۶۷۸مشاهدات

انتصار الثورة الإيرانية أسهم في اشتداد ساعد القوى الإسلامية

رمز الخبر: ۱۱۶۰۱
تأريخ النشر: 20 February 2013
شبکة تابناک الأخبارية: أكد المنسق العام للمؤتمر القومي- الإسلامي المفكر منير شفيق، أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران أسهم في اشتداد ساعد القوى الإسلامية في المنطقة عموماً، وفي فلسطين المحتلة على وجه الخصوص.

وقال شفيق في ندوةٍ عقدت مساء الاثنين في بيروت بعنوان (فلسطين والعروبة والإسلام السياسي): "لقد اشتد ساعد القوى الإسلامية بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، والتي اعتبرت قضية تحرير فلسطين، والقضاء على الكيان الصهيوني على رأس أهداف إستراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وتوقف شفيق عند عبارة الإسلام السياسي ومفهومها، قائلاً: "في مدى معرفتي، العبارة حديثة الاستخدام والاشتقاق، وفي الأغلب هي مترجمة عن اللغات الغربية التي نعتت هذه الصفة على الحركات الإسلامية ذات البرامج السياسية، أو الحركات الإسلامية التي تعنى بأمور السياسة ولا يقتصر عملها على العمل الدعوي أو التعبدي أو الأخلاقي أو الخيري، علماً بأن هذه وضمن هذه الحدود هي حركات سياسية عملياً، فهي مشمولة بالسياسة".

وأضاف: "إذا كان هذا التفريق هو المقصود فالمصطلح يفقد مدلوله إلاّ عند التفريق بين الحركات ذات البرامج السياسية أو المهتمة بالشأن السياسي من جهة، والحركات الإسلامية التي تتجنب الخوض في الشأن العام أو في السياسة"، مستدركاً بالقول: "ولكن إذا استخدم للدلالة على حركات بعينها، فهو هروب من تسمية تلك الحركات فيما يراد التجريح بها".

وتساءل شفيق: هل إضفاء سمة السياسي تشكل بحد ذاتها عيباً أو نقيصة؟!، أم يراد بأن يقال أن الإسلام من حيث أتى غريب عن السياسة، ومن ثم من يقحم السياسة فيه يخرج من إطار الإسلام الصحيح؟! .. وهذا موقف لا علاقة له بفهم الإسلام وتاريخه.

ولفت إلى أن "الماركسيين الذين يستخدمون هذا التعبير ينسون أن صفة السياسي تنطبق على كل عمل حتى لو كان إضاءة زر الكهرباء في المنـزل، إذ أنهم يعتبرون ذلك عملاً سياسياً، في نهاية المطاف، تدفع الفاتورة لشركة الكهرباء، وشركة الكهرباء لها دور سياسي. وهكذا دواليك".

وشدد شفيق على أن "من الضروري أن توضع النقاط على الحروف بالنسبة إلى الحركة المقصود نقد سياساتها، وليس الحديث عن إسلام سياسي يشمل حركات ذات برامج سياسية ومواقف سياسية مختلفة".

وتناول المفكر الإسلامي، في حديثه مسألتين، الأولى: الحركات الإسلامية والقضية الفلسطينية، والثانية: ثورات ومتغيّرات 2011 - 2012م وانعكاسها على القضية الفلسطينية.

وفي تفصيله للمسألة الأول، قال شفيق: "منذ أن نشأت القضية الفلسطينية انبرى علماء المسلمين على المستويات الفلسطينية والعربية والإسلامية للدفاع عنها، ومواجهة المشروع الاستعماري والصهيوني المتجّه لبناء وطن قومي لليهود أو لاستيطان فلسطين أو الهجرة إليها. وعقد من أجل ذلك في فلسطين وخارجها عدّة مؤتمرات، وكذلك الأمر كان بالنسبة للحركات الوطنية والعروبية، كما والشيوعية حتى العام 1947م".

