۳۷۴مشاهدات
نقطة الانطلاق الموحدة لكل هذه الناقلات كانت ميناء جيهان التركى، الذى تحاصره اتهامات وعلامات استفهام كثيرة...
رمز الخبر: ۲۴۷۲۸
تأريخ النشر: 28 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : منذ بثت وكالة رويترز نبأ اختفاء ناقلة النفط "كامارى" داخل أحد الموانئ المصرية يوم 17 أغسطس 2014، بعد إغلاقها نظام التعقب الخاص (AIS)، ثم ظهورها يوم 19 أغسطس قبالة السواحل الإسرائيلية، فارغة الحمولة، كان الأمر بمثابة الحادث العرضى العابر الذى سيكشف من ورائه مافيا بحرية مترامية الأطراف.

و منذ    شهر أغسطس وحتى الأيام الأخيرة من ديسمبر 2014، وعلى مستوى 11 ناقلة تعقب هذا التحقيق مساراتها بدقة خلال هذه الفترة، سيتضح أن هناك نقطة انطلاق واحدة للناقلات التى تثير مساراتها الريبة، وتشير سجلات بياناتها إلى الكثير من الخداع والتزييف فيما يخص حركاتها البحرية، ويثبت تلاعبها بحمولتها من النفط وتخففها منها فى وسط البحر أو فى موانئ إسرائيلية.

 نقطة الانطلاق الموحدة لكل هذه الناقلات كانت ميناء جيهان التركى، الذى تحاصره اتهامات وعلامات استفهام كثيرة، اضطرت وزير الخارجية التركى تشاووش أوغلو لأن ينفى فى 18 ديسمبر ضلوع تركيا فى أعمال تهريب نفط لصالح تنظيم "داعش". واعتباره أن مثل هذه الاتهامات بمثابة "حرب نفسية ضد تركيا".

لكن ميناء جيهان على مدار 40 يوما –على سبيل المثال- تنتهى فى 18 ديسمبر هو تاريخ تصريح تشاووش أوغلو، تشير سجلاته- وفقا لدراسة وتحقيق- إلى انطلاق قرابة 15 ناقلة "مشبوهة" بحمولات نفطية تصل إلى 2545513 طن بترول، وهى كمية من النفط، وفقا لتقديرات الخبراء، كفيلة بتأزيم سوق البترول المأزومة بدورها في الآونة الأخيرة، ووفقا لجزمهم فهي ضالعة لا شك في التأثير على أسعار النفط.

فـ2.5 مليون طن تقريبا، تعنى أننا نتحدث عن سوق سوداء لاقتصاد "مافيا" أدارت خلال 40 يوما ثروة مشبوهة تقدر بمليار و200 مليون دولار، إذا ما كان سعر برميل النفط 60 دولارا فحسب بعد هبوطه من 100 دولار.

ربما يجدر بنا العودة للوراء قليلا، إلى عام 2008، لنتمكن من رصد جذور نشأة مافيا البترول، التى تتحرك عبر البحار بكل هذه الديناميكية للدرجة التى جعلت منها سوقا نشطة وشبه شرعية.

يؤرخ الدكتور ربان أحمد غيث أستاذ لوجستيات النقل البحري بالأكاديمية البحرية للعام 2008، حين ضربت الأزمة المالية أسواق العالم، وانهار جراءها "وول ستريت"، كتاريخ محوري في أعمال نهب البترول والاتجار به بصورة غير مشروعة على نحو موسع وسط البحار.

يقول غيث: هناك شركة نشأت في إحدى الدول العربية، تحت غطاء النقل البحري، لكن أعمالها الرئيسية تتمثل في السرقة والحصول على البترول بصورة غير شرعية، ثم إعادة بيعه لمشترين آخرين.

لهذه الشركة- التي يتحفظ غيث على ذكر اسمها- عدد من المركبات المائية الصغيرة (بارشات ولانشات) التي تنتقى ناقلات النفط وتقترب منها في عرض البحر، وتحصل منها على كمية من الوقود –ربما لا تكون ضخمة- لكنها تكرر هذا الفعل عددا من المرات ما يجعل حصيلتها في نهاية المطاف كمية نفطية لا يستهان بها.

اختفت الناقلة اليونانية "كامارى"  مرتين ففي شهر واحد داخل مياه الإقليمية (البحر الابيض المتوسط)، مرة في 1 أغسطس وأخرى في 17 أغسطس، وجاءت حادثتا الاختفاء بعد إطفاء نظام التعقب (AIS). بالبحث، ستقودنا النتائج إلى موقع جريدة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 20 أغسطس، حيث نجد تقريرا مطولا عن اختفاء الناقلة "كامارى"، يشير إلى أنها كانت محملة جزئيا بشحنة من النفط، ثم توقفت شمال سيناء في 17 أغسطس، لتختفي لمدة يومين، لتظهر الناقلة بعد ذلك قبالة سواحل إسرائيل تحديدا في 19 أغسطس. وإزاء هذا الاختفاء الغامض.. لم يعد ممكنا تمييز أين تم تفريغ الحمولة ولا من المشترى.

يمضى تقرير "هآرتس" إلى أن "كامارى" تعرضت لحادث إخفاء آخر في 1 أغسطس بعدما تحركت من أحد الموانئ التركية، ثم ظهرت بعدها بـ4 أيام على بعد 200 كيلومتر من كل من السواحل المصرية والإسرائيلية، بعدما أفرغت حمولتها في مكان مجهول ولمصدر مجهول أيضا.

لفهم ما جرى في حادثي اختفاء "كامارى"، سنضطر للاستعانة بتقرير منشور في جريدة "ديلي نيوز حريت" التركية.

