۳۲۰مشاهدات
بعد محاولات عديدة إستمرت لسنوات بهدف عزل النظام السوري وإسقاطه شهدت الساحة السياسية السورية تحولاً كبيراً في مواقف عدد من الدول نحو الأزمة السورية.
رمز الخبر: ۲۴۸۹۱
تأريخ النشر: 31 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : بعد محاولات عديدة إستمرت لسنوات بهدف عزل النظام السوري وإسقاطه شهدت الساحة السياسية السورية تحولاً كبيراً في مواقف عدد من الدول نحو الأزمة السورية، حيث سعت بعض الدول العربية والأوروبية إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، بعد أن تفهمت أن محاربتها للحكومة السورية ومساندة الجماعات المسلحة لن تجدِ نفعاً، لتدرك أن قرار القطيعة مع سورية كان متسرعاً، في إطار ذلك تأتي إعادة فتح السفارة السورية في الكويت كرافعة ضرورية للعلاقات السورية الخليجية وسط ظروف متأججة ترسم علامات إستفهام كبيرة في المنطقة، وتأتي لتؤكد أنه إذا كان التضامن العربي قد شكل هاجساً متلازماً لدمشق، فإن ترتيب المصالحات بين الأشقاء العرب شكل هندسة سياسية وقومية تسهر عليها مصر كونها هى الدولة المؤهلة لحل الأزمة السورية.
إن إعادة فتح السفارة السورية في الكويت، يعتبر تغييراً جذرياً في سياسة العرب الخاطئة تجاه دمشق، بعد أن أدركت أنها أخطأت بطريقة التعاطي مع الأزمة السورية خاصة بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وإرتكابه المجازر البشعة، كما باتت تدرك هذه الدول بأن النظام السوري هو الوحيد القادر على حماية شعبه من خطر تنظيم الدولة، وتزامناً مع الوساطات والمبادرات التي يتم طرحها لحل الأزمة السورية وفقُا لحل سياسي، تشهد العلاقات السورية الخليجية تحسناً ملحوظاً في ظل التحدث عن ترتيبات لعقد مقابلات دبلوماسية بين سورية والمعارضة فضلاً عن التوافق في بعض القضايا التي تخص المنطقة، بالمقابل هناك أسباب عديدة ساعدت على هذا التغير وساهمت في تقريب المسافات بينهما، أهمها إدراك أمريكا وحلفاؤها بأن المعسكر الإيراني السوري العراقي المدعوم من روسيا هو القادر على تحقيق النصر فقررت الرهان عليه، والإعتراف به على حساب حلفائها القدامى، بالإضافة الى إزدياد نفوذ تنظم داعش وسيطرته الواسعة على بعض المناطق، وإزالته الحدود السورية العراقية، الأمر الذي بث الرعب والقلق في جميع دول المنطقة، وغيّر أولويات الغرب وجعل الجميع يرون في النظام السوري بأنه الحليف المستقبلي الذي يمكن الإتكاء عليه والتعاون معه، فضلاً عن عودة الإرهاب بقوة الى دول خليجية ظلت محصنة منه لسنوات عديدة، إذ رأينا الهجمات التي إستهدفت أجانب في كل من الإمارات والسعودية، وبروز إعلام مؤثر وفاعل للدولة الإسلامية يحرض على إطاحة الأنظمة ويجذب نسبة كبيرة من الشباب الخليجي لأطروحاته وعقائده، ولا ننسى تشكيل المحور المصري الروسي الذي نشط في من أجل عقد مؤتمر حوار بين الحكومة والمعارضة في سورية للتوصل الى حل سياسي للأزمة وبمعزل عن المحور الخليجي التركي، وتجاوب معظم فصائل المعارضة السورية معه بشكل إيجابي والإستعداد للإنخراط في الحوار دون شروط مسبقة.
في هذا السياق إن إستعادة دمشق لمكانتها العربية والدولية يعيد بريق الريادة والقيادة مرة أخرى فى المنطقة رغم التدهور الحاصل فى بعض الدول العربية ورغم الظروف الإستثنائية التى تعيشها، لكنها قادرة على إستعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمى العربي من جديد وتثبيت أركانه بالتنسيق والتعاون مع القاهرة، وبالتالي فإن الحل السوري سيبدأ من مصر وينتهى إليها لأن ما بين القاهرة ودمشق فى التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، والحفاظ على أمن مصر القومى يبدأ من دمشق وسلامة سورية وقوتها ووحدتها يبدأ من القاهرة، فجميع الأطراف السورية تدرك منذ 30 يونيو أن الموقف المصرى الواضح من الأزمة يقوم على ضرورة التوصل إلى حل سلمي يراعي مصالح الشعب السوري وينهي معاناته بعد سنوات من القتل والدمار.
فى محاولة من نظام الرئيس الأسد للخروج من عزلته، هناك إتصالات مكثفة مع عدد من العواصم العربية، هدفها إعادة العلاقات بين دمشق والدول العربية إلى ما كانت عليه فى السابق، فى محاولة

