۴۰۹مشاهدات
رمز الخبر: ۵۸۹۸۲
تأريخ النشر: 23 October 2021

کتب الباحث والخبیر السیاسي "حامد حسيني " في مقال له نشره موقع مركز "الدراسات العلمیة والمطالعات الاستراتيجية للشرق الأوسط" عن التوتر القائم بین طهران وباکو تحت تأثیر العامل الإسرائیلی مستنتجاً: مما لا شك فيه، أن كلا الجانبين متفقان على أن الوضع الحالي من مستوی العلاقات، مع النظر إلی حجم التحدیات والصعوبات، هو أفضل من حالة الانتقال إلى وضع تتجه فيه باكو وطهران نحو أزمات أکبر وذات أبعاد عسکریة أوسع. في حين أن نوع وحجم المعدات العسكرية الإیرانیة المتمركزة على الحدود مع أذربیجان یدل علی أن إيران تعتزم منع باكو من القیام بمغامرات إقليمية، وهي في نهایة المطاف تنوي تجنب الصراعات المسلحة.
الترجمة الکاملة للمقال:
واجهت أذربيجان وأرمينيا أحداثاً واضطرابات مستمرة في منطقة ناغورني كاراباخ، ذات الأغلبیة الأرمنیة، حیث شهدت المنطقة وقوع حربين واسعة النطاق علی مدار الثلاثين سنة الماضية. بعد انتصار جمهورية أذربيجان في عام 2020، بدأت باكو تطالب بإعادة أراضيها في أجزاء من جمهورية أرمينيا. انتهت حرب كاراباخ الـ 44 يومًا، في 10 نوفمبر 2020، بانتصار ساحق لأذربيجان، واحتلت باكو حینها ثلاثة أرباع من الأراضي الأرمنیة.
من الواضح أن حرب كاراباخ عام 2020 كان لها تداعیات وخيمة على نفوذ إيران وسياساتها في منطقة جنوب القوقاز. في حین لم تؤثر طهران على مسار الصراع، ولم يكن لها التأثير الدبلوماسي الكبير علی صعید مفاوضات وقف إطلاق النار واتفاقية السلام الناتجة عن الحرب. وعلى الرغم من أن إيران كانت القوة الإقليمية الأكثر أهمية في ساحة الصراع، على حدود كل من أرمينيا وأذربيجان، إلا أنها همشت من قبل تركيا وروسيا.
الآن، وفي الذكرى السنوية الأولى لحرب ناغورني كاراباخ، يبدو أن التوترات الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإیرانیة وجمهورية أذربيجان، (لدیها حوالي 700 كيلومتر حدود مشترکة مع إیران)، قد وصلت إلى ذروتها. وفي الآونة الأخیرة، أجری الجیش الإیراني والحرس الثوري، مناورات عسکریة بالقرب من حدود إیران الشمالية الغربية مع جمهورية أذربيجان وسط جو من التوترات والاضطرابات القديمة، عقب حرب أذربيجان الـ 44 يومًا مع أرمينيا العام الماضي.
في سیاق ذلك بدأت أذربيجان وتركيا مناورات عسكرية مشتركة وذلك رداً على المناورات الإیرانیة. یبدو أن أسباب التوتر الأخيرة یرجع إلی استياء أذربيجان من إيران، حیث أعطت الأخیرة منافسها الأرمني رونقاً اقتصادیاً من خلال الطرق والمعابر.
یبدو أن بدء المناورات المشتركة الأذربیجانیة تتعارض مع أحكام اتفاقية الوضع القانوني لبحر قزوين، التي تحظر تواجد القوات المسلحة التابعة للجانبین علی ضفتي بحر قزوين (أذربيجان وإيران وكازاخستان والاتحاد الروسي وتركمانستان). وعلى هامش هذه المناورات، أرادت أذربیجان إیقاع اختلاف بین علاقات ایران وأرمينيا وذلك بمنع الشاحنات الإيرانية من عبور الأراضي المحتلة حديثًا لها. حیث بدأت من خلال إقامة حواجز تفتیش، بأخذ الأموال من الشاحنات الإيرانية، بل واعتقلت عدداً من سائقي الشاحنات. وحيث أن الصدع الذي ینعکس على التوترات الجاریة بين إيران وأذربيجان، یتعلق إلی حد کبیر بخيارات السياسة الخارجية الأساسية التي اتخذتها كل من طهران وباكو ومن المستبعد أن يتم توظیفهما من قبل کلا الطرفین في اتجاه معاکس لمصالحهما.