كيف يمكن أن تختفي ناقلة نفط وسط البحر؟.

مع المراقبة المستمرة لمدة 3 شهور لمسارات السفن وسجل حركاتها، أصبح متاحا وموثقا الاطلاع على أساليب الخداع والتمويه التي تتبعها هذه الناقلات.

ويمكن رصد هذه الأنماط التالية، مضروبة عليها أمثلة "مسجلة" و"موثقة" من واقع تحركات ناقلات "سيئة السمعة".

أولا: أغلق "نظام التعقب".. وأبحر ما شئت!

في البداية، ومع واقعة اختفاء الناقلة "كاماري" داخل المياه الإقليمية المصرية، أغلق ربان الناقلة جهاز التعقب (AIS) بحيث لا يمكن تمييز مكانها.

جريمة العصابات الثلاث: أر دوجان ونتنياهو والبغدادي .

هناك سؤالان ضروريان فيما يخص الدور التركي وعلاقته بتهريب النفط العراقي، الذى تسيطر عليه داعش وتبيعه عبر الحدود الجنوبية التركية.   

فكيف ولماذا وبأي آلية، تتعامل تركيا مع داعش؟

ولماذا في نهاية المطاف لصالح إسرائيل؟

يفرض هذا السؤال نفسه على من يراقب الكميات المهربة من النفط والأطراف التي تتلاعب بها.

في 13 يوليو 2014 وصلت ميناء عسقلان الإسرائيلي حمولة من النفط الخام القادم من عبر وصلات الضخ التي تمر بالأراضي التركية.

وصرح وزير الطاقة التركي تانر يلدز في يوليو الماضي بأن عائدات النفط بلغت 93 مليون دولار عن مبيعات شهر يونيو بمفرده، في تحد علني للجميع بأن تركيا هي "عرابة" بيع النفط  عبر المضخات التي تمر في حدودها الجنوبية.

ميناء جيهان هو نقطة الإبحار المركزي للناقلات الفارة بشحنات النفط العراقي المبيع من قبل داعش أو من ناحية الأكراد، من المياه الإقليمية التركية، إلى إسرائيل ثم إلى بقية المشترين.

اختر أي عينة عشوائية لعملية إبحار من هذا الميناء المشبوه لأى من الناقلات الوارد اسمها ففي هذا التحقيق أو جرب حظك مع أي ناقلة أخرى من الناقلات سيئة السمعة التي تتخذ من هذا الميناء منطلقا لأعمالها المشبوهة، وجرب دراسة نمط الحركة، ووجهاته.

 قارن الموانئ المسجل دخول الناقلة إليها، مع مسار الناقلة، وستكون مفاجأة لطيفة حين تقارن البيانات ببعضها البعض ليتضح لك أن بعض الناقلات لم تدخل موانئ تم تسجيل دخولها فيها اسميا، أو أن بعض الناقلات الأخرى دخلت موانئ وغادرتها وقطعت مئات الأميال وصولا لموانئ أخرى دون أن يتغير شيء في سجل بياناتها ودون الإشارة لزيارة ميناء جديد.

ثم قارن مقدار الحمولة داخل كل ناقلة، بالأماكن التي فقدتها فيها والتواريخ التي تخففت منها فيها، لتجد أن المدون في أحد السجلات ليس بالضرورة متطابقا ومتسقا مع بقية السجلات.

هنا عينة منتقاة من مجموعة من المسارات التي تم رصدها على مدار 3 شهور لمجموعة من الناقلات المشبوهة التي تنطلق بشحنات النفط من ميناء جيهان التركي. وإذ ينطلق هذا التحقيق من متابعة 11 ناقلة، فإن هنا 7 نماذج، تشير بوضوح إلى أنماط السرقات والمراوغات التي تحدث في قلب الماء، على النحو الذى تبينه بقية أجزاء التحقيق. ولدى التحقيق مسارات الناقلات الـ4 الباقية وغيرها، موثقة ومسجلة، لمن يريد الاطلاع عليها أو الاستفادة بمادتها العلمية، ولم يتم إيرادها تلافيا لتكرار المسارات والأنماط التي يكشف عنها التحقيق.

 تم رصد الناقلة في ميناء جيهان يوم ١ نوفمبر.

غادرت الناقلة ميناء جيهان عصر يوم ٦ نوفمبر.

في فجر يوم ٨ نوفمبر، وصلت الناقلة قبالة سواحل إسرائيل، حيث أطفأت جهاز التتبع.

في مساء يوم ١٠ نوفمبر، ظهرت الناقلة متحركة نحو الشمال ثانية، حيث توقفت أمام ميناء الإسكندرون بحلول صباح يوم ١١ نوفمبر.

في صباح يوم ١٢ نوفمبر، دخلت الناقلة ميناء جيهان.

في صباح يوم ١٦ نوفمبر، غادرت الناقلة ميناء جيهان ثانية.

عادت الناقلة لنفس النقطة أمام سواحل إسرائيل ومارست نفس حيلة إطفاء جهاز التتبع عصر يوم ١٧ نوفمبر.

لتظهر مرة أخرى عصر يوم ٢١ نوفمبر متجهة شمالا مرة أخرى نحو ميناء جيهان بعد الانتظار أمام الإسكندرون لعدة أيام.

يوضح مخطط الغاطس أن الناقلة قد فرغت حمولتها مرتين: الأولى يوم ١٠ (خلال فترة الاختفاء الأولى) و٢٠ نوفمبر (فترة الاختفاء الثانية).
رایکم