وتابع يقول: "وعندما بدأت تتشكل حركات إسلامية وفي المقدمة حركة الإخوان المسلمين في العام 1928م، كان موقفها حاسماً في رفض المشروع الصهيوني، وفي دعم مقاومة شعب فلسطين، وفي تحريض العالم الإسلامي، وحدث إجماع إسلامي علمائي، وحركة ضدّ قرار التقسيم رقم 181 كما الدعوة للجهاد في فلسطين ضدّ قيام الكيان الصهيوني في العام 1948م".

وأشار شفيق إلى أن الإخوان المسلمين كان لهم ثقل خاص في التطوّع لخوض حرب 1948، وهذه الصورة انطبقت أيضاً على التيارات العروبية والوطنية عموماً. ونوه إلى أنه لم يشذ في هذه المرحلة التي ابتدأت بقرار التقسيم لعام 1947 وامتدّت إلى حرب 1948 غير الأحزاب الشيوعية التي دعمت موقف الإتحاد السوفياتي الذي وافق على قرار التقسيم، وبعضها دان دخول الجيوش العربية والقتال ضدّ إقامة الكيان الصهيوني.

ونبّه إلى أن المرحلة الممتدة من 1949 إلى 1967م شهدت خرقاً تمثل بالمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بقضية فلسطين، بما يتضمن تطبيق قرار التقسيم 1947 وقرارات حق العودة. وهو ما عبّرت عنه مصر وسوريا المحرّرتين من خلال قرارات مؤتمر "باندونغ" وفي محافل دولية أخرى. ولكن مع تأكيد على رفض الصلح أو المفاوضات أو الاعتراف بالكيان الصهيوني، كما العمل على بناء الجيوش للتحرير.

وعلى مستوى الحركات الشعبية، بيّن شفيق أن الحركات الإسلامية والعروبية والوطنية استمرّت برفض قرار التقسيم، ورفض المطالبة بتطبيقه مع الإصرار على إعداد الجيوش العربية للتحرير.

ويوثق أنه "وفي العام 1968م بعد كارثة حرب حزيران حدث الخرق الثاني والمتمثل بالاعتراف بقرار 242، ولكن مع تأييد اللاءات الثلاثة التي عبّرت عنها قمة الخرطوم: لا للصلح، لا للمفاوضة، لا للاعتراف، إلى جانب دعم المقاومة التي أصبحت منذ العام 1968 جزءاً أساسياً في الصراع، مع دعم عربي رسمي وشعبي. ودعم إسلامي شعبي وعام ورأي عام عالمي لها".

أما الخرق الثالث الخطير، فقد حدث – كما يقول شفيق - بزيارة أنور السادات إلى الكيان الصهيوني، والدخول بالمفاوضات المباشرة برعاية أميركية والتوصّل إلى عقد المعاهدة المصرية - الإسرائيلية والتي اشتهرت باتفاقيات "كامب ديفيد" لعام 1978/1979، موضحاً أن ما فعله السادات كان انقلاباً على لاءات الخرطوم الثلاثة، إذ فاوض وصالح واعترف.

وبحسب هذا المفكر فإن الخرق الرابع جاء هذه المرّة من جانب منظمة التحرير الفلسطينية، التي عقدت اتفاق أوسلو في أيلول 1993م، وقد سبقه ومهّد له مؤتمر مدريد، وما تبعه من مفاوضات ثنائية ما بين 1991-1993. ثم تبعه الاختراق الخامس في توقيع الأردن لاتفاق وادي عربة. ثم أضف التهافت الرسمي من قبل مجموعة من دول عربية على التطبيع وفتح مكاتب اتصال للكيان الصهيوني في عواصمها.

ويقول شفيق : "كان كل من هذه الخروقات يشقّ في صفوف القوى القومية والوطنية واليسارية كما الفلسطينية. وذلك ما بين مؤيد ورافض. وكان من بين المؤيدين من فعلها أو وافق عليها اضطراراً مع الاحتفاظ بمقاومة وممانعة، وكان من بينهم من فعلها متهافتاً مدافعاً بحماسة عما يسمّى السلام مع الصهاينة".

