۷۱۹مشاهدات
الناس ترتبط بالبلد الذي ولدت فيه بطرق عميقة ومعقدة، وإن قطع هذه الروابط له تداعيات. فإذا جاء وقت تندم فيه على قرارك بالتخلي عن الجنسية الاميركية، يحذر المستشارون بأن من الصعب أن تصبح اميركياً مرة أخرى لأنك سوف تعامل كأي شخص آخر غير مقيم في الولايات المتحدة وغريب عنها.
رمز الخبر: ۵۹۳
تأريخ النشر: 25 August 2010
شبکة تابناک الأخبارية: في السفارة الاميركية في لندن، توجد قائمة انتظار لا يرغب أي من المسؤولين في مناقشتها. تضم القائمة أسماء اميركيين يأملون في التخلي عن جنسيتهم في محاولة منهم للتهرب من دائرة خدمة الإيرادات الداخلية.

وهناك محامية تدافع عن حق زبائنها في القيام بذلك اسمها سوزان رايسمان، وهي داعية سابقة لحقوق الإنسان تعمل الآن محامية للزبائن الخاصين في حي ماي فير في وسط لندن.

تقول هذه المحامية في هذا الصدد: ''إنك تقدم الكثير من التضحيات عندما يترتب عليك أن تدفع الضرائب الاميركية وتعيش خارج البلد لمدة طويلة. ولكنك أيضاً تقدم تضحيات كثيرة عندما تتخلى عن جواز سفرك.''

وكونها تعيش في لندن منذ عام 1998، فكرت السيدة رايسمان نفسها في التخلي عن جواز سفرها الاميركي. لكن من المحتمل ألا تفعل ذلك. حيث تقول: ''لا أعتقد أنني أريد أن أموت في المملكة المتحدة.''

ويوجد الكثير من التنفيذيين الذين يعيشون بعيداً عن أوطانهم الأصلية، وتتراوح الأسباب الداعية إلى تغيير الجنسية من تسوية الوضع الضريبي، ما يجعل من السهل عبور الحدود، لا سيما في حالة حملة جوازات السفر من الأسواق الناشئة الذين يجدون أنفسهم يعملون في بلدان كالولايات المتحدة لفترة طويلة، أو يكتشفون مع الوقت أن ولاءاتهم قد تغيرت.

وبينما سيترتب على كل فرد أن يزن فوائد ومساوئ أي تغيير في وضعه من حيث ما يمكن أن ينطوي عليه ذلك من مشاحنة، وأيضاً من حيث العواقب التي يمكن أن تترتب على هذا التغير في المدى الطويل، فإن هذه العملية تشكل تحديات بالنسبة لأصحاب العمل.

هذا الكم من المعاملات غير المنجزة في السفارة الاميركية، حيث لا تتوفر مواعيد حتى شهر شباط (فبراير) المقبل، ينبع من زيادة عدد المغتربين الاميركيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة سعياً منهم إلى التهرب من دفع الضريبة التي تفرضها الولايات المتحدة على دخلهم في سائر أنحاء العالم وعلى المكاسب الرأسمالية منذ جرى تبسيط قوانين الضريبة الاميركية في عام 2008.

أصبحت هذه القواعد أقل تعقيداً مما كانت عليه بكثير. إذ يتم فرض ضريبة خروج لمرة واحدة على جميع الدخل والمكاسب الرأسمالية – هذا ينطبق على من لديهم أصول تزيد قيمتها على مليوني دولار(1.5 مليون يورو، 1.3 مليون جنيه إسترليني)، وتتضمن المعاشات التقاعدية، والتعويضات المؤجلة، والأرباح غير المتحققة من العقارات والاستثمارات والمصالح في الصناديق الأجنبية.

