۳۶۷مشاهدات
وقد ساعد سوريا الى جانب ذلك، تحالفها مع ايران في العام 2010 مع اطلاق الحرب الشاملة والجبهات المتعددة ، التي أرست معادلة جديدة لا مكان للسلاح الكيميائي فيها.
رمز الخبر: ۱۵۶۱۹
تأريخ النشر: 02 October 2013
شبکة تابناک الاخبارية: تغييرات ربما تكون جذرية طرأت على منطقة الشرق الأوسط مؤخراً لاسيما في اعقاب التهديد الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية على سوريا، هذا التهديد الذي أوقف تنفيذه مساعي الدبلوماسية الروسية التي نجحت في "اقناع" الولايات المتحدة بالتوصل الى اقتراح يقضي بمراقبة الأسلحة الكيميائية السورية وانضمام سوريا الى معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية ووضع ترسانة أسلحتها تحت الرقابة الدولية.

وعلى الرغم من أن الضربة أحجمت عسكرياً الا ان تردداتها أرخت بظلها على المستوى السياسي وفتحت مجالاً جديداً أمام تحولات سياسية اقليمية أهمها دخول سوريا الى تلك المعاهدة التي رفضت على مر الزمن ان تنضوي تحت سلطتها التي لا تصب الا في خدمة "اسرائيل" وقد تجلى الامتناع السوري خلال العقد الماضي كرد فعل ازاء كيان العدو الاسرائيلي لاسيما وقد سبق أن هددت "اسرائيل" باستخدام الكيميائي ضد الجيشين المصري والسوري خلال حرب أكتوبر 1967.

 ولأن المصلحة الدولية العليا تأخذ دائماً بعين الاعتبار أمن "اسرائيل"، فلم تتخذ الخطوات المناسبة لضم كيان العدو الى المعاهدة التي رفض دخولها متذرعاً بحماية امنه القومي الذي تتهدده الترسانات الكيميائية لدول تعتبر "اسرائيل" عدواً، بالإشارة الى "سوريا" سابقاً، و "ايران" حالياً التي تأثرت أيضاً بتبعات الضربة والتي فتحت مجالاً للتواصل الأميركي المباشر معها وتحديداً غداة اعلان ايران ضرب "اسرائيل" في حال ضربت أميركا سوريا.

ومع تحوّل العلاقات الدولية التي بدأت تأخذ منحاً جديداً على مستوى العلاقات الايرانية –الأميركية، أشار الرئيس الايراني الجديد الشيخ حسن روحاني الى أن بلاده ستعيد النظر بالملف النووي الايراني وذلك في اطار تحسين العلاقات الدولية ، على رأسها العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، التي يقف النووي الايراني "عقبة" في طريقها.

وعلى الرغم من أن "اسرائيل" انتقدت الغزل الايراني-الأميركي الا ان في تحولات العلاقات اقليمياً خدمة لأمنها الذي يهدده "النووي الايراني" ومع انحسار "خطره" لربما تنضم "اسرائيل" الى المعاهدة، بحسب ما لفت رئيس كيان العدو شيمون بيريز الذي ألمح الى أن التطورات الاقليمية لا سينا على صعيد الطاقة النووية الايرانية من شأنها تمهيد الطريق أمام وضع الترسانة الكيميائية الاسرائيلية تحت الرقابة الدولية.

الا ان هذا التوجه يسبّب شرخاً في الداخل "الاسرائيلي" تحديداً بين "الرئاستين"؛ ففحين يرى بيريز ايجابيةً في حلحلة الملف النووي الايراني المنسحب على العلاقات مع أميركا، تزامناً مع اعلان الرئيس الايراني عدم استخدام ترسانة ايران الكيميائية بما يتعارض مع الأخلاقيات الانسانية، ما يطمئن "اسرائيل"، الا أن رئيس حكومة كيان العدو بنيامين نتنياهو يعرب عن قلقه تجاه التحول الاقليمي؛ لاسيما بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الايراني وهذا ما دفعه للتوجه الى الولايات المتحدة الأميركية مبدياً خشيته من النووي الايراني في محاولة للضغط على أميركا لألا ترضخ للشروط الايرانية التي فرضتها قوة التوازن في المنطقة.

