شبکة تابناک الأخبارية: وجه قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي اليوم الاثنين، نداءا الى حجاج بيت الله الحرام، دعاهم فيه الى التمسك بالوحدة الاسلامية لمواجهة المؤامرات الرامية الى بث الفرقة بين المسلمين.
واعتبر آية الله خامنئي، ان مساعي العدو لاشاعة الخوف من الاسلام وإثارة العصبيات الطائفية وإختلاق العداوات الوهمية بين السنة والشيعة، تعكس ارتباكه امام تنامي الصحوة الاسلامية.
وفي ما يلي نص نداء قائد الثورة الاسلامية في ايران الى حجاج بيت الله الحرام:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وآله الطيبين وصحبه المنتجبين
ان الكعبة الشريفة التي هي رمز الوحدة والعزة ومظهر التوحيد والقيم الروحية، تستضيف في موسم الحج قلوبا مفعمة بالشوق والامل، توجهت من أرجاء المعمورة الى مهد الاسلام ملبية دعوة الرب الجليل. ان الامة الاسلامية تستطيع الآن أن تشاهد بعيون موفديها المجتمعين هنا من اصقاع العالم، صورة مضغوطة من رحابة ساحتها وتنوعها، وعمق الايمان الذي يحكم قلوب أتباع هذا الدين الحنيف، وأن تقـدّر هذا الرصيد الهائل الذي لا مثيل له تقديرا صحيحا.
إن معرفتنا بذاتنا من جديد، تساعدنا نحن المسلمين على ان نعرف المكانة اللائقة بنا في عالم اليوم والغد، وان نسير باتجاهها.
إن تنامي موجة الصحوة الاسلامية في عالمنا المعاصر، حقيقة تبشر الامة الاسلامية بغد سعيد، فمنذ أن بدأت هذه الانطلاقة القوية قبل ثلاثة عقود، بانتصار الثورة الاسلامية وقيام النظام الجمهوري الاسلامي، راحت امتنا العظيمة تتقدم بلا توقف. وقد أزالت عقبات من طريقها واستولت على خنادق. وإذا كان الاستكبار قد زاد من التعقيد في اساليب عدائه وبذل جهودا باهظة التكلفة لمواجهة الاسلام، فذلك بسبب هذا التقدم نفسه. إن ما يقوم به العدو من عمل إعلامي واسع النطاق لاشاعة الخوف من الاسلام، والجهود الحثيثة التي يقوم بها لزرع الخلاف بين مختلف الطوائف الاسلامية وإثارة العصبيات الطائفية، وما يدأب عليه من اختلاق عدو وهمي للسنة من الشيعة وللشيعة من السنة، وبث الفرقة والشقاق بين الدول الاسلامية، والسعي لتصعيد الخلافات وتحويلها الى عداوات ونزاعات غير قابلة للحل، واستخدام الاجهزة الاستخباراتية والجاسوسية لحقن سموم الفساد والفحشاء في صفوف الشباب، فان كل ذلك لا يخرج عن كونه ردود فعل مرتبكة امام حركة الامة الاسلامية المتينة وخطاها السديدة في طريق الصحوة والعزة والحرية.
اليوم، لم يعد العدو الصهيوني عملاقا لا يقهر، خلافا لما كان عليه الحال قبل ثلاثين عاما، ولم يعد الاميركيون والغربيون هم اصحاب القرار في الشرق الاوسط دون منازع، خلافا لما كان عليه الحال قبل عقدين من الزمن، ولم تعد التقنية النووية وغيرها من التقنيات المعقدة بعيدة عن متناول الشعوب المسلمة في المنطقة ولم تعد بالنسبة لهم احلاما بعيدة المنال، خلافا لما كان الحال قبل عقد من الزمن. ان الشعب الفلسطيني هو اليوم بطل المقاومة، والشعب اللبناني هو لوحده محطم الهيبة الزائفة للكيان الصهيوني وفاتح حرب الـ 33 يوما (حرب تموز)، والشعب الايراني هو حامل الراية ومقتحم العقبات صاعدا نحو القمم.
ان اميركا المستكبرة التي تزعم لنفسها قيادة المنطقة الاسلامية، والتي تشكل الحامية الرئيسية للكيان الصهيوني، قد وقعت في الورطة التي اوجدتها بنفسها في افغانستان، كما انها بدأت تنعزل في الساحة العراقية بعد كل تلك الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب العراقي، وانها في باكستان المنكوبة اصبحت مبغوضة اكثر من اي وقت مضى. ان الجبهة المعادية للاسلام التي ظلت لمدة قرنين من الزمن تتحكم في مصير الشعوب الاسلامية ودولها بظلم وتعسف، وتنهب ثرواتها نهبا، تشهد اليوم زوال نفوذها وتصدي الشعوب المسلمة لها بشجاعة وبسالة.
وفي المقابل، اصبحت حركة الصحوة الاسلامية تتقدم وتتعمق اكثر فاكثر على مر الايام.
ان هذه الاوضاع التي تبعث على الامل وتحمل معها البشارة، لا بد لها- من جهة- ان تدفع بنا – نحن الشعوب المسلمة – الى مستقبل منشود بثقة اكبر من اي وقت مضى، كما ينبغي – لها من جهة اخرى – ان تبقينا بدروسها وعبرها – اكثر وعيا ويقظة من اي وقت مضى. ولا شك ان هذا الخطاب العام يجعل علماء الدين والقادة السياسيين والمثقفين والشباب، ملتزمين اكثر من غيرهم، ويطالب هؤلاء بالمجاهدة والريادة.
يخاطبنا القرآن الكريم بنبرة بليغة وحية فيقول: "كنتم خير امة اخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله". فان الامة الاسلامية - حسب هذا الخطاب القرآني - قد اُخرجت للبشرية، وان الهدف من وجود هذه الامة هو انقاذ البشرية وتحقيق الخير لها.
كما ان الواجب الكبير الملقى على عاتق هذه الامة هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والايمان بالله تعالى، ولا معروف اسمى من انقاذ الشعوب من براثن هيمنة الاستكبار الشيطانية، كما انه لا منكر ابشع من التبعية للمستكبرين وخدمتهم. ان مساعدة الشعب الفلسطيني والمحاصَرين في غزة، والتعاطف والتعاضد مع شعوب افغانستان وباكستان والعراق وكشمير، والمجاهدة والمقاومة امام العدوان الامريكي الصهيوني، والسهر على وحدة المسلمين، ومكافحة الايدي الوسخة والالسن العميلة التي تحاول المساس بهذه الوحدة، ونشر الصحوة والشعور بالمسؤولية والالتزام بين الشباب المسلمين في جميع الاقطار الاسلامية، ... كل ذلك يعد مسؤوليات جسيمة تلقى على عاتق الخواص من ابناء الامة.
ان المشهد الرائع الذي يبلوره الحج، يرشدنا الى المجالات الملائمة للقيام بهذه المسؤوليات، ويدعونا الى مضاعفة العمل والهمم.
والسلام عليكم ورحمة الله
السيد علي الحسيني الخامنئي