وإذا كانت قيمة ما لديك من أصول تقل عن مليوني دولار، فإنك تتجنب معظم الغرامات. ويقول ريتشارد كاسيل، الشريك في شركة ويذرز للمحاماة: ''إذا كانت قيمة أصولك الصافية تقل عن مستوى المليوني دولار، فإن الأمر سهل نوعاً ما. إنك تتجنب دفع ضريبة الخروج. لكن قلة من الناس يريدون أن يكتبوا الشيك إذا كان لديهم أكثر من ذلك. إن الأمر يصبح مؤلماً.''

تتحقق فوائد قليلة من التخلي عن الجنسية الاميركية، كما يقول المحاسبون. وعلى رأس هذه المنافع أن الإقدام على هذه الخطوة يوسع خيارات المرء الاستثمارية''. إنها تزيل إمكانية عيش حياة بالغة التعقيد من حيث الاضطرار إلى مخادعة نظامين ضريبيين مختلفين، ''كما يقول أليكس جونز، أحد المديرين في شركة ديلويت للخدمات الاحترافية.

ويضيف قائلاً: ''وكونك اميركياً يعرضك لمجموعة من المشكلات الخاصة والشاذة من وجهة نظر ضريبية، ويمكن أن يصبح الأمر أسوأ بالنسبة للأثرياء في الأعوام القليلة المقبلة''.

وبالمقارنة، فإن المراكز الضريبية للبريطانيين الذين ينتقلون إلى الولايات المتحدة أقل تعقيداً نوعاً ما. فالرعايا البريطانيون لا يواجهون مشكلة الازدواج الضريبي في الولايات المتحدة لأنهم يتجنبون الضريبة التي تفرضها المملكة المتحدة على معظم أنواع الدخل أثناء وجودهم في الخارج ولكن الأسهم التي يحملونها في استثمارات من قبيل صناديق الوحدات وحسابات التوفير الفردية يمكن أن يفرض عليها ضريبة اميركية بنسبة أعلى إذا تم بيعها، ولذلك فإن المستشارين كثيراً ما يشجعون المغتربين البريطانيين على عدم تسييل تلك الأسهم ما داموا موجودون في الخارج.

قوانين الضريبة البريطانية الراهنة بدورها تشوش المراكز الضريبية للاميركيين الذين عاشوا في المملكة المتحدة في السنوات السبع الماضية لأن مصلحة الإيرادات والجمارك التابعة لصاحبة الجلالة مخولة الآن بتحصيل ضريبة على مداخيلهم وأرباحهم في سائر أنحاء العالم. والبديل الوحيد هو دفع رسوم سنوية قدرها 30,000 جنيه إسترليني (ما يعادل 48,000 دولار، 36,000 يورو) لكي تظل الأصول التي لا يتم إدخالها إلى المملكة المتحدة بعيداً عن متناول مصلحة الإيرادات والجمارك.

ويمكن أن تصبح متطلبات الإبلاغ بالنسبة للأفراد غير المقيمين ضريبياً ممن يعيشون في المملكة المتحدة أكثر تشدداً. إن المراجعة الضريبية التي تقوم بها الحكومة الائتلافية لم تنته بعد، لكن مايك ووربيرتون، مدير الضريبة لدى شركة جرانت ثورنتون للمحاسبة، يظن أن اللوائح قد تتغير مرة أخرى.

ويقول: ''إن ذلك خطر واضح. ومن المؤكد أنه شيء على أجندة الحكومة.''

التخلي عن جواز السفر الاميركي يساعد بعض المقيمين في المملكة المتحدة منذ مدة طويلة في الالتفاف على هذه اللوائح الجديدة الخاصة بغير المقيمين ضريبياً. فإذا كنت تتمتع بوضع الإقامة في المملكة المتحدة ولديك جواز سفر من بلد لا يفرض على مواطنيه ضريبة على دخلهم وأرباحهم في سائر أنحاء العالم مثل استراليا وايرلندا، فربما تحاول تغيير محل إقامتك إلى أي من هذين البلدين، وعندها سوف تدفع الضريبة التي تفرضها المملكة المتحدة فقط.