قوة التوازن هذه التي كانت السبب الأول –ربما- في اعلان الحرب على المنطقة وما رافقها من سباق للتسلّح. هذا المنحى العمومي لتطور الأمور في المنطقة يفسّره العميد المتقاعد أمين حطيط الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، بأسلوب اكثر تفصيلي يبدّل من المفهوم السائد ، ففي حين تطرح التساؤلات عن الجهة المستفيدة من انضمام سوريا لمعاهدة حظر نقل وانتشار الأسلحة الكيميائية وتأثيراتها على سوريا والمنطقة، يوضح العميد حطيط أن سوريا هي المستفيد الأول من هذه الخطوة التي انتظرت لحظتها المناسبة منذ زمن، فامتلاك سوريا - يقول العميد- للترسانة الكيميائية ليس سوى عبء يثقل كاهل النظام السوري الذي يفضّل الأسلحة النارية لتطويق "اسرائيل" ومحاربتها.

وفي عودة تاريخية خاطفة تفسّر "تخلي" سوريا عن ترسانتها الكيميائية يلفت العميد حطيط الى أن الجمهورية العربية السورية برئاسة حافظ الأسد، ومنذ عقدين، امتلكت الكيميائي في ظروف صعبة تشكلت بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد وتفاقمت غداة انهيار الاتحاد السوفييتي، فسعى الأسد حينها، الذي كان بوضع استراتيجي صعب، الى تحقيق توازن استراتيجي مع كيان العدو الاسرائيلي عبر مساع ثلاث: المسعى الأول كان في امتلاك السلاح الكيميائي والذي يطلق عليه "السلاح النووي للفقراء"، والمسعى الثاني كان عبر ارساء المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي في لبنان ، أما المسعى السوري الثالث فكان بالتّحالف الاستراتيجي مع ايران. وقد ساهمت هذه المساعي الثلاث ، يشير العميد حطيط، الى طمأنة حافظ الأسد تجاه صمود سوريا بوجه التحولات الدولية .

لكن، يشير حطيط، الى أن السلاح الكيميائي يُملك لكن لا يستخدم؛ فاستخدام السلاح الكيميائي يرتد على مستخدمه كما يشكل عبئاً في تخزينه، لافتاً الى أن امتلاك الكيميائي له ايجابيات منها تخويف كيان العدو الاسرائيلي، بالإشارة الى تحقيق "توازن قوة".

وخلال العقدين الماضيين، تحديداً في العام 1993، سعت سوريا ومعها محور المقاومة الى تغيير عوامل المعادلة الاستراتيجية بالاستناد الى الأسلحة النارية بدلاً من الأسلحة الكيميائية غير المستعملة، وذلك بسبب قدرات السلاح الناري الفعالة لاسيما بتخويف "اسرائيل".

ويتابع العميد انه وخلال عشرين عاماً قامت سوريا بتطوير قدراتها ومنظومتها المقاومة لدرجة استطاعت معها أن تصل بإمكانياتها الى تغطية "اسرائيل" بالنار، كما استطاعت أن تخرجها من فكرة الحرب على أرض الخصم الى فكرة "اسرائيل كلها تحت النار".

وقد ساعد سوريا الى جانب ذلك، تحالفها مع ايران في العام 2010 مع اطلاق الحرب الشاملة والجبهات المتعددة ، التي أرست معادلة جديدة لا مكان للسلاح الكيميائي فيها.

وبحسب الخبراء الاستراتيجيين، يقول العميد حطيط، أن الردع المتبادل قائم على القدرات النارية لا الكيميائية التي تشكل عبئاً لا فائدة منه، لذلك انتظرت سوريا الوقت المناسب للتخلي عنها مقابل "ثمن" فكان اقتراح روسيا بضم سوريا للمعاهدة الوقت المناسب للتخلي عن عبء الكيميائي.

