكر أن جميع المؤشرات تدل على أن الرئيس أوباما سيحاول تحقيق إنجازات عديدة في آخر سنتين له في منصبه، ولا سيما من خلال تأمين ما أفادته التقارير ما يُعتقد أنه قد يكون اتفاقاً نووياً تحولياً مع إيران. إلا أن الاحتمالات الساحقة تشير إلى أن معظم هذه المشاكل ستبقى غير محلولة مع قدوم تاريخ تنصيب الرئيس القادم، وأن الشرق الأوسط سيكون مسيطراً على فترة حكم الرئيس الخامس والأربعين كما كان أثناء فترة ولاية الرئيس أوباما.

***

لقد وقعت أحداث الأقصى في أعقاب آخر أزمة في سلسلة من الأزمات المصغرة بين واشنطن والقدس والتي أبعدت أيضاً احتمالات إحداث تطور ملحوظ، آخرها كان الشجار حول كلمة "جبان"، عندما نقل الصحفي جيفري غولدبيرغ أن أحد كبار المسؤولين الأمريكيين - والذي بالتأكيد يعكس وجهة نظر الرئيس نفسه نظراً إلى تقرّب غولدبرغ من المكتب البيضاوي - استخدم هذا النعت غير الاعتيادي رداً على تفضيل نتنياهو المزعوم لتحديد أولويات البقاء السياسي على المجازفة من أجل السلام.

هذه الحادثة أتت بدورها في أعقاب أزمة مصغرة أخرى، حين رفض البيت الأبيض تخصيص اجتماع لوزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون خلال زيارته للولايات المتحدة، والذي كان في وقت سابق قد أهان إلحاح وزير الخارجية جون كيري على التمسك بـ "دعوته الدينية الواعدة" تجاه عملية السلام. وبين هاتين الأزمتين ظهرت أزمة مصغرة أخرى (أو أزمتين) بشأن إدانة واشنطن لمشاريع البناء الإسرائيلية في المناطق المتنازع عليها في القدس وبالقرب منها، والتي اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تشكك في التزام إسرائيل بالسلام.

وهذا ليس كل ما في الأمر كما قد يكون من المتوقع، فنحن نتكلم عن منطقة الشرق الأوسط. فقد أتى كل هذا عقب أزمة أكثر خطورة خلال حرب إسرائيل مع حركة «حماس» التي دامت 50 يوماً، حين قام البيت الأبيض - الغاضب، إن لم نقل المطّلع جيداً على سياسة التحكم بإطلاق النار التي تتبعها إسرائيل ضد الصواريخ التي تُطلق من المناطق المدنية في قطاع غزة - بوضع عراقيل إدارية مؤقتة أمام العملية الإعتيادية المتعلقة بمنح إسرائيل صواريخ "هيلفاير" الموضوعة مسبقاً في المخازن. وبذلك، يكون أوباما قد زعزع ما يحب أن يطلق عليها بعلاقة التعاون في مجال الدفاع التي "لا تتزعزع" بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

إن ذلك قد أضاف إلى ما لا يقل عن أربع مشاحنات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في غضون ثلاثة أشهر فقط. أضف إلى ذلك حقيقة أن «حماس» استهدفت إسرائيل بـ 4000 صاروخ خلال فصل الصيف، وأن الرئيس أوباما أعلن فعلياً في أيلول/ سبتمبر الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» الفتّاك، المعروف أيضاً باسم «داعش»، وهو الخلافة الطموحة التي استحوذت على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا والتي تنظر الآن إلى إسرائيل كهدف لها (إلى جانب الأردن شريك السلام وغيره من الحلفاء العرب السنّة)، وأن هذا النمط من الأزمات يبدو غير طبيعي بشكل خاص بالنسبة لحلفاء مقربين مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.

ولم نتطرق بعد إلى الموضوع الإيراني. فالإسرائيليون وأصدقاؤهم في الكونغرس الأمريكي - إلى جانب ميت رومني - غضبوا من رسالة أوباما التي لم تكن سرية جداً إلى المرشد الأعلى الإيراني، والتي أشارت إلى تنازل آخر من قبل واشنطن مع اقتراب الموعد النهائي [السابق] للمحادثات النووية في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر. من جانبه، لم يُجب المرشد الأعلى آية الله خامنئي برسالة خاصة به بل كان ردّه من خلال خطة مكونة من تسع نقاط حول "كيفية" تدمير إسرائيل، الأمر الذي لم يؤدِ سوى إلى تعميق الإزدراء تجاه ما اعتبره العديد على أنه سذاجة البيت الأبيض تجاه النوايا الإيرانية.

أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا فهو: وماذا بعد؟ فمن جهة، بعد أن أسفرت انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة عن أغلبية أكبر من الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي الذين يعتمدون مقاربة ودية تجاه إسرائيل (ومعجبين برئيس الوزراء نتنياهو)، ومع تحول الرئيس أوباما إلى "بطة عرجاء" في السنتين الأخيرتين من فترة ولايته، تمتلك القدس أسباباً وجيهة تدفعها إلى الاعتقاد بأن الأسوأ قد انتهى. وفي الواقع، قد يكون الوقت مناسباً للرئيس الأمريكي لأن يقرر تجنب حوادث التصادم وجهاً لوجه مع إسرائيل والتركيز بدلاً من ذلك في خلال الربع الأخير من ولايته على القائمة الطويلة من التحديات المشتركة التي تواجه البلدين.

ومن ناحية أخرى، إذا كان أوباما هو "بطة عرجاء"، فهو أيضاً طائر حر. فمع السنتين المتبقيتين له في منصبه وعدم اضطراره لخوض أي انتخابات في هذه الفترة، يتمتع الرئيس الأمريكي الآن بحرية التركيز على القضايا التي تعتبرها إسرائيل مهمة من دون أخذ العواقب السياسية المحلية - أو المخاوف بشأن إغاظة بنيامين نتنياهو بصورة أكثر. ووفقاً للمسار الذي ينتهجه، قد يحتج حزبه وقد تتحرك هيلاري كلينتون بسرعة وبتأثير أكبر لتنأى بنفسها عن رئيسها الذي خدمته بإخلاص كبير كوزيرة للخارجية، ولكن الرؤساء في نهاية ولاياتهم يفكرون في الإرث الذي سيتركونه، وليس في تحصيل تعويض من قادة الأحزاب.

***

ليس هناك شك في أن الإنفراجة التي تغيّر من قواعد اللعبة والتي يسعى إليها الرئيس الأمريكي أكثر من غيرها هي صفقة نووية مع إيران. إذ إن اختبار إمكانية فتح صفحة جديدة مع المرجعيات الدينية الإيرانية التي تحمل لقب "آية الله" شكل عاملاً ثابتاً في سياسة أوباما الخارجية. وهذا ما يفسر إحجامه عن مساعدة "الثورة الخضراء" عام 2009، ورفضه الرد على أعمال الشغب الإيرانية في العراق قبل الانسحاب الأمريكي، واستعداده للمواجهة الشديدة أمام أعضاء مجلس الشيوخ من حزبه الذين أرادوا تشديد العقوبات في أعقاب الصفقة النووية المؤقتة التي تم التوصل إليها في 2013. وقد يعتقد الرئيس في الوقت الحالي أن هناك مكافأة إضافية لتحقيق تقدم ملحوظ على الصعيد النووي مع إيران تتجلى بشكل تعاون ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

وعلى الرغم من أن القدس أشادت مراراً وتكراراً بالرئيس لترتيبه بدهاء العقوبات الدولية المشددة التي أجبرت إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أن الإسرائيليين لا يثقون بوعود واشنطن حول مضمون الاتفاق المفترض. ويعود ذلك على حد سواء لأن الإدارة الأمريكية قد فاجأت إسرائيل مراراً حول القضايا الرئيسية، مثل المحادثات السرية في إيران التي أطلقت المفاوضات الحالية، واتخذت مواقف حازمة لكسب نقاط قوة سياسية والتراجع عنها فيما بعد عندما يتبيّن أنها غير ملائمة دبلوماسياً.

