تمرد بوجه الأمل .. نظرة سوسيولوجية على ما يجري في العراق ولبنان

كتب أستاذ جامعة العلامة طباطبائي في طهران “محمد جواد غلام رضا كاشي” مقالاً نشره موقع ديبلماسي إيراني تطرق فيه إلى ما يجري في العراق ولبنان، جاء فيه: ان مشاهدة الصور والأفلام التي تروي قصة ما يجري في العراق ولبنان مثير للانتباه، ما تراه هو العنف والاحتجاج، لكن لا ترى كلاما أو حديثا أو هدفا أو تنظيما أو قيادة.

ما نراه لا يصنف في خانة الثورات، لأن الخيال يهيمن على الأجواء الثورية إذ يمكن بوحي منه بناء كل شيء من جديد وخوض تجربة بداية وانطلاقة حديثة. على هذا تظهر الأحاديث الطوباوية والتضامن والقيادة والتنظيم لكن ما يجري في العراق ولبنان يصدر من اليأس، وغياب الأمل، أمل بأن يمكن تنظيم كل شيء من جديد وبناء غد مشرق.

لا ترى أملا ببداية جديدة في أعين المتظاهرين، بل يصدر كل شيء من أجواء تخنق الآمال الأيديولوجية، فمنذ عقود ألقت الأحاديث والكلام الطوباوي بظله كالسقف على الفساد الحكومي والنهب وتدمير القيم الاجتماعية والأخلاقية، شعارات ومفاهيم لا عمل لها سوى إضفاء التقديس على العلاقات المنحطة.

تستدعي الروحانية والاستقلال والحرية والنضال والجهاد في الساحة السياسية لتملا حفر الحياة وتضيفها غناء وقيمة، لكنها هل تقوم بدورها، فإذا ما جرّب الوجدان العام تلك المفاهيم بالخدعة وإذا ما شعر بأن تلك المفاهيم تمزق هيكلة الحياة عندها قد تقوم المظاهرات بإزالة سقف الرياء والخدعة، بعيدا عن النتيجة التي تحملها لحياتهم وبعيدا عن إمكانية خوض تجربة جديدة من عدمها.

قد يثور الناس من خلال القيام بالمظاهرات بوجه أنفسهم، ذلك أنه الكل في الأجواء التي تسودها الكذب والرياء متلوث، وإذا ما لم يتم إحداث تغيير في حياتهم يتركون أنفسهم لأنفسهم، ففي الأجواء المنحطة التي يكذب كل شخص على نفسه يوما ويمارس الظلم بحق ذاته، ينفر المرء من نفسه شيئا فشيئا، هنا يقومون بالتمرد كي يريحوا أنفسهم.

قد يحمل الناس أهداف تعويضية عند قيامهم بالتمرد يصرخون لتعويض شعورهم بالحقارة نتيجة الصمت أو نتيجة الخنوع والانصياع الناجمين عن الظروف الطارئة.

وقد يثور الناس كي يطلقوا على الأشياء أسماء مناسبة كي لا يسموا الجوع مقاومة ولا النهب مشاركة ولا يطلقوا على الظلم تدبير وحكمة ولا يطلقوا على الموت الحياة.

هنا في الشرق الأوسط علينا إلقاء التحية للمعيشة، بكل ما تحمله من إخفاقات، فأمنية الحياة بلا خلل قضى على الحياة نفسها، إنما العداء من سمات البشر، لكن إنتاجه وتفريخه في هذه البقعة من المعمورة زاد كما تزداد لهيب الناس واحرق أرواحنا وأجسادنا وحياتنا، وعطل عقولنا ودمر مستقبلنا، فما يجري في العراق ولبنان لا يهدف إلى بداية جديدة، بل يهدف إلى القول باستحالة استمرار الوضع الراهن، هذا هو سلاح الذين لا حجة لهم لبناء غد مشرق.

يحتاج الشرق الأوسط في يومنا هذا إلى مانديلا وغاندي من يخترق حدود الداخل ويرحب بالآخر، يتحدث عن السلام والصداقة ويوظف كل شيء في سبيل تعبئة أكبر قدر من الإمكانيات المتوفرة لبناء حياة أفضل. المصدر: شفقنا