•تواجد الکیان الصهیوني
منذ تأسيس جمهورية أذربيجان كدولة مستقلة في عام 1991، کان لدی طهران وباكو بعض الشکوك المتبادلة بشکل متناوب، ولکن لم یتطور إلی ساحة صراعات مفتوحة. في حین أن هذا النمط والتعاطي من العلاقات بين الطرفين لم يثر السؤال إلى حد ما. لکن في الحقیقة، أن النموذج العلماني لجمهوریة أذربیجان من حيث البنیة السياسية، یتعارض مع النموذج الثوري الشيعي لجمهورية إيران الإسلامية.
من جهة أخرى، اختارت أذربيجان، أن یکون الکیان الصهیوني وتركيا أكبر حلفائها الإقليميين، اللاعبان اللذان تعتبرهما إيران عدوین ومنافسین جدیین لها، على التوالي، واللذان یسعیان إلى تحقيق قوة أكبر في منطقة جنوب القوقاز، أي في مناطق جغرافيا شمال غرب إيران. لذلك من الواضح أن إيران لديها مخاوف جدية بشأن التواجد الإسرائيلي في منطقة جنوب القوقاز.
فعلى عكس محاولات أذربيجان بوصف الأحداث الأخيرة بأنها عادیة وطبيعية، ترى طهران حکومة أذربيجان الجديدة هذه، في دائرة أكبر من مشهد التطورات. حيث تلعب باكو دور الفاعل المناهض لإيران دعما لجهات فاعلة معادية أخری للمنطقة مثل الکیان الصهیوني.
تشیر الرواية الرسمية في الأوساط الإعلامیة والتحليلية الإیرانیة إلی أن باکو أعطت حرية العمل الواسع للکیان الصهیوني، بإستخدام أراضیها لإجراء عمليات في عمق الأراضي الإیرانیة.
واتهمت طهران في الآونة الأخیرة، الکیان الصهیوني، بالقيام بسرقة الملفات النووية الحساسة من خلال استخدام الأراضي الأذربيجانية، في عام 2018، حيث وجدت الأرضیة لإجراء عملیات دعم قيادة أجهزة الاستخبارات الصهیونیة. على عكس مشهد التطورات الماضية، ففي الحقيقة أن كلا من طهران وباكو يخوضان الآن مناوشات کلامیة حادة بینهما.
وکان الحدث الأکثر توتراً، عندما أجرت إیران مناورات عسكرية بالقرب من الحدود مع أذربيجان وأرمينيا واستضافت وفداً أرمنيًا، مما يدل على التزامها بتطبیق نهج وسیاسة قوية، تسعى من خلالها الحفاظ على الوضع الراهن على حدود الطرفین وتعتبر إیران أن حدوث التغييرات الجيوسياسية خطًا أحمرًا بالنسبة لها. لکن يبدو أن هذه المرة قد زاد قلق طهران بشكل مضاعف. ووفقًا لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، سلم الکیان الصهیوني بين عامي 2006 و2019، أسلحة بقيمة 825 مليون دولار لأذربيجان. في حین تشير التقديرات الأمنية إلى أن الکیان الصهیوني، من خلال تزويد نحو 26 % من أسلحة أذربيجان خلال العقد الماضي كثف جهوده للإقتراب من الأراضي الإيرانية كوسيلة للضغط على طهران.
ونتيجة لذلك، أصبح هناک علاقات عمیقة بین الکیان الصهیوني وجارة ایران الشمالية في الوقت الراهن. کما اشترت باكو في السنوات الأخیرة عددًا كبيرًا من المسیرات إسرائيلية الصنع وأصبحت اللاعب الرئیسي علی صعيد استخدام هذا السلاح الحديث. في سیاق ذلک، کشفت جمهورية أذربيجان مرارًا وتكرارًا عن مسیرات إسرائيلية الصنع، مفتخرة بكفاءتها، لا سيما في حرب ناغورني كاراباخ.
الشق الثاني من الموضوع، وهو بأن قائد الثورة الإسلامیة في آخر تصريح له، حذر دول جوار إیران بخصوص ما یسمی التدخل الأجنبي، کمصدر الاختلاف والضرر في المنطقة ووعد ضمنيًا بالرد على الجهات التي تتعاون مع الإسرائیلیین. طبعا، عدم ذکر اسم دولة معينة مثل أذربيجان في تصریحات السید القائد ربما یدل على أن طهران ليست مستعدة لتصعيد التوتر والمناوشات مع أذربیجان وتحاول فقط الحفاظ على خریطة الجغرافيا السياسية القائمة.
في سياق ذلک قال وزير الخارجية الإيراني الجديد "حسين أمير عبد اللهیان" لنظيره الروسي" لافروف" إلی أن إیران بالتأكيد لن تتحمل حدوث تغييرات جيوسياسية وتغييرات علی شکل خرائط منطقة القوقاز، وأضاف أنه لدی إیران مخاوف جدية بشأن تواجد المجموعات الإرهابیة والصهاينة في هذه المنطقة".
