ورغم هذه الصورة القاتمة، التي قد تتبدى للبعض، فان المخابرات الاسرائيلية «الموساد» وبالتعاون مع استخبارات الجيش «أمان» قد اعدت تقريراً سمته «التفاؤل العام» تحت عنوان «هكذا ترى المخابرات الاسرائيلية عام 2014»، رفعته الى الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر.
فبحسب ما رشح عن التقرير فان مرد التفاؤل يرجع الى الوضع الذي وصلت اليه جيوش الدول التي تشكل خطراً على اسرائيل بسبب الاوضاع التي مرت بها هذه الدول عام 2013، كما يرجع الى ان «المنظمات الارهابية» فتحت جبهات جديدة، فتحولت الى قدرات عسكرية، يبقى تأثيرها ضعيفاً على الامن الاسرائيلي، وفي مقدمة هذه المنظمات حماس والجهاد وحزب الله.
ويتابع التقرير الى ان تغليب الدبلوماسية في المنطقة سيكون له مردود ايجابي لان اسرائيل عام 2014، رغم ان كافة المعطيات تشير الى ان حالة عدم الاستقرار في الشرق الاوسط، ستستمر، وقد تطال تركيا وايران، اذ انه وطبقاً لتقديرات شعبة الاستخبارات «امان» هناك توقعات بموجة جديدة من الازمات ستجتاح المنطقة ويستدل اليه بالكود «تدخور...: 2» وهي موجات الغضب التي ستندلع ضد التيار الاسلامي المتطرف والتي انطلقت من مصر مع اسقاط حكم مرسي.
هذه الايجابيية لم تمنع اسرائيل من استمرار ارسال رسائل التهديد والوعيد المتمثلة بالخطاب العالي النبرة المعبر عنه بسلسلة من التدريبات على كافة الجبهات الجنوبية والشرقية والشمالية، حيث يتعامل الجيش الاسرائيلي مع هذه المناورات من خلال سيناريوهات مختلفة، في ظل خصوصية كل جبهة والسيناريو الاسوأ الذي تخشاه القيادة العسكرية، وتأمل اسرائيل من ذلك ان تساهم هذه التدريبات في تعزيز وتقوية الاجراءات الوقائية التي يمكن ان تشكل عائقاً في حال حدوث اي طارئ.
وبحسب القيادة العسكرية الاسرائيلية، فان الاخطار المحدقة تختلف بين جبهة واخرى، فقيادة المنطقة الجنوبية انهت تدريبات واسعة على امكانية اندلاع مواجهة مع غزة، تضمنت التنسيق مع المجالس المحلية وبين الوحدات العسكرية المختلفة.
اما القيادة الوسطى فتحدياتها عديدة اهمها مراقبة مستوى العنف، قياس العمليات ضد الاهداف الاسرائيلية، يضاف الىها مسألة الاشراف على الحدود مع الاردن في منطقة الاغدار، وعليه فقد اجرت هذه القيادة تدريبات على معبر «جسر اللنبي» حاكت سيناريو تسلك مسلحين الى داخل المستوطنات في الضفة والاغوار ومواجهة امكانية خطف جنود ومدنيين وعلم ان هذه المناورات جاءت مع تعاظم قوة «الجهاد العالمي»، حيث رصدت التقارير الاسرائيلية ان يتكرر ما حصل على الحدود الجنوبية عندما اقتحمت مدرعتان مفخختان معبر كرم ابو سالم.
والى الشمال حيث تقول التقارير بأن الوضع لا يختلف كثيراً عن حالة الاستعدادات والتأهب القائمة على باقي الجبهات، فالمناورات على هذه الجبهة مستمرة منذ اكثر من عامين، ومن ابرزها التدريبات التي جرت منذ اسبوعين على الحدود مع لبنان، حيث ركزت على مواجهة خلية مسلحة الى الداخل الاسرائيلي والقيام باختطاف رهائن عسكريين ومدنيين، كما تركزت المناورات والتدريبيات على رفع الجهوزية والاستعدادية والقدرة على التدخل السريع والرد في اقل وقت ممكن، واشارت التقارير ان هذه التدريبات جرت في مناطق صعبة جغرافياً، واشتركت فيها العديد من الوحدات العسكرية ومنها اسلحة المدفعية، المدرعات، المهندسة والقوات الخاصة، كذلك شملت التدريبات على طرق السيطرة على الاماكن التي يمكن ان تتحصن فيها مجموعات مسلحة بعد تسللها ووصولها الى العمق الاسرائيلي.
الا ان الابرز يبقى في ما كشف عن اكبر تدريب تنفذه اسرائيل في تاريخ سلاحها الجوي بمشاركة عشرات الطائرات المقاتلة من قاعدة «عوفداً» جنوب اسرائيل ضمت اسراباً اميركية ويونانية وايطالية، تحت اسم «البلوفلاج» وخلال هذا التدريب الذي استمر لمدة اسبوع خرجت عشرات الطائرات في طلعات جوية تدربت خلالها في الاجواء الاسرائيلية على سيناريوهات معقدة ومركبة لحروب محتملة، وقد استخدمت في هذه الطلعات، بحسب المصادر طائرات F 16c/d، F6I، FISC/d، كما استخدم الاميركيون فيها طائرات FISE فيما استعمل الايطاليون طائرات تونادوو AMX اما اليونانيون فطائرات F16، وقد اعتبر المراقبون هذه المناورة بمثابة رسالة الى ايران تؤكد قدرة تل ابيب على التحرك في حال لزم الامر. كذلك افيد أن اسرائيل ستجري مناورات ضخمة في ايار المقبل، تزامناً مع موعد انتهاء المفاوضات بين ايران والغرب حول الاتفاق النهائي بشأن البرنامج النووي الايراني.
على صعيد آخر علم ان الجيش الاسرائيلي بدأ حملة مسح واسعة للحدود اللبنانية وبعمق 10 كلم لرصد اي انفاق حفرها حزب الله، وبحسب مصادر مطلعة فان تل ابيب تستخدم احدث التقنيات في هذه العمليات حيث تقوم بعمليات مسح ثلاثية الابعاد للمنطقة المحددة بواسطة الاقمار الاصطناعية ومعدات جهزت بها ابراج المراقبة القائمة عند الخط الازرق، كما انها تستخدم في هذه العملية مجموعة من السوائل التقنية التي هي عبارة عن روبوتات صغيرة باشكال مختلفة تتسلل الى داخل الاراضي اللبنانية للقيام بالمهمات المطلوبة.
أيا يكن يبدو ان اسرائيل مستعدة للمغامرة في حال احست بان امنها القومي في خطر وفي تعرض مصالحها الاقليمية للخطر، فهل تستعيض عن ضرب ايران بضربات موضوعية لدول الجوار؟
النهاية