من الرئيس الأسد لشرح أبعاد التهديدات الأمنية التى ستواجهها المنطقة، فالموقف العربي المعادي لنظام الأسد بدأ يتراجع خطوات للخلف فى الآونة الأخيرة، فيما يؤشر إلى وجود علاقات خلف الستار قد تظهر إلى السطح فى الأيام المقبلة، إلا أن ظهور الإرهاب، دفع عدد من الدول العربية باتجاه تشجيع التسوية في سورية حتى تتمكّن مجتمعة من مواجهة هذا الخطر العابر لكل الحدود والذي يطال المنطقة بأكملها، والى مراجعة حساباتها تجاه مقاطعتها للنظام السوري، هذا مما عجل التقارب السوري الكويتي، ولا نستبعد إقدام دول خليجية أخرى على الخطوة نفسها، ولكن بهدوء ودون أي ضجة، وقد تكون دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين من ضمنها (سفارة سلطنة عمان في دمشق لم تغلق)، ومعلومات تؤكد ان عدة مبعوثين إماراتيين زاروا دمشق حاملين رسائل الى الرئيس السوري بشار الاسد في الأعوام الثلاثة الماضية، وهناك حالة من التناغم بين السعودية ونظام الأسد عبر طرح الرياض حلولاً للأزمة السورية، من خلال مبادرات لعودة العلاقات بين السعودية والنظام الحاكم، وبالتالي هناك قرائن عدة بدأت تلوح في الأفق تؤكد عزم السلطات السعودية إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري مرة أخرى، حيث أوقفت السعودية في الفترة الأخيرة حدة النقد الدائم لنظام الأسد، كما إتخذت السعودية مؤخراً قراراً بإغلاق مكتب قناة "وصال" في الرياض، ومنع أي بث لها من المملكة، وربما يفيد التذكير بأن السلطات التونسية أعادت العلاقات الدبلوماسية مع سورية بشكل موارب، من خلال فتح مكتب في العاصمة السورية تحت ذريعة رعاية شؤون اكثر من 3000 مواطن تونسي إنضموا الى الجماعات الجهادية التي تقاتل في صفوف المعارضة الإسلامية المتشددة، ولم يتوقف تردد الدبلوماسيين ورجال الأمن في دول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا على دمشق وبعضهم أعاد فتح مكاتبه فيها، والشيء نفسه يقال عن بعض الشركات الغربية التي اعادت موظفيها الى مقارها السابقة خاصة العاملة منها في قطاع النفط، في إطار ذلك يمكنني القول إن هذه العودة هي مراجعة من قبل هذه الدول لمواقفها السابقة، وبالتالي هي نصر للنظام السوري وحلفاؤه في المنطقة، وبنفس الوقت هي نظرة جديدة على ان الموقف في سورية أصبح يتعافى ويدخل مرحلة الخروج من الأحداث السابقة، وهنا نجد إن هذه الخطوة هي إعتراف بقدرة الدولة السورية على تجاوز أزمتها وبنفس الوقت إعتراف بأن الرهان على المجموعات المسلحة كان خاطئا وإن هذه المجموعات قد فشلت في إسقاط الدولة السورية، كما إن إعادة فتح السفارة السورية في الكويت أهم اعتراف علنيوعملي، بأن السياسة الخليجية في سورية إنهارت، خاصة انها توازت مع انفتاح كبير على العراق حليف سورية، تمثل في فتح قنصليتين وتوقيع 46 اتفاقية تجارية مع حكومته في إطار إستراتيجية كويتية جديدة بتطبيع العلاقات وتعزيزها.
وأخيراً أختم مقالي بالقول إن كل الأمور بدأت تنكشف وعلى المتآمرين بعد الفشل للإطاحة بالنظام السوري ان يرفعوا أيديهم عن سورية، حتى يتاح للسوريين تقرير مصيرهم بأنفسهم دون تدخلات أو ضغوط، فالأزمة السورية لن تنتهي بسقوط النظام ولن تنتهي ببقاء النظام وإنما تنتهي عندما يجلس السوريون بجميع أطرافهم وأطيافهم ومكوناتهم على طاولة واحدة وبقلب مفتوح يتناقشون فيما يريدون لسورية الحاضر والمستقبل، فلا حل هنا غير إلقاء السلاح والجلوس الى طاولة واحدة وجهاً لوجه، وبإختصار شديد لقد آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لإنقاذ سورية من الدمار والخراب، وتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا نحو المستقبل الزاهر، وبالتالي فإن كل هذه المعطيات تشير الى إن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، خصوصاً إن سيناريو التفاهم الأمريكي الإيراني والروسي التركي والخليجي قد يعود الى السطح مجدداً، ما يعني نتائج إيجابية جديدة للدولة السورية. 

المنار ـ الدكتور خيام الزعبي
*صحفي وكاتب أكاديمي 

khaym1979@yahoo.com
رایکم