من جهة أخری، وبرأي بعض المحللين، فإن ما لم تعلنه الجمهورية الإسلامية الإیرانیة هو أن سياسة الکیان الصهیوني في الإقتراب من جغرافية إيران، في الحقیقة هو انعكاس جهود إيران علی صعید تثبیت موقعها في محيط أطراف الکیان الصهیوني بما في ذلک سوريا، لبنان وفلسطين.
بمعنی آخر فأن كل من طهران والکیان الصهیوني، یقومان بتطبیق استراتيجية الحصار من خلال أدواتهما السياسية والعسكرية المختلفة، حیث یتم تقسیم تلك الأدوات في إطار مجموعة من المستويات التقليدية وغير التقليدية. طبعاً إيران أیضاً قلقة من تصعید العلاقات العسكرية بين باكو وأنقرة، لکن الأهم من ذلک، تقع الشراكة الأذربیجانیة الصهیونية المتعددة الجوانب، على سلم أولويات طهران لمواجهة هذه التهدیدات. في الواقع أن التواجد المتزاید للکیان الصهیوني في محيط الأطراف، یعد قضية أمنية ملحة، لأنه يُعتقد أنها ذات أهمية بالغة بالنسبة لسياسات الکیان الصهیوني الأساسية علی صعید مواجهة طهران. واللافت في هذا الأمر أنه لم يشهد الکیان الصهیوني في أي حقبة من تاريخه، هذا الکم من مستوی العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية مع الدول المتاخمة لإيران. في الحقیقة أن هذا الاتجاه یسیر لصالح الکیان الصهیوني، وطهران غير راضية عن هذا التقدم، لكنها لم تعلن بعد عن مواقف سياسیة واضحة وفعالة سوی الإعلان عن بعض التحذیرات والمتطلبات لمنع اقامة علاقات التطبیع مع الکیان الصهیوني حتی نشهد فشل التقدم الإسرائیلي بشکل ملموس في هذا الشأن.
من خلال المتابعة السياسیة والإعلامية على المستوى الإقليمي یظهر أن سبب عدم التناغم مع سياسات طهران، یرجع إلی سعي اللاعبین المؤثرین مثل جمهورية أذربيجان والبحرين والإمارات العربية المتحدة وربما المملكة العربية السعودية، للعمل مع الکیان الصهیوني لمواجهة نفوذ إيران الإقليمي.
فإن هذا التنافس الجيوسياسي بالنسبة لكل من إيران وأذربيجان، یحظی بالأهمیة البالغة نظرًا لقربهما الجغرافي والعرقي والديني والتاريخي من بعضهما البعض. في حین کان واضحاً من خلال الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في عام 2021، أنه لم يكن لدی إیران خيار سوى أن تكون على هامش الأزمة الأذربیجانیة الأرمنیة.
علی صعید الداخل الإيراني، فإن الميول العرقية لدی المقاطعات الشمالية الغربية، إلى جانب عدم رضی الشعب عن الظروف الاقتصادية الراهنة، من شأنه أن یؤدي إلى خلق حالة من الفوضی في تلك المناطق، ذات السکان الإیرانیین الناطقین باللغة الترکیة. فمن الواضح أن هذه الحقيقة لن تغیب عن نظر أعداء إيران الخارجيین وهم يحاولون الاستفادة منها. کما وأن حاولت الجهات الفاعلة الإقليمية وعبر الإقليمية بشكل متكرر استغلال الأوضاع الجيوسياسية ضد طهران. لذلك، لم تكن طهران تملك خریطة واضحة للمشاركة في حرب كاراباخ عام 2021 لأنها لا تملک الرافعة المناسبة للتأثير على الجهات الفاعلة الرئيسية، مثل أرمينيا وأذربيجان وروسيا وتركيا.
وبالإشارة إلی فوز أذربیجان في الحرب یمکن القول إنه طوال الحرب لم تقدم أي دولة مساعدات سياسية وعسكرية كبيرة لأرمينيا، بالتالي حقق الأذربيجانيون، بدعم من تركيا وإسرائيل، انتصارات کبری لیس علی المستوی العسكري فحسب بل علی المستوی الدبلوماسي، في صراعهم ضد أرمینیا. ومع ذلك، فإن الشراكة بين تركيا وأذربيجان والکیان الصهیوني لم تکن محبذة، لا سيما في ظل الظروف التي تسود فیها الشکوک بین أنقرة والکیان الصهیوني؛ إضافة إلی أنه لم یکن هناک مقاربة بین الطرفین بالنسبة الی مصالحهم المصیریة.