فعلى سبيل المثال، عندما رزح الإسرائيليون تحت الضغط المكثف من البيت الأبيض واختاروا عدم شن عملية عسكرية ضد برنامج إيران النووي في خريف 2012، حظوا سريعاً بمساندة ودعم من خلال تصريحات الرئيس في مناظرته الثالثة مع المرشح ميت رومني القائلة بأن هدف السياسية الأمريكية كان السعي إلى تنفيذ إيران لقرارات الأمم المتحدة. وفي تلك المرحلة الحاسمة من الحملة الإنتخابية، أيّد الرئيس فعلياً الطلب الذي سعت إليه إسرائيل منذ وقت طويل بتعليق إيران الكامل لتخصيبها من اليورانيوم. ولكن الثقة بأن الرئيس أوباما سيستمر في اتّباع ذلك الاتجاه لم تدم طويلاً، فبعد بضعة أشهر من إعادة إنتخابه، نفى كبير مفاوضي الرئيس مع إيران الموقف نفسه معتبراً أنه "متشدد" وساواه بالموقف التفاوضي المتطرف لإيران نفسها. ومن خلال ذلك التعليق، اتّضح أن البازار الفارسي كان مفتوحاً وأنه لا يمكن لأحد - وبالتأكيد ليس لإسرائيلي - أن يكون متأكداً كيف سيتم التوصل إلى اتفاق.

أما في ما يخص المأزق الآخر المستمر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أي عملية السلام في الشرق الأوسط، فقد أفادت التقارير أن الرئيس يفكر في أربعة خيارات ينوي تنفيذها في آخر أيامه في الحكم وهي: بذل جهود شاقة أخرى للتوصل إلى اتفاق يشكل تقدماً ملحوظاً بين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس؛ أو إصدار ما يشبه بـ "الوصية الأخيرة" حول صنع السلام، تتجلى في خطة أمريكية يورثها أوباما لخلفه؛ أو الامتناع عن التصويت على مبادرة إقامة دولة فلسطينية في مجلس الأمن الدولي يمكن استخلاص مضمونها بشكل كبير من تصريحات الرئيس السابقة بدلاً من الاعتراض عليها باستعمال حق "الفيتو"؛ أو خوض جولة نهائية قوية من النزاع مع القدس حول سياسة الاستيطان الإسرائيلية، وهو البند الذي يعتبره الرئيس ومستشاروه العقبة الأكبر في طريق التقدم الدبلوماسي (وينبغي أن يقال أيضاً، في طريق بقاء إسرائيل طويل الأمد كدولة يهودية وديمقراطية).

لكل نهج عوامل الجذب الخاصة به، حتى إن بعض هذه الأفكار، لو أتت في وقت مختلف مع رئيس مختلف، قد تشكّل خطوات بنّاءة نحو السلام. ولكن في البيئة الحالية - بينما لا يزال الرئيس عباس المتردد لم يجب بعد على أسئلة الرئيس أوباما التي طرحها في آخر جولة من المباحثات حول صنع السلام التي تمت في آذار/مارس؛ وبينما يبدو أن الرئيس أوباما سيكون معارضاَ سياسياً قوياً لخليفته تماماً كما كان الرئيس السابق جورج بوش الإبن معارضاَ له؛ وبينما يحدث تغيير في مواقف مجلس الأمن الأمر الذي قد يدفع الجمهوريين إلى بذل جهد يهدف إلى وقف تمويل هيكلية الأمم المتحدة بأكملها؛ وبينما يكون المستفيدان الوحيدان من المواجهة من دون أي قيود حول المستوطنات هما على الأرجح «حماس» وأقصى اليمين الإسرائيلي - كل هذه الأفكار تمهد الطريق إلى الجحيم الدبلوماسي، على الرغم من النوايا الحسنة. إن أي من هذه الأفكار لن تحقق هدفها، وبدلاً من ذلك ستثبت كل منها إما حماقة قصوة من قبل واشنطن أو عدم جدواها أو عدم كفاءتها.

وبدلاً من هذه المحاولات لتحقيق تقدم ملحوظ التي لن تنجح، يمكن لنهج أكثر تواضعاً أن يسفر عن أرباح هامة. إذ إن بذل جهد حقيقي للعمل مع نتنياهو وعباس لتقليص التوترات في القدس، وإحداث تحسن إقتصادي ملموس للفلسطينيين، ودعم التعاون الأمني الإسرائيلي الفلسطيني الهام والذي لا يزال قائماً بأعجوبة، وإدخال بعض الحس السليم في الديناميات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول بناء الوحدات السكنية اليهودية في القدس والمجتمعات المجاورة، ومن خلال هذه العملية، البدء باستعادة عامل الجذب السياسي لإمكانية السلام بين المجتمعين سيكون إرثاً قد يتمكن خلَف الرئيس من استثماره لتحقيق تقدم دبلوماسي. ومن بين المكونات الرئيسية في هذا السياق الاستفادة من الديناميات الإقليمية المتغيرة، ولا سيما الوفاق المتنامي بين إسرائيل والدول العربية السنية والحملة التي تشنها السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ضد جماعة «الإخوان المسلمين» (بما في ذلك نسختها المحلية، أي حركة «حماس»).

