۳۸۵مشاهدات
اذ نراهم يصفون نشاطات تنظيم القاعدة في بلاد الحجاز بانها نشاطات ارهابية وتصفهم بـ"الفئة الضالة" بينما تسميهم "مجاهدين" وتدعمهم مالياً واعلامياً وتسليحياً في خارج البلاد؟!
رمز الخبر: ۲۰۱۷۹
تأريخ النشر: 13 July 2014
شبكة تابناك الاخبارية: رغم ان العلاقة الوطيدة بين آل سعود وتنظيم القاعدة الارهابي لا تخفى على احد، لكن البعض يتساءلون عن نوع هذه العلاقة والنطاق الجغرافي للشراكة بينهما وهناك استفهامات ايضاً حول الاجراءات التي ستتخذها حكومة آل سعود في ضوء الاحداث الاخيرة التي تعصف بالمنطقة.

في الآونة الاخيرة تصاعدت العمليات الارهابية التكفيرية في المنطقة وهذه النشاطات المشؤومة يمكن اعتبارها الموجة الثانية للارهاب الاسود الذي يحصد ارواح المسلمين صغاراً وكباراً وهي اكثر تعقيداً وتنظيماً من الموجة الاولى. والمجتمع المتحرر العالمي بشكل عام والاسلامي بشكل خاص يتساءل عن واقع العلاقة بين الحكومة السعودية والمجاميع التكفيرية المختلفة وبما فيها تنظيم القاعدة الارهابي، حيث شهدت الساحة مؤخراً نشاطات تكفيرية لداعش في العراق، مما جعل حكومة الرياض تحشد ثلاثين الف عسكري على حدودها مع هذا البلد الجريح زعماً منها التصدي لهجمات ارهابية محتملة، فضلاً عن اجراءات امنية مشددة اخرى.

ولا يختلف اثنان حول ان حكومة الرياض وبعض المنظمات الداخلية في بلاد الحجاز تدعم التكفير والارهاب معنوياً ومالياً وتسليحياً، لكننا لاحظنا قبل مدة ان انتحاريين فجرا نفسيهما في احد مخافر الشرطة في المنطقة الجنوبية، وقبل ذلك اطلقت عدة قذائف هاون في المنطقة الصحراوية الشرقية قرب منطقة "عرعر" المحاذية للحدود مع العراق، وتزامناً مع ذلك فان بعض رموز تنظيم القاعدة اعلنوا في تغريدات لهم على "تويتر" ان حرب كسر الحدود في الجزيرة العربية قد بدات.

لذلك فبالرغم من العلاقة الوطيدة بين الارهاب التكفيري ونظام آل سعود، لكن قد يتساءل البعض نطاق صيغة التعاون المشترك بينهما؛ فهل ان حكومة الرياض تتعامل مع الفكر الارهابي المتطرف الذي يهدد كيان الشعوب الحرة في خارج حدودها كما تتعامل معه في داخل حدودها؟ ولكن ما يجري على ارض الواقع يدل بقطع على ازدواجية المعايير على هذا الصعيد، لذا فما هي الشروط التي تحدد نطاق هذا التعامل المشترك خارجياً والعداء داخلياً؟

تجدر الاشارة الى ان تنظيم القاعدة وجميع مكوناته التي تتفرع عليه بمختلف التسميات يتخذ من بلاد الحجاز مقراً اساسياً له؛ فالكثير من قادة هذا التنظيم هم مواطنون سعوديون وجميعهم سواء كانوا سعوديين ام غير سعوديين تجمعهم توجهات ايديولوجية مشتركة تميزهم عن كل كائن حي آخر، وهذه التوجهات تتجسد في الفكر الجهادي - الوهابي التكفيري وكما هو معروف فان بلاد الحجاز هي مقر علماء الوهابية، وقد طبقت هذه الافكار المتطرفة على ارض الواقع لاول مرة في افغانستان ابان احتلال الاتحاد السوفييتي، ومنذ تلك الآونة اصبحت التنظيمات الجهادية التكفيرية تحت رعاية سعودية بالكامل حتى تاسس ما يسمى بتنظيم "القاعدة" في ظل "مكتب الخدمة" عام 1988م الذي اسسه آل سعود وبعد حرب الخليج الثانية والموقف السعودي الذي دعم التحالف الاميركي ضد العراق، فان زعماء القاعدة اتخذوا في ظاهر الامر موقفاً مناهضاً للرياض وحدثت اثر ذلك بعض الهجمات الانتحارية ضد المصالح السعودية لاسباب عديدة، بحيث اعتبر بعض زعماء هذا التنظيم ان نظام آل سعود الموالي للولايات المتحدة كافر وان رموزه ملحدون، لانهم شربة خمر وممولون لفضائيات اباحية واراذل اخلاقية.