ويوضح العميد حطيط أن الاتفاق الروسي-الأميركي بهذا الشأن يصب بمصلحة سوريا، وقد تم الاتفاق بين الجانبين "كمحورين" - وفي مقدمتهما سوريا- ولم يكن أحادي الجانب ، كما لفت الى أن الاتفاق تضمن أبعاداً عدة منها ما هو معلن ومنها ما لم يعلن، واحد الأبعاد كان التأكيد على مرجعية مجلس الأمن الدولي بالنسبة لسوريا واسقاط المحاولات الأميركية بضمانة روسية؛ هذه الضمانة وصلت رسالتها الى الجانب السوري حاملة معها كل القدرات الروسية الشاملة.

وفي الأبعاد غير المعلنة كان الاتفاق الضمني للسعي نحو شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل بمن فيه "اسرائيل" وهذا ما طرحته روسيا للنقاش عبر المطالبة بضم كيان العدو الاسرائيلي الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة الكيميائية، وهذا ما اعتبره العميد حطيط تحولاً مهماً.

ويرى حطيط ان سوريا لم تخسر في هذه المعادلة "عامل ردع" بالتخلي عن سلاحها الكيميائي بل استبدلته بـ"رادع ناري" وبالتالي دفعت "اسرائيل" الى تسليم وتفكيك ترسانتها الكيميائية ولو بعد حين قد يمتد لسنوات.

أما على صعيد العلاقات الأميركية - الايرانية وقلق "اسرائيل" منها فسببه تخوفها من تغليب أميركا لمصالحها على حساب العلاقات الاسرائيلية-الأميركية، أما تذرعها بالقلق من السلاح الايراني النووي فيرى العميد حطيط أن "اسرائيل" تكذب حيال نفسها أولاً ؛ بتذرعها بالسلاح النووي الايراني الذي ليس حقيقة ملموسةً بعد ، وهذا ما تعرفه "اسرائيل"، بل تتخذ منه ذريعةً تقوم من خلالها على ابتزاز الولايات المتحدة لتحصل على "ثمن" معين من تلك "المصالحة الاستراتيجية".

بالإضافة الى محاولة "اسرائيل" احتضان الخليج باستغلال عداوته مع ايران لوقوفه الى جانبها في المنطقة، هذا على الصعيد الاقليمي-الدولي، اما على الصعيد الداخلي فإن تباين الآراء الاسرائيلية بالنسبة لتبدّل العلاقات بين أميركا وايران فيكمن في الصراع على السلطة ومحاولة لإثبات الوجود بين الخصوم.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد حطيط أن حاجة اميركا للتفاهم مع ايران يصب في مصلحة الولايات المتحدة أولاً وأخيراً لكنه يلفت أيضاً الى مصلحة ايران لاسيما لجهة رفع العقوبات عنها وتثبيت وضعها في المنطقة كدولة اقليمية أولى، وهذا ما يثير غضب دول الخليج الذي تستغلها "اسرائيل" لخدمة وجودها.

اذاً يؤكد العميد المتقاعد أمين حطيط ان "مراجعة ايران لملفها النووي" لا يخسرها شيئاً فليس لديها شيء فعليّ تخسره، مع الاشارة الى أن تصرف الرئيس الايراني الذي هاجمه البعض يصب بصالح ايران وهو يتحرك ضمن "المؤسسة الايرانية وادارتها" التي تخضع لتوجيهات الدستور والقانون في ظل قائد الثورة الايرانية الامام الخامنئي.

أما سوريا فهي الرابح الأكبر من تسليم ترسانتها الكيميائية مقابل تحقيقها لما هو أثمن ومن ضمنه تسليم "اسرائيل" لترسانتها وبمطلب دولي.

وفي الختام، يعتبر العميد حطيط أن في التبدلات السياسة والتحولات الجديدة، تمهيد لحل الأزمة السورية بدخول مرحلة انتقالية من شأنها التوصل الى بشائر لحلحة الأزمة القائمة منذ أكثر من عامين.

النهاية
رایکم