وحيث تركز الاستراتيجية على التعاون العملي بدلاً من الانفراجات رفيعة المستوى، لن تحصد مثل هذه الاستراتيجية أي جائزة من جوائز نوبل للسلام. إلا أنها قد تذهب بعيداً إلى درجة تمنع الاضطراب غير المرحب به الناتج عن مواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين في الوقت الذي ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تصب إهتمامها على تحقيق نتائج فعّالة في مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية». وعلى أية حال، قام الرئيس الأمريكي بذلك بالفعل.

ومع ذلك، فللأسف إن الاحتمالات ضئيلة بأن يتّبع الرئيس الأمريكي هذا النهج. فهذه المنهجيات لإدارة الأزمات التي تقوم على التدرج، والسير خطوة بخطوة، والمقاربة من الأسفل إلى الأعلى كانت كلها غير محببة في صفوف الإدارة التي التزمت، منذ أيامها الأولى، بمهمة حل النزاعات. وبالنسبة إلى البعض، كان ذلك بمثابة وسام شرف، بينما كان عبارة عن لعنة بالنسبة لآخرين. وفي كلتا الحالتين، فإنه من الصعب أن نتصور أن الرئيس الأمريكي سيتبنى استراتيجية مخالفة في غسق ولايته. ففي حال رفض أوباما جميع الخيارات الأربعة الناشطة المذكورة أعلاه، فإنه على الأرجح سيتهرب من عملية السلام بشكل تام بدلاً من الاستثمار في إمكانية أقل بطولية يمكنها، كمنتج ثانوي، إصلاح ست سنوات من العلاقات المتوترة بين واشنطن والقدس.

***

بالنسبة إلى أولئك الذين يميلون إلى اليأس، تجدر الإشارة إلى أن الخلافات التي تبدو على وجه الخصوص متكررة وشديدة في فترتي رئاسة أوباما ورئيس الوزراء نتنياهو قد كانت عادة هي السائدة في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

وفي الواقع، وبالعودة إلى فترة تأسيس دولة إسرائيل، عندما اعترفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق هاري ترومان بإسرائيل بعد دقائق من ولادتها كدولة لتفرض بعد ذلك حظراً على تزويد السلاح إلى الدولة اليهودية حتى في الوقت الذي كانت تقاتل فيه من أجل بقائها، خضعت العلاقة لنوعين من التوترات التي وضعتها قيد الاختبار. أولاً، برز التوتر الداخلي: إذ اختلفت واشنطن والقدس منذ عام 1948، بطريقة لم تختلف بها الولايات المتحدة مع أي بلد آخر، حول النواحي الأساسية للطابع الوطني لإسرائيل، أي ما هو الحجم الشرعي للدولة؟ وأين يجب أن تكون حدودها؟ وأين هي عاصمتها؟

ثانياً، بروز التوتر الخارجي: منذ تأسيس دولة إسرائيل، نظرت مجموعات قوية من مرجعيات الأمن القومي في واشنطن إلى الدولة اليهودية باعتبارها مركزاً واحداً للأعباء والمشاكل والعقبات التي تعترض تطوير العلاقات ذات المنفعة المتبادلة مع أنظمة المشيخات الغنية بالنفط واللاعبين الرئيسيين الآخرين في العالمين العربي والإسلامي.

وفي ظل ظروف عادية، لكان هذا المزيج من التوتر قد أنشأ منذ فترة طويلة خصومة شديدة، إن لم نقل عداوة تامة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. إلا أن هذين النظامين الديمقراطيين - أحدهما الأقدم والآخر الأكثر صخباً في العالم - تربطهما صلات عميقة بشكل ملحوظ على الصعيد السياسي والثقافي والتاريخي والأخلاقي والعاطفي. يُذكر أن هذه الصلات لم تُلغِ التوترات القائمة، إلا أنها أنتجت سياستين لعبتا بفعالية دور الوسيط في هذا الإطار، وهما عملية السلام العربية الإسرائيلية (التي أبصرت النور في عهد إدارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون) والتعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل (الذي أبصر النور في عهد إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان). وكانت السياسة الأولى عبارة عن وسيلة لتحويل طبيعة النزاع العربي الإسرائيلي التي لا تؤدِ إلى نتيجة إلى وضع يفوز فيه الطرفان، يستعيد العرب في إطاره الأراضي التي فقدوها في الحرب، في حين تحصل إسرائيل على السلام والأمن اللذين لطالما طمحت إليهما. أما السياسة الثانية فقد كانت وسيلة لحقن العلاقات الثنائية بمحتوى مفيد وأساسي ودفع العناصر الأكثر مضايقة نحو الهامش.