واستدرك يقول: "أما القوى الإسلامية فقد بقيت معارضة لهذه الخروقات جميعاً، وقد اشتدّ ساعدها بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، والتي اعتبرت قضية تحرير فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني على رأس أهداف إستراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وأشار شفيق إلى أنه "ومنذ ما بعد حرب العدوان على لبنان 1982، أخذت تتطوّر المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله، والحركات الإسلامية في فلسطين، وانتقلت إلى مرحلة الانتفاضة نهاية 1987 مع تطور للمقاومة الإسلامية التي قادتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي".

ونوه إلى أن كلاً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمقاومة الإسلامية في لبنان، والمقاومة الإسلامية في فلسطين تبنت هدف تحرير فلسطين، وتبني إستراتيجية المقاومة المسلحة، ورفض إستراتيجية التسوية والمفاوضات والتطبيع.

وأكد شفيق أن هذا كان موقف الحركات الإسلامية بلا استثناء على المستوى العربي والإسلامي والعالمي. والذي يمكن تلخيصه بتأكيد هدف تحرير كل فلسطين، وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، بل التأكيد على ضرورة زواله وإزالته، مع دعم إستراتيجية المقاومة.

وشدد على أنه "لم تعلن حتى الآن أية حركة إسلامية تخليها عن هذا الخط، وذلك بالرغم مما راح البعض يثيره من شبهات عكس ذلك؛ استناداً إلى بعض التصريحات التي صدرت عن لسان مرشح حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لحركة الأخوان المسلمين، للرئاسة محمد مرسي كما بعد نجاحه رئيساً لمصر، حول احترامه للاتفاقات الدولية بما يشمل اتفاق "كامب ديفيد"، أو استمرار تبادل السفراء مع الكيان الصهيوني بعهده".

ويورد شفيق ردّ إخوان مصر بضرورة التفريق بين موقفهم وثوابتهم من قضية فلسطين حيث لم يحدث أي تغيير، وبين التزام الرئيس المصري وحكومته بتنفيذ الاتفاقات الدولية.

ويضيف: "طبعاً، هذا التبرير غير مقنع كما أن إعلان الالتزام بتنفيذ أو احترام اتفاق "كامب ديفيد" لم تكن له ضرورة حتى مع الوصول إلى الرئاسة والحكومة، ولكن لا يمكن أن يستنتج منه أن الأخوان غيّروا موقفهم المبدئي من قضية فلسطين، ورُميَ عرض الحائط به، فما زالوا يُعلنون تمسكهم بالموقف المبدئي من دون تغيير، كما ما زالت قواعدهم تهتف "خيبر خيبر يا يهود"".

وطبقاً لهذا المفكر "مع ذلك وسواء تم التوافق على هذا المنهج في قراءة تعقيدات المواقف التي حملتها التطوّرات الجديدة، أم إذا استمرت القناعة بأن الالتزام باحترام معاهدة "كامب ديفيد" تعني التغيير الجوهري في الموقف، ومن ثم اعتبار الإخوان انتقلوا إلى المقلب الآخر، فإن الحكم الفيصل على صحّة هذا التحليل أو ذاك سيخضع للمستقبل القريب، وليس البعيد".

وأفرد شفيق مجالاً واسعاً للحديث عن متغيرات 2011 و2012 وانعكاسها على القضية الفلسطينية، مستهلاً الكلام بقوله:" ثمة تقدير موقف أو تقويم عام دار ويدور حوله خلاف بين وجهتي تقدير أو تقويم وما بينهما من تقدير أو تقويم ثالث أو رابع، وذلك في ما يتعلق بمكانة القضية الفلسطينية ومستقبلها، على ضوء الثورات أو المتغيّرات التي شهدها عاما 2011 و2012 في عدد من البلاد العربية ولا سيما في تونس ومصر".