ولكن رغم كل ذلك فان العلاقة بين هذا التنظيم التكفيري وتفرعاته وبين نظام آل سعود بقيت وثيقة بامتياز، وهو امر تؤيده الاوساط الداخلية والخارجية والاهم من ذلك هو ان شيوخ الفكر السلفي والوهابي في بلدان الخليج ولا سيما شيوخ السعودية هم الذين يقدمون دعماً مالياً هائلاً لجميع الحركات الارهابية لاجل قتل المسلمين الابرياء في المنطقة والعالم.

فالسعودية فيها منظومة واسعة ونافذة يديرها منظرو الفكر الوهابي لدرجة ان الحكومة عاجزة عن معارضة آرائها لذلك فهي حرة في نشر ايديولوجياتيا التكفيرية المدمرة والتي جعلت الاسلام اضحوكة بين مختلف الشعوب، حيث تقوم بتصديره بشتى الوسائل وعبر انفاق اموال طائلة تثار تساؤلات كثيرة حول مصادرها فانها تستقطب الشباب المسلم المضلل بافكارها الجهادية الخاوية.

وقد صرحت صحيفة "الديلي" الاميركية بان الدعم المالي الذي يقدمه الاثرياء من الوهابيين والسلفيين في بلدان الخليج ولا سيما اثرياء السعودية هو عصب الحياة للمجاميع التكفيرية الارهابية التي تزهق ارواح مئات الآلاف من الاطفال والنساء في سوريا والعراق. وكتبت: ان المساعدات المالية التي تجمع في السعودية وسائر بلدان الخليج يروج لانها ستنفق لمساعدة الفقراء والمشردين في العراق وسوريا، لكنها في الحقيقة ترسل الى المجاميع الارهابية التكفيرية المسلحة التي تزاول قتلاً وتشريداً باسم "الجهاد" تحت اشراف ورضا حكومات هذه البلدان.

واما صحيفة "الغارديان" البريطانية فقد نشرت خبراً نقلاً عن عدة مصادر موثقة وبما فيها موقع ويكليكس ان السفير الاميركي السابق في العراق "كرستوفر هيل" قد بعث رسالة سرية الى وزارة الخارجية الاميركية عام 2009م، قال فيها: السعودية هي السبب الاساسي للمشاكل التي يعاني منها العراق وتبذل مساعي حثيثة لزعزعة الاستقرار في هذا البلد، ولولا التدخل السعودي السافر في الشان العراقي لتمكنت الحكومة من تحقيق الاستقرار بكل سهولة. كما اكد هيل في هذه الرسالة ان هجمات تنظيم القاعدة في العراق يتم تمويلها من قبل الرياض بشكل علني ومباشر كما انها تؤيد الدعوات التكفيرية التي يروج لها العلماء الوهابيون ولا تبدي اي امتعاض من ذلك مطلقاً.

ورغم ذلك فان بعض وسائل الاعلام تزعم ان الرياض تعارض الارهاب! لذا هل ان نظام آل سعود يتبع سياسة ازدواجية حيال الارهاب؟ اذ نراهم يصفون نشاطات تنظيم القاعدة في بلاد الحجاز بانها نشاطات ارهابية وتصفهم بـ"الفئة الضالة" بينما تسميهم "مجاهدين" وتدعمهم مالياً واعلامياً وتسليحياً في خارج البلاد؟!

بكل تاكيد، فان حكام آل سعود يريدون الحفاظ على نظامهم مهما كلف الامر لذلك فانهم مضطرون للتعامل مع الامور بازدواجية ومحاولة ايهام الراي العام على المستويين المحلي والدولي بانهم يريدون الخير للشعوب فنراهم يقمعون تنظيم القاعدة وتفريعاته في بلادهم في عين دعمهم لها خارج الحدود ولكن هذه السياسة الماكرة اصبحت واضحة للجميع ولا يمكن ان تنضوى على الراي العام الذي يمتلك الوعي الكافي لتمييز الصدق من الكذب، وبالطبع فان الارهاب - التكفيري الوهابي مبغوض لجميع الشعوب الحرة في العالم ومن يطبل له في الحقيقة هو من يتغذى على فتات مائدة داعمي الارهاب، والامر الذي يتوقعه الخبراء والمراقبون ان السحر سوف ينقلب على الساحر وسوف تتحول السعودية قريباً الى ساحة يصول فيها تنظيم القاعدة ومكوناته ولا سيما تنظيم "داعش" الذي بدأ يتمدد بشكل عجيب لدرجة انه خرج عن نطاق السيطرة وسوف ينقلب على مؤسسيه في القريب العاجل.

النهاية
رایکم