قد يبدو غريباً قول ذلك في منطقة لم تألف الأخبار السعيدة، ولكن السياستين لعبتا دوراً تخطى أقصى تخيلات رجال الدولة والبيروقراطيين الذين ابتكروهما في الأصل. وقد لا تكون عملية السلام قد أدت بعد إلى سلام دائم في الأراضي المقدسة، بيد أنها نجحت في تقليص اندلاع مواجهة إقليمية واسعة النطاق تواجه فيها إسرائيل العالم العربي بأسره إلى صراع محدود أكثر بكثير بين مجتمعين يتنافسان من أجل السيطرة على الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن. وفي الوقت نفسه، فإن هذا التقليص في العداوات التاريخية فتح سبلاً للتنسيق الإسرائيلي مع الدول العربية السنية على أساس المخاوف المشتركة بشأن انتشار التطرف المشابه لتنظيم «داعش» وطموحات الهيمنة الإيرانية. إن إحدى التداعيات المترتبة عن ذلك هي أن التوترات التي شهدتها القدس في الأسابيع الأخيرة من خريف 2014 أثارت المزيد من ردود الفعل في واشنطن أكثر من أي عاصمة عربية باستثناء عمان، التي تضم غالبية فلسطينية.

إن ما يجعل العلاقة بين أوباما ونتنياهو تبدو مضطربة جداً على وجه الخصوص هو أنها تأتي بعد 16 عاماً - بعد إداراتي الرئيسين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش الإبن المختلفتين جداً - تشاركت في خلالها إسرائيل وواشنطن نظرة إيديولوجية حول صنع السلام ومقاربة عملية لحل المشاكل.

والملاحظ هنا أن حيزاً كبيراً من هذا النوع من العلاقات جاء نتيجة للتقارب العاطفي لهؤلاء الرؤساء من إسرائيل، وبالتأكيد أتى بعض هذه العلاقات نتيجة للمصير البحت. إذ بورك الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بوجود قادة كان معجباً بهم، أي رؤساء الوزراء الإسرائيليين السابقين اسحاق رابين و شمعون بيريز وإيهود باراك، كشركاء في معظم فترة ولايته. وبشكل مماثل، فإن القادة الإسرائيلين في عهد الرئيس الأمريكي السابق بوش، أي رئيسي الوزراء السابقين آريئيل شارون وإيهود أولمرت، كانا رفيقي الروح في الحملة الأمريكية التي تلت أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. لكن الرئيس كلينتون تعامل مع رئيس الوزراء نتنياهو، في فترة ولايته الأولى، حيث كان نظيره لمدة ثلاث سنوات، وعلى الرغم من أنه لم يكن معجباً بنتنياهو على المستوى الشخصي أكثر من إعجاب أوباما به في الوقت الحالي، إلا أن الرجل الذي أطلق عليه العديد من أصدقاء إسرائيل لقب "أول رئيس أمريكي يهودي"، في إطار من المزح الجاد، قد وجد طريقة حتى لإحراز تقدم دبلوماسي خلال تلك الفترة.

وبالتالي، فإن العلاقة التي تربط أوباما بنتنياهو تذكر بالعلاقة الباردة والمحسوبة والبعيدة التي كانت قائمة بين جاسوسين سابقين - الرئيس جورج بوش الأب، مدير المخابرات الأمريكية السابق، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحاق شامير، العميل السابق في الموساد - أكثر من أي علاقة شوهدت منذ ذلك الحين. وبات من المعروف جيداً أن الناشط المجتمعي السابق (أوباما) والمغوار في الجيش الحاصل على الأوسمة (نتنياهو) يكرهان بعضها البعض، ويأمل كل منهما في فشل الآخر سياسياً. ومع ذلك، فإن الأمر ليس له تبعيات كبيرة. فالأكثر أهمية هو أن كل منهما يعتقد على ما يبدو أن الآخر قد اختار عن قصد اتباع سياسات تضر بالمصالح الاستراتيجية لشريكه.