وأوضح أن ما حدث في هذين القطرين كان تغييراً أطاح من خلال ثورة الشعب برأسيْ النظام وبطانتيهما. وكان ذلك مؤذناً بالتحوّل نحو نظامين جديدين ومن ثم انتهاء ما كان يسمى مرحلة الاعتدال العربي، الذي كان حسني مبارك يقف على رأسه ويقوده مع السعودية. كما خضعت له سياسات الجامعة العربية من خلال أمينها العام في تلك المرحلة عمرو موسى، منبهاً إلى أن هذا التغيير زاد من خلخلة ميزان القوى في غير مصلحة أميركا والكيان الصهيوني.

وأشار شفيق إلى أن النظامين التونسي والمصري كانا خلال العشر سنوات منذ 2001 قد دخلا مرحلة التواطؤ بعيد المدى مع السياسات الأميركية والصهيونية، وهذا تجلى بصورة خاصة في الموقف من حربي تموز 2006 و 2008/2009 في كل من لبنان وقطاع غزة؛ حيث حمّلا مع السعودية وعدد من الدول العربية وأمانة الجامعة العربية، مسؤولية العدوان الصهيوني على كل من حزب الله والمقاومة الفلسطينية.

وأكد أنه "ومن ناحية موضوعية، وبمقاييس موازين القوى، وبغض النظر عن الشعارات التي طرحتها الثورات أو السياسات المتبعة من قبل الحكومات الانتقالية، كان مجرد الإطاحة خصوصاً بنظام حسني مبارك وانهيار محور الاعتدال العربي، قد شكل تغييراً في مصلحة القضية الفلسطينية، وفي غير مصلحة أميركا والكيان الصهيوني".

وبيّن شفيق أن "ما أفرزته معادلات الصراع الداخلي في الوضع العربي بعامة نتيجة متغيّرات العامين المذكورين، فرض تركيزاً خاصاً على الشأن الداخلي، وإحداث التغيير الداخلي، وحمل معه مهادنة مع الخارج كانت استمراراً لتركيز شعارات الثورات على الشأن الداخلي وإن كان شعار الشعب يريد تحرير فلسطين قد علا بين الفينة والأخرى. ولكن على مستوى الأولوية بقي التركيز على إسقاط النظام ورئيسه".

وأضاف: "وصحب هذا المتغيّر انقساماً داخل صفوف القوى والتيارات التي اجتمعت في الميادين وأسهمت جميعاً في إسقاط النظام وانتصار الثورة. وقد لعب الانخراط السريع في المرحلة الانتقالية في عملية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية دوراً مقدّراً في تعميق الانقسام داخل صفوف الشعب أي داخل الصفوف التي صنعت الثورة".

واستطرد شفيق: "هذه الانقسامات أخذت تربك الوضع، وتربك معه تقديرات الموقف للوضع. وتشوّش على التقويم الدقيق في قراءة العلاقة بين المتغيّرات المذكورة والقضية الفلسطينية. ما يسمح بتشكل تقويم يقول إن القضية الفلسطينية دُحِرَت إلى الخلف أو حتى تمّ التخلي عنها، وتقدير آخر يقول إن كل ما يظهر على السطح من صراعات ومهادنات وتراشق بالاتهامات أو سلبيات لم يغيّر من استمرار تراجع أميركا والكيان الصهيوني في ميزان القوى".

وختم منير شفيق حديثه بالقول: "وجاءت حرب الأيام الثمانية الأخيرة في غزة وما تجلى فيها من موقف سياسي وعسكري من جانب المقاومة بقيادة حماس وحركة الجهاد الإسلامي ووصولها إلى فرض شروط المقاومة على اتفاق وقف إطلاق النار، لتؤكد بما لا يقبل الشك في أن ميزان القوى ما زال في غير مصلحة أميركا والكيان الصهيوني، ومن ثم فإن ما حدث من متغيّرات هو في اتجاه تعزيز القضية والمقاومة الفلسطينية وليس العكس"، مشيراً إلى أن "ذلك سيظهر بصورة جليّة إذا ما اندلعت انتفاضة ثالثة في الضفة لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات واستنقاذ القدس".
رایکم