وإذا اختار أحد الاميركيين ذكراً كان أم أنثى أن يصبح بريطانيا، بعد سنوات من العمل كمصرفي استثماري في حي المال أو الزواج من بريطانية أو بريطاني، فإنه/ إنها يحصل على عدد من المزايا. وأبرز فائدة هي أن البريطانيين يستطيعون أن يعملوا في روما، أو جنيف، أو دبلن أو في أي مكان آخر بسهولة لكنهم يتمكنون من البقاء خارج الجزء الأكبر من الشبكة الضريبية البريطانية.

يقول جون وايتنغ، مدير السياسة الضريبية في معهد تشارترد للشؤون الضريبية: ''سلطات المملكة المتحدة سوف تنظر إلي بدقة بالغة إذا حاولت السفر إلى الخارج لفترة قصيرة، ولكن إذا لم أكن أولد دخلاً في المملكة المتحدة، فإنهم لن يهتموا بأمري حتى أعود''.

والاغتراب يساعد أيضاً إذا كان لديك جواز سفر بريطاني، وتفكر في الحصول على وضع مقيم غير ضريبي في المملكة المتحدة، الأمر الذي يمكن أن تكون له فوائد ضريبية فيما يتعلق بالميراث ، لا سيما إذا كنت متزوجاً من بريطانية.

المصاعب الضريبية التي يواجهها التنفيذيون الاميركيون تشكل تحديات بالنسبة إلى الشركات التي يعملون فيها. كما أن الزيادة المستمرة لحالات الاغتراب من قبل الاميركيين في المملكة المتحدة تخلق بدورها عملاً إضافياً لإدارات الموارد البشرية. يقول كاسيل في هذا الصدد: ''إنه سلاح ذو حدين. بالنسبة لبعض الشركات، قد يكون من الجيد إذا اغترب موظفوها. ذلك أنه يعتبر أحد أوجه النفقات بالنسبة لصاحب العمل أن يسجل المواطنين الاميركيين في بلد أوروبي لديه نظام ضريبي يشمل سائر أنحاء العالم ولكن مرة أخرى، إذا تخلوا عن جواز سفرهم الاميركي يصبح من الصعب نقلهم داخل الولايات المتحدة وخارجها''.

ليس كل اميركي يسعى إلى التخلي عن الجنسية الاميركية يفعل ذلك لأسباب ضريبية. ذلك أن عدداً من أولئك المدرجة أسماؤهم في لائحة الانتظار في السفارة الاميركية يعتبرون أنفسهم مواطنين ''عرضيين'' إما ولدوا في الولايات المتحدة أو أن أحد أبويهم اميركي، لكنهم أمضوا وقتاً قصيراً عبر المحيط الأطلسي.

وهناك آخرون يفعلون ذلك لأسباب سياسية. يقول كاسيل ضاحكاً: ''لدي زبونة تخلت عن جواز سفرها الاميركي لأنها كانت ما تزال غاضبة على جلسات الاستماع إلى مكارثي''.

الناس ترتبط بالبلد الذي ولدت فيه بطرق عميقة ومعقدة، وإن قطع هذه الروابط له تداعيات. فإذا جاء وقت تندم فيه على قرارك بالتخلي عن الجنسية الاميركية، يحذر المستشارون بأن من الصعب أن تصبح اميركياً مرة أخرى لأنك سوف تعامل كأي شخص آخر غير مقيم في الولايات المتحدة وغريب عنها.

يخلص اليد جونز من شركة ديلويت إلى القول: ''المساوئ واضحة. إذا تخليت عن جواز سفر اميركي، فإنك تغامر بألا تعود قادراً أبداً على العودة للعيش والعمل في الولايات المتحدة مرة أخرى''.

*فاينانشال تايمز-إلين كيليهر
رایکم