وللتعبير عن الفكرة بطريقة ساخرة، ولو قليلاً فقط، فإن وجهات النظر المنسوبة لنتنياهو، كتواصل أوباما الساذج مع الإسلاميين السياسيين (بما في ذلك جماعة «الإخوان المسلمين» و«حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا)، وسعيه المتركز على هدف واحد يكمن في الوفاق مع إيران ورفضه اعتبار الزعيم الفلسطيني محمود عباس مسؤولاً حتى بشكل جزئي عن الركود في دبلوماسية السلام، ناهيك عن كراهية اليهود التي تفيض من بيانات وسائل الإعلام الفلسطينية الرسمية، تشير إلى أن الرئيس الأمريكي هو مرشح متعاطف سراً مع الإسلاميين.

وعلى الجانب الآخر من من الصورة، يُقال إن الرئيس الأمريكي غاضب من إذعان نتنياهو العبوديّ لجناح إسرائيل اليميني المتشدد جداً، وإعلاناته المتكررة عن مخططات استيطانية استفزازية تبدو وكأنها موقّته بخبرة لإحراج واشنطن، وإبداعه في إيجاد الأعذار لتجنب اتخاذ حتى أصغر الخطوات نحو التسوية مع الفلسطينيين، وإحجامه الجبان عن استخدام السلطة السياسية لأي هدف آخر سوى الحفاظ على السلطة السياسية، واحتضانه من دون حرج للحزب الجمهوري، جميعها عوامل تظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي على أنه ليس مجرد مسؤول يمكن مناورته وينفذ أوامر شيلدون أديلسون [رجل أعمال أمريكي من أكبر المساهمين والممولين للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة] بل كمجنِد للإسلاميين المتطرفين من غير قصد.

والجدير بالملاحظة هو عدم الثقة العميقة المتبادلة بين أوباما ونتنياهو منذ البداية. وفي رأيي، كَمَنت الخطيئة الأصلية في رفض إدارة أوباما تأكيد الالتزامات الواردة في ما يسميه المطلعين بـ "رسائل بوش وشارون" التي تم تبادلها في نيسان/إبريل 2004. وكانت تلك الرسائل عبارة عن مجموعة من النقاط جرى التفاهم حولها بين جورج بوش الإبن ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آريئيل شارون والتي زرعت الواقعية في دبلوماسية السلام الأمريكية من خلال الاعتراف بأنه لن تكون هناك عودة إلى خطوط الهدنة من عام 1949 ولكن سيتم التوصل إلى حل للنزاع بناءً على "الحقائق الجديدة على الأرض". وقد أتى ذلك كإشارة ملطّفة إلى وجود يهودي راسخ في مجمعات المستوطنات الواقعة تماماً شرقي "الخط الأخضر" الذي تم تحديده في عام 1967، والذي سيكون نموه محكوماً بالقيود التي تتفق عليها واشنطن والقدس. والجدير بالذكر أن الرسائل لم تعنِ أن بوش دعم المستوطنات، فهو لم يفعل ذلك. بل أن الرسائل أشارت إلى تقديره لضرورة احتواء الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن المستوطنات خشية أن يحد ذلك من المصالح المشتركة على نطاق أكبر بين البلدين.

ومن خلال رفضه المصادقة على الرسائل ضَمَن الرئيس أوباما أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستواجه بالتحديد ذلك النوع من الأزمات الصغيرة التي أبتليت بها فترة ولايته. وفي الواقع، من خلال تبني موقف فلسطيني غير واقعي بشأن المستوطنات، قام حتى بتصعيب الأمور على الرئيس عباس من خلال حرمان الزعيم الفلسطيني من أي مساحة للمناورة حول هذا الموضوع. والأهم من ذلك، أن الرئيس الأمريكي كان قد اتخذ الخطوة الجوهرية بالتخلي عن التزام رئاسي. فقد تغيّرت القواعد، وأن الجميع في الشرق الأوسط -الإسرائيليين والعرب والإيرانيين والأتراك - قد أدرك ذلك.