على الرغم من هذه التباینات، فإن إیران ما زالت قلقة من هذا التقارب المؤقت للمصالح في مناطق شمال غرب إیران، في حین لا تستطيع وحدها من دون موسکو تغيير الديناميكيات في منطقة جنوب القوقاز. فغياب النفوذ الروسي في المنطقة بإمکانه أن یشکل فجوة كبيرة، فيما قرر الأتراك الاستفادة القصوى من الأوراق العرقية في هذه المنطقة. یبدو أن طهران لا تزال تنوي إرسال رسالة إلى باكو مفادها بأننا علی علم بما تقوم به وعلیها أن تواجه بعض الحقائق الأساسية وأن تعلم أن خياراتها محدودة ضد طهران.
أشار الرئيس الأذربيجاني "إلهام علييف في ذروة المناوشات اللفظية بين طهران وباكو في أوائل أكتوبر الحالي، "إلى أن السكان الأتراك الإيرانيين قد ينتفضون دفاعًا عن الشعب الترکي في جمهورية أذربيجان. هذا النوع من الکلام أثار غضب طهران، لأن تنظر إلیه على أنه یهدف لخلق الانفصالية داخل إيران والعرقیة الناطقة بالتركية. لكن الأمر الذي لم يشر إلیه علييف ولم يكن لديه إجابة جيدة عليه، هو ما مدى قدرة باكو على الاستمرار قدمًا في هذا المجال، وإلى أي مدى تستطیع لعب الورقة العرقية هذه، من الاستمرار في لعبتها؟؟
الاستنتاج:
من وجهة نظر إيران، فأن الکیان الصهيوني هو الذي حرض باكو على انتهاج سياسة المغامرة ضد طهران وتحدي الوضع الجيوسياسي الحالي ولكن يمكن القول إنه أي إشارة إلى القضايا العرقية والجيوسياسية من قبل باكو تتعارض بشكل أساسي مع موقف باكو وثقلها، وهو ما يساهم في خلق تحديات علی مستوی سلامة وسیادة أراضي أذربیجان، حتى لو حظي بدعم من الکیان الصهیوني وربما أنقرة.
مما لا شك فيه، أن كلا الجانبين متفقان على أن إبقاء الوضع الحالي من مستوی العلاقات، مع النظر إلی حجم التحدیات والصعوبات، هو أفضل من حالة الانتقال إلى وضع تتجه فيه باكو وطهران نحو أزمات أکبر وذات أبعاد عسکریة أوسع. في حين أن نوع وحجم المعدات العسكرية الإیرانیة المتمركزة على الحدود مع أذربیجان یدل علی أن إيران تعتزم منع باكو من القیام بمغامرات إقليمية، وفي نهایة المطاف إیران تنوي تجنب الصراعات المسلحة.
فیما تدهورت الأوضاع بين الطرفین، ولم تتحرك أذربيجان لتبدید مخاوف طهران، فمن الممکن أن تعبر إیران الحدود والمناطق للقيام بالردع الاستباقي على الأراضي الأرمنية.
في هذه المرحلة هناك عامل رئيسي يجب النظر إلیه وهو مدى استعداد حلفاء أذربيجان لدعم باكو والمشاركة المباشرة في المواجهة مع إيران. وما هو غير واضح حتی الآن ما إذا كانت إيران تنوي معالجة قضية التوتر مع أذربيجان علی ضوء الرسائل السياسية وربما العسكرية بشکل أکبر، أو تشعر أنها قالت وحذرت بالفعل ما فيها القدر والكفاية. طبعاً رغبة إیران هي إرسال رسائل تحذيرية إلى أذربيجان وإظهار التزامها تجاه أرمينيا. ومع ذلك، لا تنوي الجمهورية الإسلامية تصعيد التوتر مع تركيا، وتفضل إنهاء هذه القضايا من خلال المحادثات الثنائية أو متعددة الأطراف وذلك لأسباب منها تواجد المصالح المشتركة الأخری بین إيران وتركيا وروسیا علی صعید، عملية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا والعراق، فضلاً عن المناقشات حول أفغانستان وقضايا التجارة.
في الواقع، لا تنوي إيران أن تكون طرفًا في ساحة النزاع بين أذربيجان وأرمينيا بل تطالب بإرسال رسائل لتحدید الخطوط الحمراء لديها. من المرجح أن كلا الجانبين سيمنعان تصعيد الأزمة قريبًا. لا يمكن لطهران ولباكو أن يسمحا للأحداث الأخيرة أن تصب في أتون أزمة شاملة أو مواجهة عسكرية بين البلدين ذات الأغلبية الشيعية.

تنش بین تهران و باکو در سایه متغیر اسرائیل

رایکم