وبالطبع كان نتنياهو بعيد كل البعد عن البراءة. فمن خلال عدم استخدامه مطلقاً لمركزه المحلي القوي لوضع خطة واضحة للسلام من شأنها أن تجذب الدعم الأمريكي، ومن خلال سلسلة مما بدا لواشنطن أنه، وبشكل مدهش، عبارة عن استفزازات ذات توقيت سيئ، قام هو ووزراؤه ومنفذي قراراته وبيروقراطيوه بعمل يعكس عن الخبرة ويؤكد على تقييم فريق أوباما بأن رئيس الوزراء كان إما شخص غير موثوق به أو ضعيف، أو حتى أسوأ من ذلك، الإثنين معاً.

وقد كانت النتيجة ست سنوات من العلاقة الشاقة المعذبة تميزت بالابتسامات الصفراء، والطعن في الظهر وتسريب الافتراءات. ويقيناً، بإمكان كل زعيم القول إنه خطا خطوات إضافية نيابة عن الآخر. وبالنسبة لنتنياهو شمل ذلك تنازل غير معروف على نطاق واسع ولكنه ضخم قدمته إسرائيل لواشنطن في مطلع عام 2014، تمثل بقبولها حدود عام 1967 كأساس للمفاوضات مع الفلسطينيين. أما بالنسبة إلى أوباما، فقد شملت تلك الخطوات الزيارة الرسمية التي قام بها لإسرائيل في عام 2013 والتي استهدفت إصلاح أخطاء الولاية الأولى ووضع العلاقة على أساس أكثر رساخة. ومع ذلك، بإمكان الرئيسين أن يضيفا بأن هذه الخطوات لم تلقَ سوى الجحود والإهانة.

ومن خلال كل ذلك، من المهم أن نذكر أن الرئيس الأمريكي حدد ثلاث مسائل قد يتم تطويقها من خلال سوء النية في العلاقة الثنائية - وهي التعاون العسكري بين البلدين وتبادل المعلومات الاستخباراتية ومواجهة المبادرات الجائرة المناهضة لإسرائيل في الأمم المتحدة - وأيّد مبادرات هامة في كل مجال من هذه المجالات. وفي هذا الصدد، جاء التمويل الأمريكي السخي لنظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي للدفاع الجوي ضد الصواريخ بمثابة الطفل المدلل لالتزام الإدارة المتبجح بأمن إسرائيل.

ومع ذلك، ففي الواقع كانت جميع هذه المجالات مصابة بطريقة أو بأخرى بالعدوى من بيئة الجو السام للعلاقة السياسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. والدليل على ذلك، على سبيل المثال، هو الضجة التي أثيرت حول تسليم صواريخ "هيلفاير" خلال حرب «حماس» واستياء الولايات المتحدة من اغتيال إسرائيل الدوري لعلماء نووين إيرانيين كخطوة مباشرة غير اعتيادية لمنع الانتشار النووي. يُذكر أن العامل الأكثر إرباكاً في هذا الصدد كان شدة الضغط من البيت الأبيض على إسرائيل لكي تطلب من أصدقائها في الكونغرس الأمريكي قبول تنازل في القانون الأمريكي من شأنه أن يعطي الرئيس وسيلة للخروج من عملية تعليق المدفوعات إلى وكالات الأمم المتحدة التي تعترف بدولة مستقلة. ومن خلال كل ذلك، لم تبدُ إدارة أوباما وكأنها تدرك تماماً أن هناك عواقب استراتيجية للمشاحنات السياسية، في عيون حلفائها وخصومها على حد سواء.

***

وعلى الرغم من كل الصداع الذي سببه له الشرق الأوسط، قد يرى أوباما أن المنطقة ليست عبارة عن رقعة شاسعة من الرمال المتحركة التي يمكنها أن تخنق ما تبقى من طموحه، بل كأراض خصبة لبناء الإرث في السنوات الأخيرة من إدارته. وعلى كافة المستويات، إن الإنفراجة الاستراتيجية مع إيران قد تلبي هذا الإختبار. ولكن حتى مع بذله أفضل الجهود - على شكل تنازلات في المجالات الرئيسية من المفاوضات والاستعداد للتنازل عن نفوذ إقليمي كبير لطهران - قد لا يتمكن الرئيس من الحصول على موافقة المرشد الأعلى على الصفقة. ففي الواقع، تبرز عدّة أسباب محتملة لرفض إيران الاتفاق. وفي هذه الحالة، من شبه المؤكد أن واشنطن ستفضل تمديد الإتفاق المؤقت [الذي تم تمديده بالفعل] بغية حفظ ماء الوجه بدلاً من الانهيار التام للمحادثات الذي يمكن أن يؤدي إلى دوامة من العقوبات وعمليات الانتقام التي لا يمكن التنبؤ بنهايتها بطريقة مؤكدة.

وفي البيئة الحالية، تفضّل إسرائيل تمديد الاتفاق المؤقت [الذي تم تمديده كما ذُكر أعلاه] على أي من الخيارين الآخرين، أي إتفاق شامل ستشمل أحكامه من شبه المؤكد تنازلات غربية أكثر بكثير مما يمكن أن يقبلها حتى العديد من الإسرائيليين من أكبر مؤيدي السلام، أو الانهيار الدبلوماسي الذي يمكن جداً أن ينهي العقوبات الدولية على إيران ويفتح الطريق نحو اختراق نووي. إن قدرة إسرائيل على التأثير على النتائج محدودة. هذا هو الواقع المغلف بشكل بليغ في المقابلة الذي استُخدم فيها لفظ "الجبان".

وعلى صعيد صنع السلام، يواجه الرئيس الأمريكي معضلة. فعندما تولى منصبه قبل حوالي ست سنوات، أعلن أن هذا الأمر هو من أولويات السياسة الخارجية وعيّن زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً له، ويمكنه أن يترك منصبه مع دفعة منسقة لجعل إرثه الدائم عبارة عن تقدم بشكل من الأشكال على هذا الصعيد. إن ذلك يمكن أن يكون ثلاثياً، من خلال توليد اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أو دولياً، في الأمم المتحدة، أو ثنائياً، عبر توضيح المواجهة بشأن المستوطنات بين واشنطن والقدس. ولكن اثنين من الجهود الدبلوماسية الأمريكية الكبرى قد فشلا بالفعل، وهما تجميد الاستيطان لمدة 10 أشهر الذي لم يؤدِ سوى إلى أسبوعين من المفاوضات في عام 2010 وجهود السلام العنيدة إن لم نقل الخيالية التي بذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 2013 و 2014، وبالتالي ربما لا يريد أوباما أن يحذو حذو بيل كلينتون، الذي كرّس العام الأخير من رئاسته ساعياً إلى ما تبيّن لاحقاً أنه حلم السلام المستحيل.

ولكن مع تزايد الأخبار السيئة، يمكن أن يكون هناك عامل إيجابي ملحوظ. إذ يمكن لبروز أزمة جديدة في الشرق الأوسط غير مرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي - ظهور «الدولة الإسلامية» - أن يكون له أثر معاكس يكمن في إقناع اللاعبين الإقليميين أنفسهم بالعمل معاً وفي خلال هذه العملية، تعزيز هدف سياسي أمريكي طال انتظاره.

لقد بنى العرب السنّة وإسرائيل مجموعتهم الهادئة الخاصة من التفاهمات الاستراتيجية في السنوات الأخيرة، وهي تقوم في جزء كبير منها على خيبة الأمل المشتركة تجاه واشنطن ويغذّيها شعور بالتهديد المشترك من المتطرفين السنة والشيعة على حد سواء. وفي حين أن الأمر كان حتى الآن هادئاً وسرياً، إلا أنه ليس من الجنون أن نتخيّل أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى دبلوماسية سلام. وبالتالي، إذا سارأوباما قدماً في فرض جهود جديدة وجريئة لصنع السلام يثبت أنها تؤدي إلى استفزاز إسرائيل وذهول العرب، قد يُواجه ما واجهه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في عام 1977. ففي ذلك العام اجتمع العرب والإسرائيليون - في تلك الحالة الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن - لإحباط فكرة كارتر الخاطئة حول عقد مؤتمر دولي للسلام يكون مشتركاً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، من خلال السعي إلى وضع مبادرتهم الخاصة لصنع السلام، والتي تجلت في زيارة السادات إلى القدس. أما اليوم، فلا يجب أن نستبعد أن يقوم القادة العرب والإسرائيليين بالتفاعل في مواجهة الاشمئزاز المشترك من دبلوماسية البيت الأبيض الخرقاء من خلال خلق منصة خاصة بهم لصنع السلام الإقليمي.

ليتخيل المرء قيام العرب والإسرائيليين بالعمل معاً بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل لإجراء محادثات سلام، وذلك ليس بسبب مبادرة رئاسية ولكن لإغاظة مبادرة رئاسية. وهذا هو الآن إرث بحد ذاته.

النهاية
رایکم